تم إنشاء جهاز أمن الدولة (SSA) في الإمارات بموجب مرسوم اتحادي في 10 يونيو 1974 بهدف “حماية أمن الدولة“. لكن في الواقع تم استخدامه كأداة لقمع الأصوات المعارضة، خاصة منذ الربيع العربي في عام 2011.
في البداية، تم إنشاء جهاز أمن الدولة تحت سلطة وزارة الداخلية، ولكن بعد عامين تم تعديل قانون جهاز أمن الدولة بحيث أصبح الجهاز يقدم تقاريره مباشرة لرئيس الدولة ويتطلب الحصول على إذن من النيابة العامة لتنفيذ الاعتقالات. وفي إطار هذا التعديل، تم توسيع مسؤولياته وتعزيز دوره في حماية أفراد الدولة من التجسس والاغتيالات. في عام 2003، تم تمرير قانون جديد لجهاز الأمن الدولة، وتم تعديله مرة أخرى في عام 2011، مما أدى إلى تغيير كامل في سلطة ودور الجهاز. الاختلاف الرئيس هو أن جهاز أمن الدولة أصبح يمكنه العمل دون إذن قضائي، مما أدى غالبًا إلى اعتقالات غير قانونية لا تتوافق مع القانون الدولي.
من المهم ملاحظة أنه لم يتم نشر قانون جهاز أمن الدولة لعام 2003 وتعديلاته لعام 2011 أبدًا من قبل الحكومة الإماراتية. هذا يخالف المادة 11 من دستور البلاد، التي تتطلب نشر جميع القوانين في الجريدة الرسمية للدولة خلال أسبوعين من تاريخ الإصدار. ضللت حكومة الإمارات المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين في عام 2015 بقولها إن هذه القوانين متاحة في الجريدة الرسمية. تمكن مركز مناصرة معتقلي الإمارات، وهو منظمة حقوقية، من الحصول على نسخة من قانون عام 2003 وقام بنشرها على الإنترنت، مما يجعلها النسخة العامة الوحيدة المعروفة. لم يتم تعميم تعديلات عام 2011 للجمهور بعد. هذا النقص في الشفافية يعني أن الجمهور لا يعرف القوانين التي تحكم عمليات جهاز أمن الدولة. وبالتالي فإن السرية والتضليل هما جوهر عمل هذه الأداة القمعية.
أعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عن قلقها إزاء المصطلحات الغامضة في قانون 2003، مشيرة إلى أن نقص الشفافية يثير قلقًا كبيرًا. وفقًا للمادة 14 من القانون، يمكن التحقيق مع أي شخص أو منظمة للاشتباه في أنه يشكل تهديدًا للدولة. وبالإضافة إلى ذلك، تسمح المادة 13 لجهاز أمن الدولة بتوسيع نطاق اختصاصه خارج الإمارات، مما يعرض المدافعين عن حقوق الإنسان عالميًا لخطر الاضطهاد غير المشروع. علاوة على ذلك، تتيح المادة 19 لجهاز أمن الدولة الوصول إلى أي معلومات، حتى لو كانت شخصية، دون الحاجة لتبرير ذلك. هذا يعني أنه يمكن للجهاز الرسمي استخدام البيانات الشخصية لتعقب واحتجاز الأبرياء بشكل غير قانوني.
كما يتمتع جهاز أمن الدولة بسلطة التحقيق في قضايا الإرهاب وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب. في عام 2013، تورط الجهاز في اعتقال وتعذيب عشرات الأشخاص الذين وقعوا على عريضة تطالب بالإصلاحات الديمقراطية. كان ذلك جزءًا من القضية المعروفة باسم ” الإمارات-94“، حيث حاكمت الدولة 94 من المعتقلين في أكبر محاكمة في تاريخ البلاد. وقد انتقد خبراء الأمم المتحدة الإمارات لانتهاكها المعايير الدولية لحقوق الإنسان من خلال قوانينها الأمنية ومكافحة الإرهاب. ورغم ذلك، يواصل جهاز أمن الدولة إساءة استخدام سلطته واعتقال المعارضين الأبرياء.
من الواضح أن نطاق سلطة جهاز أمن الدولة لا يقتصر على اختصاصه الأصلي، وأنه غير متوافق مع المعايير الدولية. بالإضافة إلى سلطته في التحقيق واعتقال الأشخاص، يمكنه أيضًا بشكل تعسفي إصدار حظر السفر وسحب الجنسية ورخص القيادة، وإقالة الأفراد من وظائفهم. ليس من الواضح لماذا يتمتع جهاز أمن الدولة بهذه السلطات، خاصةً مع عدم الحاجة إلى تقديمه أسبابا مفصلة لفرض هذه العقوبات. علاوة على ذلك، توجد تقارير تشير إلى أن القضاة الذين ليس لديهم تهم جنائية يحتاجون إلى موافقة من جهاز أمن الدولة لتعيينهم.
وتداعيات ذلك هي أن جهاز أمن الدولة، الذي من المفترض أن يكون خاضعاً لرقابة النيابة العامة، يتدخل في الشؤون القضائية ويتجاهل الإجراءات القانونية الواجبة. وهذا يؤدي إلى مشاكل انعدام الشفافية والنزاهة.
يجب معالجة مسألة الإفلات من العقاب على انتهاكات إدارة أمن الدولة على الفور. إن غياب الرقابة القضائية يعني أن الجهاز يمكن أن يستمر في انتهاك حقوق الإنسان للأشخاص من خلال احتجازهم بشكل غير قانوني واتهامهم بالإرهابي.
تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين إلى إعادة تقييم جهاز أمن الدولة وقوانين مكافحة الإرهاب بحيث تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. علاوة على ذلك، يجب على دولة الإمارات العربية المتحدة نشر تعديلات عام 2011 للتأكد من أن الجميع على دراية بكيفية عمل جهاز أمن الدولة. إذا كانت هذه التعديلات تنتهك القانون الدولي، فيجب مراجعتها مرة أخرى للتأكد من أنها لا تنتهك أي حقوق.