كان محمد جعفر محمد علي (الشمالي) طفلًا بحرينيًا وطالبًا يبلغ من العمر 15 عامًا عندما تم اعتقاله تعسفيًا من منزله في 15 يوليو 2012. تعرض للتعذيب والاختفاء القسري والحبس الانفرادي والإهمال الطبي ومحاكمة غير عادلة وأعمال انتقامية وسوء معاملة. بالإضافة إلى ذلك، فقد حُرم من التعليم والحصول على الغذاء الصحي والمياه الكافية والزيارات العائلية والقدرة على الصلاة أثناء احتجازه. وهو محتجز حاليًا في سجن جو، ويقضي مدّة حكمه في السجن البالغة 21 عامًا و6 أشهر.
في 15 يوليو 2012، حاصرت سيارات الأمن منزل محمد والحي بِرُمَّته وداهم المنزل ضباط بملابس مدنية ومسلحون مجهزون بكاشف ضوئي، من دون إبراز مذكرة اعتقال أو تفتيش، ثم فتّشوا المكان وألقوا القبض على محمد. وبعد ذلك، نُقل إلى مركز شرطة الدوار 17، حيث تم التحقيق معه وأخفي قسريًا لمدة 18 يومًا.
خلال استجوابه في مركز شرطة الدوار 17، تعرض محمد لتعذيب جسدي ونفسي شديد على يد قوات الأمن العام. فركلوه على صدره حتى فقد وعيه، وجردوه من ملابسه وصفعوه وبصقوا عليه ووضعوه على سرير حديدي في زنزانة شديدة البرودة. ووضع عناصر قوات الأمن العام قيودًا حديدية في يديه ورجليه، وأجبروه على التنقل بين زاويتين والمشي حافي القدمين وتحرشوا به جنسيًا كما ضربوا رأسه وأغرقوه بالماء وأجبروه على النزول إلى المرحاض المغمور بالمياه وأطفأوا السجائر في فمه، وفي مرة من المرات، وضعوه في سلة المهملات. وفي كل مرة كان يمشي فيها، كان العناصر يضربوه ويُرسلوه إلى الحبس الانفرادي دون سبب. ألقى الضباط ملابسه في ممر الزنزانة وأمروا المعتقلين بالدوس عليها ومنعوا التواصل معه بمعاقبة أي شخص يتحدث معه بالحبس الانفرادي، وقد انتشرت شائعات كاذبة عن وفاته. يعاني محمد جراء هذا التعذيب من صداع مزمن وألم في الصدر وإصابات في العين والرأس والأذن، كما فقد السمع في أذنه اليمنى. ونتيجة التعذيب، تم تقطيب جرح في الرأس أربع مرات حتى رفض الطبيب التقطيب مجددًا خوفا على حياته. وهو معرّض أيضًا لخطر فقدان البصر من جرّاءِ إهمال علاجه. وبعد هذا التعذيب الوحشي، أُجبر محمد على الإدلاء باعتراف كاذب يتعلق بالاعتداء على رجل من ملة أخرى وإتلاف سيارته.
عندما مثل محمد أمام القاضي في النيابة العامة، أنكر التهم الموجهة إليه، وفي محاولة لإظهار أدلة التعذيب، خلع ملابسه ليكشف عن العلامات الموجودة على جسده. لكن القاضي تجاهل آثار التعذيب وحكم على محمد بالسجن ستة أشهر ودفع غرامة مالية، وتم كل ذلك بغياب محام ومن دون إخطار عائلته. وبعد ثمانية عشر يومًا من اعتقاله، اتصل أخيرًا بوالدته، وأبلغها أنه محتجز في مركز احتجاز الحوض الجاف وأنه خضع للاستجواب ومثل أمام قاض في النيابة العامة. استأنف محمد الحكم الصادر بحقه وثبتت براءته فيما بعد، ولكن حكم الاستئناف صدر بعد أن أنهى مدة عقوبته.
وبعد انتهاء مدة حكمه لم يطلق سراحه؛ وبدلاً من ذلك، تم إعادته إلى مركز شرطة الدوار 17، حيث صفعه مدير المركز بسبب إنكاره التهم الموجهة إليه أمام القاضي. وبعد ذلك، تعرض لمزيد من التعذيب في مركز شرطة الدوار 17 في محاولة لإكراهه على الاعتراف، ثم نُقل إلى مركز احتجاز الحوض الجاف فيما يتعلق بقضية ثانية.
