مناخات القمع في البحرين: الاستدعاء كنهج انتقامي لتكميم الأفواه

تروج حكومة البحرين لسجلها في مجال حقوق الإنسان، من خلال خطوات شكلية تتخذها بين الفينة والأخرى لتلميع انتهاكاتها، وإظهار صورة منقوصة عن الواقع الحقوقي في البلاد الذي لم يطرأ عليه أي إصلاح فعلي منذ انطلاق الحراك المطلبي الشعبي عام 2011. لكن ما يظهر إلى العلن، ليس إلا حجرًا في رقعة أوسع من المشهد الحقوقي القاتم الذي ترسمه أسرة آل خليفة الحاكمة في البلاد. حيث تسود مناخات القمع وتنتهك حقوق المواطن الأساسية في المشاركة بالحياة العامة والتعبير عن الرأي.

وبهدف إحكام السلطات الحاكمة قبضتها الأمنية على حرية الرأي، تتخذ إجراءات عدة، أبرزها الاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة التي قد تنتهي بالإعدام أو المؤبد أو السجن لسنوات طويلة، يضاف إليها انتهاكات أخرى مثل التعذيب خلال فترة التحقيق، إسقاط الجنسية، فرض الغرامات المالية المرتفعة، والإبعاد خارج البلاد. في المقلب الآخر خارج قضبان السجون، المشهد ليس بعيدًا. حيث تسجل حالات لا تنتهي من قمع  لتجمع سلمي أو اعتصام هنا أو وقفة احتجاجية أو مسيرة شعبية هناك. وقد يصل الأمر إلى الاعتداء على المشاركين في الفعاليات أو التحركات ذات الطابع المطلبي أو الحقوقي، وقد يتم اعتقال المشاركين أو استدعاؤهم والتحقيق معهم. بل أكثر من ذلك، قد ينتهي الأمر بالاعتقال وتلفيق تهم ذات خلفيات سياسية.

ويعدّ الاستدعاء إحدى الإجراءات المتبعة من قبل حكومة البحرين لاسيما في العقد الأخير، وقد تزداد وتيرتها وتخفّ، حتى بات هذا الإجراء ضمن نمط ممنهج من الانتهاكات التي تسجل بحق المواطنين الذين يتبنون آراءا مخالفة لتوجهات النظام أو الذين يطالبون بالإصلاح ويقدّمون النقد والنصيحة. وأصبح وسيلة تستخدمها الحكومة مستهدفة فئات معينة من المواطنين، بهدف خلق حالة من الترهيب والوعيد، وخنق فضاءات حرية التعبير.

أولا: الاستدعاء كانتهاك بطابع قانوني 

قانونيًا، يعد الاستدعاء إحدى الإجراءات التي تتخذها الجهات الأمنية ممثلة بالنيابة العامة التابعة لوزارة الداخلية، بهدف تبليغ المدعى عليه بوجود قضية ما ضده.

لكن في البحرين، رصدت منظمة ADHRB أن هذا الإجراء يتّخذ أشكالًا مختلفة يسجّل خلالها انتهاكات عدة بحق ضحايا الاستدعاء، قد يكون من بينها:

  • الاعتقال التعسفي من مكان التجمع، ليتبين لاحقا أن هناك مذكرة استدعاء بحق الضحية
  • عدم تبليغ عائلة الضحية بشكل مباشر عن الاستدعاء
  • عدم التبليغ عن سبب الاستدعاء
  • عدم تبليغ الأهل فيما لو كان الضحية قاصرًا، وقد يتم استدعاؤه مباشرة عبر هاتفه أو عبر رفاقه
  • الإخفاء القسري لساعات أو أيام بعد الحضور

 وأبرز ما سجل من انتهاك في هذا الإجراء، هو تخفّي النيابة العامة خلف ستار قانوني لاستغلال الاستدعاء من خلال إمكانية حصول ما يلي:

  • استخدام الاستدعاء بحق الفرد نفسه بشكل متكرر
  • إمكانية تمديد وقت لاحتجاز  إلى أمد غير محدّد
  • عدم معرفة الفرد بالتهم الموجهة إليه
  • حرمان الفرد من حقه في الاطلاع على التهم
  • عدم إطلاع الأهل على سبب الاستدعاء حتى لو كان المستدعى قاصرًا
  • حرمان الفرد من توكيل محام
  • التحقيق من دون وجود المحامي حتى لو كان المستدعى قاصرًا

وهذا يعني، أن للنيابة العامة الحق في استدعاء أي شخص من أي مكان واقتياده إلى مركز الاحتجاز حيث سيتم توقيفه والتحقيق معه، واحتجازه لمدة غير معلومة. وبهذا، تصبح حرية الفرد مصادرة في أي وقت ومهما كان السبب، ويمكن أن تصادر هذه الحرية لمدة طويلة غير محددة الوقت أو السبب.

ثانيًا: الاستدعاء كنهج انتقامي

تسعى حكومة البحرين من خلال إجراء الاستدعاء، إلى خلق مناخ من الخوف لدى المواطن، حيث تصبح الرقابة الذاتية أمرًا واقعًا لتجنب الوقوع بقبضة السلطات الأمنية وتفادي تبعات هذا الإجراء الذي قد يتخذ في كثير من الأحيان طابعًا انتقاميًا، أقلّها، جهله التام بمصيره بعد حضوره للاستدعاء، وما يمكن أن يتعرض له خلال التحقيق من انتهاكات وسوء معاملة.

