في 16 فبراير 2023، نشر ثلاثة من مكاتب الإجراءات الخاصّة للأمم المتّحدة على موقعها الرسمي رسالة ادّعاء موجّهة إلى السّلطات البحرينيّة بشأن اعتقال أربعة أفراد بحرينيّين ومن بينهم ثلاثة قاصرين وناشط في مجال حقوق الإنسان وذلك لمشاركتهم في تظاهرات سلميّة مناهضة للتطبيع في منطقة عالي في أكتوبر 2021. اعتُقل كلٌّ من يوسف أحمد حسن كاظم وجعفر حبيب كاظم وسيد علي مكّي حسن وحسين عرفات مكّي نيسر من دون مذكّرة توقيف وحرموا من حقّهم في محاكمة عادلة لممارستهم حقّهم في المشاركة في التظاهرات السّلميّة. وفي 31 مايو 2022 حكم على كلّ منهم بالسّجن لمدّة عام وبدفع غرامة مالية تبلغ قيمتها خمسمائة دينار بحرينيّ.
جاءت رسالة الادعاء تلك عقب شكوى رفعتها منظّمة أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين، وهي تشكّل مصدر المعلومات وذلك عبر برنامج شكاوى الأمم المتّحدة الخاص بها، لمكاتب الإجراءات الخاصّة. ترحب المنظمة بتعليقات مكاتب الإجراءات الخاصّة وتشدد على ما طالبت به الأخيرة السلطات البحرينيّة للوفاء بالتزاماتها الدّوليّة واحترام حقوق الإنسان الخاصّة بكلّ فرد في البحرين بمن في ذلك الأطفال والمدافعين عن حقوق الإنسان.
تمّ توقيع رسالة الادّعاء هذه الّتي أُرسلت في 16 ديسمبر 2022 من قبل كل من المقرر الخاص المعنيّ بالحق في حرية التجمع السلميّ وتكوين الجمعيات، والمقرر الخاص المعنيّ بحريّة الرّأي والتعبير، والمقرر الخاص المعنيّ بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، الّذين سلطوا الضوء على حالات الأفراد الأربعة وأعربوا عن قلقهم إزاء الادّعاءات التي تشكّل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وكنتيجة لذلك، طالبت الرّسالة الحكومة البحرينيّة بتوفير المزيد من المعلومات للإجابة على الادّعاءات. وبينت الرسالة القلق الشديد إزاء حقيقة أنّ ثلاثة من الموقوفين هم قاصرون يتعرضون لسوء المعاملة. لذلك ناشد المقررون الخاصون السلطات البحرينيّة لإيقاف تلك الانتهاكات ولمحاسبة الجناة وفقًا للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة التي تشير إليها في النهاية.
وسلّطت الرسالة الضوء على الأحداث الّتي تلت اعتقال الأفراد الأربعة. فجميعهم، ما عدا يوسف كاظم، كانوا قاصرين عند توقيفهم وتمّ إلقاء القبض عليهم من دون مذكّرة توقيف. حكم عليهم غيابيًّا لمشاركتهم في تظاهرات سلميّة مناهضة للتطبيع مع إسرائيل فلذلك لم يحصلوا على الوقت والتّسهيلات الكافية للتحضير للمحاكمات ممّا حرمهم من حقّهم في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. إضافة إلى ذلك، منع الأربعة من حقّهم في تعيين محامي خلال فترة التّحقيقات وتمّ استجواب القاصرين الثلاث من دون حضور وليّ أمر. وفي 31 مايو 2022، حكم عليهم جميعًا بالتّجمع غير القانوني وبامتلاك مواد متفجّرة فصدر بحقّهم حكمًا بالسّجن لمدّة عام وبدفع غرامة ماليّة قدرها خمسمائة دينار بحرينيّ. أيّدت محكمة الاستئناف الحكم الصّادر بحقّ يوسف كاظم وقلّصت عقوبة سجن القاصرين الثلاث إلى ثلاثة أشهر والغرامة من خمسمائة إلى مئة وعشر دينار. وفي ديسمبر 2022، تمّ الإفراج عن فردين اثنين في حين تم الإفراج عن الإثنين الآخرين فيما بعد.
وفي رسالة الادّعاء ذكر المقررون الخاصون ما يلي:
“… نودّ أنّ نعبّر عن مخاوفنا الشديدة إزاء الاعتقال التّعسّفيّ وإدانة السيّد يوسف أحمد حسن كاظم، والسّيّد
...
