في 22 يناير 2024، تلقت المملكة العربية السعودية مراجعة لسجلها في مجال حقوق الإنسان في المراجعة الدورية الشاملة الرابعة. تتميز هذه الآلية بمراجعة النظراء من قبل الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة التي تقترح كيفية تحسين احترام حقوق الإنسان في ضوء الالتزامات الدولية للدولة. وتلقت الحكومة 354 توصية من 135 دولة تدعو إلى إصلاحات في قطاعات مختلفة، بما في ذلك حرية التعبير وإلغاء عقوبة الإعدام وحماية حقوق العمال الوافدين والقضاء على التمييز ضد المرأة. وبالتالي، يجب على السعودية إخطار مجلس حقوق الإنسان بالتوصيات التي تقبلها أو ترفضها في خلال الدورة السادسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في يونيو ويوليو 2024.
ومن ضمن هذه التوصيات، يوجد توصيات حاسمة تتعلق بحرية التعبير في السعودية. وقد تلقت المملكة 21 توصية حول هذا الموضوع. فعلى سبيل المثال، أوصت غانا بتعزيز حرية الرأي عبر الإنترنت وخارجها وفقًا لمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، أوصت سويسرا بتعديل القانون الأساسي وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لتتوافق مع المعايير العالمية لحرية التعبير.
من ناحية أخرى، أعلنت رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية، هالة التويجري، أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في الدستور، وأن مطالبات الأفراد يُنظَر فيها حسب الأصول في المحاكم أو أمام لجنة حقوق الإنسان نفسها. كما أن القيود المفروضة على استخدام وسائل الإعلام تتبع هدف الحفاظ على النظام العام. في الواقع، تتمتع السلطات بصلاحيات تقديرية لتحديد الخطاب الذي يضر بالبلاد. وهذا ممكن من خلال التفسير المفرط للدستور ودور المحاكم الخاصة.
وبهذا المعنى، كان القمع الوحشي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو الاتجاه المثير للقلق. تفيد منظمة العفو الدولية أنه في العام 2022، اعتُقل 15 شخصًا على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، قامت المملكة العربية السعودية باختراق شركة واحدة على الأقل من وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات حول المعارضين في البلاد بشكل غير قانوني. والهيئة المسؤولة عن الملاحقات القضائية هي المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أُنشأت في البداية لقضايا الإرهاب. تدريجيًا، بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة بإصدار قوانين غامضة لمكافحة الجرائم الإلكترونية والتي قمعت بشدة حرية الأفراد في التعبير. إضافة إلى ذلك، وُثّقَ أن المحكمة الجزائية المتخصصة مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان في كل مرحلة من مراحل إجراءاتها القضائية.
ويؤكد تقرير آخر لمنظمة العفو الدولية أن قمع حرية التعبير يؤثر على المزيد من قطاعات المجتمع. وعلى وجه الخصوص، من الشائع أن يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان في المنفى للانتقام عندما يتحدثون عن انتهاكات البلاد. بشكل عام، المشكلة الرئيسية فيما يتعلق بحرية التعبير هي أن المملكة العربية السعودية تصوّر كل تعبير لا يتماشى مع تصرفات الحكومة على أنه عمل إرهابي. وقد تأكدت هذه الحجة من خلال المحاكمة غير العادلة لعبد الله الدرازي وجلال اللباد في العام 2023. فقد شابت الاتهامات تهم كاذبة واعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب.
إن تطور حرية التعبير في المملكة العربية السعودية أمر مقلق للغاية. كثيراً ما تطلق هيئة حقوق الإنسان السعودية وعودًا كاذبة بشأن عمل النظام الجنائي السعودي. وفي العام 2023، أعلن عن أن الحكومة ألغت تطبيق عقوبة الإعدام على جرائم التعزير. في هذه الأثناء، حُكم على عبد الله الدرازي وجلال اللباد بالإعدام وهما دون الثامنة عشرة. في ظل هذه الفرضيات، يمكن القول إن لجنة حقوق الإنسان هي مجرد أداة للحكومة لتبييض حقوق الإنسان في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، يوجد استراتيجيات منهجية للقمع تحت الفرضية غير المتناسبة المتمثلة في الحفاظ على نظام الدولة ومكافحة الإرهاب. وبالنظر إلى هذه القضايا الحساسة، فمن المتوقع حدوث حالات جسيمة جديدة لانتهاكات حرية التعبير. المجالات الرئيسية التي يجب مراقبتها ومناصرتها هي أساليب عمل المحكمة الدستورية العليا وطلب إصلاح قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية.