17 يونيو 2021 – نشر فريق الأمم المتّحدة العامل المعنيّ بالاعتقال التّعسفي اليوم رأيًا بشأن كميل جمعة منصور سلمان حسن، نجل النّاشطة في المجتمع المدني في البحرين وسجينة الرأي السابقة، السيّدة نجاح أحمد حبيب يوسف، والّتي أعلن الفريق العامل في وقت سابق أنّ اعتقالها تعسّفيًّا. تم القبض على كميل عندما كان قاصرًا، وخضع لأكثر من عشرين محاكمة بتهمٍ مختلفة، وحُكم عليه بالسجن لمدة 27 عامًا و 10 أشهر بعد الاستئناف، ومُنع من مواصلة تعليمه في السّجن. أكّد الفريق العامل أنّ اعتقال كميل هو اعتقال تعسّفيّ، نظرًا إلى عدم قانونيّة اعتقاله، والانتهاكات المختلفة لحقّه في محاكمة عادلة، وحرمانه من الحصول على تمثيل قانونيّ، إلى إكراهه على توقيع محاضر معدّة مسبقًا، فضلاً عن استهدافه خطوة انتقاماً من نشاطات والدته. ونظرًا إلى خطورة هذه الانتهاكات، أحال الفريق العامل قضيّته إلى الفريق العامل المعنيّ بحالات الاختفاء القسريّ وغير الطّوعيّ، والمقرّر الخاصّ المعنيّ بالتّعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللّاإنسانيّة أو المهينة، والمقرّر الخاصّ المعنيّ باستقلال القضاة والمحامين.
من خلال برنامج الشّكاوى التّابع للأمم المتحدة، تتلقّى منظّمة أمريكيّون من أجل الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بانتظام معلومات من أفراد بحرينيّين كدليل أساسيّ في الشّكاوى المقدّمة إلى مكاتب الإجراءات الخاصّة التّابعة للأمم المتّحدة. وعلى هذا النّحو، كانت الوثائق التي جمعتها منظّمة ADHRB هي مصدر المعلومات التي استند إليها الفريق العامل في رأيه في قضية كميل.
في الرّأي (رقم 2/2021)، الذي تبنّاه في 3 مايو 2021، قرّر الفريق العامل أنّ حرمان كميل من حرّيته واحتجازه هو أمرّ تعسّفيّ وفقًا لمختلف فئات أساليب عمله، وبالتّالي هو انتهاك للقانون المحليّ البحرينيّ وللعديد من أحكام القانون الدّولي لحقوق الإنسان. طلب الفريق العامل من حكومة البحرين اتّخاذ تدابير فوريّة وضروريّة لمعالجة وضع كميل وجعله متوائمًا مع المعايير الدّوليّة ذات الصّلة، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة. وفي هذا السياق، أشار الفريق العامل إلى أنّ الإجراءات المناسبة في قضيّة كميل هي:
“… إطلاق سراحه فوراً ومنحه حقاً واجب النفاذ في الحصول على تعويضات وجبر أضرار وذلك وفقًا لما ينصّ عليه القانون الدّولي. في سياق وباء كورونا المنتشر حاليًّا، والتّهديد الذي يشكّله في السجون، يدعو الفريق العامل الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان إطلاق سراحه على الفور”، وإلى “ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقلّ حول الظّروف المحيطة بالحرمان التّعسفي لكميل من الحريّة، بما في ذلك الإدّعاء بأنّه تعرّض للتّعذيب، واتّخاذ التّدابير المناسبة ضدّ المسؤولين عن انتهاك حقوقه”.
ترحّب منظّمة ADHRB بهذا الرأي الصّادر عن فريق الأمم المتّحدة العامل المعنيّ بالاعتقال التّعسفيّ وتحثّ السّلطات البحرينيّة على “الإفراج الفوريّ وغير المشروط عن كميل مع منحه حقّ الحصول على التّعويضات وكذلك ضمان تلقّيه الرّعاية الطبيّة واستئناف تعليمه خارج السجن”.