وتتشابه أسباب الاستدعاء والتوقيف بشكل العام، وتندرج ضمن المشاركة في تحركات سلمية كالتظاهر أو المشاركة في مسيرة أو وقفة احتجاجية بحجة عدم الترخيص المسبق والتجمع غير القانوني. وإن كانت الأرقام الرسمية تغيب عن توثيق عدد الاستدعاءات، إلا أنه يمكن رصد عدد منها من خلال المتابعة اليومية لما ينشره النشطاء الحقوقيون والمدافعون عن حقوق الانسان على شبكات التواصل الاجتماعية.

وإلى جانب الاستدعاءات على خلفية التحركات الشعبية السلمية، يبرز نوع آخر من الاستدعاء، يتعلق بحرية التعبير عن الرأي. ففي ظل تراجع ترتيب البحرين من المرتبة 171 إلى المرتبة 173 بحسب التقرير السنوي للحريات الصحفية لعام 2024 لمنظمة مراسلون بلا حدود. ولأن حرية الإعلام والصحافة مقيّدة في البحرين، فإن المواطنين غالبًا ما يلجؤون للتعبير عن آرائهم ومطالبهم في منصات التواصل الاجتماعي. وقد تم رصد العديد من الاستدعاءات على خلفية النشر على الشبكات الإلكترونية لاسيما ما يتعلّق بمنشورات تكشف الفساد وتنتقد السلطات الحاكمة وتفضح انتهاكات المؤسسة الأمنية وأجهزتها.

طرحت خلفيات هذه الاستدعاءات عددًا من الإشكاليات المتعلقة بحق المواطنين في التعبير عن آراهم والمشاركة في الحياة العامة وإبداء الاعتراض على ممارسة السلطة أو معارضة قراراتها، وهي كلها حقوق منصوص عليها في الدستور البحريني، ومعترف بها في المواثيق الدولية. هذه الاستدعاءات أظهرت توجهًا واضحًا لدى الأجهزة الأمنية لتأديب أي منتقد أو معارض للنظام وتكميم أفواه أي مطالب بالإصلاح والمحاسبة. وبهذا، انتشرت سياسة الإفلات من العقاب، وبات النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان عرضة للملاحقة والاعتقال المتكررين.

عقب قمع الحراك المطالب بالديمقراطية، زادت وتيرة الاستدعاءات التي بلغت ذروتها في أواخر العقد الأول من الحراك المطلبي، وبالتحديد بالتزامن مع تصاعد النشاط الحقوقي في البحرين. فاستهدفت السلطات من خلال عشرات الاستدعاءات المشاركين في جلسات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والمعبرين عن آرائهم في وسائل الإعلام التقليدية والالكترونية.

وقد وسعّت الحكومة مع مرور السنوات من قمعها لنشاط وسائل الإعلام الاجتماعي، إذ أعلنت وزارة الداخلية في العام 2019 عن أنها ستحاكم الأشخاص الذين يتابعون “الحسابات المحرضة” أو الذين يشاركون منشورات تلك الحسابات المحرضة على صفحاتهم. وبالفعل، فقد استدعت عام 2020 على سبيل المثال، عدة شخصيات عامة بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وحاكمتهم. ومع اتّساع رقعة القمع والملاحقة والاستدعاء والمحاكمات الكيدية وغير القانونية، لجأ النشطاء في الأعوام الأخيرة إلى استخدام أسلوب الرقابة الذاتية للتعبير عن آرائهم لتجنب التداعيات القانونية، ومع ذلك، بقي عدد من النشطاء والحقوقيين في دائرة الاستهداف الممنهج.

ثالثًا: الفئات المستهدفة من الاستدعاء

خلال العام 2023، سُجّل استدعاء أكثر من 100 مواطن بحريني والتحقيق معهم على خلفية المشاركة في تظاهرات شعبية متضامنة مع الفلسطينيين ومنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة. شملت الاستدعاءات أيضا، المتضامنين على منصات التواصل الاجتماعية، من بينهم الناشط السياسي البارز إبراهيم شريف. وأخذت الاستدعاءات أيضًا، بُعدًا طائفيًا، إذ طال عدد منها علماء الدين ومواطنين على خلفيّة المشاركة في احياءات مراسم عاشوراء، من بينهم الشيخ محمود العالي على خلفية خطاب عاشورائي.

خلال شهري يناير وفبراير من العام 2024، سجلت اثنتا عشر حالة استدعاء من بينهم أربعة أطفال، اعتقل عشرة منهم. تظهر هذه الأرقام المنحى التصاعدي في استخدام البحرين لإجراء الاستدعاء كانتهاك يصادر حرية الأفراد ويقيدها.

