حقوق المرأة في الكويت: طريق مُعبَّد بالعقبات

يشبه وضع حقوق المرأة في الكويت وضع حقوق المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، حيث يحد نظام ولاية الرجل من استقلالية المرأة في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها.

ينعكس التمييز ضد المرأة في الكويت إيجابيًا في قانوني الأحوال الشخصية في البلاد المدونين في عامي 1984 و2019، وهي القوانين التي تنظم جميع القضايا المتعلقة بالأسرة، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث، والتي تؤثر حتمًا على المرأة أكثر من الرجل. على وجه الخصوص، ترى “مساواة” – الحركة العالمية التي تناضل من أجل المساواة والعدالة في قانون الأسرة المسلمة- أن قانون الأسرة الكويتي يفرض تمييزًا فيما يتعلق بالمساواة في الزواج، وموافقة المرأة لعقد الزواج، وحضانة الأطفال والزواج المبكر، وتعدد الزوجات وحقوق الطلاق. فيما يتعلق بالزواج، على سبيل المثال، يشترط على المرأة الكويتية الحصول على إذن ولي أمرها للزواج، ويمكن أن تُحرم المرأة الكويتية  من النفقة إذا رفضت العيش مع زوجها. أما فيما يتعلق بالطلاق، يمكن للأزواج فقط الانفصال عن زوجاتهم دون أي قيد، بينما يتعين على النساء اللجوء إلى المحكمة لمنحهن الطلاق لأسباب محدودة للغاية. كما يتم تطبيق التحيزات التمييزية في أحكام حضانة الأطفال، حيث لا يمكن للمرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي أن تمنح الجنسية الكويتية لأطفالها أو زوجها على قدم المساواة مع الرجل الكويتي.

في الآونة الأخيرة، في فبراير 2024، احتجت النساء الكويتيات على القيود الجديدة المفروضة عليهن في البلاد. ضمن هذا السياق، ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فعلى الرغم من أن السلطات سمحت للنساء بالانضمام إلى الجيش الكويتي، إلا أنها أوضحت لاحقًا أنه لا يمكنهن القيام بذلك إلا بشروط معينة مثل  الحصول على إذن ولي الأمر أو الزوج، والعمل في الوظائف الطبية ووظائف الدعم. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكنهن حمل السلاح، ولا يمكن تسجيلهن في الجيش إلا عند الضرورة لملء الشواغر.

مع ذلك، ومن دون التقليل من أهمية القضايا المذكورة، لا يوجد جانب يعكس الطريق الطويل الذي ما زال يتعين على الكويت أن تقطعه في مجال النهوض بحقوق المرأة أفضل من المادة 153 من قانون العقوبات، التي تكرس إفلات الرجل الذي يمارس العنف ضد المرأة من العقاب. بصورة أدق، تؤكد هذه المادة على أن أي رجل يقتل أمه أو أخته أو ابنته أو زوجته بداعي الشرف، يعامل كما لو كان مرتكبًا لجنحة يعاقب عليها بالسجن لمدة أقصاها 3 سنوات أو غرامة قدرها 225 دينارا أو كليهما. وبالتالي فإن تبرير هذا القتل يتعارض القانون مع هدف تجريم العنف ضد المرأة والقضاء عليه. علاوة على ذلك، فإن القانون يميز صراحة بين المرأة والرجل من حيث العقوبة التي تُفرض على مرتكب جريمة القتل بسبب الزنا، ويمنح الرجل دون المرأة إمكانية اتهامه بجنحة بدلاً من جناية.

تقف حملة “إلغاء المادة 153″، وهي حملة وطنية تقودها مجموعة من الناشطات في الكويت، ضد العنف البنيوي والجسدي الممارس ضد المرأة، وتسعى هذه الحملة إلى إنهاء جميع أشكال العنف ضد المرأة في منطقة الخليج. بدايةً من المادة التي تمنح الرجل القاتل سلطة أن يكون خصمًا وقاضيًا ومنفذًا للحكم في آنٍ واحد، ولا تترك للأنثى أي خيار للدفاع عن نفسها. من الممكن أيضًا اعتباره أول استطلاع رأي يُجرى حول توجهات المجتمع تجاه مثل هذه التشريعات في الكويت. توصلت الحملة بالفعل في عام 2016 إلى أن الغالبية العظمى من الكويتيين لا يعلمون بوجود قانون يبيح جرائم الشرف في البلاد، حيث رفض 63% من المستطلعين وجود هذا القانون. في يناير 2024، وبعد التشاور مع المرجعيات الدينية، أضاع البرلمان الكويتي فرصة حقيقية لتغيير هذا الواقع غير المبرر عندما أسقط تعديلاً قانونيًا كان من شأنه إلغاء المادة 153 تماشيًا مع مشاعر جزء كبير من السكان.

تضع المادة 153 من قانون العقوبات، عقبات لا تصدق أمام حصول المرأة على حقوقها المشروعة، وذلك في ظل تجاهل للدستور الكويتي والتزامات البلاد الدولية في مجال حقوق الإنسان. فالدستور الكويتي يدعو إلى تعزيز قيم المساواة بين الرجل والمرأة في القانون وفي الواجبات العامة وكذلك ضمان المحاكمة العادلة. كما تنتهك المادة 153 أيضًا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والكويت دولة طرف فيهما. وتحديدًا المادة 2 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بشأن السعي بجميع الوسائل المناسبة، للقضاء على التمييز ضد المرأة؛ والمادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بشأن مساواة المرأة بالرجل أمام القانون؛ والمادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية؛ والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحق في الحياة.

إن للمرأة الحق في العيش في بيئة آمنة خالية من العنف، وعليه نطالب الكويت بإنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مع إيلاء اهتمام خاص للمادة 153 المخجلة.