في 21 مارس 2013، أدانت المحكمة محمد بالتهم التالية: 1) محاولة القتل، 2) حرق سيارة جيب وإطاراتها، وإلقاء زجاجات حارقة، و3) عرقلة أفراد الأمن عن أداء واجباتهم. ونتيجة لذلك، حكمت المحكمة عليه في البداية بالسجن لمدة 15 عامًا ودفع غرامة مالية. استأنف محمد الحكم الصادر بحقه، مما أدى إلى تخفيض محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن لمدة 10 سنوات، كما استأنف أمام محكمة التمييز التي أكدت الحكم.
في 10 مارس 2015، وقعت أعمال احتجاجية من قبل السجناء في سجن جو. وفي وقت لاحق، أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والرصاص في أماكن قريبة لإخضاع المساجين، وبعد ذلك تم اقتيادهم إلى الساحات حيث تعرضوا للضرب الجماعي والإذلال. وعلى إثر ذلك حُرم السجناء من الطعام لعدة أيام، ومُنعوا من الاستحمام لعدة أسابيع. يشار إلى أن نسبة كبيرة من المساجين الذين تعرضوا للتعذيب لم يشاركوا في أعمال الاحتجاج. تعرض محمد، المتهم بالتورط في الاحتجاج، للتعذيب والإصابات والاختفاء القسري في أعقابها. وأدين بالتهم التالية: 1) التحريض، 2) الاعتداء على رجال الأمن وعرقلة عملهم، و3) تخريب وتدمير محتويات ومرافق مبنى سجن جو. ونتيجة لذلك، حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا أخرى، تم تخفيضها لاحقًا إلى 10 سنوات بعد الاستئناف. وفي وقت لاحق، أيدت محكمة التمييز حكم الاستئناف.
تعرض محمد مرارًا وتكرارًا للإهمال الطبي بسبب حالة الأكزيما التي يعاني منها، وكان يتلقى بانتظام طعامًا غير صحياً بكميات قليلة وحُرم من الحصول على المياه الكافية. في أبريل 2017، بعد شكوى قدمتها والدة محمد إلى الأمانة العامة للتظلمات بشأن حرمانه من العلاج الطبي للأكزيما، قام ضباط السجن بتقييده عند بوابة السجن لمدة ثلاثة أيام بدلًا من تقديم العلاج اللازم، كما قدموا شكوى ضده. في 19 يونيو 2017، لاحظت عائلة محمد خلال زيارتها له ظهور بثور على رأسه ووجهه وأصابعه بسبب نقص النظافة من جرّاءِ عدم الاستحمام لمدة شهر بعد انقطاع المياه. وأخبرهم أنه وزملائه المعتقلين تعرضوا لمعاملة قاسية واحتجزوا في زنازينهم، وخضعوا لعمليات تفتيش مهينة. وخلال عمليات التفتيش هذه، قام ضباط السجن عمدًا بلمس مناطق خاصة من أجسادهم والتحرش بهم عند الدخول والخروج من ساحة السجن. وكشف محمد أيضًا أن السجناء الذين عبروا عن غضبهم تعرضوا للضرب أو التعليق على الأبواب، وادعى الضباط زورًا أن الهواتف مكسورة، مما أدى إلى إغلاقها لمدة شهر كامل. وأشار إلى وجود إصابات في العين والوجه بين المعتقلين وتعرض بعضهم للركل في أعضائه التناسلية.
في 28 نوفمبر 2017، حُكم على محمد بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة إهانة موظف عام، وتم تخفيضه لاحقًا إلى عام ونصف بعد الاستئناف. وبهذا يصل إجمالي مدة عقوبته إلى 21 سنة و6 أشهر من السجن. وبعد ذلك، نُقل إلى سجن جو من دون علم والديه، ولم يُسمح له بأي اتصال خارجي لمدة أسبوع بعد نقله. وفي وقت لاحق، أبلغ عن ظروف الاحتجاز غير الملائمة، بما في ذلك عدم توفر الملابس الشتوية الدافئة وإجباره على الاستحمام بالماء البارد.
بعد الحكم الثاني والثالث، تعرض محمد للتعذيب المتكرر والاعتداءات والشتائم والتهديدات والحبس الانفرادي والاختفاء القسري والحرمان من الرعاية الطبية والزيارات والمكالمات والأعمال الانتقامية وسوء المعاملة، وتم منعه من الصلاة. علاوة على ذلك، تم إتلاف أغراضه الشخصية مثل ملابسه وبطانيته ومنشفته وردائه، التي أحضرتها والدته بناءً على توصية طبيب الأمراض الجلدية لمكافحة الأكزيما. وبناء على ذلك، تقدمت والدته بعدة شكاوى إلى الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة والنيابة العامة بشأن هذه الانتهاكات. ولسوء الحظ، لم تسفر أي من هذه الشكاوى عن أي نتائج ملموسة.
