محدّث: الدكتور عبد الجليل السنكيس مدافع بحريني بارز عن حقوق الإنسان، وأستاذ جامعيّ سابق ومهندس أيضًا. يقضي عقوبته بالسجن المؤبد منذ عام 2011. تمّ اعتقاله وتعذيبه من قبل ضباط الأمن بعد مشاركته في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطيّة في عام 2011 عن عمرٍ يناهز 49 عامًا، ووجهت إليه السلطات تهمة التآمر للإطاحة بالحكومة. وفي 27 مارس 2023، اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا بشأن الدكتور السنكيس الذي وصفه بالمدافع عن حقوق الإنسان في البحرين على المستويين المحلي والدولي مذكّرًا بأنه حصل على تقدير وجوائز دولية عن عمله وكتاباته. كما أعرب عن “قلقه الشديد” بشأن تدهور وضعه الصحي نتيجة إضرابه عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة، داعيًا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وضمان حصوله على الرعاية الطبية المناسبة. ولا يزال الدكتور عبد الجليل مُضرباً عن الطعام الصلب منذ أكثر من ثلاث سنوات داخل مركز كانو الطبي حيث يقبع، احتجاجًا على المعاملة الظالمة واللاإنسانيّة في السجن. ومؤخرًا، في 14 سبتمبر 2024، صعّد الدكتور السنكيس إضرابه من خلال التوقف عن شرب محلول الفيتامينات والأملاح الذي يعتمد عليه للغذاء، مكتفيًا بالماء، احتجاجًا على حرمانه من العلاج الطبي.
في 17 مارس 2011، اعتُقل الدكتور عبد الجليل من منزله من قبل حوالي 48 ضابطًا، بعضهم مُلثّمون بملابس مدنيّة من دون تقديم مذكرة توقيف. وقد سُمِع بعضٌ من هؤلاء الضباط يتكلّمون بلكنةٍ سعوديّةٍ. جرّوه وهو “في ملابسه الداخليّة ومن دون نظارته” تحت تهديد السلاح. وأُفيد بأنّ الضباط ضربوه داخل منزله وفي الشارع. ومن ثمّ أخذوه إلى مركزٍ للشرطة لبضع ساعاتٍ وإلى سجن القرين العسكريّ بعد ذلك حيث تمّ اعتقاله.
وخلال استجوابه، تعرضّ الدكتور السنكيس للتعذيب الجسديّ والنفسيّ. فقد كان معصوب العينَيْن ومُكبّل اليدَيْن وضَرَبَهُ الضباط بوحشيّة. ضربوه على رأسه بقبضاتهم وعُصيِّهم واعتدوا عليه جنسيًا. كما أجبره الضباط على لعق أحذيتهم والوقوف لفتراتٍ طويلةٍ على الرّغم من حالته الطبيّة. عانى الدكتور عبد الجليل من عدّةِ أمراضٍ مُزمنةٍ منذ صغره، وتشملُ مُتلازمة تالية لشلل الأطفال وحالة عضليّة هيكليّة، تطلّبت منه استخدام كُرسيٍّ مُتحرّكٍ أو عكازَيْن للمشي. وكان الضباط يُجبرونه على الوقوف من دون الاستعانة بعكّازاته ويركلونه على ساقه السليمة حتى يسقُط أرضًا. كما تمّ وضعه في الحبس الانفراديّ لمدّةِ شهرَيْن ولم يكُن يحصُل سوى على القليل من الطّعام، ممّا أدّى إلى فقدانه لعشرةِ كيلوغراماتٍ. كانت زنزانته صغيرةً للغاية وخاليَةً من أيّ ضوء وباردةً أيضًا. وعلاوةً على ذلك، عنّفه الضباط لفظيًا من خلال شتمه وإهانته، قائلين أنّه لا يستحقّ العيش. كما هدّدوه شخصياً وهددوه باغتصاب ابنته أو امرأته.
ونتيجةً للتعذيب الذي تعرّض له، قدّم الدكتور عبد الجليل اعترافًا كاذبًا وحكمت عليه محكمة السلامة الوطنيّة العسكريّة بالسجن المؤبّد في يونيو 2011 بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة. وسُجن في سجن جو حيث تدهورت حالته الصحيّة بسبب سوء المعاملة.
وخلال مدّة سجنه، عانى من آلامٍ في كتفه الأيسر وفي ضلعه الأيسر بسبب الضرب الذي تعرّض له من قبل الضبّاط، كما أدّى هذا الضرب إلى تدهور متلازمة النفق الرسغي التي يُعاني منها لأنّه أُجبر على الوقوف على ساقه ويداه مرفوعتان ومُقيّدتان. وتدهورت رؤيته أيضًا بعد حرمانه من نظاراته لأكثر من شهرٍ. ومنعته إدارة السجن من تلقي العلاج الطبيّ المُناسب. وشمل هذا الإهمال الطبيّ مَنعه عن تلقيّ وصفاته الطبيّة التي تشملُ الأجهزة الطُبيّة. وفي يونيو 2021، رفضت إدارة سجن جو استبدال الحشوة المطاطيّة على عكازَيْه، ولذلك اضطرّ إلى استخدام الحشوة البالِية وغير المُريحة التي أدّت إلى انزلاقه بشكلٍ متكرّرٍ. ولم تَسمح السلطات باستبدال حشوات عكازَيْه إلابعد الكثير من أعمال المناصرة الدوليّة.
