ينعقد منتدى “جيل المساواة” الّذي تنظّمه هيئة الأمم المتّحدة للمرأة في باريس بين 30 يونيو و2 يوليو 2021. ويعمل المنتدى إلى جانب المجتمع المدنيّ، وهو تجمّعٌ عالميٌّ يركّز على مناقشة وتعزيز المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. في هذا الإطار، أفاد المجلس الأعلى للمرأة في البحرين في 30 يناير 2021 أنه قبل الدّعوة للمشاركة في المنتدى في باريس.
إلى ذلك، يرتبط “المجلس الأعلى للمرأة” ارتباطًا وثيقًا بالحكومة البحرينيّة، التي لطالما قامت بانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاكات لحقوق المرأة. ويعتمد هيكل المجلس اعتمادًا كبيرًا على الدّعم الملكيّ، فرئيسة المجلس الأعلى للمرأة هي الزّوجة الأولى للملك، الأميرة سبيكة، ويتمّ تعيين جميع المناصب العليا في المجلس بأمر ملكي. وباعتراف المجلس ذاته، فإنّ الملك هو الّذي أسّسه ويرتبط مباشرة به، وهو يعمل وفق إستراتيجيّة وطنيّة مبنيّة على رؤيته. بناء على ذلك، لا يشجّع هيكل المجلس الموضوعية الّلازمة للدّفاع الفعّال عن حقوق المرأة في البلاد.
في بعض الأحيان، يتمّ استخدام المجلس كآليّة تلجأ إليها الحكومة لتبييض انتهاكاتها لحقوق الانسان. إنّ مجرّد وجود المجلس يضفي الشّرعية إلى الحكومة فيما يتعلّق بقضايا الجنسين. في الماضي، كان يتمّ الاستشهاد به كدليل على تمكين المرأة البحرينيّة. على سبيل المثال، على الرّغم من أنّ لدى البحرين تحفّظات كثيرة على اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال التّمييز ضدّ المرأة، زعم المجلس الأعلى للمرأة أن الاتفاقية “أصبحت سارية” في يوليو 2016.
علاوة على ذلك، في الاطلالات العلنيّة، يركّز المجلس على التّرويج للبحرين وإبراز تطوّر حقوق المرأة فيه، متجاهلًا انتهاكات حقوق الإنسان الكثيرة التي تحدث في البلاد. في 20 مارس 2021 ، ألقت الأمينة العامة كلمة في لقاء أُقيم على هامش الدّورة 65 للجنة وضع المرأة في الأمم المتّحدة، “سلّطت الضّوء خلالها على الأشواط الّتي قطعتها المملكة في مجال تمكين المرأة”، بينما أغفلت التّمييز المنهجيّ بين الجنسين فيما يخصّ التّشريعات المتعلّقة بالجنسيّة البحرينيّة والتّحفظات التي لا تزال الحكومة تبقي عليها بشأن اتّفاقيّة القضاء على جميع أشكال التّمييز ضدّ المرأة.
المنتدى هو حدث عالميّ ترأسه هيئة الأمم المتحدة للمرأة وحكومتا المكسيك وفرنسا. وهو يضمّ منظّمات في المجتمع المدنيّ وهيئات دوليّة ووطنيّة. يشجّع المنتدى مشاركة جميع الجهات الفاعلة في حوار عالميّ حول الحاجة إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة والمساءلة عن المساواة بين الجنسين. وهو يسلّط الضّوء على تمكين أعمال المرأة ونشاطاتها. يشجّع منتدى جيل المساواة الاجراءات الّتي يقوم بها المجتمع المدنيّ لاتّخاذ الخطوات اللّازمة في قيادة الشباب، والاعتراف بحقوق المرأة، والمساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. لهذا الغرض، سيتم بثّ اللّقاء على وسائل التواصل الاجتماعي، ممّا يوفّر منصّة لنشطاء حقوق المرأة والمنظمات لرفع أصواتهم.
هذا المنتدى هو جزء ممّا أسماه الرّئيس ماكرون “القضيّة الكبرى لولايته“، في إشارة إلى المساواة بين الجنسين. أعرب الرّئيس ماكرون عن رغبته بتعزيز هذه المساواة في كلّ ميادين المجتمع خلال فترة رئاسته. يتبع المنتدى هذه السّياسة النّسوية القائمة على الاستراتيجيّة الدّوليّة للمساواة بين الجنسين. خلال المنتدى، سيتمكّن الحكومات وأعضاء المجتمع المدنيّ والجهات النّسويّة من إعلان التزامهم بهذه “القضية العظيمة”. ووفقًا للمدافعين عن حقوق المرأة والمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، فشلت المملكة في تقديم أدلّة حقيقيّة على المساواة بين الجنسين على الرّغم من البلاغات الصّادرة عن السّلطات. إنّ السّماح للمجلس الأعلى للمرأة بحضور هذا المنتدى يوفّر منصّة للحكومة لمواصلة حملة العلاقات العامّ خاصتها وتبييض صورتها من خلال التّرويج لسرد لا ينطوي على احراز تقدّم حقيقيّ أو إصلاحات هادفة في مجال حقوق المرأة.
