تُعدّ منطقة الشرق الأوسط موطنًا لسكان يتّسمون بالتنوّع والديناميكيّة، مع تراث ثقافي غني ومشهد اجتماعي واقتصادي سريع التطور. مع ذلك، وفي خضم هذه التغيرات، غالبًا ما لا تحظى حقوق المسنّين بالاهتمام الكافي. وفي البحرين، تشكّل محنة المسنّين قضية ملحّة تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة.
فغالبًا ما يواجه المسنّون في البحرين العديد من المشاكل، بدءًا من الوصول إلى أنظمة الرعاية الصحية والحفاظ على أمنهم الاقتصادي واستقلاليتهم الاقتصادية وصولاً إلى مكافحة العزلة الاجتماعية.
الرعاية المتساوية والمتخصصة ليست مضمونة دائمًا للمسنّين، ومن بين هذه الصعوبات الوصول إلى البنى التحتية للرعاية الصحية، بغض النظر عن الاستثمارات الكبيرة التي نفذتها البحرين في مجال أنظمة الرعاية الصحية. وعلى الرغم من انتشار الأمراض المزمنة وتحديات التنقل والطلب على الرعاية طويلة الأمد بين كبار السن، إلا أن هناك نقصاً ملحوظاً في عدد الأخصائيين في طب الشيخوخة وبرامج الرعاية الشاملة للمسنين.
ثانيًا، كما ورد في دراسة أجراها مركز البحرين للدراسات والبحوث في عام 2018، فقد أعرب حوالي 40% من المسنّين عن مخاوفهم بشأن أمنهم المالي وكفاية معاشاتهم التقاعدية. أما بالنسبة للمسألة الأخيرة، فإن المعاشات التقاعدية تقدم بالفعل من قبل المؤسسة العامة للتأمين الاجتماعي (GOSI). ومع ذلك، فإنها غالبًا ما تعتبر غير كافية لتغطية تكاليف المعيشة التي ارتفعت مؤخرًا، مما أدى إلى زيادة عدد المسنّين الذين يعتمدون ماليًا على عوائلهم في البحرين.
تعدّ العزلة الاجتماعية مشكلة حرجة أخرى يواجهها المسنّون في البحرين. فوفقًا لدراسة أجرتها جمعية حقوق الإنسان البحرينية في عام 2020، اعترف 27% من المسنّين بأنّهم يشعرون بالعزلة أو يفتقرون إلى الدعم الاجتماعي الكافي، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية والعاطفية.
من المهم تسليط الضوء على بعض الخطوات التي اتخذتها البحرين لضمان تمتع المسنّين بحقوق الإنسان بشكل عام. من بين المبادرات التي تولّتها بمعظمها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، إنشاء اللجنة الوطنية للمسنين. ويتمثل الدور الرئيسي للجنة في وضع السياسات والبرامج التي تلبي احتياجات المسنّين من السكان بما يضمن وضع استراتيجية شاملة.
كما أن تنفيذ القانون رقم 58 لعام 2009 بشأن حقوق المسنين الذي يهدف إلى ضمان حصولهم على الخدمات الاجتماعية والصحية والترفيهية، يمثل كذلك محاولة من الدولة لحماية حقوق المسنّين. كما تمّ مؤخرًا إدراج المزيد من المبادرات التي تركز على تعزيز رعاية المسنّين في الخطة الاستراتيجية للفترة 2016-2025 التي وضعتها وزارة الصحة.
في الوقت نفسه، لا تزال هناك حاجة إلى سدّ الفجوة بين السياسات والممارسة: فلا تزال هناك حاجة إلى مزيد من التحسينات لضمان الدعم والإندماج الشامل في عدة مجالات. تستدعي الحاجة قوانين أكثر شمولية تتناول على وجه التحديد إساءة معاملة المسنين، التمييز، والحق في الحصول على خدمات يسهل الوصول إليها لتعزيز الحماية القانونية للمسنّين. إن توسيع نطاق رعاية المسنين، بما في ذلك التدريب المتخصص لإختصاصيين في الرعاية الصحية وتحسين البنية التحتية للرعاية المنزلية، أمر ضروري لضمان الرعاية الطبية الكافية والرعاية طويلة الأجل.
إن مراجعة نظام المعاشات التقاعدية وتعزيزه أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأمن المالي للسكان المسنين الذين تتزايد أعدادهم. يمكن أن يؤدي تنفيذ برامج يسهل الوصول إليها وتعزز المشاركة الاجتماعية إلى التخفيف من مخاطر العزلة الاجتماعية وتحسين الرفاهية العامة.
من خلال معالجة هذه التحديات والبناء على الأطر القائمة، يمكن للبحرين أن تضمن حماية المسنّين من سكانها وتقديرهم ودعمهم في سنواتهم اللاحقة.