نحن نشارك فريق العمل مخاوفه بشأن الأنماط المنتشرة للاعتقال من دون إذن قضائيّ، وانتهاكات حقوق المحاكمة العادلة، والاختفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الرّعاية الطبية وغيرها من “الانتهاكات المنهجية لقواعد القانون الدولي في البحرين، والّتي قد تشكّل جرائم ضدّ الإنسانيّة”. علاوة على ذلك، تثني ADHRB على دعوة مجموعة الخبراء لزيارة الدّولة:
“بوصفها عضوًا حاليًا في مجلس حقوق الإنسان، فقد حان الوقت لتوجيه الحكومة دعوة للزيارة، ويتطلع الفريق العامل إلى تلقي ردّ إيجابي على طلبه السابق بالزّيارة”.
يعدّ الفريق العامل أحد مكاتب الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كجزء من إجراءاتها المعتادة، ترسل مجموعة العمل رسائل ادعاء إلى الحكومات بشأن حالات احتجاز تعسّفي موثوقة. ويجوز للفريق العامل أيضًا تقديم آراء حول ما إذا كان احتجاز فرد أو مجموعة هو عمل تعسّفيّ وينتهك القانون الدولي. يراجع فريق الأمم المتّحدة العامل المعنيّ بالاعتقال التّعسفي الحالات التي تندرج تحت خمس فئات من الاعتقال التّعسفي: عندما يكون من الواضح أنه من المستحيل التّذرع بأيّ أساس قانوني لتبرير الحرمان من الحرّيّة (الفئة الأولى)؛ عندما يكون الحرمان من الحرية ناتجًا عن ممارسة الحقوق في الحصول على الحماية المتساوية بموجب القانون، وحريّة الفكر، وحريّة الرّأي والتّعبير، وحريّة التّجمع، من بين أمور أخرى (الفئة الثانية)؛ عندما تكون انتهاكات الحقّ في محاكمة عادلة شديدة لدرجة أن يصبح الاعتقال تعسّفيًا (الفئة الثالثة)؛ الاحتجاز الإداري المطول للّاجئين وطالبي اللّجوء (الفئة الرابعة) ؛ وعندما يكون الاحتجاز ينطوي على تمييز على أساس المولد أو على أساس الأصل القومي أو العرقي أو الاجتماعي أو على أساس اللّغة أو الدّين أو الوضع الاقتصادي أو الرّأي السّياسي أو غيره أو الجنس أو التّوجّه الجنسيّ أو الإعاقة أو أي وضع آخر (الفئة الخامسة).
في الرّأي الحالي، وجد الفريق العامل أن كميل، المسجون حاليًا في سجن الحوض الجاف الجديد المخصّص للسّجناء الذين تقل أعمارهم عن 21 عامًا، قد عانى الكثير من أشكال الانتهاكات غير القانونيّة لحقوق الإنسان. تمّ القبض عليه بشكل غير قانونيّ من دون مذكّرة توقيف، ولم يمثل على الفور أمام قاضٍ ولم يحصل على تمثيل قانونيّ؛ وتعرّض للتّعذيب وأدين في محاكمة غير عادلة استندت إلى اعترافات تمّت تحت ضغط جسديّ ونفسيّ.
وتضمّن التّعذيب الذي تعرّض له كميل الضّرب على كامل جسده مع التّركيز على أعضائه التناسليّة ، وإجباره على الوقوف لفترات طويلة، والتّعذيب النفسي المتمثّل بالحلق القسريّ المستمرّ لرأسه. وسلّط الفريق العامل الضّوء على حقيقة أنّ “استخدام العنف الجسديّ أو النّفسيّ ضدّ طفل يعدّ تعسّفًا بالغ الخطورة في استخدام السّلطة، ويفتقر تمامًا إلى الضّرورة والتّناسب”. بالإضافة إلى ذلك، في ما يخصّ موضوع الحبس الانفراديّ لكميل في السّجن، شدّد الفريق العامل على أنه “لا يجوز اللّجوء إلى الحبس الانفرادي للطّفل وقد يؤدّي هذا إلى التّعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الّلاإنسانية أو المهينة”. وأشار الفريق العامل إلى حرمان كميل من حقه في التّعليم في السّجن، فيه انتهاك واضح لاتّفاقية حقوق الطفل؛ ونتيجة لذلك عانى كميل من الضّغط النّفسيّ.
