الشيخ عبد الجليل المقداد هو رجل دين بحريني بارز يبلغ من العمر 64 عامًا وقيادي سياسي وناشط في المعارضة يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في سجن جو منذ عام 2011، بعد اعتقاله التعسفي بعنف ومن دون إذن قضائي على خلفية مشاركته في المظاهرات المؤيدة للديمقراطية في البلاد. خلال احتجازه، تعرض للتعذيب والإهانات على أساس الانتماء الديني، كما تعرض للاختفاء القسري والمحاكمة غير العادلة والانتقام والإهمال الطبي. في 16 نوفمبر 2023، اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا يتعلق بأربعة من قادة المعارضة البحرينية كبار السن، بمن فيهم الشيخ المقداد، حيث خلص إلى أن احتجازهم تعسفي ودعى إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، وطالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل في الانتهاكات التي تعرضوا لها.
في 27 مارس 2011، داهم رجال أمن لم يُعرّفوا عن أنفسهم منزل الشيخ المقداد عند الساعة الثالثة فجراً، ورفعوا أسلحتهم باتجاهه. اقتادوه من غرفته وهددوه وقيدوا يديه خلف ظهره في بهو المنزل أثناء تفتيشه. ولم يقدم الضباط مذكرة توقيف أو تفتيش. بعد ذلك، نقلوه إلى الخارج حافي القدمين على الرغم من ألم في قدمه اليسرى بسبب إصابة سابقة، ووضع الشيخ المقداد في سيارة معصوب العينين واقتيد إلى جهة مجهولة.
وعندما أُخرج من السيارة تم صفعه ثم استجوبه العناصر في وقت متأخر من الليل. في الصباح نقلوه إلى سجن القرين، لم يُسمح له بالاتصال بمحام، ولم يُسمح له إلا بالاتصال بأسرته لطلب ملابس جديدة.
عذب الضباط الشيخ المقداد بوحشية في السجن وأثناء الاستجواب. ضربوه وشتموه وألقوه على الأرض وجلدوه بحزام جلدي وبالنعل بعد أن سكبوا عليه الماء. أجبره أحد الضباط على فتح فمه، وبصق فيه، وأجبروه على البلع. واستمرت تلك الانتهاكات في النيابة العامة العسكرية، حيث عصّب العناصر عيناه ولكموه على رأسه. أبلغ الشيخ المقداد المحقق في النيابة العامة العسكرية بأنه تعرض للتعذيب خارج الغرفة وطلب منه كتابة ذلك في ملفه وعرضه على الطبيب؛ إلا أن المحقق لم يفعل ذلك. تم نقله إلى جهاز الأمن الوطني، حيث أساء الضباط إليه لفظيًا، وعصبوا عينيه واعتدوا عليه جنسياً، وأهانوه وأسرتهُ وطائفته.
في 22 يونيو 2011، حكمت محكمة السلامة الوطنية على الشيخ المقداد بالسجن المؤبد لمحاولته الإطاحة بالنظام. وأيدت محكمة الاستئناف العسكرية والمدنية الحكم في 28 سبتمبر 2011 وفي 4 سبتمبر 2012، على التوالي.
خلال فترة السجن، استمر الضباط في إساءة معاملته، لا سيما من خلال الإهمال الطبي المتعمد. الشيخ المقداد، الذي لا يزال يعاني من آلام في ساقه، أجبر على تحمل آلام الظهر ولم يتلق علاجًا جديًا أو تشخيصًا دقيقًا رغم المطالب المستمرة. علاوة على ذلك، يعاني الشيخ المقداد من صداع حاد ومستمر لم يتم علاجه أيضًا.
في يونيو 2022، بعد منعه من علاج الصداع المستمر لمدة أربع سنوات، أخذت إدارة سجن جو الشيخ المقداد إلى موعدين، إلا أنه تم منعه من رؤية الطبيب بعد وصوله إلى المستشفى تحت حجج “تغيير الكود” و”عدم وجود موعد لك”.
في سبتمبر 2022، تم نقل الشيخ المقداد إلى موعد مع طبيب عيون في منشأة طبية خارجية لعلاج الزرقان في عينيه. تم نقله في سيارة صغيرة لم تكن مجهزة بتكييف الهواء على الرغم من الحرارة المرتفعة. نتيجة لذلك، عانى من صداع وصعوبة في التنفس، وكان على وشك فقدانه الوعي.
في 27 سبتمبر 2022، كان من المقرر نقل الشيخ المقداد مرة أخرى من سجن جو للحصول على موعد طبي خارجي لعلاج صداعه وضعف بصره. ومع ذلك، قبل الموعد مباشرة، أبلغه أحد الضباط أن الطبيب لن يحضر، وبالتالي رفض الشيخ المقداد الذهاب إلى الموعد، فقال له الضباط إن عليه التوقيع على إفادة برفض العلاج الطبي، الأمر الذي رفضه الشيخ المقداد. قوبل رفضه برد عنيف من بعض الضباط الذين اعتدوا عليه لفظيًا، وكان عددهم من 4 إلى 5 ضباط هجموا عليه وحاولوا ضربه ولكن تم إيقافهم من قبل ضباط آخرين. في اليوم التالي، نُشرت مكالمة هاتفية للشيخ المقداد يفصل فيها الحادث على منصات التواصل الاجتماعي. في بداية المكالمة، حاول أحد الضباط مقاطعته وإيقاف شهادته. في هذا التسجيل، قال الشيخ المقداد للضابط الذي حاول مقاطعته “أنت تمنعني من الحديث عن حالتي الطبية! أنا أتحدث عن شيء آخر أتحدث عن علاجي الطبي”. في نهاية التسجيل نفسه، يمكن سماع الشيخ المقداد يقول: “لاحظ، أخي هنا يمنعني من التحدث!” قبل أن ينهي الضابط المكالمة.