ورغم سياسة تكميم الأفواه والتهديد بالسجن التي تتبعها حكومة البحرين ضد حرية التعبير، ورغم الرقابة الذاتية المفروضة على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان ومحاولاتهم إيصال صوتهم من دون التعرض للاستهداف، إلا أن أسلوب الاستدعاء لا يزال منتشرًا، ويستهدف فئات معينة:

  •  استدعاءات تطال المشاركين في تحركات سلمية 

بتهمة التجمهر غير القانوني، يتم تسجيل عشرات الاستدعاءات سنويًا. وقد شهدت البحرين ازديادًا مطردًا للاستدعاءات بعد توقيع الحكومة اتفاقية “إبراهيم” مع “إسرائيل” وبعد العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر 2023. حيث أثارت هذه التطورات غضب الشارع البحريني الذي اندفع إلى التظاهر والاحتجاج رفضًا للتطبيع ولإظهار التضامن مع أهل غزة في فلسطين. فكانت أبرز الاستدعاءات تطال المشاركين في تلك المسيرات المنددة باتفاقية التطبيع مع “إسرائيل”، وجرى استدعاء العشرات من المشاركين في الفعاليات التضامنية التي انطلقت منذ أكتوبر الماضي، بينهم حوالي 50 طفلا، جرى احتجازهم قسرًا ومحاكمتهم بتهمة مناصرة الشعب الفلسطيني، ولا يزال عددًا منهم رهن الاعتقال. بالإضافة إلى المسيرات التي تنطلق سنويًا في إحياء ذكرى الحراك المطلبي في 14 فبراير، ويتم استهداف المشاركين فيها من خلال الاستدعاءات والاعتقالات.

كما برزت مؤخرًا وقفات ومسيرات تنظمها عائلات السجناء السياسيين بشكل يومي تقريبًا للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم. وتم رصد عدد من الاستدعاءات نشير إلى بعض منها: في مارس 2021، على سبيل المثال، نظمت عائلات السجناء مظاهرات تطالب بالإفراج عن ذويهم بسبب الاكتظاظ والنقص في تقديم الرعاية الطبية المناسبة في السجن، استدعي عدد من المشاركون واعتقل ثلاثة على الأقل، وفرضت عليهم غرامات مالية. وفي الأول من أبريل، اعتصمت 39 عائلة سجين سياسي أمام مبنى سجن جو للمطالبة بالإفراج الفوري عن أبنائهم، بعدما ضاقت بهم السبل إثر تجاهل السلطات المعنية لمناشداتهم. لكن طواقم وزارة الداخلية الأمنية استنفرت بوجه تحرك الأهالي السلمي، فحاصرتهم وعمدت إلى تصويرهم، واستدعت لاحقا عددًا منهم. وفي إطار تحركهم المستمر، نفذت عائلات عدد من السجناء السياسيين في 15 أبريل، وقفة احتجاجية أمام مبنى مجلس الوزراء البحريني خلال انعقاد جلسته الأسبوعية للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم من دون قيد أو شرط، واستدعت عددًا منهم. آخر هذه الإجراءات القمعية، كانت في مايو الجاري، إذ شنت القوات الأمنية حملات استدعاء طالت سلسلة تحركات نفذها أهالي السجناء السياسيين للمطالبة بتبييض السجون. وفي وقفة احتجاجية في 2 مايو، اعتدت قوات مكافحة الشغب على المحتجين السلميين واعتقلت سيدتين وعددًا من المشاركين.

  • استدعاءات بخلفيات طائفية

وتحت ستار القانون قانون رقم 18 لسنة 1973 الذي يجرم التجمعات العامة، يتم اضطهاد البحرينيين من أتباع الطائفة الشيعية، سواء من خلال حرمان البعض منهم، وخاصة السجناء من ممارسة شعائرهم الدينية وإحياء المراسم العاشورائية، أو من خلال استدعاء بعض المشاركين والرواديد في المواكب والقائمين على مجالس العزاء للتحقيق معهم. وقد يجبر البعض منهم على التوقيع على تعهدات بعدم المشاركة في مثل هذه التجمعات في المستقبل. وعلى مدى الأعوام، واصلت سلطات البحرين استهداف الحريات الدينية باستدعاء عدد من المواطنين ومنهم رواديد على خلفيات تتعلق بممارستهم لمعتقداتهم الدينية لاسيما في مراسم عاشوراء، من بين ذلك إقامة مجالس عزاء أو المشاركة في مواكب العزاء ورفع رايات سوداء ولافتات عاشورائية. وكان قد تم استدعاء وتوقيف ثم محاكمة المواطن عبد النبي عبد الحسن ابراهيم خليل والحكم عليه بالسجن لمدة عام، فقط لقراءته زيارة عاشوراء المشهورة لدى الشيعة في البحرين والعالم. وقد أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيه الذي أكد فيه أنّ احتجاز عبد النبي كان تعسفيًا بسبب الانتهاكات الواضحة للإجراءات القانونيّة الواجبة التطبيق وحقوق المحاكمة العادلة. كما تم استهداف عدد من رجال الدين وخطباء منابر تعرضوا للاستهداف الممنهج على خلفيات طائفية، من بينهم خطيبي المنبر الحسيني الشيخ عبد العزيز الخضران والشيخ هاني البناء، المنشد الحسيني مهدي سهوان وعبد الله البوري، الشيخ علي الجفيري، الشيخ حسين المرزوق والشيخ محمد الصياد، السيد كاظم الدرازي، والشيخ سعيد العصفور. ومؤخرًا، في مايو 2023، استدعت السلطات الأمنية الشيخ محمد صنقور بعد أن وجه انتقادات لوزارة التربية والتعليم على ضوء التعديلات التي أدخلتها على المنهج الدراسي بما يتوافق والتطبيع مع إسرائيل.

