عبد الله عيسى عبد الله المحروس هو عالم دين بحريني بارز معروف بإسم الشيخ ميرزا المحروس، اعتقل عام 2011 بسبب نشاطه السياسي. وتعرض لانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والمحاكمة الجائرة، ووجهت إليه تهم في عدة قضايا. يقضي حاليًا عقوبته في سجن جو.
اعتُقل الشيخ ميرزا لأول مرة في أغسطس 2010 بعد أن قامت السلطات بتلفيق التهم الموجهة إليه في قضية عُرفت بإسم “قضية الخلية الإرهابية”. تعرض للتعذيب الوحشي في سجن القلعة من قبل ضباط جهاز الأمن الوطني. ثم نُقل بعد ذلك إلى سجن الحوض الجاف حيث استمر التعذيب قرابة ستة أشهر. في 23 فبراير 2011، تم الإفراج عنه، ليتم اعتقاله بعد 20 يومًا بالتهم الملفقة ذاتها التي لم تتمكن الحكومة من العثور على أدلة مقنعة عليها.
في 17 مارس 2011، اقتحمت قوات الأمن الوطني وقوات من وزارة الداخلية منزل الشيخ ميرزا، حيث حطموا الأبواب وألحقوا أضرارًا ببعض مقتنيات الأسرة. خلال المداهمة، مزقت القوات الصور العائلية والكتب في غرفة المعيشة وألقت بها، كما صادروا الأموال والوثائق الشخصية والهواتف المحمولة والكتب.
في 1 أبريل 2011، اعتقل الشيخ ميرزا من منزله من قبل قوات أمنية ملثمة من وزارة الداخلية دون مذكرة تفتيش أو توقيف. كانت يداه مقيدتان، وعيناه معصوبتان، وتعرض للضرب والركل في جميع أنحاء جسده خلال نقله إلى مقر جهاز الأمن الوطني في القلعة في المنامة والذي استغرق 30 دقيقة. بمجرد وصولهم، ظل الشيخ ميرزا في القبو لمدة ستة أيام، كان خلالها معصوب العينين وتحت حراسة مستمرة. اختفى الشيخ ميرزا لمدة شهر تعرض خلالها لكافة أشكال التعذيب والانتهاكات.
خلال احتجازه في القلعة، أخرج الشيخ ميرزا من القبو إلى ممر ضيق مع معتقلين آخرين، حيث تعرضوا جميعًا للتعذيب واحدًا تلو الآخر. قام أربعة إلى خمسة رجال أمن بضرب الشيخ المحروس بالعصي والأنابيب في جميع أنحاء جسده. عندما أغمي عليه عدة مرات من الألم، ألقاه رجال الأمن أرضًا وركلوه بشكل متكرر. هددت قوات الأمن باغتصاب وقتل الشيخ ميرزا وتم تعليقه وضربه على جميع أنحاء جسده، وتزامناً مع ذلك قيد رجال الأمن يديه وجردوه من ملابسه. كما تعرض للاعتداء الجنسي وأُجبر على الوقوف لعدة ساعات حيث تعرض للضرب بسبب تحركه. واجه الشيخ المحروس صعوبة في النوم بسبب التعذيب المستمر. بالإضافة إلى ذلك، أساء الضباط إليه لفظيًا، وأهانوا معتقداته الدينية.
بعد ستة أيام، نُقل الشيخ ميرز إلى سجن عسكري في البحرين. كذب عليه الضباط وقالوا له إنه سيرسل إلى السعودية ليتم إعدامه، لذلك اعتقد أنه كان متواجدًا في السعودية لمدة شهرين. تعرض الشيخ المحروس للتعذيب مرة أخرى في السجن العسكري. وضُرب بأنابيب بلاستيكية على رأسه وجميع أنحاء جسده. قامت قوات الأمن بإلقاء الماء البارد عليه وعلى رأسه، وخفض درجة حرارة جهاز التكييف إلى درجات حرارة شديدة البرودة، وأجبرته أحيانًا على الاستلقاء في مستنقع المياه المتكون في الزنزانة.
بالإضافة إلى ذلك، أُجبر الشيخ المحروس على الاستلقاء على الأرض ووجهه للأسفل، وخلال تلك الفترة كان الضباط يدوسون على وجهه وجانبيه ويجبرونه على تقبيل أحذية جميع الحراس. طوال فترة الاستجواب بأكملها، لم يُسمح لمحاميه بالحضور وانفصل تمامًا عن العالم الخارجي.
يعاني الشيخ ميرزا المحروس من مرض السكري، وتدهورت فاقمت حالته بسبب سوء التغذية والضغط النفسي بسبب المعسكر. كما توقف رجال الأمن عن إعطائه دوائه الخاص بمرض القولون الذي تسبب له في نزيف داخلي. كما أصيب بإرهاق شديد وصداع نتيجة التعذيب والضرب والتهديد له كلما طلب الدواء. نتيجة التعذيب يعاني الشيخ المحروس من نزيف داخلي ناتج عن الركل والدوس على بطنه، وآلام شديدة في الظهر والفخذين بسبب الوقوف لفترات طويلة، ودوخة وفقدان التوازن من الضرب على الرأس بشكل متكرر، وضعف بصره وضبابية الرؤية بسبب اصابته بضربة في عينه، وفقدان الإحساس وتنميل في يديه.