عندما تم الإعلان عن هذه الحادثة، عبر مؤيدون داخل السجن وخارجه عن تضامنهم مع الشيخ المقداد، سعت السلطات إلى الانتقام من الشيخ المقداد بدلًا من فتح تحقيقات مستقلة لمحاسبة الضباط، واقتيد إلى النيابة العامة للاستجواب. كما تم مصادرة لوح خشبي ينام عليه عادة لتخفيف الألم كشكل من أشكال الانتقام. بالإضافة إلى ذلك، اتخذت إدارة السجن إجراءات انتقامية ضد السجناء السياسيين الذين احتجوا تضامنًا مع الشيخ المقداد، فحرموا من الاتصال والزيارات العائلية وتم تقليل الوقت المسموح لهم بالخروج من الزنازين من 90 دقيقة إلى 45 دقيقة يوميًا.
في 29 سبتمبر 2022، طلبت النيابة العامة إجراء تحقيق بناءً على شكوى من الضابط السوري المتورط في الحادثة، علي فرحان، واستدعت الشيخ المقداد لاستجوابه باعتباره المعتدي وليس الضحية. وعمدت النيابة العامة والأمانة العامة للتظلمات لاحقًا إلى تلفيق قضية ضد الشيخ المقداد، متهمين إياه بالاعتداء واستفزاز الضابط.
تفاقم حرمان الشيخ المقداد من العلاج الطبي بعد هذه الحادثة. في 9 نوفمبر 2022، خضع لفحص عيون، ورغم أنه دفع ثمن النظارات من حسابه الشخصي، لم يتم توفيرها له. قبل ذلك بثلاثة أسابيع، كان لديه موعد طبي خارج السجن، لكنه نُقل إليه بالأصفاد والأغلال في يديه ورجليه على الرغم من تورم قدميه. وضعه الضباط في السيارة، وعندما اقتربوا من البوابة، أمروه بشكل مفاجئ بالنزول وأعادوه إلى زنزانته.
في 5 أبريل 2023، مُنع الشيخ المقداد من موعده المحدد في المستشفى، مما دفعه إلى تنظيم اعتصام في ساحة السجن، حيث رفع لافتة تطالب بالعلاج الطبي.
بين 16 و20 أغسطس 2023، نفذت شخصيات وقادة بارزون من المعارضة البحرينية المعتقلين، بمن فيهم الشيخ المقداد، إضرابًا عن الطعام تضامنًا مع السجناء السياسيين الذين كانوا أيضًا يخوضون إضرابًا عن الطعام.
في 16 نوفمبر 2023، اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا يتعلق بأربعة من قادة المعارضة البحرينية كبار السن، بمن فيهم الشيخ المقداد، حيث اعتبر احتجازهم تعسفيًا. وحث الفريق العامل الحكومة البحرينية على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع رموز المعارضة الأربعة وإجراء تحقيق شامل ومستقل في انتهاكات حقوقهم ومحاسبة الجناة.
إن سياسة الإهمال الطبي التي تُمارس ضد الشيخ المقداد لا تزال مستمرة، رغم تدهور حالته الصحية.
إن الاعتقال دون مذكرة قضائية والتعذيب والاختفاء القسري والإهانات الدينية والمحاكمة غير العادلة والانتقام، والإهمال الطبي الذي تعرض لها القيادي في المعارضة ورجل الدين البارز الشيخ عبد الجليل المقداد تشكل انتهاكات واضحة لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تعد البحرين طرفًا فيها. علاوة على ذلك، فإن الانتهاكات التي تعرض لها خلال سجنه، ولا سيما الإهمال الطبي، تشكل خرقًا لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والمعروفة باسم قواعد نيلسون مانديلا.
على هذا النحو، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الاستجابة لطلب الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الشيخ المقداد، الذي تم اعتقاله تعسفيًا بسبب نشاطه السلمي، وجميع السجناء السياسيين الآخرين. كما تحث ADHRB الحكومة البحرينية على التحقيق في مزاعم الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والإهانات الدينية والانتقام والإهمال الطبي ومحاسبة المسؤولين عنها. كما تدعو المنظمة الحكومة البحرينية إلى تعويض الشيخ المقداد عن الانتهاكات التي تعرض لها، بما في ذلك الإهمال الطبي الجسيم. وتدق المنظمة ناقوس الخطر بشأن تدهور الحالة الصحية للشيخ المقداد الذي تجاوز 64 عامًا بشكل خطير نتيجة سنوات من الإهمال الطبي، وتحث إدارة سجن جو على توفير الرعاية الطبية المناسبة والضرورية له بشكل عاجل، محملة إياها المسؤولية عن أي تدهور إضافي في صحته. وأخيرًا، تدعو ADHRB المجتمع الدولي إلى مواصلة وتكثيف الدعوات للإفراج الفوري وغير المشروط عن الشيخ المقداد والمطالبة بتوفير الرعاية الطبية المناسبة والضرورية له و لقادة المعارضة المسنين على وجه السرعة.