تزامناً مع ذكرى انطلاق الحراك الديمقراطي في البحرين في 14 فبراير 2011، تطلق منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين حملة تحت عنوان “حاكموه” تدين فيها بشكل مباشر وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة بصفته المسؤول الرئيسي عن الإنتهاكات المروعة لحقوق الإنسان بحق السجناء السياسيين، وذلك من خلال تسليط الضوء على قضايا 6 سجناء سياسيين وسجناء رأي من بينهم قادة المعارضة. هم أبرز مثال لمئات الضحايا البحرينيين الذين تعرضوا لأسوأ أنواع التعذيب، وخضعوا لإجراءات المحاكمات الجائرة، وغيرها من الانتهاكات المروّعة التي اعتبرتها مكاتب الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة أنها قد تشكل جرائم ضد الانسانية، كل ذلك تحت إشراف وموافقة بل – في بعض الأحيان- بحضور وزير الداخلية الذي بقي محافظا على منصبه من دون أن يتم مساءلته أو محاكمته محليا أو دوليا!
والسجناء السياسيون الست هم: المدافع عن حقوق الإنسان الدكتور عبد الجليل السنكيس، القيادي البارز في المعارضة الأستاذ حسن مشيمع، المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة، الأمين العام السابق لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، الناشط الحقوقي ناجي فتيل، وسجين الرأي علي حسن العرادي.
ينبثق شعار الحملة “حاكموه” من مطالباتنا الصريحة الموجهة للمجتمع الدولي بـ:
- ممارسة الضغوط لعزل وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب
- أن تتخذ الدول الأوروبية والولايات المتحدة قراراً بمنعه من السفر لزيارة دولهم
- أن يقطع السلك الدبلوماسي الأمريكي والأوروبي المتواجد في البحرين علاقته بوزير الداخلية
- أن تتم معاقبته بموجب قانون “ماغنتسكي“ الذي تطبقه الولايات المتحدة الأمريكية والذي تم تبنيه أيضاً من قبل المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي ودول أخرى بحق مرتكبي جرائم تنتهك حقوق الإنسان، وذلك على غرار العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بحق 19 سعودياً عام 2018 و 2021 لتورطهم بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ويشمل قانون ماغنتسكي بالحد الأدنى الاعتداءات التالية: القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والإعتقال المطول دون توجيه اتهامات أو محاكمة والتسبب في اختفاء اشخاص عن طريق اختطاف والاحتجاز السري، وأشكال أخرى لحرمان الأشخاص بشكل صارخ من الحق في الحياة أو الحرية أو ذالأمان. ويشمل أيضا أعمال العنف الجسدي ضد الضحايا، مثل الإغتصاب والعنف الجنسي والاتجار بالبشر والاختطاف والاختفاء القسري وأشكال أخرى من الاحتجاز التعسفي.
- أن تتم معاقبته بموجب “الولاية القضائية العالمية“ التي تتيح لعدد من الدول التي تطبقه من بينها المملكة المتحدة والأرجنتين والنمسا وبلجيكا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد وسويسرا وهولندا وغيرها، مقاضاة مسؤولين رسميين وأشخاص متورطين بجرائم تعذيب في بلد آخر، فتتم محاكمتهم إذا تم رفع شكوى ضدهم. ففي 26 نوفمبر عام 2018 قدمت هيومن رايتس ووتش طلبا أمام مدعٍ اتحادي أرجنتيني، يتضمّن استنتاجاتها حول انتهاكات مزعومة للقانون الدولي ارتُكبت خلال الحرب على اليمن، وتحمّل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المسؤولية الجنائية عنها كوزير للدفاع. يسلط الطلب الضوء أيضا على تورطه في مزاعم خطيرة تتعلق بتعذيب وإساءة معاملة مواطنين سعوديين، من ضمنها مقتل الصحافي جمال خاشقجي. وبذلك بدأت السلطات القضائية الأرجنتينية في ذلك اليوم النظر في مذكرة ضد محمد بن سلمان، وذلك كان بالتزامن مع زيارته الأرجنتين لحضور قمة العشرين في 30 نوفمبر 2018. كذلك أجرت السلطات الألمانية والسويدية والبلجيكية محاكمات مؤخراً ضد مسؤولين رسميين من بلدان آسيوية بعد اتهامهم بجرائم تعذيب في بلادهم، وجرائم خطيرة ضد القانون الدولي وذلك ، بموجب تطبيق القضاء في البلدان الأوروبية الآنفة الذكر للولاية القضائية العالمية، حيث تحظى بحقها في النظر في جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن مكان وقوعها
- أن تتم معاقبته وفقاً لنظام حقوق الإنسان العالمي التابع للاتحاد الأوروبي الذي يستهدف الأفراد والهيئات المسؤولة عن الانتهاكات أو التجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان أو المتورطين فيها وكذلك الأفراد والهيئات المرتبطة بهم مثل جرائم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة. كما يمكن أن يستهدف الجهات الحكومية وغير الحكومية. وبالتالي، يمكن منع الجناة وشركائهم من دخول الاتحاد الأوروبي، وتجميد أصولهم في الاتحاد الأوروبي، ومنع الأشخاص في الاتحاد الأوروبي من توفير أي أموال وموارد اقتصادية لهم.
وصلت للمنظمة شهادات من سجناء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان حول مشاركة واشراف وزير الداخلية على مختلف انتهاكات حقوق الانسان منها تعذيب بعضهم في السجون. كما ورد للمنظمة شهادة بأنه قام شخصيا بالتحقيق و تعذيب بعض السجناء:
الدكتور عبد الجليل السنكيس
هو الأستاذ الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية، وهو مدافع بارز عن حقوق اعتقل واحتجز في الحبس الانفرادي في عام 2009، ثم أطلق سراحه بعد ضغوط دولية.
كان أول من وثّق قضايا سجناء الرأي وأرسل الرسائل إلى آليات مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة كما ناشد السياسيين الغربيين فيما يتعلق بالوضع في البحرين.
اعتقل للمرة الثانية في 17 مارس 2011 دون إذن قضائي من قبل قوات تابعة لوزارة الداخلية اقتحمت منزله ودخلت غرفة نومه، وتم توجيه مسدس نحو رأسه ودفعه إلى الأرض.
في سجن القرين تعرض الدكتور السنكيس للتعذيب بشكل يومي. لم يُسمح له بالاستحمام أو تغيير ملابسه لأكثر من 10 أيام، وأُجبر على النوم على الأرض في طقس بارد بينما كان التكييف البارد يعمل طوال الوقت. كما حُرم من العلاج ومن المستلزمات الصحية. وحرم من نظاراته وعكازاته طوال فترة احتجازه في زنزانته، ولم يتم إعطاؤه عكازاته إلا عندما يتم نقله إلى التحقيقات بعد تعصيب عينيه وتغطية رأسه.
خلال التحقيق تعرض للضرب والتهديد والاعتداء الجنسي وللضرب بالهراوات، وخاصة على رأسه. وطوال فترة أسبوعين، لم يتمكن الدكتور السنكيس من الاتصال بأسرته ومحاميه، الذين لم يعرفوا مكان وجوده ، مما يعني أنه اختفى قسريًا. ولم يتمكن من مقابلة محاميه لا قبل جلسات محاكمته ولا بعدها.
في 22 يونيو 2011، حكمت المحكمة العسكرية على الدكتور السنكيس بالسجن المؤبد بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وتم تأييد عقوبته ونُقل إلى سجن جو. واستمرت سلطات السجن بحرمانه من الرعاية الطبية المناسبة، مما تسبب في تدهور حالته الصحية بشكل كبير.