  • استدعاءات تطال النشطاء وحرية التعبير عن الرأي  

يستخدم هذا الإجراء بشكل متكرر بنفس الخلفيات السياسية والتهم الكيدية منذ بدء الحراك، الا أن وتيرته قد زادت بشكل ملحوظ منذ العام 2015 وحتى يومنا هذا. وقد تعرض العديد من النشطاء والحقوقيين لهذا الانتهاك ومازالوا، من بينهم الناشط السياسي البارز إبراهيم شريف وزوجته فريدة غلام، على خلفية تعيبرهما عن الرأي. عام 2016، استدعي شريف للاستجواب واتهم بالتحريض على النظام استنادًا إلى المادة 165 من قانون العقوبات البحريني. في 5 نوفمبر، منعه مسؤولون في مطار البحرين من مغادرة البلاد وأبلغوه بأنه محظور من السفر. كما أبلغ المسؤولون عند الجسر الواصل بين البحرين والسعودية زوجته في 24 أكتوبر أنها محظورة من السفر أيضًا. استمر تعرّض شريف للاستدعاءات بشكل متكرر على مرّ السنوات، وخلال أقل من عام (بين ديسمبر 2023 ومارس 2024) استدعي شريف مرتين، على خلفية مواقف يعبر فيها عن رأيه. في ديسمبر 2023 استدعي وحقق معه بسبب تغريدات يعبّر فيها عن رأيه المعارض لموقف البحرين الرسمي من الانضمام إلى التحالف البحري الأمريكي لحماية المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، واستنكاره مصادرة الحكومة لقرار شعبها الرافض للتطبيع مع إسرائيل، واعتقل مدة أسبوع. كما اعتقل شريف  في مارس 2024 واحتجزته السلطات البحرينية لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق بعد استدعائه من قبل النيابة العامة بسبب تغريدات نشرها على منصة X، تنتقد الفساد والهدر العام.

وقد استخدمت السلطات البحرينية الأحكام الملتبسة التي تتضمنها تلك القوانين المحلية لاستهداف الناشطين. استدعي العديد من الأفراد وأُجبروا على حذف منشوراتهم التي تتعلق بقضايا عامة أو تنتقد سياسة الحكومة مقابل الإفراج عنهم. نذكر في هذا السياق، الاستهداف المتكرر الذي يطال الباحث التاريخي جاسم آل عباس فقط بسبب مشاركته لأبحاثه الأكاديمية التاريخية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد طالت الأعمال الانتقامية السجناء أيضًا، فقد تم في عدة حالات حرمان سجناء من الاتصال بأسرهم لأسابيع، وفي حالات أخرى لأشهر، بعد قيام أحد أفراد الأسرة بنشر معلومات عن الانتهاك التي تمارس بحقهم.

  • استدعاء الصحافيين والمصورين

تفرض السلطات في البحرين قيودا على العاملين في مجال الإعلام، فتعرقل عملهم من خلال تقييد منح التراخيص وإخضاعهم لخطر الملاحقة والاعتقال. ومن بين الانتهاكات التي يتعرضون لها، الاستدعاء كوسيلة لإبقائهم تحت المراقبة. نذكر من هذه الحالات، استدعاء النيابة العامة نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان السيد يوسف المحافظة أكثر من مرة، على خلفية ما ينشره من إحصائيات بشأن دعاوى متعلقة بإساءة المعاملة. كما أعيق عمل المصور الصحافي مازن مهدي من خلال الاستدعاءات العاجلة المتكررة، على خلفية تغطيته المصورة للأحداث الميدانية في مناطق الاحتجاجات على مدى السنوات الماضية. وقد تعرض العمل الصحفي أيضا للمضايقة من خلال كثرة الاستدعاءات، وكمثال على ذلك ما تعرض له جعفر الجمري من استدعاء من قبل قسم جرائم المعلوماتية على خلفية نشاطه الإعلامي. هذا فضلا عن غلق الفضاء الإعلامي الحر والتغييب التام لوسائل إعلام مستقلة خاصة بعد إغلاق صحيفة الوسط عام 2017 آخر صحيفة مستقلة عملت في البلاد، للتذيل البحرين قائمة دول الخليج في العام الحالي، فيما يتعلق بحرية الصحافة في المرتبة 173 من أصل 180 دولة.

  • استدعاء أهالي المعتقلين وضحايا الإعدامات والسجون

أظهر العام 2016، تصعيدًا واضحًا من قبل حكومة البحرين في إصدار قرارات تعسفية بمنع سفر عدد كبير من النشطاء والناشطات وعوائل السجناء السياسيين من البلاد وحرمتهم من أبرز حق من حقوقهم الأساسية: حرية التنقل والسفر. مع تقدم السنوات، اتخذت السلطات من الاستدعاءات ومنع السفر وسيلة لتقييد حرية الأفراد في التعبير عن الرأي والتنقل. استدعاءات متكررة تستهدف أشخاصًا بعينهم في كل مرة، وعادة ما تنتهي بالاحتجاز لساعات، وقد تمتد في كثير من الأحيان إلى التحقيق والاعتقال لأيام عدة. أما الخلفيات، فجلها يتعلق بالدفاع عن حقوق المعتقلين ومناصرة قضايا معتقلي الرأي.

