مرةّ جديدة ستشهد البحرين في 12 نوفمبر 2022 انتخابات برلمانية غير حرة وغير نزيهة، والوضع الحقوقي المتأزم خير دليل على ذلك. منذ آخر استحقاق انتخابي جرى عام 2018 والذي كان بعيداً كل البعد عن الشفافية والنزاهة ولم يستوف أي من المعايير التي حددها المجتمع الدولي، لا تزال مساحة المجتمع المدني مقيّدة والشعب البحريني محرومٌ من حقه في تقرير المصير منذ العام 2011 بعد قيام الحراك الديمقراطي.
مع بداية الدورة 51 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في سبتمبر رفعت منظمة ADHRB بيانات خطية عدة أبرزها بيان تحت البند الرابع يخص الانتخابات البرلمانية القادمة تحت عنوان “انتخابات غير حرة وغير نزيهة”. عزّز هذا البيان فشل البحرين في إصلاح سلوكها تجاه المجتمع المدني والسياسي وتسهيل الوصول إلى الحريات في هذا الإطار. وعلى هذا النحو، لفتت منظمة ADHRB انتباه المجلس إلى عدم إجراء البحرين لانتخابات حرة ونزيهة. وعلى هذا النحو، فإن البحرينيين غير ممثلين ويحرمون من حقهم في تقرير المصير.
ودعا بيان المنظمة البحرين إلى إزالة القيود المفروضة على حرية التعبير، وتعديل قانون الصحافة لتتوافق أحكامه مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعادة رخصة التشغيل الخاصة بوسيلة الإعلام المستقلة “الوسط”، والسماح للجمعيات السياسية المستقلة بالعمل في البحرين، وقبول الزيارات المطلوبة من المقررين الخاصين المعنيين بحرية التعبير وحرية التجمع. ولا بدّ لنا من الدخول أكثر في أسباب عدم شرعية الإنتخابات البرلمانية القادمة:
قانون العزل السياسي يستبعد العديد من المرشحين
يخالف قانون العزل السياسي الدستور البحريني حيث يحرم المواطن من حقوقه المدنية والسياسية ويمنعه من الترشح والإنتخاب في الإنتخابات البرلمانية والبلدية لاسيما إذا كان ينتمي لإحدى أحزاب وجمعيات المعارضة المنحلة، فبعد فتح باب الترشيح للاستحقاق الإنتخابي المزمع إجراؤه في 12 نوفمبر 2022 تم رفض 6 طلبات ترشيح على الأقل بحجة عدم استيفائهم للشروط المحددة وبعد تقديم الطعون رفضتها المحكمة لأنهم ينتمون إلى جمعية الوفاق المنحلة، بالإضافة إلى رفض طعون مرشحين آخرين لانتمائهم السابق إلى جمعيات مدنية منحلة.
عقوبات ترهيبية ضد الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات
فوجئ عدد من المواطنين المؤيدين لمقاطعة الإنتخابات بشطب أسمائهم عن لوائح الإقتراع، هذا بعد أن أعلن رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة أنّ التحريض على عدم المشاركة في الانتخابات لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعد أحد الجرائم الانتخابية التي تستوجب العقوبة، كالسجن لمدة لا تزيد على سنتين وغرامة مالية لا تتجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من أخلَّ بحرية الانتخاب أو بنظام إجراءاته باستعمال القوة أو التهديد أو التشويش أو بالاشتراك في التجمهر أو المظاهرات. هذا التجريم لمقاطعة الإنتخابات لا ينص عليه الدستور البحريني ويعد زيادة في القمع لحرية الرأي والتعبير، وإنّ القوانين المحلية والدولية تكفل للفرد حرية الرأي والتعبير عن مقاطعته للإنتخابات وهذا حق مشروع له. في الإنتخابات البرلمانية السابقة عام 2018 قامت البحرين بقمع حرية التعبير بتجريم الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات فقد أُلقي القبض على عضو البرلمان السابق علي راشد العشيري قبل أسبوع من الانتخابات من قبل السلطات البحرينية بتهمة تتعلق بنشره لتغريدات اعتبرتها الحكومة تنتقد الانتخابات البرلمانية في البلاد.