في 8 يوليو 2021، دخل الدكتور السنكيس في إضراب عن الطعام، ومازال مستمرا فيه حتى الآن، وذلك احتجاجًا على المعاملة المهينة التي تعرض لها في السجن كمصادرة الضابط لكتابه الذي قضى أربع سنوات في كتابته عن الثقافة واللغة البحرينية. كما رفض الضابط الاستجابة لطلبات الدكتور السنكيس لإجراء مكالمات هاتفية وتلبية الاحتياجات العاجلة.
تم نقل الدكتور السنكيس إلى مستشفى القلعة في 18 يوليو 2021 بعد تدهور حالته. في 30 يوليو 2021 ، تم نقله إلى مركز كانو الطبي وتتم مراقبة حالته هناك. ومع ذلك، فقد تضاءلت زيارات طبيبه مؤخرًا، حيث لا يتم معاينته الا بعد تدهور صحته. يعاني الدكتور السنكيس من متلازمة شلل الأطفال وفقر الدم المنجلي مع أعراض تشمل الألم المزمن وتنميل الأطراف وضيق التنفس. تتدهور صحته وتتفاقم بسبب ظروفه السابقة. فقد أكثر من 20 كيلوغراماً، وانخفض مستوى السكر في دمه ومع ذلك لا تقدم له السلطات العلاج، ولا تشارك صور التصوير بالرنين المغناطيسي التي كان يخضع لها قبل شهور. كما أنه يعاني من تشوش في الرؤية ولكن لم يتلق أي رد لطلباته بالخضوع لفحص نظر.
الأستاذ حسن مشيمع
كان الأستاذ حسن مشيمع ناشطاً سياسياً بحرينياً وأميناً عاماً لحركة حق. اعتقل في 17 مارس عام 2011 بسبب نشاطه ودوره في الحراك الديمقراطي عام 2011. في تمام الساعة 2 فجراً، أيقظ أبناؤه وبناته بعد أن سمعوا رنين جرس الباب المستمر. قيل له إن قوات الأمن كانت تحيط بالمنزل وعندما فتح الباب وسألهم عما إذا كان لديهم أمر من المحكمة أو مذكرة توقيف لم يردوا. وبعد ذلك دخل العشرات من رجال الأمن الملثمين المنزل وبدأوا بتفتيشه وصادروا جهاز كمبيوتر محمول وكاميرا محمولة وقيدوا يديه واقتادوه في سيارتهم إلى منطقة الصفراء.
بعد إلقاء القبض عليه، بدأ الضباط في ضربه وسبه وإهانة طائفته. واقتيد إلى سجن القرين حيث تعرض للضرب واللكم في جميع أنحاء جسده، وخاصة الرأس والأذنين، وبُصِق عليه ودُفع حتى سقط وجُرح. ثم نُقل إلى الحبس الانفرادي، وهناك عندما استلقى على السرير، قام رجل ملثم بصب الماء البارد عليه أثناء تشغيل المكيف من الرأس إلى أخمص القدمين، ويشار إلى أن الطقس خلال تلك الفترة كان شديد البرودة في البحرين.
طوال فترة الاستجواب، لم يُسمح له بمقابلة محاميه. وحُكم عليه فيما بعد بالسجن 25 عامًا، بسبب نشاطه في الحراك الديمقراطي. وبينما كان يقضي عقوبته في سجن جو، تعرض لأشكال مختلفة من الانتهاكات وسوء المعاملة، والتي شملت سياسات مهينة جديدة مثل تكبيل المعصم والكاحل لزيارة عيادة السجن وأثناء الزيارات العائلية.
حُرم مشيمع باستمرار من الأدوية والفحوصات المنتظمة. ويعاني من أمراض مختلفة منها: السكري وارتفاع ضغط الدم والبروستات والتهاب الأذن والنقرس. وهو أيضًا في حالة تعافي من مرض السرطان ويحتاج إلى فحوصات منتظمة كل ستة أشهر. ومع ذلك، تجاهلت السلطات في كثير من الأحيان ضرورة إجراء الفحوصات. وحتى عند إجراء تلك الفحوصات، تتأخر نتائجها لفترة طويلة على الرغم من أنها تتطلب يومًا واحدًا فقط حتى تصدر نتائجها.
