يتوجّه البابا فرانسيس الشهر المقبل إلى البحرين لزيارة الجالية الكاثوليكية التي تعيش هناك، هذا البلد ذاته الذي يتم فيه نفي مواطنين الى الخارج قسرياً لممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير وحرية الدين والمعتقد، وهم ينتمون إلى الطائفة الغالبة نسبة لعدد السكان، ما يعد شكلاً واضحاً من أشكال التمييز الديني والانتهاكات. تستخدم البحرين التمييز الديني كأداة للحفاظ على سلطتها وتمارس التبييض في التعايش بين الأديان للتعتيم على انتهاكاتها لحقوق الإنسان. تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين البابا فرنسيس إلى إعادة النظر في تلك الزيارة لما قد تحمله من التمييز الديني المتعمد ضد المسلمين الشيعة في البحرين، إذا ما تم لفت النظر لتلك الانتهاكات من قِبل البابا.
تستمر حكومة البحرين في التمييز ضد المواطنين الشيعة ومنح المواطنين من الطائفة السنية معاملة تفضيلية للمنح الدراسية والمناصب في وزارة الداخلية والجيش، وأدى ذلك التمييز إلى خلل في القوى العاملة والجيش والهيئات السياسية والمجتمع المدني. وهذا ما ذكره أيضاً تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في البحرين.
منذ الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، فرضت الحكومة حظراً شاملاً على جميع المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والتجمعات الدينية ومواكب الجنازة، فيتم استهداف المواطنين خلال أحد أهم المناسبات الدينية الشيعية، “ذكرى عاشوراء”، عبر إزالة للافتات واستدعاء القادة الشيعة للإستجواب فيما يتعلق بالخطب التي ألقوها في تلك الذكرى.
في السجن، يتعرض السجناء السياسيون لاسيما السجناء الشيعة لمضايقات وسوء معاملة نتيجة معتقداتهم، بينما تمنع ثقافة الإفلات من العقاب السائدة أي نوع من المحاسبة. فمؤخراً، تعرّض رجل الدين البارز الشيخ عبد الجليل المقداد البالغ من العمر إثنان وستون عاما للهجوم واساءة المعاملة، وهو أحد قادة المعارضة الذين اعتقلوا وعُذّبوا بعد قيام الحراك الديمقراطي عام 2011، بعد 4 سنوات من منعه من الرعاية الصحية بشكل متعمّد، حصل الشيخ المقداد الذي يعاني من أمراض عدة على موعد عند الطبيب، وأجبره الضابط على الذهاب إلى العيادة رغم علمه بعدم وجود الطبيب، هنا رفض الذهاب كونه لن يحصل على أي رعاية، فهاجمه أربعة 4 ضباط على الأقل وأساؤوا إليه وأرادوا إرغامه على التوقيع برفض الحصول على رعاية. لذا فإنّ التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الشيخ، منذ اعتقاله حتى اليوم، يأخذ طابعاً طائفياً.
إن وضع وزارة الخارجية الأمريكية لجملة مستقلة في مستهل تقريرها عن الحرية الدينية في البحرين، والتي تنص على أنه “نظراً لأن الدين والإنتماء السياسي غالباً ما يكونان مرتبطين ارتباطاً وثيقاً، كان من الصعب تصنيف العديد من الحوادث على أنها تستند إلى الهوية الدينية فقط”، ليس بأمرٍ عادٍ، فهناك 51 حالة ذُكرت من القمع الديني أو التمييز أو المضايقة من قبل الحكومة البحرينية في عام 2021 لا يمكن اعتبارها تمييزاً دينياً حصرياً لأن النظام الملكي يستخدم التمييز الديني كوسيلة للسيطرة السياسية. والعديد من ضحايا التمييز الديني هم قادة ديمقراطيون، الأشخاص الذين سيقومون بتحدي طغيان حكم الأسرة الواحدة.
إنّ الدستور البحريني يكفل للفرد حق إبراز دينه في الأماكن العامة أو الخاصة. ومع ذلك، تم استدعاء المصلين الشيعة واعتقالهم وإجبارهم على توقيع تعهدات، بل تم احتجازهم والحكم عليهم لممارسة شعائرهم الدينية. لذا إنّ الحقوق الدينية التي تنص عليها قوانين البلاد ليست سوى ذريعة مطبوعة على الورق كوسيلة للعائلة البحرينية الحاكمة للوصول إلى مصالحها الناتجة عن العلاقات الصداقات الدولية مع قادة العالم الأكثر قوة، فبذلك يتم التعتيم على انتهاكات حقوق الإنسان، لذلك ندعو البابا فرنسيس إلى العودة عن قرار زيارته إلى البحرين.