ملفات الإضطهاد: عبدالله محمد الدرازي

اعتُقل المواطن السعودي البالغ من العمر 18 عامًا، عبدالله محمد الدرازي، من منطقة القطيف في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية بدون مذكرة توقيف أثناء سيره بمفرده في 27 أغسطس 2014. وقد تضمّن اعتقاله عدّة انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري والحبس الانفرادي والمحاكمة غير العادلة، وحُكم عليه بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة تتعلق بحرية التعبير عندما كان قاصراً. وهو محتجز حالياً في سجن المباحث العامة في الدمام، بانتظار تنفيذ حكم الإعدام، بعد أن أيّدت المحكمة العليا السعودية الحكم الصادر بحقه في 8 أغسطس 2022؛ مما يعني إمكانية إعدامه في أي وقت من دون إشعار مسبق، وهو ما يُعتبر انتهاكًا واضحًا لقواعد اتفاقية حقوق الطفل، على الرغم من الأمر الملكي السعودي الصادر عام 2020 الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام للمتهمين الأطفال. وفي 16 أكتوبر 2023، أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام بإجراءات موجزة أو خارج نطاق القضاء أو تعسفاً، بياناً صحفياً حثّ فيه “القضاء السعودي والمؤسسات الأخرى في المملكة العربية السعودية على ضمان عدم تنفيذ إعدام عبدالله الدرازي”.

في 27 أغسطس 2014، بينما كان عبدالله يسير بمفرده في الشارع، قبض عليه ضباط الأمن السعوديون وضربوه واعتقلوه من دون إبراز مذكرة اعتقال. وبعد نقله إلى مركز شرطة تاروت ومن ثم سجن القطيف، نُقل إلى مركز المباحث العامة في الدمام بعد ستة أشهر من اعتقاله. اختفى عبدالله قسرياً لمدة ثلاثة أشهر وتعرّض للحبس الانفرادي لمدة ستة أشهر تقريباً حيث تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي. وتسبّب ضباط السجن بحروق شديدة حول عينه وكسروا أسنانه وأصابوا ركبته أثناء تقييده لفترة طويلة. وبسبب التعذيب القاسي الذي تعرض له، عانى إصابة خطيرة في الأذن وأدخل المستشفى حيث أمضى أسبوعين في الغيبوبة. وتحت هذا التعذيب الوحشي، أُجبر عبدالله على التوقيع على اعتراف كاذب، لم يُسمح له بقراءته، يدعي فيه تورطه مع جماعة إرهابية.

بعد ثلاث سنوات من الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والحبس الانفرادي، بدأت محاكمة عبدالله  أمام المحكمة الجنائية السعودية المتخصصة في أغسطس 2017. وذكر خلال المحاكمة تفاصيل التعذيب الذي تعرض له خلال فترة التحقيق، مما اضطره إلى التوقيع على اعتراف كاذب مكتوب مسبقًا ولم يُسمح له بقراءته. كما تقدم بطلبات عدّة للمحكمة بغية قبول سجلاته الطبية التي تظهر أدلة على دخوله المستشفى بسبب التعذيب الذي تعرض له لإكراهه على الاعتراف، إلا أنّ المحكمة تجاهلتها وحرمته من التمثيل القانوني المناسب، إذ إنها لم تعين له محامٍ للتوكل عنه، مما دفع والده الذي يعمل في قطاع صيد الأسماك ولا يحظى بأي تدريب قانوني، أن يمثله في محاكمته أمام المحكمة الجنائية المتخصصة وذلك لأن أسرته لا تستطيع تحمل تكاليف توكيل محامٍ خاص.

استندت محاكمة عبدالله على اعترافه المنتزع بالإكراه فقط، إذ إنّها لم تقدّم أي دليل آخر على تورطه المزعوم في الجرائم المتهم بها. إضافةً إلى أنّ جميع هذه الجرائم المزعومة لا تندرج تحت فئة الجرائم الأكثر خطورة. وبناء على ذلك، أدين عبدالله بالتهم التالية: 1) الاشتراك في تكوين خلية إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي في البلاد واستهداف رجال الأمن، 2) المشاركة في المظاهرات والمسيرات، 3) الاعتداء على الممتلكات العامة وإتلافها والقيام بأعمال التخريب والفوضى وإعاقة الطريق والسعي لإحداث الفتنة والفرقة والانقسام في البلاد، 4) الاعتداء على رجال الأمن عبر رميهم بالزجاجات الحارقة (الملتوف)، 5) تعطيل الطريق على المارة بحرق الإطارات،6)  ترديد الهتافات المناوئة للدولة، و7) المشاركة في تشييع أحمد المطر وتوزيع الماء أثناء ذلك، وتنظيم التشييع. كذلك بالغت المحكمة في تلفيق اتهامات لم تكن مدرجة في دفاتر التحقيق والأقوال المنتزعة تحت التعذيب، التي لم يذكر فيها عبدالله تشكيل خلية إرهابية. وعلى الرغم من أن جميع هذه الجرائم المزعومة حدثت قبل أن يبلغ عبدالله الثمانية عشر عاماً، باستثناء تهمة واحدة تتعلق بالأنشطة المتعلقة بالتظاهر السلمي والتي جرت في مايو 2014، عندما كان عبد الله يبلغ ثمانية عشر عاماً، حكمت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة بالإعدام في فبراير 2018.

وعلى الرغم من الأمر الملكي الصادر عن الملك السعودي سلمان عام 2020 بإلغاء عقوبة الإعدام للمتهمين الأطفال، وتصريح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع “ذا أتلانتيك” في 3 مارس 2022 بأن عقوبة الإعدام قد ألغيت باستثناء التهم المتعلقة بالقتل، إلا أن محكمة الاستئناف أيدت حكم الإعدام الصادر بحق عبدالله في 8 أغسطس 2022 ورفضت استئنافه، متجاهلة الحماية المنصوص عليها في الأمر الملكي لعام 2020 للقاصرين في المملكة العربية السعودية بسبب الجرائم التقديرية (التعزير)، التي تنطوي على التهم الموجهة ضد عبدالله. والجدير بالذكر أن الجرائم المزعومة كانت مرتبطة بالاحتجاج ولم تتضمن جرائم تعتبر من الأكثر خطورة، مثل القتل. استأنف عبدالله الحكم الصادر بحقه أمام المحكمة العليا السعودية، وفي أكتوبر 2023، أيدت المحكمة العليا حكم الإعدام، مما يعني إمكانية إعدامه في أي لحظة .

في 16 أكتوبر 2023، أصدر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام بإجراءات موجزة أو خارج القضاء أو تعسفاً، بياناً صحفياً أعرب فيه عن قلقه إزاء الإعدام الوشيك لعبدالله الدرازي، الذي كان طفلاً عندما زُعم أنه ارتكب جريمته، وحث “القضاء السعودي والمؤسسات الأخرى في المملكة العربية السعودية لضمان عدم تنفيذ حكم الإعدام في حقه”. وأضاف أن “نظام الأحداث لا يشمل أحكام الإعدام الإلزامية والجزائية، مما يسمح بإعدام الأطفال المحكوم عليهم وفق أحكام نظام الشريعة” – أي وفق التفسير السعودي للشريعة. وعليه، دعا السعودية إلى “نشر نص الأمر الملكي لعام 2020 وتنفيذه على جميع المتهمين الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً مهما كانت جريمتهم”. وكانت منظمة ريبريف بالتعاون مع منظمات أخرى،قد عملت على هذه القضية وساهمت في تحريكها وتسليط الضوء عليها، وحذرت من خطورة إقدام السعودية على تنفيذ حكم الإعدام بحق عبدالله في أي وقت.

إن اعتقال عبدالله دون أمر توقيف، وتعذيبه، واختفاءه القسري، و حبسه الانفرادي، ومحاكمته غير العادلة تتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي تعد المملكة العربية السعودية طرفاً فيها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانتهاكات التي تعرض لها رغم كونه قاصراً تنتهك اتفاقية حقوق الطفل.

على هذا النحو، تسلط منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) الضوء على الخطر الوشيك بإعدام عبدالله وطفلين آخرين على الأقل في المملكة العربية السعودية بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. كما تدعو ADHRB المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية والضغط على الحكومة السعودية لإلغاء أحكام الإعدام المفروضة على جميع القاصرين في المملكة العربية السعودية. علاوة على ذلك، تحث المنظمة السلطات السعودية على إطلاق سراح عبدالله فورًا، في ظل غياب محاكمة عادلة وإجراءات قانونية مناسبة. كما تطالب المنظمة بفتح تحقيق في مزاعم التعذيب والاختفاء القسري والحبس الانفرادي وسوء المعاملة، وإلى محاسبة الجناة وتعويضه عن الانتهاكات التي تعرض لها، أو على أقل تقدير إجراء إعادة محاكمة عادلة وصولًا الى إطلاق سراحه.