علاوة على ذلك، لم يُسمح له مشيمع أبدًا باستشارة اختصاصي، كما أن أدويته الخاصة بمرض السكري وضغط الدم ، لا تقدم بانتظام، ولم يتم تعديل المسكنات والأدوية الطبية بما يتناسب مع احتياجاته.
في 19 أكتوبر 2020، نقل مشيمع من سجن جو إلى مستشفى قوة دفاع البحرين بعد إصابته بضيق في التنفس نتيجة ضغط دمه. طلب الأطباء أن يعاينه اختصاصي، لكن السلطات أهملت هذا الطلب ولم تحدد موعداً.
بعد ذلك، تدهورت صحته مرة أخرى، وتم نقله مرة أخرى في 11 نوفمبر 2020 إلى مستشفى قوة دفاع البحرين ووضع له جهاز تنفس طارئ، وطلب الأطباء مرة أخرى أن يكشف عليه اختصاصي، وبعد 5 أيام شخص الاختصاصي أن سبب إصابته بضغط الدم المرتفع وضيق التنفس هو ضعف في القلب.
تم نقله إلى المبنى رقم 10 في مارس 2021 وتم عزله هناك بحجة تلقيه الرعاية. وفي مايو 2021، تدهورت صحته بشكل كبير، وظهرت عليه أعراض جديدة بسبب مرض السكري، بما في ذلك تورم غير طبيعي في قدميه مع ظهور بقع سوداء، وتورم كبير في ساقه، وألم شديد في الركبة، وصعوبة في الحركة. تم نقله مرة أخرى إلى مستشفى قوة دفاع البحرين حيث وصفت له الأدوية، وذكر الأطباء أن حالته تتطلب متابعة منتظمة. وأصدرت وزارة الصحة بيانًا كاذبًا جاء فيه أن وضع السيد مشيمع مستقر وخاضع للمراقبة.
في يوليو 2021، تدهورت صحة مشيمع وتم نقله إلى مركز كانو الطبي الذي لا يزال موجوداً فيه. وأظهرت اختباراته ارتفاع نسبة السكر في الدم وضغط الدم بشكل كبير. كما أنه يعاني من تلف غير محدد في كليتيه ومعدته، وكيس في عينه، ومشكلة في عضلة القلب. ومع ذلك، لم يتلق أي علاج، وتفاقمت حالته بسبب قلة الحركة وعدم ملاءمة الطعام الخالي من الخضار والقيمة الغذائية.
في مارس 2022، اندلع جدال بين مشيمع والشرطة في مركز كانو الطبي ونتيجة لذلك اشتكى مشيمع. استُخدم أسلوب الإقامة الطويلة للأستاذ مشيمع في المركز الطبي كذريعة لعزله بدلاً من توفير الرعاية الطبية التي يحتاجها. ووصف إقامته هناك بأنها “حبس انفرادي” حيث حُرم من حقه في الاتصال بأسرته، وكان يطالب بإعادته إلى سجن جو.
عبد الهادي الخواجة
اعتقل المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة الذي يحمل الجنسية الدنماركية أيضاً في 8 أبريل 2011 نتيجة مشاركته في الحراك الديمقراطي في فبراير عام 2011. قام نحو 20 ضابطاً ملثماً ضباط يرتدون ملابس مدنية بمهاجمته وضربوه بعد اقتحام منزل ابنته. جروه من رقبته وألحقوا به العديد من الإصابات، تاركين وراءهم أثرًا من الدماء، كما واعتقل القوات أفراد الأسرة الآخرين.
