تفاقمت الحرب الأهلية القائمة في السودان، والتي تتصف بالعنف المتواصل والأزمات الإنسانية، بشكل كبير بسبب التدخل السري لدولة الإمارات العربية المتحدة. تعمل الإمارات تحت ذريعة تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، وتدعم سرًا أحد أطراف النزاع. يشمل ذلك توفير أسلحة متطورة وطائرات من دون طيار، مما أدى إلى ازدياد العنف، وتفاقم الوضع الإنساني.
تتمحور عملية الإمارات احول مطار ومستشفى في “أمدجراس”، وهي بلدة نائية تقع في تشاد بالقرب من الحدود السودانية. وفقًا للتقارير، منذ يونيو 2023، تهبط طائرات الشحن من الإمارات هناك بشكل شبه يومي.
تشير الأدلة في السودان إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تدعم قوات الدعم السريع، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية لها صلات بالمرتزقة الروسية “فاغنر” وتاريخ في ارتكاب الفظائع. تخوض قوات الدعم السريع، بقيادة الجنرال محمد حمدان، المعروف أيضًا باسم “حميدتي”، صراعًا وحشيًا مع الجيش النظامي السوداني. أسفرت هذه الحرب بشكل مأساوي عن مقتل 12000 مدني وتشريد أكثر من 5.4 مليون شخص منذ أبريل 2023. تُعد الإمارات “حميدتي”، حليفًا مهمًا لها، فهو قائد ميليشيا سابق تربطه علاقات عميقة بها.
تدّعي الإمارات العربية المتحدة علنًا أن عمليتها في “أم ديجراس” إنسانية بحتة. عرضت وسائل الإعلام الإماراتية المستشفى الميداني، الذي يُزعم أنه عالج أكثر من 6000 مريض منذ شهر يوليو، مسلطةً الضوء على توزيع المساعدات على المجتمعات المحلية. مع ذلك، فهذه مساعدات انتقائية لطرف واحد من أطراف النزاع. تزعم الإمارات أنها تساعد اللاجئين السودانيين الفارين من العنف العرقي في إقليم “دارفور”، لكن هذه الادعاءات خادعة، فأزمة اللاجئين الرئيسة تقع على بعد مئات الأميال جنوبًا، حيث يعيش أكثر من مليوني لاجئ سوداني في ظروف مزرية في مخيمات مكتظة.
إن انخراط الإمارات العربية المتحدة في السودان هو جزء من استراتيجية أوسع لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء القارة الأفريقية. أبرمت الإمارات صفقات تجارية بمليارات الدولارات لتطوير المناجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والحصول على أرصدة الكربون في ليبيريا، والسيطرة على الموانئ في تنزانيا والصومال والسودان. ينسجم دعم حميدتي مع هذه الاستراتيجية؛ فالإمارات العربية المتحدة، شأنها شأن الكثير من دول الخليج، ترى في السودان مصدرًا محتملًا للغذاء، وتضمن لها موقعًا على ساحل البحر الأحمر. في ديسمبر، وقعت الإمارات صفقة بقيمة 6 مليارات دولار لتطوير ميناء يبعد 125 ميلاً شمال بورتسودان. أدت هذه الازدواجية إلى إدانة واسعة النطاق. يرى المنتقدون السودانيون أن تدخل الإمارات يمثل انتهاكًا عميقًا لميثاق الأمم المتحدة وتهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، حيث تدعي الإمارات أنها تساعد اللاجئين بينما تدعم القوات المسؤولة عن نزوحهم ومعاناتهم.
أدى الدعم السري الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع إلى تفاقم الحرب الأهلية السودانية بشكل كبير، مما أدى إلى انتهاكات حقوق الإنسان وكثرة الضحايا. إن تصرفات الإمارات العربية المتحدة مدفوعة بمصالح استراتيجية بدلًا من التزام حقيقي بالسلام والاستقرار.