نشر فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً في 15 مارس 2023 بشأن قضية ناجي فتيل، وهو مدافع عن حقوق الإنسان وناشط بحريني اعتقل في عام 2013 وتعرض للتعذيب كما تعرض لانتهاكات حقوق الإنسان لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك المحاكمة غير العادلة وسوء المعاملة. وخلص الفريق العامل والمعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن فتيل، الذي يقضي حالياً عقوبته في سجن جو، محتجز تعسفياً في إطار أربع مواد مختلفة من مواد الفريق العامل، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ودعا الحكومة البحرينية إلى إطلاق سراحه فوراً ودون شروط وإجراء تحقيق نزيه لتحديد هوية مرتكبي الانتهاكات وتحميلهم المسؤولية.
قدمت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD) شكوى إلى الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي وترحب المنظمتان بالرأي الصادر عنه، ويجددان دعواته إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن فتيل. وتود منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أن تعرب عن دعمها الكامل لمطالب الفريق العامل وتثمن قلقه إزاء حالة حقوق الإنسان في البحرين، بما في ذلك حالة فتيل.
وفي ضوء الانتهاكات الجسيمة المرتكبة، أشار فريق الأمم المتحدة إلى الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكبها البحرين ويعتقد الفريق أن السبيل الوحيد لتصحيح وضع فتيل هو الإفراج عنه فوراً وتوفير الرعاية الطبية له. ودعوا أيضا إلى إجراء تحقيق نزيه لتحديد هوية مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم. كما دفعت خطورة الانتهاكات الفريق العامل إلى إحالة قضية فتيل إلى أربعة من مكاتب الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة. وفي نهاية المطاف، دعا الفريق العامل البحرين إلى السماح لمكاتب الإجراءات الخاصة في إجراء زيارات للبحرين للتحقيق في هذه التجاوزات. وللعلم ترفض البحرين منذ سنوات طلب فرق الإجراءات الخاصة بزيارة البحرين.
يشكل الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي إحدى فرق الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ويرسل الفريق العامل، في إطار إجراءاته المعتادة، رسائل ادعاء إلى الحكومات بشأن حالات احتجاز تعسفي موثوقة. ويجوز للفريق العامل أيضاً أن يبت فيما إذا كان احتجاز فرد أو مجموعة يعدّ تعسفياً ومخالفاً للقانون الدولي. يستعرض الفريق العامل قضايا تندرج ضمن خمس مواد من الاحتجاز التعسفي: عندما يتعذر الاحتجاج بأساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرية (المادة الأولى)، عندما يكون الحرمان من الحرية ناتجا عن ممارسة الحق في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة، حرية الفكر وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع وغيرها (المادة الثانية)؛ عندما تكون انتهاكات الحق في محاكمة عادلة شديدة للغاية بحيث يصبح الاحتجاز تعسفياً (المادة الثالثة)؛ والاحتجاز الإداري لفترات طويلة للاجئين طالبي اللجوء (المادة الرابعة) وعندما يكون الاحتجاز تمييزياً على أساس المولد أو الأصل القومي أو الإثني أو الاجتماعي أو اللغة أو الدين أو الحالة الاقتصادية أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو نوع الجنس أو الإعاقة أو أي وضع آخر (المادة الخامسة)، وفي الحكم الحالي، وهو الحكم رقم 65/2022 المعتمد في دورته الخامسة والسبعين، خلص الفريق العامل إلى أن احتجاز فتيل تعسفي في إطار الفئات الأولى (التي تفتقر إلى أساس قانوني يبرر حرمانه من الحرية)، والمادة الثانية (التي تنتهك الحق في حرية التعبير)، والمادة الثالثة (احتجازه تعسفي بسبب الطبيعة غير العادلة لمحاكمتها)، والمادة الخامسة (التمييز على أساس رأيه السياسي).
في 2 مايو 2013، داهم ضباط أمن ملثمين منزل فتيل، بعضهم يرتدي ملابس مدنية، حيث اعتقلوه وصادروا بعض ممتلكات عائلته وإلكترونيات. ولم يُظهروا أي أمر تفتيش أو توقيف، كما أنهم لم يُخبروهم عن سبب توقيفه. هاجم الضباط الملثمون فتيل، وضربوه بشدة وداسوا على رأسه. واقتادوه إلى إدارة التحقيقات الجنائية حيث احتجز في الحبس الانفرادي لمدة يومين.
خلال ذلك الوقت، تعرض فتيل للتعذيب الجسدي والنفسي الشديد بما في ذلك الركل والصفع والضرب في جميع أنحاء جسمه، وخاصة أعضائه التناسلية. كما حُرم من الطعام وأُجبر على الوقوف لساعات طويلة. أثناء استجوابه، حرم فتيل من الوصول إلى محاميه. واقتيد إلى النيابة العامة في 6 مايو 2013، حيث أصر على حضور محام. غير أن المدعي العام رفض ذلك وأعاده إلى إدارة التحقيقات الجنائية حيث تعرض للتعذيب مرة أخرى. ونتيجة للتعذيب الشديد، فقد وعيه مرتين أثناء الاستجوابات، ونُقل إلى مستشفى القلعة. وفي وقت لاحق، اقتيد مرة أخرى إلى النيابة العامة حيث أجبر على التوقيع على اعترافات بشأن القضيتين اللتين اتهم فيهما. الأولى تتعلق بالتجمهر غير القانوني، في حين أن القضية الثانية تتعلق بتشكيل مجموعة تسمى “ائتلاف 14 فبراير”، والتي اتهم بها بموجب قانون الإرهاب الغامض. وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر في القضية الأولى و15 عاما في الثانية. وأيدت محكمتا الاستئناف والتمييز كلا الحكمين. كما اتهم فتيل في قضية ثالثة في أعقاب أعمال الشغب في سجن جو في 11 مارس 2015، بسبب القيود التي تفرضها السلطات. حكم على فتيل بالسجن لمدة 15 عاما لهذه القضية التي تم تخفيضها إلى 10 سنوات بعد الاستئناف.
بين عامي 2013 و 2016، أدين فتيل في ثلاث قضايا منفصلة وحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاما وستة أشهر. وطوال تلك الفترة وحتى وقت قريب، حرم فتيل مرارًا وتكرارًا من الرعاية الطبية وقام بإضرابات متعددة عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة التي تعرض لها في سجن جو.
وذكّر الفريق العامل بأن القانون الدولي يوجب الحق في تقديم مذكرة عند إلقاء القبض عليه، وبما أنه قد ثبت وجود دعوى ظاهرة تتعلق بخرق القانون الدولي وتشكل احتجازاً تعسفياً، فإن عبء الإثبات يقع على الحكومة لنفي هذه الادعاءات. في حين أن الحكومة تذكر أنه تم إصدار مذكرة اعتقال، فإنها لم تذكر أنه تم تقديم المذكرة. وعلاوة على ذلك، أُبلِغ بسبب توقيفه. إذن، فشلت الحكومة البحرينية في وضع أساس قانوني للقبض على (فتيل). ولاحظ الفريق العامل التشابه في الحالات الأخيرة المتعلقة بالبحرين، حيث لم تقدم الحكومة مراراً وتكراراً أمراً بالقبض عليه أثناء الاعتقال ولم تذكر السبب.
ويشير الفريق أيضاً إلى أنه لم يُعرض فوراً على أحد القضاة. والوقت اللازم لإحضار المحتجز أمام قاضٍ هو 48 ساعة، وينبغي تبرير أي تأخير. ومع ذلك، تم إحضار فتيل إلى مكتب المدعي العام، وهو هيئة ادعاء وليس سلطة قضائية، بعد أربعة أيام من اعتقاله.
وعلاوة على ذلك، وبما أن فتيل احتجز في الحبس الانفرادي لمدة يومين بعد اعتقاله في حين أن عائلته لم تكن على علم بمكان وجوده، وبما أن الحكومة لم ترد على هذه الادعاءات، وجد الفريق أن فتيل تعرض للاختفاء القسري وفي ذلك انتهاك صارخ للقانون الدولي. كما احتُجز في الحبس الانفرادي لمدة 34 يوماً، في الفترة ما بين 10 مارس إلى 12 أبريل 2015، عقب أعمال الشغب التي وقعت في السجن.