وبعد اعتقاله، تعرض الخواجة لضربة قاسية على وجهه، مما أدى إلى كسر فكه. ونتيجة لذلك، تم نقله إلى مستشفى قوة دفاع البحرين حيث خضع لعملية جراحية كبيرة في الفك بسبب كسر في أربعة عظام.
نقل الخواجة إلى سجن القرين، حيث احتُجز في الحبس الانفرادي لمدة شهرين. بدأ الضباط بضربه بانتظام بعد ثمانية أيام فقط من الجراحة. وتعرض لأساليب شديدة من التعذيب الجسدي والنفسي، وعندما أضرب عن الطعام احتجاجا على هذه المعاملة، تعرض للتهديد بأنبوب أنفي معِدي. كما تعرض للضرب قبل وبعد الاستجواب على أيدي ملثمين يرتدون ملابس مدنية.
في 22 يونيو 2011، حكمت المحكمة العسكرية على الخواجة بالسجن المؤبد بتهم “تنظيم وإدارة منظمة إرهابية”، “محاولة قلب الحكومة بالقوة وبالارتباط مع منظمة إرهابية تعمل لدولة أجنبية” و “جمع الأموال لجماعة إرهابية”.
في أواخر نوفمبر 2017، اشتكى الخواجة من الإجراءات الصارمة وغير العادلة التي يمارسها الضباط في سجن جو مثل مصادرة جميع الكتب والأوراق والأقلام وأرسل خطابًا إلى وزارة الداخلية. لكن الوزارة تجاهلت هذه الرسالة وانتقمت بحرمانه من الحق في إجراء مكالمات هاتفية حتى 17 ديسمبر 2017.
حُرم السيد الخواجة باستمرار من العلاج الطبي المناسب في سجن جو، على الرغم من تدهور حالته الصحية. أدت الإضرابات المتعددة عن الطعام التي خاضها نتيجة سوء معاملته إلى فقدان وزنه الشديد، وحدوث التهاب في العمود الفقري نتيجة مشاكل المفاصل. وأفاد بأنه لا يستطيع النوم على ظهره لفترة طويلة بسبب الألم، كما أصيب بالعديد من المضاعفات الصحية الأخرى بما في ذلك ضعف البصر الذي ممكن أن يؤدي إلى العمى.
في نوفمبر 2022، حُكم على الخواجة مجددا بأربع تهم مختلفة تتعلق باحتجاجه على الظروف القاسية في السجن. تتعلق التهمة الأولى بحادث وقع في نوفمبر 2021 عندما أنكرت السلطات حقه في الاتصال ببناته، والتهمة الثانية الموجهة إليه هي إهانة موظف عام وانتقاد دولة أجنبية (إسرائيل) في مارس 2022 عندما قاد الخواجة مظاهرة سلمية داخل السجن. التهمة الثالثة هي تهمة التحريض على قلب النظام أو تغييره، يتعلق الأمر بحادث وقع في يوليو 2022 عندما كان من المقرر أن يحضر الخواجة موعدًا طبيًا للعلاج على ظهره أصرت خلاله السلطات على تكبيل قدميه ويديه أثناء النقل ووضعه في حافلة صغيرة بدون تهوية، ورداً على ذلك، بدأ اخواجة في الاحتجاج ضد وزارة الداخلية على سوء معاملته وتعذيبه. وتتعلق التهمة الرابعة والأخيرة بالاحتجاج على سوء معاملة نزيل آخر.
الشيخ علي سلمان
كان الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي، وهي حركة سياسية معارضة، حيث مثلت أكبر كتلة برلمانية في آخر انتخابات مع اندلاع الحراك في البحرين، تم حلها في عام 2016 من قبل السلطات البحرينية.
في 28 ديسمبر 2014، اعتقل الشيخ سلمان بعد طلب استدعاء تلقاه قبل يوم واحد من وزارة الداخلية والتي لم تشر إلى سبب استدعائه. جاء الاعتقال بعد يومين من إعادة انتخاب الشيخ سلمان أمينًا عامًا لجمعية الوفاق.