وتأكيداً منهم على مقاطعة الإنتخابات خرج العديد من المواطنين البحرينيين في مختلف المناطق في تظاهرات ورفعوا لافتات تعبر عن حقوقهم المسلوبة وللمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، كذلك نُظمت حملات على مواقع التواصل الإجتماعي من قبل الجمعيات السياسية المعارضة للدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات البرلمانية القادمة
إنعدام الديمقراطية في تركيبة السلطة
تنعدم الديمقراطية في تركيبة السلطة، فمن حيث السلطة التشريعية، يتم تعيين أعضاء الهيئة العليا من قبل الملك وليسوا منتخبين. على هذا النحو، فإنهم لا يتحققون بشكل فعال من صلاحيات الملك. يتم انتخاب مجلس النواب، ولكن القوانين التي يفرضها النظام تجعل ترشح الحركات السياسية أو الأحزاب للانتخابات شبه مستحيل. على هذا النحو، سجلت البحرين أرقام متردية جدا في مجال الديمقراطية ومؤشرات الحقوق السياسية. أيضا، يختار الملك أعضاء الحكومة، وتحوز العائلة الملكية على 7 مقاعد لعضوية مجلس الوزراء.
غياب الرقابة الشفافة
وعندما نتناول عدم نزاهة الانتخابات البرلمانية القادمة، من البديهي أن نعاين جانب مراقبة الانتخابات، هذا العام تحديداً أطلق معهد البحرين للتنمية السياسية (مؤسسة غير مستقلة) برنامجاً دُعي باسم “نزاهة” واستهدفوا من خلاله منظمات المجتمع المدني لتدريبهم على مهارات تتعلق بمراقبة سير العملية الانتخابية، وبدوره يسعى الإعلام الرسمي لممارسة أسلوب التبييض والدعاية حول تأهيل مراقبين للإنتخابات، وكما في الانتخابات السابقة وبسبب القيود التي تفرضها البحرين على المجتمع المدني، سترتبط مؤسسات المجتمع المدني ارتباطًا وثيقًا بالحكومة البحرينية، الأمر الذي يثير قلق المؤسسات لأن هؤلاء المراقبين لن يكونوا مستقلين ولن يضمنوا نزاهة الإنتخابات.
إنتخابات دون تغطية إعلامية مستقلة موضوعية
منذ إغلاق آخر صحيفة مستقلة “الوسط” بعد الحراك الديمقراطي عام 2011 تفتقر البحرين إلى إعلام تعددي يُسمح فيه لجميع الأطراف السياسية بالمشاركة وطرح النقاشات حول الرؤى الانتخابية المختلفة، كذلك حرية الوصول الى المعلومات لن تكون متاحة. تتحكم هيئة الإذاعة والتلفزيون التابعة للحكومة بالمحتوى الإعلامي ولا تعكس برامجها حقيقة النقاشات العامة حول الانتخابات في البلاد، ولا تعطي مساحة لأصحاب الآراء المعارضة للإدلاء بآرائهم في العملية الانتخابية أو الواقع السياسي. وكذلك الصحف الرسمية المقربة من الملك لا تستضيف في حواراتها شخصيات معارضة للتعبير عن رأيها بحرية، ولا يغطي الإعلام الرسمي مقاطعة الإنتخابات إلا من خلال التشهير بها وترهيبها.
يقول المدير التنفيذي لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين حسين عبد الله: ستكون الانتخابات البرلمانية القادمة مسرحية هزلية تكرّس انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، فكيف ستعقد انتخابات نزيهة في دولة بدون حرّيات، والمعارضة دون تمثيل سياسي وقد تم حلّها وسجن قادتها إلى جانب العديد من سجناء الرأي والسجناء السياسيين! نحن نحث المجتمع الدولي مجدّداً على عدم الإشادة غير المبررة بشرعية الانتخابات”.