في عام 2011، اِعتُقل عبد الهادي الخواجة، وهو مدافع بحريني- دنماركي بارز عن حقوق الإنسان، بسبب دفاعه عن الحريات المدنية والسياسية في البحرين. أدين الخواجة بموجب مرسوم ملكي طارئ صدر ردًا على الاحتجاجات الواسعة ضد النظام في ذلك العام. يُمكّن المرسوم الملكي المعنون بـ”حالة السلامة الوطنية” السلطات، مقاضاة الأفراد على أي “جريمة” تهدد حالة السلامة الوطنية. بينما ينص الدستور البحريني على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، إلا أن القضاة حكموا بأن هذه الأحكام “غير قابلة للتطبيق في حد ذاتها”، وأن مرسوم الطوارئ يلغي هذه القوانين.
ونتيجةً لذلك، حُكم على عبد الهادي الخواجة بالسجن المؤبد بتهمة “الدعوة إلى إطاحة نظام الحكم والاستعداد للتضحية والعصيان والإضراب العام والمسيرات”. كما اتهمت النيابة العامة الخواجة بـ”تنظيم وإدارة منظمة إرهابية” و”إهانة الجيش” و”الطعن في نزاهة القضاء”. خلال مدّة سجنه التي دامت 13 عامًا حتى الآن، قامت السلطات البحرينية بتعذيب الخواجة مرارًا وتكرارًا في سجن جو سيء السمعة، مما دفعه إلى القيام بالكثير من الإضرابات عن الطعام احتجاجًا على المعاملة اللاإنسانية والمُهينة.
على أثر سجن الخواجة، قامت ابنته الناشطة الحقوقية مريم الخواجة بقضاء العقد الماضي في حملة من أجل إطلاق سراحه. استهدفت جهودها في المقام الأول الحكومة الدنماركية والاتحاد الأوروبي، منتقدةً إياهما بسبب عدم كفاية ردهما على انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين وعدم كفاية الضغط على الحكومة البحرينية. في حين استخدمت الحكومة الدنماركية منصتها في الاتحاد الأوروبي لدعم القرارات التي تدين انتهاكات البحرين لحقوق الإنسان وتدخلت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمطالبة بالإفراج عن الخواجة، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية ببساطة لإطلاق سراحه أو تحسين ظروف احتجازه. كما صرّح وزير الخارجية الدنماركي “لارس ليكه” علنًا أنه بعد حديثه مع وزير خارجية البحرين لم يكن متفائلًا بتداعيات هذه القضية. علاوة على ذلك، كانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أكثر ترددًا في دعم القضية من خلال عدم دعم دعوات الدنمارك لاتخاذ إجراء جماعي ضد البحرين ورفضها جعل قضية الخواجة “قضية الاتحاد الأوروبي”. بالتالي، لم تقم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من بينها الدنمارك، بمجهود كافٍ.
في 15 ديسمبر 2022، تبنّى البرلمان الأوروبي بأغلبيّة ساحقة مشروع قرار يُطالب البحرين بالإفراج الفوريّ وغير المشروط عن المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة وجميع السجناء السياسيين الآخرين، وإنهاء جميع أشكال التعذيب، وإلغاء أحكام الإعدام مع إلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا. لكن وزارة خارجية البحرين رفضت الامتثال للقرار الذي وصفته بأنه استند إلى معلومات مزيفة زاعمة أن الخواجة، متهم بالخيانة ومحاولة قلب النظام.
ورغم ذلك، عدّ القرار متغيرًا سياسيًا مهمًا للدولة الخليجية التي تطمع في التعاون مع الاتحاد الأوروبي. لكن غياب آلية التطبيق والإجراءات التنفيذية حالت دون فعاليته، علمًا أن بعض قرارات البرلمان الأوروبي ملزمة للدول أو الجهات التي توجه إليها، ويعدّ قابلًا للتطبيق بشكل مباشر.
يطرح هذا الوضع التساؤل التالي: لماذا لم يبذل الاتحاد الأوروبي والدنمارك المزيد من الجهد لضمان إطلاق سراحه وتحسين ظروف احتجازه بالضغط على الحكومة البحرينية؟ ففي نهاية المطاف، أمضى الخواجة، وهو نصف دنماركي، سنوات كثيرة في الدنمارك طلبًا للجوء السياسي، معتنقًا القيم الديمقراطية لحرية التعبير والاحتجاج السلمي – وهي قيم يدعو الاتحاد الأوروبي إلى تعزيزها وحمايتها. يكمن السبب الرئيسي في المصالح الاقتصادية، فالبحرين شريك استراتيجي في منطقة الخليج، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء يترددون في توتير العلاقات من خلال الضغط على البحرين. في نهاية المطاف، هذا يعني أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعطي الأولوية للازدهار الاقتصادي على حساب حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهو أمر مثير للقلق في أحسن الأحوال.
يجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الدنمارك، أن تفعل ما هو أفضل. ينبغي على الدنمارك أن تعمل بشكل وثيق مع عائلة الخواجة لوضع استراتيجية جديدة، وتنظيم زيارات خاصة معه في السجن، ودفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات لحماية حقوقه كمواطن أوروبي. كما يجب على الحكومة الدنماركية والاتحاد الأوروبي الضغط على الحكومة البحرينية من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن الخواجة ومطالبة البحرين باتخاذ إجراءات ملموسة لحماية حقوقه الإنسانية وفرض عقوبات إذا لم تمتثل. لقد حان الوقت للتصدي لإفلات الاتحاد الأوروبي من العقاب في هذه القضايا، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع قيمه الأساسية.