من ضمن سياسة الاستدعاء، تتعرض الناشطات وأمهات وزوجات السجناء السياسيين التضييق المستمر بهذا الإجراء. نذكر في هذا السياق، الاستدعاءات الدورية التي تواجهها الناشطات في المجال الحقوقي، ومن بينهن ناشطات غالبًا ما يتم استدعائهن بسبب نشاطهن الفاعل في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق معتقلي الرأي وفضح الانتهاكات الحقوقية. وعلى سبيل المثال، استدعيت الناشطات ابتسام الصائغ ونجاح يوسف وزينب خميس وغيرهن مرات عدة بتهمة التحريض على التظاهر والمشاركة في تجمعات غير مرخصة. وقد ترتب عن هذه الاستدعاءات اعتقال عدد منهن وإخضاعهن للتحقيق الذي تخلله تعذيب جسدي ونفسي وجنسي وصولا إلى أحكام سجن ظالمة صدرت بحقهن بعد محاكمات غير عادلة شابتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتتعرض أيضًا عدد من أمهات السجناء السياسيين إلى التضييق والترهيب مثل الناشطة هاجر منصور، فيما تتعرض أخريات للاستدعاء، من بينهن والدة السجين السياسي المفرج عنه بموجب العفو الملكي محمد الدقاق تزامنًا مع إضراب عن الطعام كان يخوضه ابنها احتجاجًا على سوء ظروف سجنه والإهمال الطبي الذي يتعرض له.

ومن بين أبرز الأفراد المستهدفون في هذا الإجراء مؤخرًا، عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأهالي ضحايا السجون ومعتقلي الرأي. على سبيل المثال لا الحصر، نذكر عددًا من الأشخاص المضطهدين بهذا الإجراء بشكل متكرر وهم: علي مهنا (والد السجين السياسي حسين مهنا)، عبدالمجيد عبدالله (حاج صمود)، عبدالنبي الحواج، منير مشيمع (شقيق ضحية الاعدام سامي مشيمع)، جميل السميع (والد ضحية الاعدام عباس السميع)، عبدالهادي مشيمع (والد الشهيد علي مشيمع)،  علي الجزيري (والد الضحية حسين الجزيري)، والسيّد سعيد عيسى (والد الضحية السيّد هاشم). فيما يلي، نستعرض شهادات عدد من المواطنين على سبيل المثال لا الحصر، من الذين يمارس انتهاك الاستدعاء بحقهم كنوع من أساليب الانتقام السياسي.

  • منير ميرزا أحمد مشيمع

الحاج منير مشيمع، هو أخ ضحية الإعدام سامي مشيمع، ووالد السجين السياسي القاصر محمد المحكوم بالسجن 3 أشهر. يتناول مشيمع بعضًا من فصول الاستهداف الممنهج لعائلته، وهو المعرّض للاستدعاء بشكل متكرر. خلال العام الماضي، بلغ مجموع الاستدعاءات التي تعرض لها تسعة، تم توقيفه في مرتين منها الأولى بتاريخ 7 يونيو 2023 لمدة أسبوع في الحوض الجاف، والثانية بتاريخ 5 أغسطس 2023، لمدة 3 أيام في مركز شرطة دوار، على خلفية المشاركة في مسيرة منددة بحرق القرآن الكريم في السويد. ومن بين خلفيات الاعتقال، المشاركة في وقفات احتجاجية أو مسيرات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين بحجة عدم الترخيض، وهي تهم، يرى مشيمع أن سببها الرئيس الانتقام من عائلته.

  • الأستاذ علي مهنا

يتعرض الأستاذ علي مهنا، والد السجين السياسي حسين، إلى الاستدعاء والاعتقال بشكل ممنهج، وقد جاءت حصيلة الاستدعاءات حتى 15 مايو 9 استدعاءات، بعدما كانت قد بلغت 13 استدعاءًا خلال العام 2023 و18 استدعاءًا عام 2022. الاستدعاءات المرتفعة التي تطاله، خلفياتها قضايا سياسية وتستهدف الفئة المطالبة بالحقوق وبالأخص أتباع الطائفة الشيعية، وتتعلق بالمشاركة في مسيرات وتظاهرات ووقفات احتجاجية. وبعضها يتعلق بالتغريدات والفيديوهات التي تنشر على منصة X وتتناول الأوضاع السياسية في البحرين، ومن بينها المطالبة بالإفراج عن ابنه حسين مهنا ودعم ضحايا السجون والإعدامات والدعوة للإصلاح، ومناصرة فلسطين. يتم تبليغه بالاستدعاء، من خلال الاتصال أو بإرسال إحضارية نصية أو ورقية. وعند الانتهاء من التحقيق، يتم توقيع المستدعين على تعهد بالحضور وقت الطلب، أو يتم في كثير من الحالات احتجازه في مركز التوقيف حيث يبات ليلته، ومن ثم تحويله للنيابة العامة حيث يتخذ وكيل النيابة القرار إما بسجنه أو إخلاء سبيله.