لا تزال التشريعات تمييزية في البحرين، وقد فشل المجلس في معالجة الإصلاح المُلِحّ. أصدرت الحكومة تشريعًا جديدًا في العام 2015 يهدف إلى توفير موارد الإبلاغ عن العنف الأسري. ومع ذلك، لا يوفر التشريع الحماية الكافية لجميع النساء بما أن الاغتصاب الزوجي لا يُعاقَب. ومنذ ذلك الحين، لم تتقدم التشريعات الإصلاحية في تحسين وضع المرأة. علاوةً على ذلك، لا يزال قانون العقوبات يسمح للمغتصب بالإفلات من الاتهامات الجنائية في حال الزواج من الضحية. ومن الممكن أيضًا ملاحظة التمييز بين الجنسين داخل العائلة الواحدة وفي قوانين الجنسية. لا تستطيع العديد من الأمهات البحرينيات منح الجنسية لطفلِها مما يترك العديد من الأطفال من دون جنسية ومُستضعفين أي لا يتمتع أي منهم بالحقوق الأساسية. وتحدّ في الوقت ذاته القوانين من قدرة المرأة على الميراث. نظرًا لما تتعرّض له النساء من عنف متزايد في ظل الجائحة، تُعرِب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين عن القلق العميق إزاء موقف المجلس الأعلى للمرأة من العنف المنزلي والتشريعات التي تميز بين الجنسين علمًا أنّ محاولات معالجة هذه القضايا بشكل صحيح قد فشلت في تحقيق إصلاح نافع.
أدلت ناشطات حقوق الإنسان في البحرين شهادات عن تعرُضِهنّ للإعتداء الجنسي على أيدي السلطات، موضوعٌ تغاضى عنه المجلس الأعلى للمرأة ورفض التحقيق فيه على الرَّغم من محاولات الضحايا المتكررة لطلب المساعدة. كان المجلس متساهلاً فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وبخاصةً حقوق المرأة. ولا ينبغي أن يوفر الحدث فرصة للمجلس لتعزيز الجوانب الإيجابية للبحرين طالما يتكتّم عن الانتهاكات المُستمرة.
يتم التحكُّم بمنظمات المجتمع المدني بصرامة في البحرين. من الممكن محاكمة أي فرد أو جماعة مُعارضة للنظام بتهمة الإرهاب. فتعرَّض العديد من نشطاء حقوق الإنسان للاضطهاد ظلمًا استنادًا لقوانين مكافحة الإرهاب المُبهمة. ويتعرض المعارضون للنظام للاعتقال وسوء المعاملة والتعذيب والارغام على توقيع الاعترافات. أمّا الصِحفيات، فتتعرّض لأشكال عنف وترهيب أسوأ من تلك التي يتعرّض لها الرجال. على سبيل المثال، أعلن مكتب النيابة العامة في البحرين في منتصف شهر مارس أنّه “سيواجه بالتحديد (…) أي شخص ينشر أو يشارك في تداول أخبار كاذبة وشائعات متحيّزة”. لا تسمح البحرين بعملية ديمقراطية تُعارِض النظام؛ إنّ السلطات تقمع أي تعبير ضد الملك. ومع ذلك، يتم استخدام “المجلس الأعلى للمرأة” لتعزيز التحسينات في المجتمع المدني والعملية الديمقراطية دون تسليط الضوء على القمع.
يرتبط المجلس الأعلى للمرأة والعديد من الهيئات الرقابية الأخرى في البحرين ارتباطًا وثيقًا بالملك والسلطة الملكية. ولا يسمح هذا الوضع بالانتقاد بموضوعية حتّى في ظل حصول انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان. يؤكد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير وقرار البرلمان الأوروبي الصادر في مارس 2021 على التدهور المستمر لحقوق الإنسان في المملكة. ومع ذلك، لا يُبلغ المجلس الأعلى للمرأة والهيئات الرقابية الأخرى عن حالات مشابهة بل تُعزز العمل الممتاز الذي تقوم به السلطات. لا تزال المرأة تتعرَّض للتمييز؛ لا يزال حقُّها في الميراث والطلاق ومنح الجنسية لأطفالها محدودًا مقارنةً بنظيرها بالذكور؛ وتستمر الدولة في التحفظ على المواد الواردة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
في النهاية، تم إعداد منتدى جيل المساواة وهو منصة عالمية لتشجيع وتعزيز الخطوات المتخذة نحو المساواة بين الجنسين. ويجب على أي منظمة مدعوة إلى المنتدى الالتزام بهذه المبادئ ودعم سياسة موضوعية وغير منحازة تجاه المساواة بين الجنسين. وتسمح خطوة منح المقعد إلى هذا المجلس في المنتدى بإدامة الصورة الجيدة للبحرين فيما يتم اضطهاد المرأة وناشطات حقوق المرأة وأي معارض للنظام. لهذه الأسباب، تعترض منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين على مشاركة المجلس الأعلى للمرأة في منتدى جيل المساواة، وتدعو إلى إلغاء دعوته.