فاجأ العفو الذي أصدره ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة يوم 8 أبريل، عن أكثر من 1500 سجين، الناشطين.
وفي حين يصور المسؤولون العفو باعتباره لفتة خيرية تهدف إلى تعزيز المصالحة ومعالجة الانقسامات المجتمعية، يمكن النظر إليه بشكل أكثر دِقَّة على أنه مناورة محسوبة للتخفيف من التوترات الداخلية المتزايدة، والضغوط الدولية، وتحسين صورة البحرين على المسرح العالمي.
محور المناقشة هم الأفراد المتأثرون بهذا العفو، ولا سيما أولئك الذين تم تصنيفهم على أنهم سجناء سياسيون، مثل النشطاء والصحفيين والمدافعين الذين تم اعتقالهم بسبب آرائهم المعارضة أو مشاركتهم في الحركات المؤيدة للديمقراطية.
وكان من بين المفرج عنهم العديد من الشخصيات البارزة في حملات حقوق الإنسان الذين تدافع عنهم المنظمات غير الحكومية من أجل حريتهم منذ أكثر من عقد من الزمن. ومن بين المفرج عنهم كان ناجي فتيل، وهو مدافع بحريني عن حقوق الإنسان مسجون منذ عام 2013. وهو عضو في مجلس إدارة المنظمة البحرينية غير الحكومية لحقوق الإنسان “جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان” (BYSHR). تم سجنه وتعذيبه وتهديده بالقتل خلال الانتفاضة البحرينية التي بدأت في فبراير 2011. وتسلط المصادر الضوء على الظروف المروعة التي تعرّض لها خلال سجنه من تعذيب وصعق بالكهرباء وحرمان من الطعام والنوم وفقدان الوعي حيث احتاج إلى العلاج في المستشفى مرتين.
من المهم أن نتذكر أنه لم يكن من المفترض أن يُسجن المفرج عنهم في المقام الأول، ففي الواقع، تمت إدانة ما لا يقل عن 65% من الأشخاص البالغ عددهم 1584 شخصًا بتهم تتعلق بالاحتجاج فقط.
ويتزامن توقيت العفو عن السجناء في البحرين مع الحروب المستمرة والتوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل ستة أشهر تقريبًا، تصاعدت التوترات داخل البحرين بسبب علاقتها التطبيعية مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم. عارض العديد من المواطنين البحرينيين صراحةً اتفاقيات إبراهيم وأظهروا تضامنهم مع الفلسطينيين. إن تورط البحرين في “عملية حارس الرخاء” ودعمها للتفجيرات الأمريكية البريطانية في اليمن، ردًا على العمليات اليمنية على السفن التابعة لإسرائيل، يزيد من تفاقم السخط الداخلي.
وعلى خلفية التوترات المتصاعدة والمعارضة المتزايدة، قد يُنظر إلى العفو عن السجناء على أنه محاولة من جانب الحكومة البحرينية لتخفيف الضغط الداخلي وتهدئة المعارضة العامة. ومن خلال إطلاق سراح السجناء، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان، قد تسعى الحكومة إلى استرضاء البحرينيين الذين ينتقدون موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي وتطبيعها للعلاقات مع إسرائيل.
وقد يُنظر إلى إطلاق سراح السجناء المدانين ظلمًا على أنه خطوة نحو المصالحة واستجابة للضغوط الدولية. على الرغم من هذه الخطوة، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في البحرين، حيث لا يزال المئات مسجونين أو ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام. ويجب أن يستمر النضال من أجل العدالة وحقوق الإنسان، بما يضمن إطلاق سراح جميع السجناء ومعالجة القضايا النظامية الأساسية.