– سيد سعيد سيد عيسى

ولايزال سيد سعيد سيد عيسى، والد هاشم الذي ضحية إطلاق الرصاص على إحدى التظاهرات في سترة في 31 ديسمبر 2011، وكان بعمر الخامسة عشر. ومنذ 12 عامًا، وسيد سعيد يطالب بدم ابنه. بكثرة الاستدعاءات حتى تجاوزت العشرين قضية، بعض هذه القضايا يصدر فيها أحكام بالسجن تتراوح من أيام إلى أسابيع، وقد تصل إلى شهور، وأغلبها يعود إلى التجمهر والمشاركة في التظاهرات. آخر هذه الاستدعاءات كانت بداية هذا العام بعد انتشار مقطع مصور له ولعدد من آباء المعتقلين والضحايا يطالبون فيها بالحقوق، فتم استدعاؤه رغم وضحه الصحي. تعرض سيد سعيد خلال هذه الاستدعاءات للإهانات بشكل متكرر، كما تعرض للتهديد، ومن بين ذلك تهديده بقطع مصدر رزقه من خلال فصله التعسفي من العمل، ومصادرة منزله الذي يملكه، وصولا إلى تهديده بالمساس بشرفه. وكل هذه التهديدات تهدف لكسر عزيمة الشخص ليمتنع عن المطالبة بحقوقه.

  • عبدالنبي الحواج

تعرض عبدالنبي الحواج لاستدعاء من أغلب مراكز الشرطة في البحرين، على خلفيات عدة وهي المشاركة في المسيرات أو وقفات احتجاجية، أو تشييع لأحد الضحايا أو تأبين. كما أن بعض هذه الاستدعاءات لم يستطع حضورها بسبب مرضه. أما آخرها فكان من قبل وحدة الجرائم الإلكترونية بتهمة التحريض على زعزعة النظام، وهي قضية لاتزال مستمرة، وقد تحولت من النيابة إلى المحكمة، وبموجبها تم صدور قرار بمنعه من السفر. تم استدعاؤه هو و5 آخرون من العوائل، والتحقيق معهم بشكل منفصل. عقب هذا التحقيق، نقل إلى النيابة العامة حيث تم التحقيق معهم لمدة ساعتين من قبل النائب العام. وخلال التحقيق الذي دام حوالي 9 ساعات، تم سؤاله “ماذا تتمنى للشعب”، فأجاب بأنه يتمنى للشعب تحقيق المطالب وأن يقف من الشعب حتى تحقيقها، وبناء عليه، تم توجيه هذه التهمة الكيدية إليه.

  • علي همام

تكثر خلفيات الاستدعاءات التي يتعرض لها علي همام، وهو ناشط عرف بمواقفه المتضامنة مع حقوق السجناء السياسيين في البحرين حتى تجاوزت الـ12 استدعاءًا، ليسجل هذا العام وحده حتى مايو 2024، ثلاثة استدعاءات. ويدل تعدد جهات الاستدعاء على منهجية هذا الانتهاك من قبل الجهات الأمنية واعتماده كإجراء انتقامي، إذ استدعي من قبل كل من مركز المعارض، مركز الرفاع الشرقي، مركز القضيبية، مركز البديع، مركز شرطة مدينة حمد، مركز شرطة سترة، مركز شرطة خميس، مركز شرطة النبيه، وقسم تحقيقات الجرائم الإلكترونية، والذي على إثره صدر قرار بمنعه من السفر. أما خلفيات هذا الانتهاك المتكرر فهي المشاركة في وقفة مسيرات ووقفات احتجاجية، المشاركة في تشييع، زيارة المقبرة، ونشر فيديو على منصات التواصل الاجتماعي.

هذا الاضطهاد المتكرر، تحاول من خلاله السلطات إشاعة جو من الترهيب، ووضع الشخص تحت المراقبة بشكل مستمر، وقد يكون ذلك من سيارات تراقب منزل الشخص، أو مندسين في التظاهرات، أو من خلال التجسس على الهواتف أو مصادرتها بعد التحقيق. هذه الرقابة، تستخدم في كثير من الأحيان كتهمة خلال الاستدعاءات، من خلال الادعاء بتصوير الشخص خلال مشاركته في الفعالية المطلبية. من تداعيات هذه الاستدعاءات، إبقاء عائلة المستهدف بحالة من الخوف والقلق الدائمين، خاصة وأن العديد منهم هم كبار في السن وبعضهم لديه حالة صحية دقيقة، مصادرة الممتلكات والأغراض الشخصية، مصادرة السيارة من مكان ركنها والحاجة إلى التواصل مع مركز الشرطة لاسترجاعها. وبالمجمل، فإن كل هذه المضايقات تنعكس على نفسية المستهدف وجميع جوانب حياته. ومن الآثار الاجتماعية لهذا الانتهاك، أن الناس تصبح تخاف من حضور هذا الشخص في مناسبات عامة، إذ تحاول السلطات وسمه بالمجرم لمطالبته بحقه. وهذا عقاب يستهدف عوائل الضحايا تحديدًا، بهدف تكميم أفواه الأهالي وكسر عزيمتهم.