في 5 يناير 2015، اتُهم الشيخ سلمان رسميًا بمجموعة من الجرائم التي تضمنت التحريض على تغيير النظام بوسائل غير سلمي، والتحريض على كراهية شريحة من المجتمع ضد أخرى، وتحريض الآخرين على خرق القانون، وإهانة وزارة الداخلية.
بتاريخ 6 كانون الثاني 2015، تم تمديد سجن الشيخ سلمان لمدة 15 يومًا، استُجوب خلالها من قبل النيابة العامة. استغرقت بعض جلسات الاستجواب 13 ساعة. كما أنهم لم يزودوا محاميه بنسخ من محاضر الاستجواب.
لم يتم منح الشيخ سلمان وممثليه القانونيين أي فرصة حقيقية لفحص الأدلة المسجلة في ملف النيابة العامة، بما في ذلك التسجيلات الصوتية أو المرئية لخطبه العامة والمقابلات المتلفزة ونسخها. كما أصدرت النيابة العامة بيانات عامة ومعلومات كاذبة تدين الشيخ سلمان. وقدم ممثلو الشيخ سلمان القانونيين طلبًا إلى النائب العام للنيابة العامة للإفراج عنه لحين المحاكمة ، لكن الطلب قوبل بالرفض دون أي مبرر.
رفضت المحكمة تشغيل تسجيلات فيديو لخطب الشيخ سلمان العلنية، رغم أن هذه الخطب كانت بمثابة الدليل الأساسي في دعم التهم الموجهة إليه. وتعرض محامو الشيخ سلمان للمقاطعة باستمرار أثناء المحاكمة، كما تعرضوا لعمليات تفتيش. وطالب الشيخ سلمان بحق مخاطبة المحكمة مباشرة في الجلسة الأخيرة من الجلسة بخصوص التهم الموجهة إليه. منحته المحكمة هذا الطلب لكنها منعته على الفور من الاستمرار في عنوانه عندما قال إن التهم الموجهة إليه تتعلق بحركة شعبية تسعى إلى الديمقراطية في البحرين.
في 16 يونيو 2015 ، أدين الشيخ سلمان بتهم من بينها التحريض العلني على الكراهية وتعكير الأمن والسلم العام، والتحريض على عدم الامتثال للقانون، وإهانة وزارة الداخلية، وحكم عليه بالسجن أربع سنوات.
في نوفمبر 2017 ، مع اقتراب انتهاء عقوبته، تم توجيه التهم للشيخ سلمان مرة أخرى. كانت التهمة المحدثة هي “التآمر مع قطر” أثناء الحراك الديمقراطي عام 2011. بعد محاكمة واستئناف شابتها انتهاكات أخرى للمحاكمة العادلة ، أدين الشيخ سلمان بتهمة التجسس وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
ناجي فتيل
قبل اعتقاله، كان ناجي فتيل عضوًا في مجلس إدارة جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان (BYSHR)، وكان ناشطًا في مجال حقوق الإنسان دعا إلى توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وشجع الناس على تشكيل لجان مراقبة.
اعتقل فتيل بتاريخ 2 مايو 2013، قام الضباط بضربه أمام عائلته وأصيب في ظهره نتيجة الضرب، وتدهورت حالة ظهره. وكان يعتقد أنه تم اعتقاله بسبب نشاطه الحقوقي، لا سيما مشاركته في الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2013.
نُقل إلى مديرية التحقيقات الجنائية في العدلية حيث احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي وتعرض للتعذيب لمدة يومين. في 4 مايو 2013، احتُجز في الحبس الانفرادي، وأفاد بأنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الركل والصفع والضرب في جميع أنحاء جسده ، خاصة على أعضائه التناسلية، وأُجبر على الوقوف لساعات طويلة، وضُرب على أذنيه وتم تعليقه من السقف. وعندما لم يوافق الضباط على الإعترافات التي أدلى بها ضربوه بخرطوم بلاستيكي على ظهره، كما هددوه باعتقال ابنه وزوجته. كما حُرم من الطعام والنوم، ولم يسمح له بالجلوس، ومنع من أداء الصلاة. وتعرض مجدداً للتعذيب وفقدان الوعي بعد أن طلب مراراً حضور محاميه.