وكانت صحّته عُرضةً للخطر المُتزايد بسبب إضرابه عن الطّعام طوال مدّة سجنه، احتجاجًا على الممارسات والقيود المهينة والقاسية التي تُنفّذها السلطات. وفي يوليو 2021، بدأ الدكتور عبد الجليل إضرابًا عن الطّعام احتجاجًا على مُصادرة كتاب كان يعملُ عليه لمدّة أربع سنوات، يُركّزُ على الثقافة واللهجات البحرينيّة.
وبعد مرور 1169 يوماً، لا يزالُ إضراب الدكتور عبد الجليل عن الطعام الصلب مُستمراً وقد تدهورت حالته الصحيّة بشكلٍ ملحوظٍ. ونُقِل مرارًا إلى المستشفى قبل نقله إلى مركز كانو الطبيّ في يوليو 2021، حيث لا يزال يقبع في السجن الانفرادي، ممنوعًا من الخروج والتعرض لأشعة الشمس المباشرة واستبدال ملابسه بأخرى جديدة وتلقي العلاج الفيزيائي الذي يحتاجه لإعاقته الجسدية. وهو أيضًا محروم من الفحوصات والمعلومات الطبية اللازمة، بما في ذلك نتائج فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لكتفه ورأسه منذ أكتوبر 2021. وقد حُرم من العلاج لمشاكل طبية عدة، بما في ذلك التهاب المفاصل وآلام الكتف وضعف البصر والرجفة ومشاكل في البروستات والأسنان والجلد. وفي المركز، عانى الدكتور السنكيس من الصُّداع ونوبات الدّوار وضيقٍ في التنفُّس. وكانت يداه باردَتَيْن ومُنتفختَيْن على نحوٍ غير عاديٍّ، وكان لا بُدّ من إعطائه قناع أكسجين بعد انخفاض مستويات الأكسجين لديه. وفقدَ أكثر من 20 كيلوغراماً من وزنه، وانخفض مستوى السكر في دمه إلى 2 مليمول/لتر. ويتضمّن إضرابه عن الطعام هذا، احتساء الشاي، وشرب الحليب، والسكر، مع الأملاح والماء. ومع ذلك، قللت السلطات كميّة السكر التي تُقدّمه له بحجّة النقص وتجاهل الأطباء وضعه، وكانوا يزورونه مرّةً كلّ أسبوعَيْن أو ثلاثة أسابيع وتمّ تأخير طلبه للحصول على مسكناتٍ للألم. وبسبب هذا الإضراب، يعاني الدكتور السنكيس من انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح.
وقد رفض الدكتور عبد الجليل إيقاف إضرابه هذا، طالما أن السلطات تصرّ على حرمانه من حقوقه الأساسية وتخلف بوعدها في إعادة الكتاب له في حال أوقف الإضراب. ومن الحقوق التي يطالب فيها الدكتور السنكيس ، تسليم جواز سفره الجديد وهويته إلى عائلته، والسماح له بالاتصال بهم عبر مُكالمة فيديو، وإعطائه الأدوية التي وصفها له الأطباء المُتوفّرة خارج مُستشفى السلمانية ومركز كانو، وتسليمه صور التصوير بالرنين المغناطيسيّ التي أجراها في المستشفى العسكريّ، وتزويده بعكازات وزجاجة ماء دافئة لظهره، والسماح له بتلقي صور عائلته.
في 15 نوفمبر 2021 و 30 ديسمبر 2021، أصدر خبراء من الأمم المتحدة، تحديدًا المقررين الخاصين المعنيين بـالمدافعين عن حقوق الإنسان، وذوي الاحتياجات الخاصة، والصحة رسالتي ادعاء مشتركتين تطالبان البحرين بإطلاق سراح الدكتور السنكيس والتعويض له من خلال توفير الرعاية الصحية المناسبة له. وعلى الرغم من هاتين الرسالتين، تجاهلت البحرين هذه المخاوف، واستمرت في حرمانه من حقوقه الأساسية.
في 27 مارس 2023، اعتمد فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا بشأن قضية الدكتور السنكيس، معربًا عن “قلقه الشديد” بشأن تدهور وضعه الصحي نتيجة إضرابه عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة. ودعا الفريق العامل إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وضمان حصوله على الرعاية الطبية المناسبة.
في 17 أبريل 2023، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة جيرارد كوين أنه “بوصفه مدافعًا عن حقوق الإنسان من ذوي الإعاقة في أثناء الاحتجاز، يواجه السنكيس مخاطر إضافية. وينبغي أن يخضع لفحوصات طبية متكررة، وأن تتاح له الترتيبات التيسيرية المعقولة لإعاقته، مع التكنولوجيات المساعدة وغيرها من الرعاية والاعتبارات المتخصصة. لكن السلطات البحرينية لم تسمح له بذلك دائماً”.