بعد قضائه مدة في السجن، اقتيد الشيخ المحروس إلى النيابة العسكرية وتم تهديده بالتعذيب إذا تحدث عن المعاملة التي تلقاها في السجن. أثناء التحقيق في النيابة العسكرية، ظلّ المحقق يصرخ عليه باستمرار وهدده بالإعدام، كما اتهمه بعدة تهم اختلقها جهاز الأمن الوطني وأجبره على التوقيع على المحضر الذي كتبه.
بعد شهرين في السجن العسكري، مَثل الشيخ ميرزا المحروس أمام محكمة السلامة الوطنية، وهي محكمة عسكرية مدنية مختلطة. وهناك التقى الشيخ المحروس بعائلته ومحاميه لأول مرة منذ اعتقاله. ووجهت إليه تهمة التخطيط لإسقاط النظام، وإنشاء جماعة غير مشروعة، والتجسس لصالح دولة أجنبية، والتحريض على كراهية النظام، وتعطيل النظام العام، والعمل على تغيير الدستور. في 22 يونيو 2011 حكمت المحكمة على عبد الله بالسجن 15 سنة. وقد رُفض استئنافه وأيدت محكمة التمييز الحكم الصادر ضده.
نُقل بعد ذلك إلى سجن القرين العسكري. والجدير بالذكر أنه في يوم النطق بالحكم اعتدى الضباط على المتهمين ومن بينهم الشيخ المحروس بعد أن هتفوا من أجل إطلاق سراحهم. تم تقديم شكوى للنيابة العسكرية بخصوص التعذيب والضرب الذي حصل داخل المبنى القضائي، لكن الشكوى رُفضت لعدم كفاية الأدلة.
منذ ما يقارب الأربع سنوات، يعاني الشيخ ميرزا المحروس من ألم شديد ناتج عن حالة القولون لديه. ساءت حالته بمرور الوقت، واستمر الألم في الازدياد. ترفض إدارة السجن توفير العلاج اللازم له. قال الشيخ المحروس مرارًا وتكرارًا لأطباء عيادة السجن إن حالته تتطلب فحصًا وعلاجًا من قبل طبيب متخصص؛ ومع ذلك، لا يحصل إلا على المسكنات، دون إحالته إلى طبيب مختص. أرسل الشيخ المحروس وعائلته عدة رسائل إلى الأمانة العامة للتظلمات وإدارة السجن مطالبين بنقله إلى المستشفى حيث يمكن فحصه من قبل طبيب متخصص، لكن طلباته كانت تقابل بالرفض دائمًا. كما قام الشيخ المحروس بعدة إضرابات عن الطعام في محاولة لتلقي العلاج المناسب. ومع ذلك، فإن إدارة السجن لم تقم بأي ردة فعل.
في 29 أغسطس 2019، جاءت أسرة الشيخ ميرزا المحروس لزيارته في السجن، فأخبرهم أنه مريض للغاية ويعاني من آلام متلازمة القولون العصبي، وأنه لا يستطيع النوم ليلاً بسبب الألم الشديد. تم إرساله إلى عيادة السجن حيث تم إعطاؤه المسكنات فقط مجددا، كما وجد طبيب العيادة جرح في القولون وطلب إجراء تنظير داخلي للتعرف عليه. بعد أن تم نقله لإجراء تنظير القولون في مستشفى قوة دفاع البحرين، أخبره الطبيب أن تقرحات ظهرت في القولون، ويرجع ذلك على الأرجح إلى إهمال إدارة السجن في معالجة مشاكله الصحية. تم نقل الشيخ المحروس إلى مستشفى قوة دفاع البحرين مرة أخرى، حيث كان لديه موعد مع أخصائي. ومع ذلك، وعلى الرغم من الانتظار لعدة ساعات وهو مقيد اليدين ومقيّد بالأغلال، لم يره الأخصائي.
حتى يومنا هذا، لا يزال الشيخ ميرزا المحروس يواجه سوء المعاملة في السجن. ولا يُسمح له بمقابلة ابنه الموجود في نفس السجن الذي يحتجز فيه، كما يُحرم أحيانًا من الاتصال بأسرته. خضع الشيخ المحروس لعملية جراحية لحالته بسبب القولون، لكنها لم تنجح بسبب امتناع السلطات عن أخذه إلى الطبيب للمتابعة وحرمته من الأدوية اللازمة. تدهورت صحته أكثر فأبلغ إدارة السجن أنه يعاني من ألم في صدره لكنهم أهملوه. ونتيجة لذلك، أصيب بجلطة في القلب في 31 يناير 2023. نُقل إلى مستشفى عوالي للقلب، حيث أجريت له قسطرة، ويتطلب الشيخ المحروس متابعة مستمرة مع أطباء القولون والقلب.
إن إعتقال الشيخ ميرزا المحروس التعسفي والتعذيب والمحاكمة الجائرة تتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما تعد البحرين طرفاً فيها. علاوة على ذلك، فإن سوء المعاملة والإهمال الطبي الذي يواجهه في السجن ينتهك قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا). على ضوء ذلك، تطالب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية بالإفراج الفوري عن الشيخ المحروس، الذي لم يتم منحه محاكمة عادلة وحقوق إجراءات التقاضي السليمة، والتحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة ومحاسبة الجناة. كذلك، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين السلطات البحرينية إلى تزويد الشيخ المحروس بالرعاية الطبية الكافية لمشاكله الصحية المتعددة.