في 29 سبتمبر 2013، حُكم عليه مع 15 متهمًا آخر بالسجن 15 عامًا بتهمة “المشاركة مع أفراد آخرين مجهولي الهوية في تجمع غير قانوني شارك فيه أكثر من خمسة أشخاص في محاولة لتعطيل الأمن العام واتهم بقطع الطرقات العامة، ونُقل إلى سجن جو حيث لا يزال محتجزًا حتى اليوم.
بعد تداول صور على الإنترنت لظهر ناجي فتيل المصاب بسبب التعذيب، زارته وزارة الداخلية في السجن في 13 يوليو 2013، ونشرت صورًا جديدة لظهره على موقعها الرسمي على الإنترنت حيث تم التقاط الصور بعد شهرين من الإصابة عندما تلاشت آثار الإصابات لتقول أنّ هذه الصور الجديدة “تدحض مزاعم التعذيب”.
في اليوم التالي، زاره ضباط المباحث الجنائية، قائلين إنهم من هيئة الإعلام التابعة لوزارة الداخلية ، وطلبوا منه إظهار إصاباته، فردّ عليهم بأنّ الإصابات تجاوزت الشهرين وأن العلامات اختفت بالكامل تقريبًا حيث تم علاجهم بالمراهم منذ ذلك الحين.
في 25 يناير 2016 ، صدر حكم قضائي فيما يتعلق بأعمال الشغب في سجن جو في 10 مارس 2015؛ أسفرت المحاكمة الجماعية لـ 57 متهمًا عن حكم بالسجن لمدة 15 عامًا على جميع المتهمين. أُدين جميع المتهمين الـ 57، بمن فيهم ناجي فتيل، بالتحريض على أعمال الشغب، واستخدام العنف ضد موظفي السجن، ومنع موظفي السجن من أداء وظائفهم، والاعتداء على أفراد الأمن بأدوات صلبة ، وإعاقة أي محاولة لقمع أعمال الشغب.
يفيد فتيل أن سلطات السجن لا تزوده بشكل روتيني بالأدوية المطلوبة وكثيرا ما ألغت العمليات المجدولة لإصاباته المختلفة. كما أنه يعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول وآلام في المعدة بسبب رداءة جودة الطعام في السجن.
علي حسن العرادي
كان علي حسن العرادي ناشطا ومشاركاً في الحراك الديموقراطي عام 2011، ورغم صغر سنه إلا أنه كان مطاردا وتتم ملاحقته وتهديده للتوقف عن نشاطاته. كان طالبًا عندما اعتقل عن عمر يناهز 17 عامًا، في 9 يناير 2013 مع صديقه عندما كانا يغادران مدرستهما واقتادوهما إلى مركز شرطة الحد. في اليوم التالي، برأت النيابة العامة العرادي وصديقه. كما أشارت عائلته إلى أنه اعتقل مرتين من قبل وتعرض للتعذيب.
في 16 مايو 2013 ، حاصرت القوات المدنية والعسكرية مأتماً كان علي يحضره في المحرق، واعتقلوه دون إبراز مذكرة توقيف أو إبداء أسباب الاعتقال. نقلوه إلى مخفر الحد، وفي اليوم ذاته، داهم جهاز الأمن الوطني منزل عائلته وصادرت الشرطة الأجهزة الإلكترونية الخاصة به وبعائلته.