رابعًا: تداعيات الاستدعاء.. المنع من السفر 

منهجية الاستدعاءات المتكررة يترتب عليها تداعيات عدة، أبرزها المنع من السفر. وهو انتهاك واضح لحق الفرد في حرية التنقل وتقييدها. هذا الانتهاك يتعرض له العديد ممن يتم استدعاؤهم، في محاولة لفرض اعتقال من خارج المعتقلات عليهم. وهو إجراء لجأت إليه الحكومة البحرينية منذ بداية الاستدعاءات على خلفية النشاط الحقوقي والتحركات المطلبية، وقد استخدم هذا تكتيك بكثرة للحد من أنشطة المدافعين في البحرين، وتعاونهم مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، وتعرضوا له على مدى الأعوام الماضية التي تلت أحداث الحراك المطلبي.

لكن الأخطر في هذا الانتهاك، هو عدم وجود سبب قانوني يحظر سفر المستدعين، وبالتالي فإن لا شرعية لهذا المنع التعسفي، ما يثبت أنه إجراء انتقامي بخلفيات سياسية، مع الإشارة إلى أن الممنوعين من السفر لا يبلّغون مسبقًا بهذا الإجراء. يضاف إلى ذلك عدم تبليغ الأفراد الذين يتم استدعاؤهم في كثير من الأحيان بوجود اسمهم على قوائم الممنوعين من السفر، ليتفاجأ هؤلاء عند وجودهم بمنعهم من السفر خلال تواجدهم في المطار، وهو ما حدث مع عددهم من المدافعين عن حقوق الإنسان خلال توجههم للسفر خارج البحرين.

  • المستهدفون بالاستدعاءات

أغلب من يتعرض للاستدعاء المتكرر هو عرضة للمنع من السفر. يترابط هذين الانتهاكين لدى الأجهزة الأمنية في البحرين، وهو امر ينافي المادة 19 من الدستور والمادة 13 من الإعلان العالمي والمادة 12 من العهد الدولي. نذكر من بين هؤلاء مؤخرًا، على سبيل المثال: سيد سعيد عيسى، عبدالنبي الحواج، علي همام، علي مهنا، وهم كما ذكرنا أهالي لضحايا إعدام أو لسجناء سياسيين. وهم وغيرهم من النشطاء لا يزال حظر السفر مفروضًا عليهم من دون مسوغ قانوني أو أمر قضائي يشرح السبب ويوضح سبب العقوبة.

في هذا السياق، يتحدث علي مهنا عن اكتشافه أنه ممنوع من السفر خلال محاولته السفر عن طريق الجسر الرابط بين البحرين والسعودية عام 2017، حيث تم إرجاعه إلى قسم الهجرة والجوازات حيث أزيل اسمه من قائمة المنع. وفي مرة ثانية، في سبتمبر 2022 سافر إلى العراق عن طريق الإمارات وهناك اكتشف أنه ممنوع من دخول دبي، رغم أن لم يسافر إليها منذ 20 عامًا. وفي مرة ثالثة، في مايو 2023 حاول السفر عن طريق البر من السعودية إلى الكويت لكن تم منعه عند الحدود واصطحبته قوات الشرطة إلى قسم المخابرات حيث احتجزوه لمدة 4 ساعات واستجوبوه، وأبلغوه أنه ممنوه من دخول الكويت، رغم أنه لم يزرها منذ 20 عامًا أيضًا. وقد قدم طلبات إلى وزارة الخارجية لإزالة المنع من سفره إلى هذه الدول ولكن من دون نتيجة. وعند مراجعته سفارة دولة الكويت، تم إعلامه بأن العديد يواجه هذه المشكلة وأن المنع مصدره البحرين.

  • منع سفر بخلفيات طائفية 

 الاستهداف الطائفي الذي يطال الشيعة في البحرين، يطال الحق في حرية التنقل أيضًا. فإلى جانب الاستدعاءات، يستخدم المنع من السفر كوسيلة لاستهداف حرية الأفراد أو المجموعات. من بين الأمثلة على ذلك، منع حملات سفر دينية من دخول دول خليجية مجاورة. حصلت ADHRB على معلومات عن أسماء بعض الحملات التي حرمت دخول الإمارات والكويت والسعودية، لكنها لم تحصل على التخويل في التصريح عن أسمائهم. ومن بين الأمثلة كذلك، منع الرادودين الشقيقين جعفر ومهدي سهوان من دخول أراضي دول خليجية في حرمان لحقهما في حرية التنقل والسفر. وقد تم منع أحدهما من دخول الأراضي الكويتية من دون ذكر الأسباب، وتعرض لسوء المعاملة. كما منع في أبريل 2023 من دخول الأراضي العمانية، مع العلم أنه كان قد زار السلطنة عام 2001، بشكل طبيعي وليس هناك أي اتهام صادر بحقه.

  • النشطاء

تعدّ النيابة العامة في البحرين الجهة المسؤولة عن قرارات المنع من السفر التي يتعرض لها النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان. وهو انتهاك غير قانوني لحق الأفراد في حرية التنقل، ويمارس من دون تقديم أي أدلة توضيحات تبرر هذا المنع. فإلى جانب الملاحقة والاعتقال والمحاكمات والأحكام التعسفية بالسجن التي قيدت حرية عدد من النشطاء بتهم كيدية، لا تزال حرية هؤلاء مقيدة رغم الإفراج عنهم. ومن بين الأساليب المستخدمة في هذا الانتهاك، عدم وجود قرار بمنع السفر، لكن المنع يتم من خلال رفض السفر إلى دول معينة، وتحديدًا دول الخليج.