وفقًا للفريق العامل المعنيّ بالاعتقال التّعسفي، لم تعالج الحكومة مزاعم التعذيب تمامًا ولم تقدّم بيانًا مقنعًا لموقع كميل ونشاطه بين 2 و 5 يناير 2020. وبناءً عليه، قرّر الفريق العامل أنّ مزاعم التّعذيب موثوقة وأنّ السّلطات تكون بذلك قد انتهكت المادة 5 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان ، والمادة 7 من العهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة ، والمادة 37 (أ) و (ج) من اتّفاقية حقوق الطفل، والمادتين 2 و 16 من اتّفاقيّة مناهضة التّعذيب.
قرّر الفريق العامل أنّه باعتقال كميل دون مذكّرة توقيف، تكون السّلطات قد انتهكت المادة 9 (1) من العهد الدّوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة والمادة 37 (ب) من اتّفاقيّة حقوق الطّفل. بالإضافة إلى ذلك، لم يمثل كميل فورًا أمام قاض بعد اعتقاله. نظرًا لأنّ كميل كان قاصرًا، يتمّ تطبيق معيار سرعة أكثر صرامة، هذا يعني أنّه ينبغي أن يمثل أمام قاض خلال 24 ساعة من توقيفه بدلاً من 48 ساعة[1]. بينما قالت الحكومة أنّه تمّ احضار كميل إلى مكتب النيابة العامّة في 2 يناير 2020، رفض الفريق العامل هذه الحجّة مشيرًا إلى أنه لا يمكن اعتبار النّيابة العامّة سلطة قضائية لأغراض المادة 9 (3) من العهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة التي تم انتهاكها كما المادّة 37 (د) من اتّفاقيّة حقوق الطّفل والقاعدة 10.2 من قواعد بكين[2]. كما أشار الفريق العامل إلى أنّه خلال الفترة المذكورة أعلاه، لم يتمكن كميل من تعيين محامي أو الاتّصال بأسرته. هذه القيود، إلى جانب حقيقة أنّه لم يمثل فورًا أمام قاضٍ، أعاقت فعليًا كميل من تحديد الأساس القانوني لحرمانه من الحرية، وهي تنتهك بالتّالي حقّه في الحصول على سبل الانتصاف الفعّالة المنصوص عليها في المادة 8 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان و المادة 2 (3) من العهد الدّوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة.
نظرًا لإخفاق الحكومة في معالجة ادّعاءات الاختفاء القسري، وفي ضوء المعلومات التي تلقّتها من منظّمة ADHRB، قرّر الفريق العامل أنه هناك سبب معقول للاعتقاد بأنّ كميل اختفى قسريًا بالفعل وبالتّالي تمّ حرمانه من حماية القانون في انتهاك للموادّ 9 و14 و16 من العهد الدّولي الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة والمادة 37 (ب) من اتّفاقية حقوق الطّفل والمادة 6 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن السّلطات فشلت في وضع أساس قانونيّ لاعتقال كميل ومنعته من الطعن فيه، خلص الفريق العامل إلى أنّ حرمانه من الحرّية هو حرمان تعسفي بموجب الفئة الأولى.
أكّد الفريق العامل أنّ كميل لم يتمكّن من الحصول على تمثيل قانونيّ خلال المراحل الرّئيسة من اعتقاله، وبالتّحديد أثناء فترة الاستجواب والتحقيق وخلال المرحلة السّابقة للمحاكمة، بما في ذلك زيارته للنّيابة العامّة. في الواقع، استمرّت الإجراءات ضدّه على الرّغم من التّأخير في توكيل محام بسبب مشاكل في نقل التوكيل.