اختفى العرادي قسرياً لمدة يومين بعد اعتقاله ولم تعرف عائلته عنه شيئاً. سُمح له لاحقا بالاتصال بأسرته لإبلاغهم بأنه موجود في مديرية التحقيقات الجنائية. تم استجوابه لمدة 15 يومًا، وخلال ذلك الوقت ، تم نقله إلى مخفر الحد ومحطة صنعاء والمحرق، وأخيراً إلى مركز احتجاز الحوض الجاف، حيث تم استجوابه وتعرض للتعذيب النفسي والجسدي، حيث قاموا بضربه وركله وصفعه على كامل جسده وجردوه من ملابسه عدة مرات. وهو يعاني من صداع ونزيف في الرأس وعدة كسور في جسده وكسر في ساقه.
في 3 يونيو 2013 ، مثل العرادي أمام النيابة العامة في 9 قضايا إجمالاً وتم الإعلان عن تبرئته في 17 يونيو 2013. ومع ذلك ، لم تطلق السلطات سراحه لأنه احتُجز لعدة قضايا أخرى. وبلغ إجمالي الأحكام الصادرة بحق العرادي 5 سنوات و 7 أشهر لأسباب تتعلق بالتجمع غير القانوني وأعمال الشغب والاعتداء.
في 3 يونيو 2016، هرب 17 معتقلاً، بمن فيهم العرادي، من الحوض الجاف. وبعد ساعات قليلة من فراره، تبعه ضباط ملثمون بملابس مدنية، وألقوا القبض عليه وضربوه بشدة في منزل في البلاد القديم كان يختبئ فيه.
خلال اعتقاله للمرة الثانية، اعتبارًا من 4 يونيو 2016، تعرض العرادي لأساليب مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي وسوء المعاملة قبل وبعد التحقيق من قبل وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة نفسه . كان معصوب العينين وضربه ضرباً مبرحاً على جسده مركّزاً على رأسه وأعضائه التناسلية، واستخدمت أدوات مثل الهراوات والقضبان الخشبية لصفعه وركله، وإجباره على الوقوف لفترات طويلة ومنعه من النوم لفترة طويلة؛ أُجبر على التبول في سرواله، وتعرض للتهديد مع أسرته.
ونتيجة لذلك أصيب العرادي بكسر في يده اليمنى وفقدان القدرة على السمع في أذنه اليسرى وتورم في وجهه. وفي 12 أبريل 2018، أدانت المحكمة العسكرية العرادي بالفرار من مركز احتجاز الحوض الجاف وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات في سجن جو المركزي حيث هو محتجز حاليًا.
إنّ الإنتهاكات التي قامت بها سلطات البحرين تحت إشراف وزير الداخلية، بحق هؤلاء السجناء السياسيين تخالف التزاماتها القانونية الدولية، بحيث إن تعذيب الضباط البدني والنفسي لجميع الأفراد الستة المذكورين يشكل خرقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT)، وإنّ الاعتقال التعسفي والتعذيب والانتهاكات التي تعرض لها الأفراد الستة ينتهك أيضًا المادتين 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية والأدوية يعد انتهاكًا لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).
تعرب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) عن ادانتها الشديدة لهذه الممارسات المروعة التي استهدفت هؤلاء السجناء، بإشراف وزير الداخلية، بصفته أعلى سلطة مسؤولة عن المؤسسات والأفراد الذين يرتكبون هذه الانتهاكات، فوزارة الداخلية لديها سلطة على جميع ضباط الشرطة، ومعظم أفراد الأمن بما في ذلك شرطة مكافحة الشغب، ومديرية التحقيقات الجنائية، وإدارة السجون. لذلك ، يجب محاسبتها من أعلى الهرم الى أصغر موظف عندما يرتكب الأفراد في هذه المؤسسات انتهاكات جسيمة بطريقة ممنهجة يتم إظهارها. إن سياسات التعذيب لانتزاع الاعترافات والانتقام من السجناء السياسيين من خلال الإهمال الطبي وغير ذلك من الوسائل تعد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يجب أن يحاسب وزير الداخلية عليها.