في 9 يوليو 2018، حدث انقطاع للمياه في عدة مباني بسجن جو، بسبب المماطلة المتعمدة من جانب إدارة السجن في إصلاح السباكة وصيانتها. واستمر انقطاع المياه لأكثر من شهر، واستمر بعضها لمدة 36 ساعة متتالية. وأفاد الضحايا، ومن بينهم محمد، أن هذه الانقطاعات أثرت على مياه الشرب ومياه الاستحمام والمراحيض. ولمواجهة الوضع، ملأوا زجاجات خلال الفترات القصيرة التي توفرت فيها إمدادات المياه لاستخدامها في الوضوء والغسيل. وساهم نقص المياه بشكل مستمر في نشوء ظروف غير صحية، مما أدى إلى انتشار المشاكل والأمراض الجلدية. وأفاد محمد بأنه يعاني من حرقة شديدة في جسده وخروج سوائل من تشققات جسمه بسبب إهمال علاج الأكزيما. وتفاقمت حالته بسبب انعدام النظافة، وإهمال ومماطلة إدارة السجن لحاجته للعلاج.
وفي أغسطس 2018، ذكرت والدة محمد أن ابنها محروم من التعليم منذ اعتقاله، على الرغم من قيام الأسرة بدفع رسوم التعليم لإدارة السجن كل عام. ورغم السماح له لاحقًا بمواصلة تعليمه الثانوي داخل السجن، مُنع من الالتحاق بالجامعة بحجة أن إدارة السجن اختارت عددًا محددًا من الطلاب.
في مايو 2019، خلال شهر رمضان، تعرض الكثير من المعتقلين في سجن جو من بينهم محمد، للتسمم الغذائي بسبب الجودة المتدنية للطعام المقدم لهم. وكان السجناء يعانون من آلام شديدة في المعدة وإسهال شديد، مما جعل صيامهم أكثر صعوبة.
حُرم محمد من الزيارات العائلية منذ أكثر من عام. وكانت آخر مرة زارته عائلته في 28 يوليو 2022، عندما سُمح لوالده وشقيقه برؤيته. إلا أنهم منعوا دخول والدته، قائلين إنها “لم تأخذ لقاح كوفيد-19”. وعلى الرغم من تقديم نتيجة PCR سلبية للضابط قبل يوم واحد من الزيارة، استمر الضابط في رفض دخولها. ونتيجة لذلك، تطالب الوالدة بحقها في زيارة ابنها، حيث أن آخر مرة رأته كانت قبل أكثر من ثلاث سنوات، أي قبل تفشي فيروس كورونا. بالإضافة لذلك، حُرم محمد من حق إجراء مكالمة مرئية مع والدته منذ يوليو 2023.
في أغسطس 2023، شارك محمد في إضراب جماعي عن الطعام مع أكثر من 800 معتقل في سجن جو، احتجاجًا على ظروف سجنهم القاسية. ونتيجة لذلك، انخفض مستوى السكر في الدّم لديه.
إنّ الاعتقال التعسفي لمحمد عندما كان قاصرًا وحرمانه من الاتصال بمحام خلال مدّة الاستجواب والتعذيب والحبس الانفرادي والاختفاء القسري والحرمان من الزيارات العائلية والمكالمات المرئية مع عائلته والحرمان من التعليم ونقص الغذاء المناسب ومحدودية الوصول إلى المياه وتقييد حقه في الصلاة، إلى جانب المحاكمة غير العادلة والتعرض للأعمال الانتقامية والإهمال الطبي يُعد انتهاكًا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT) واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تُعدّ البحرين طرفًا فيهم.
لذلك، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) البحرين إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال إطلاق سراح محمد فورًا وبدون قيد أو شرط. كما تدعو المنظمة إلى إجراء تحقيق شامل في جميع مزاعم اعتقاله التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والمحاكمة غير العادلة والحبس الانفرادي والاختفاء القسري والحرمان من الزيارات العائلية والتعليم والصلاة والغذاء الكافي والحصول على المياه والإهمال الطبي. وتطالب بتعويض محمد ومحاسبة الجناة، أو على الأقل إعادة محاكمة عادلة تؤدي إلى إطلاق سراحه. وتحث ADHRB البحرين على السماح لمحمد بتلقي الزيارات العائلية، ولا سيما من والدته التي لم تتمكن من زيارته منذ أكثر من ثلاث سنوات. كما تدعو إلى السماح له بإجراء مكالمات فيديو مع عائلته ومتابعة التعليم الجامعي والحصول على طعام صحي. بالإضافة لذلك، تصر المنظمة على أن توفر البحرين العلاج الطبي المناسب لمحمد، وتحمل الدولة مسؤولية أي تدهور إضافي في حالته الصحية.