، والسيّد سيد علي مصطفى مجيد مكّي، والسّيّد...
بتهمة قد تتصّل مباشرة بممارستهم حقوقهم القانونية في حريّة التّعبير والتّجمّع السلميّ. إضافة إلى ذلك، نودّ أن نعرب عن قلقنا بشأن الانتهاكات بحقّ السّيّد يوسف أحمد حسن كاظم، والسّيّد...،
والسّيّد سيد علي مصطفى مجيد مكّي والسيّد...
في المحاكمة العادلة والاجراءات القانونيّة. فقد صدرت الأحكام بالإدانة غيابيًا الأمر الذي منع المحامين من إعداد دفاع قضائي ملائم وفقًا للقواعد والمعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمة العادلة.كما ونودّ أن نعبّر عن قلقنا الشّديد في ما يخصّ اعتقال القاصرين… من دون مذكّرة توقيف أو ذكر سبب الاعتقال على الرّغم من سنّهم إضافة إلى منعهم من حقّهم في الاستفادة من حضور وليّ أمرهم أو مستشار قانونيّ أثناء التّحقيق”.
وجاء مرفقًا مع الرّسالة جميع الاتّفاقيّات والأحكام الدّولية ذات الصّلة الّتي تذكّر الحكومة البحرينيّة بضرورة التزامها بالامتثال لهذه القوانين. وبحسب مكاتب الإجراءات الثلاث، إذا تمّ تأكيد هذه الحقائق ستكون البحرين قد انتهكت المواد 9، 14، 19، 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) والمادتين 37 و40 من اتّفاقيّة حقوق الطفل، كلاهما سبق أن صادقت عليهما البحرين. فأوّلًا، تضمن المادّة 19 من العهد الّدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة حقّ الفرد بألّا يحرم تعسّفيًّا من حقّه في الحريّة وتضمن المادّة 14 من العهد نفسه حقّ الفرد بالمحاكمة العادلة. وثانيًا، تضمن المادّة 19 من الـ ICCRP الحقّ في حريّة الرّأي وفي التّعبير بما في ذلك من حوارات سياسيّة. وقد ورد في الرسالة أنه بموجب هذه المادة نفسها، تتحمل الدول عبء الإثبات لتؤكّد على أن أيّة قيود مفروضة على هذه الحقوق متوافقة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. بالإضافة، تضمن كلًّا من المادتين 21 و22 من العهد حقّ التّجمع السّلميّ والحقّ في حريّة تكوين الجمعيّات على التّوالي. لذلك على الدّول احترام هذه الحقوق والتّأكّد من أنّ الجميع يتمتّع بها من دون استثناء. وفيما يخصّ اتّفاقيّة حقوق الطّفل، حدّدت المقرّرات أنّ الاتّفاقيّة تضمن حقّ الطّفل في الحماية من الاعتقال بما في ذلك حقّه في حضور وليّ أمره. وقد أشارت رسالة الإدعاء أيضًا إلى إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان لا سيما المواد 6 و9 و12 الّتي تحمي الحقّ في تكوين الجمعيّات والحريّات الأساسية وذلك لأنّ أحد الأفراد المعتقلين هو ناشط في مجال حقوق الإنسان.
تؤيّد منظّمة أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين رسالة الادّعاء الّتي وجّهتها مكاتب الإجراءات الخاصّة للأمم المتّحدة وتردّد المخاوف الّتي عبّرت عنها الأخيرة في شأن الاعتقالات من دون مذكّرات توقيف والمحاكمات الجائرة للأفراد الأربعة ومن بينهم ثلاثة قاصرين. وبما أنّ أحد الأفراد هو ناشط في مجال حقوق الإنسان، تكرّر منظّمة ADHRB تعبير مكاتب الإجراءات الخاصّة للأمم المتّحدة عن مخاوفها إزاء استهداف البحرين للنّاشطين المدافعين عن حقوق الإنسان بينما يمارسون حقّهم في حريّة التّعبير. وعلى ضوء هذه الممارسات الجائرة وغير القانونيّة، تدعو منظّمة ADHRB السّلطات البحرينيّة للتّعويض عن الأفراد الأربعة الّذين تمّ الإفراج عنهم لما عانوه من انتهاكات. وأخيرًا، نطالب البحرين بمحاسبة الجناة لما اقترفوه من انتهاكات ووضع حدّ للإفلات من العقاب.