  • ابتسام الصائغ

لا تزال الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمعتقلة السابقة ابتسام الصائغ ممنوعة من دخول بعض دول الخليج لأسباب مجهولة، ومن بينها السعودية والإمارات، في تقييد للحق في التحرك. ورغم أن لا مشكلة للناشطة مع السعودية ولا قضية مرتبطة بذلك، إلا أنها ممنوعة من التوجه إليها ما يحرمها من ممارسة الشعائر الدينية بالحج والعمرة. وترى الناشطة أنه إن كان السبب توصيات من حكومة البحرين أو وجود اسمها على القوائم القديمة، من المفترض أن يرفع. هذا وقد تعرض أكثر من سجين سياسي لهذا الانتهاك، إذ عند محاولته السفر إلى السعودية تم منعه لأسباب مجهولة. أما من استطاع الخروج إلى السعودية، فقد تم إيقافه في الكويت. هذا الانتهاك يشمل تعريض النشطاء للإهانة والمضايقات أيضًا، إذ يتم معاملتهم كمجرمين ممنوعين من دخول هذه الدول، رغم أنهم لم يرتكبوا أي جرم. وتطالب الناشطة بضرورة رفع لوائح منع السفر عن كل الدول، مع حماية حق نشطاء حقوق الإنسان في انتقاد الأوضاع الحقوقية داخل بلادهم والمطالبة بالإصلاحات. كما تطالب بألا تتخذ الدول العربية حذو البحرين في تجريم عملهم الحقوقي، ورفع هذا الظلم الذي يتعرضون له.

  • علي الحاجي

أفرج عن الناشط والسجين السياسي السابق علي الحاجي في يونيو 2023، بموجب قانون العقوبات البديلة، بعد 10 سنوات قضاها في السجن بتهم سياسية. في نوفمبر من العام نفسه، وبعد فشل الإدارات الرسمية بتوضيح سبب استمرار حظر السفر عليه، توجه الحاجي إلى بوابة مبنى الداخلية رافعا ورقة كتب عليها “أريد مقابلة أحد المسؤولين لمساعدتي”. في اليوم التالي، وعند مراجعة الوزارة، اعتقل وحقق معه بتهمة “إهانة موظف عام”، وأطلق سراحه بعد يوم بكفالة مالية. في يناير 2024، واصل الحاجي مطالباته، وتلقى وعودًا من النيابة العامة بإسقاط أي تهم محتملة تتعلق بمراجعته مع المسؤولين بشأن منعه من السفر. وفي أبريل، زار النيابة مرة أخرى لكن طُلب منه المغادرة. بعدها تلقى استدعاءً للمثول أمام المحكمة بتهمة “دخول منطقة أمنية محظورة”. لا يزال يتعرض الحاجي لحظر السفر، إذ رفعت قضية جديدة ضده إلى المحكمة الجنائية الصغرى الأولى وتهمته هذه المرة دخول منطقة أمنية محظورة. علي الحاجي محروم اليوم من حقه في التنقل والسبب مجهول، ولا يعدو كونه إجراءا انتقاميًا لنشاطه الحقوقي.

إن انتهاك حقوق المواطنين من خلال تقييد الحق في السفر والتنقل، بات إحدى الوسائل الممنهجة المستخدمة من قبل حكومة البحرين لقمع حرية التعبير وإبقاء المستهدفين من هذا الإجراء تحت الملاحقة والمراقبة وإرسال رسالة تحذيرية لمواطنيها ما يجعلهم يلجؤون إلى الرقابة الذاتية لتجنب تبعات الاستهداف القانونية. وهذا الإجراء بات دوريًا بحق المفرج عنهم والنشطاء في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى كل من يكسر حاجز الصمت ويسعى إلى تحقيق العدالة للسجناء السياسيين أو يطالب بإصلاحات في نظام الحكم. فيصبح عرض للاستهداف والاعتقال، ويدون اسمه في سجلات قوائم الممنوعين من السفر أو يسجل في سجلات المحظور عليهم دخول دول معينة.

وعليه، فإن منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تؤكد على الحق الأفراد كافة في التعبير عن الرأي والمشاركة في التجمعات السلمية المطلبية، وهي حقوق أساسية منصوص عليها بالدستور والقوانين البحرينية، ومصادق عليه بالمواثيق الدولية، من بينها المادة 19 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما وتدين منظمة ADHRB الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء السياسيون السابقون والنشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان، ومن بين ذلك استدعائهم بشكل متكرر لممارستهم حقوقهم الأساسية، وما يترتب عليه من تداعيات، من بينها الإجبار على توقيع تعهدات والمنع من السفر. وعليه، تدعو ADHRB حكومة البحرين إلى وقف هذه الانتهاكات فورًا، وحماية حق المواطن البحريني في التعبير عن الرأي بكافة الأشكال والوسائل، وحقه في التنقل بحرية، وتحثها على اتخاذ إجراءات حقيقية تثبت جدية السلطات في إصلاح واقع حقوق الإنسان في البلاد. وتطالب أيضًا بوقف تجريم العمل الحقوقي، ورفع حظر السفر فورًا عن جميع النشطاء والمدافعين والحقوقيين.