تستمر السلطات في حرمان الدكتور السنكيس من المتطلبات الطبية التي طلبها الأطباء، بما في ذلك العكازات المناسبة أو تبديل نعال عكازه البالية لمنع الانزلاق في الحمام وزجاجة الماء الساخن لتخفيف آلام المفاصل. كما تستمر في حرمانه من العلاج لمشاكله الطبية، بما في ذلك التهاب المفاصل وضعف البصر والرجفة ومشاكل البروستات والأسنان والجلد والتنفُّس وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح. وقد قيدت السلطات حقه في الوصول إلى المعلومات من خلال حظر الصحف الإنجليزية والعربية وتقييد القنوات التلفزيونية التي يمكن الوصول إليها. ومنذ يناير 2024، تتعرّض عائلة الدكتور السنكيس لإجراءات قاسية خلال الزيارات، إضافة إلى تعطيل الاتصالات المرئية مع أفراد العائلة الذين لا يستطيعون الحضور للزيارات، ومنع الزيارات والاتصال المباشر مع الأقرباء الذين لا ينتمون إلى النسب من الدرجة الأولى والثانية، وهو ما يعتقد السنكيس أنه يمثل محاولة متعمدة للضغط عليه للامتناع عن الزيارات تماماً.
مؤخرًا، في 14 سبتمبر 2024، وبعد مماطلة وزارة الداخلية في توفير الأدوية الضرورية التي يحتاجها، أعلن الدكتور السنكيس، في تطور خطير، تصعيد إضرابه عن الطعام من خلال التوقف عن شرب محلول الفيتامينات والأملاح الذي يعتمد عليه للغذاء، مكتفيًا بالماء للضغط من أجل توفير الأدوية له، بحسب ما أفادت عائلته لمنظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB). وأضافت العائلة أنه بسبب امتناع الدكتور السنكيس عن شرب محلول الفيتامينات والأملاح، اضطر طاقم التمريض في مركز كانو الطبي إلى إعطائه المغذي الوريدي للحفاظ على حياته، ولكن نظرًا لتدهور حالته الصحية وصعوبة حقن الإبر في الأوردة، اضطر للتوقف أيضًا عن استخدام المغذي الوريدي. ونتيجة لتصعيد الإضراب، يعاني القيادي البارز حاليًا من انخفاض حاد إضافي في عدد كريات الدم الحمراء، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على حياته. وبحسب ما أفادت عائلته، في 16 سبتمبر 2024، فقد زاره ضابطان بشكل عاجل، وطرحا عليه سؤالًا ملتبسًا حول امتناعه عن تناول الأدوية في محاولة لتحميله المسؤولية عن ذلك، فأجابهم بأن السبب هو نفاد الأدوية وتأخر وصولها. وقد طالبت العائلة وزارتي الداخلية والصحة وإدارة مركز كانو الطبي بالتحرك الفوري لتوفير الأدوية والعلاج اللازمين للدكتور السنكيس، محملة الجهات المعنية كامل المسؤولية عن ذلك.
إن اعتقال الدكتور السنكيس التعسفيّ وتعرضه للتعذيب والمحاكمة غير العادلة والانتقام والإهمال الطبي الخطير، انتهاكًا واضحًا لاتفاقيّة مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانيّة والعهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتي تُعد البحرين طرفًا فيها. وعلاوةً على ذلك، تُشكّل المعاملة والظروف السائدة في السجن انتهاكًا واضحًا لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، المعروفة باسم قواعد نيلسون مانديلا.
وعليه، تدعو منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين السلطات البحرينية إلى التجاوب مع مكاتب الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة في ضوء الرسائل والرأي الصادر عنهم حول الدكتور السنكيس الذي تمّ سجنه بسبب نشاطه السلميّ في مجال حقوق الإنسان، وتلبية مطالبهم بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه وتقديم الرعاية الطبية المناسبة له على وجه السرعة. كما وتطالب ADHRB السلطاك بتسليم عائلة السنكيسطات والذي كان يعملُ عليه لمدّة أربع سنوات داخل السجن، أربع سنوات داخل السجن، والتحقيق في ادّعاءات التعذيب وسوء المعاملة والانتقام والحرمان الخطير من الرعاية الطبية لِمُحاسبة المسؤولين والتعويض عن الانتهاكات التي تعرّض لها في السجن. كما تدقّ المنظمة ناقوس الخطر بشأن تدهور حالة الدكتور السنكيس الصحية نتيجة حرمانه من الرعاية الطبية وإضرابه المستمر عن الطعام والذي اتخذ مؤخرًا شكلًا تصعيديًا خطيرًا نتيجة حرمانه من أبسط حقوقه في السجن، محملة وزارتي الداخلية والصحة وإدارة مركز كانو الطبي كامل المسؤولية عن تدهور حالته الصحية وعن أي تدهور إضافي فيها. . وأخيراً، تدعو منظمة ADHRB المجتمع الدولي إلى مواصلة وتكثيف الدعوات للإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور السنكيس وإلى توفير الرعاية الطبية المناسبة والضرورية له بشكل عاجل.