وفشلت الحكومة، التي يجب عليها الإثبات، تأكيد أن كميل أدلى بأقواله بحرية، حيث أفاد بدوره أنه أُجبر على توقيع محاضر معدة مسبقًا لم يُسمح له بقراءتها، مع غياب محاميه. الاعترافات التي يتم الإدلاء بها في غياب محام ليست دليلاً مقبولاً في الإجراءات الجنائية، كما أن الاعتراف بأقوال منتزعة تحت التعذيب كدليل يجعل الإجراءات برمتها غير عادلة. وبناءً على ذلك، صرح الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي أن من حق كميل أن يعتبر بريئاً بموجب المادة 14 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبموجب المادة 40 (2) (b) (i) من اتفاقية حقوق الطفل وحقه في عدم الأجبارعلى الاعتراف بالذنب المنصوص عليه في المادة 13 (3) (g) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 40 (2) (b) (iv) من اتفاقية حقوق الطفل والتي تم انتهاكهما. علاوة على ذلك، من خلال إجبار كميل على الاعتراف، عن طريق الضغط النفسي والجسدي، تكون السلطات قد انتهكت التزامات البحرين بموجب المواد 2 و 15 و 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ونظراً لخطورة انتهاكات حقوق كميل في المحاكمة العادلة، لاسيما عدم الحصول على تمثيل قانوني والاعتراف القسري، خلص الفريق العامل إلى أن احتجازه يندرج ضمن الفئة الثالثة من الحرمان من الحرية.
وأخيرًا، وصف أيضًا الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي احتجاز كميل بأنه تعسفي بموجب الفئة الخامسة، وبالتحديد بأنه تمييزي على أساس المولد والروابط الأسرية. وأكد الفريق العامل أن اعتقاله جاء انتقاماً من والدته بسبب نشاطها السياسي وانتقاداتها للحكومة البحرينية، التي فشلت في الرد على هذه الادعاءات:
“الفريق العامل مقتنع بأن احتجاز حسن كان نتيجة نشاط والدته وأفعالها في التحدث علناً ضد الحكومة. وللوصول إلى هذا الاستنتاج، أخذ الفريق العامل في الاعتبار ادعاء المصدر، الذي لم تتناوله الحكومة، بأن السلطات وجهت إلى حسن أسئلة أثناء استجوابه تتعلق بالنشاط السياسي لوالدته وما إذا كانت والدته لا تزال تكتب إلى المنظمات أو لوسائل الإعلام. … وبدلاً من ذلك، يبدو أن محاكمة حسن وسجنه قد نُفذا انتقاما من والدته لممارستها حقها في حرية الرأي والتعبير “.
قال حسين عبد الله، المدير التنفيذي لـمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين: “رأي الفريق العامل يعكس أن الحكومة البحرينية بحاجة إلى إنهاء ممارساتها المنتشرة والممنهجة لانتهاكات حقوق الإنسان قبل أن تشكل جرائم ضد الإنسانية”. وأضاف: “إن قضية كميل هي من بين مئات القضايا التي تم تقديمها إلى مختلف مكاتب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة على مر السنين وهي مثال على ما يتعرض له السجناء السياسيون وسجناء الرأي والقُصر المسجونون من عقاب وتعذيب لمجرد أنهم يمثلون المعارضة السياسية. على الحكومة البحرينية، بصفتها عضواً في مجلس حقوق الإنسان، السماح للفريق العامل بزيارة البحرين بالإضافة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن كميل وجميع السجناء السياسيين”.
وتردد منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين دعوات الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في حث الحكومة البحرينية على اتخاذ الخطوات اللازمة للإفراج عن كميل دون تأخير، وفتح تحقيقات مستقلة ومحايدة في الانتهاكات العديدة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تعرض لها على يد السلطات، ومنح كميل التعويض عن هذه الانتهاكات. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تعليق الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي حول الحق في الطعن في شرعية الاحتجاز أمام المحكمة، والحق في محاكمة عادلة، والحق في حرية الرأي والتعبير. وأخيراً، ترحب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين بدعوة الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي لزيارة البحرين وتأمل أن يتلقى الفريق العامل رداً إيجابيًا على طلبه السابق للزيارة والذي تم إرساله في يناير 2017.
[1] لجنة حقوق الانسان، التّعليق العام رقم 35، الفقرة 33، رأي رقم: 73/2019، الفقرة 82؛ 14/2015، الفقرة 29.
[2] تسمى أيضًا قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث