ملفّات الاضطهاد: محمد حسن عبد ﷲ (الرمل)

محدّث: كان محمد حسن عبد ﷲ (الرمل) نجارًا يبلغ من العمر 55 عامًا عندما ألقي القبض عليه في 3 نوفمبر 2015 أثناء مداهمة منزله. خلال احتجازه، تعرض للتعذيب والتحرش الجنسي والتهديد قبل أن تتم إدانته بتهم تستند إلى أدلة ملفّقة، ويقضي حاليًا عقوبة السجن المؤبد في سجن جو معزولًا في المبنى رقم 2 مع السجناء الجنائيين المدانين بجرائم مخدرات. علاوة على ذلك، تواصل إدارة سجن جو رفضها منحه العلاج المنقذ لحياته ومواعيد الأطباء لحالته الصحية، على الرغم من إضراباته العديدة عن الطعام، وآخرها مستمر منذ 28 مايو 2024.

في 3 نوفمبر 2015، داهم ضباط ملثمون بألبسة مدنية، بالإضافة إلى قوات مكافحة الشغب وقوات الكوماندوز في سيارات سوداء منزل محمد في الساعة الواحدة صباحًا وظلوا هناك حتى الساعة الثامنة صباحًا، بحضور ضابطات لاستجواب أخوات محمد وزوجته وأمه. كما فتشوا المنزل وبعثروا أثاثه ومحتوياته وصادروا أدوات النجارة التي كان يخزنها على السطح وحطموها واستبدلوها بقنابل وأسلحة التقطوا لها صورًا لاستخدامها كدليل ضده. لم تذكر السلطات سبب الاعتقال ولم تقدم أي مذكرة اعتقال.

بعد ذلك، تم اقتياده إلى إدارة التحقيقات الجنائية ثم إلى مركز احتجاز “الحوض الجاف”. أثناء وجوده في إدارة التحقيقات الجنائية، تعرض محمد للضرب على جميع أنحاء جسده وبين ضلوعه، وتعرض للتحرش الجنسي والشتم والإهانة والتعليق على السلالم لفترة طويلة. كما هدده ضباط إدارة التحقيقات الجنائية بملاحقة والدته وزوجته. وبالإضافة إلى حرمانه من الصلاة والنوم واستخدام دورة المياه، فقد وُضع في الحبس الانفرادي وحُرم من تلقي العلاج. عمدت السلطات إلى تعذيب محمد من أجل انتزاع اعترافات بتهم محددة سابقًا، وفي النهاية اعترف بغية وقف التعذيب. استمر التحقيق معه لمدة ثلاثة أشهر، احتجز خلالها في غرفة باردة، كما لم يسمح لمحاميه بالحضور.

تعتقد أسرة محمد أن سبب الاعتقال هو أنه كان مطلوبًا منذ أزمة التسعينيات، وظل مختفيًا حتى حملة الإفراج عنه. عاد محمد بعد ذلك إلى منزله وكان يعيش بشكل طبيعي. مع بداية المظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011 وتواجد أجهزة المخابرات في القرية، تم التركيز على محمد، وحدثت اعتقالات تعسفية شملت محمد في النهاية. لم يكن لدى محمد الوقت الكافي والتسهيلات الكافية للاستعداد للمحاكمة ولم يتمكن من الطعن في الأدلة المقدمة ضده.

حُكم على محمد بالسجن المؤبد في 15 مايو 2018 بتهمة التدريب وحيازة الأسلحة في محاكمة جماعية أطلق عليها اسم “كتائب ذو الفقار”، في حين أدين 115 من أصل 138 متهمًا، جلهم من الأطباء والمهندسين والمعلمين، بتهم تتعلق بالإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، سُحبت جنسيته ولكن أعيدت إليه لاحقًا بعد صدور عفو ملكي في أبريل 2019. أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه وكذلك الحكم الصادر بحق جميع المتهمين في هذه القضية في 28 يناير 2019، وكذلك فعلت محكمة التمييز في 1 يوليو 2019. بعد صدور الحكم، نُقل محمد بعد صدور الحكم إلى سجن جو.

في 14 أكتوبر 2019، أرسلت خمسة مكاتب للإجراءات الخاصة للأمم المتحدة رسالة ادعاء إلى البحرين بشأن محاكمة 20 بحرينيًا فيما يسمى بـ”كتائب ذو الفقار”، من بينهم محمد، وذلك في 14 أكتوبر 2019، وذلك في أعقاب رسالة أرسلت في 5 نوفمبر 2018 تضمنت تفاصيل عن الاختفاء القسري والتعذيب لإكراههم على الاعترافات والمحاكمة الجائرة، بما في ذلك المنع من الاتصال بمحامٍ. كما أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيًا في 30 أبريل 2020 بشأن قضايا 20 مواطنًا بحرينيًا أدينوا في هذه القضية، بمن فيهم محمد. قرر الفريق العامل أن سجن هؤلاء الأشخاص تعسفي، وطالب حكومة البحرين بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، وضمان حصولهم على الرعاية الطبية.

قبل الاعتقال، كان محمد يعاني من مشاكل في المعدة، وكان علاجه يتطلب أدوية كانت أسرته تزوده بها خلال احتجازه. بعد سجنه حُرم من دوائه. وطوال خمس سنوات بعد اعتقاله، تدهورت حالته الصحية بسبب عدم توفير الدواء وحرمانه من الفحوصات من قبل طبيب مختص. كما أصيب محمد بأمراض مزمنة جديدة بعد الاعتقال، منها ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في المسالك البولية وضعف البصر وآلام في الظهر والأنف والعين والبطن ونزيف وانخفاض مستويات السكر في الدم ونوبات قيء وحساسية مفرطة من أقراص البروفين.

ساءت حالته حتى وصلت حالة محمد – البالغ من العمر 64 عامًا حاليًا- إلى حد تقيؤ الدم وبالتالي تم نقله إلى مستشفى السلمانية حيث مكث هناك من 16 نوفمبر 2020 إلى 22 نوفمبر 2020، ولم يتم عرضه على أخصائي لتشخيص حالته. كان لديه موعدان لمقابلة الطبيب في 8 ديسمبر 2020 و6 يناير 2021، لكن تم إلغاؤهما. في 10 فبراير 2021، نُقل إلى مستشفى السلمانية بسبب تدهور حالته الصحية ووصفوا له دواءً لمدة 6 أشهر، لكنه لم يتلقاه حتى الآن. علاوة على ذلك، تم وضعه في العزل الطبي في مركز احتجاز الحوض الجاف.

اختارت الأسرة في البداية عدم تقديم أي شكوى بسبب خوفها من انتقام السلطات، ورغم أنها قدمت الكثير من الشكاوى إلى الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بسبب تدهور صحة محمد إلا أنها لم تتلق أي رد. في 3 فبراير 2021، توجهت الأسرة إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لمراجعة والحصول على رقم الشكوى التي قدمتها للأمانة العامة للتظلمات، ولم تتلق أي رد أيضًا. كما قدمت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) عدة شكاوى للمؤسستين ولكن دون جدوى. على الرغم من تأكيد هذه المؤسسات معاناة محمد من مشاكل صحية، إلا أنها أكدت أنه يتلقى الرعاية الطبية المناسبة. على الرغم من الطلبات المستمرة إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات.

في 22 أبريل 2023، نُقل محمد بسيارة إسعاف من زنزانته إلى المستشفى العسكري دون أن تبلغ السلطات أسرته وانقطعت أخباره لمدة أسبوع. على الرغم من جهود الأسرة للاستفسار عنه في المستشفيات، إلا أنهم لم يجدوا أي رد باستثناء اتصال من أحد زملائه السجناء الذين أبلغهم بهذه التفاصيل. بعد ذلك، اتصل محمد بأسرته وأبلغهم أنه كان فاقدًا للوعي لمدة أربعة أيام وأن حالته الصحية حرجة للغاية. وُصفت له الأدوية، ووعدته إدارة السجن بأنه سيخضع لعملية جراحية في الفتق والعمود الفقري قريبًا.

في 31 مايو 2023 و10 يوليو 2023، أغمي على محمد بعد انخفاض مستويات السكر في الدم خلال إضرابه عن الطعام احتجاجًا على حرمانه من الرعاية الطبية.

في سبتمبر 2023، عندما نُقل محمد إلى المستشفى العسكري، لم يتلق الرعاية الطبية المناسبة التي وعدته بها إدارة سجن جو وحُرم من عملية جراحية في عينيه كان من المفترض أن تُجرى له. عندما طالب بالعلاج المناسب، قام الضباط المرافقون له بتعذيبه داخل المستشفى ثم نقلوه إلى العزل في ظل تدهور حالته الصحية، انتقامًا منه لمطالبته بحقوقه. كما أشار في تسجيل صوتي له أنه تعرض لسوء المعاملة والتمييز الطائفي والانتقام المستمر من قبل الضباط هشام الزياني وأحمد العمادي وبدر الرويعي وعلي عراد ويوسف القاضي وعبد الله عمر.

في 21 ديسمبر 2023، حُرم محمد من إجراء عملية جراحية في المعدة كان من المقرر إجراؤها له، على الرغم من إبلاغ إدارة السجن بذلك قبل أسبوع. نتيجة لذلك، بدأ إضرابًا آخر عن الطعام. في يناير 2024، خضع أخيرًا للعملية الجراحية، إلا أنه حُرم من مواعيد المتابعة، وبالتالي عانى من ألم متزايد وقيء مستمر وفقدان القدرة على تناول الطعام. دفع ذلك محمد إلى خوض إضرابًا آخر عن الطعام في 19 يناير 2024. وعمدت إدارة سجن جو إلى حرمانه من التواصل حينها، وذلك كان بمثابة إجراء انتقامي.

تستمر سياسة الإهمال الطبي من قبل إدارة سجن جو التي عملت على حرمانه من أدويته والوجبات الخاصة التي يحتاجها، ورفضت اصطحابه إلى مواعيده. بالإضافة إلى ذلك، فقد رفضوا إصلاح نظارته المكسورة وتزويده بالأدوية لعلاج آلام الحوض التي يعاني منها. نتيجة لذلك، بدأ محمد عدة إضرابات عن الطعام منذ بداية احتجازه احتجاجًا على ظروفه المتدهورة ورفض طلباته المتكررة للحصول على العلاج المناسب. كان ضباط السجن يعدونه باستمرار باصطحابه إلى مواعيده المقررة مع الأطباء المختصين بمجرد إنهاء إضرابه، لكنها كانت وعودًا باطلة قُدمت له لوقف إضرابه دون توفير الرعاية الطبية اللازمة له.

بدأ محمد إضرابه الأخير عن الطعام في 28 مايو 2024 بعد أن تم نقله إلى موعد طبي في المستشفى العسكري في 23 مايو 2024. عوضًا عن إعادته إلى زنزانته بعد الموعد، تم عزله في المبنى رقم 2 في سجن جو، الذي يضم السجناء الجنائيين المدانين بجرائم مخدرات. عُزل في زنزانة تفتقر إلى مستلزمات المعيشة وأبسط الضروريات الأساسية، مثل الكهرباء والماء، على الرغم من حالته الصحية المتردية. في 6 يونيو 2024، تحدث محمد في تسجيل صوتي عن سوء المعاملة والتمييز الطائفي والأعمال الانتقامية التي تعرض لها من قبل الضباط حمد الدوسري وهشام الزياني وأحمد العمادي وبدر الرويعي ويوسف القدادي وعبد الله عمر لمطالبته بحقه في الرعاية الطبية والوجبات الغذائية الكافية. لا يزال يعاني ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في المسالك البولية وضعف في النظر وآلام في البطن ونزيف ونوبات قيء وانخفاض في مستويات السكر في الدم، مما يعرض حياته للخطر.

إن اعتقال محمد بدون أمر قضائي وتعرضه للتعذيب والمحاكمة الجائرة والتمييز الديني والانتقام والحرمان من التواصل والعزل والإهمال الطبي تشكل انتهاكات للدستور البحريني، وكذلك لالتزامات البحرين بموجب المعاهدات الدولية، وتحديدًا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي صادقت عليها البحرين.

على هذا النحو، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد. كما تحث المنظمة الحكومة البحرينية على التحقيق في مزاعم الاعتقال التعسفي والتعذيب والتمييز الديني والانتقام والعزل والإهمال الطبي، ومحاسبة الجناة. على أقل تقدير، تدعو المنظمة البحرين إلى إجراء إعادة محاكمة عادلة لمحمد، وصولًا إلى إطلاق سراحه. كما تدعو المنظمة الحكومة البحرينية إلى تعويض محمد عن الانتهاكات التي تعرض لها، بما في ذلك المشاكل الصحية المزمنة والإصابات الناتجة عن التعذيب. كما تدق المنظمة ناقوس الخطر بشأن تدهور الحالة الصحية لمحمد نتيجة سنوات من الإهمال الطبي الخطير، وتحث إدارة سجن جو على توفير الرعاية الطبية المناسبة والضرورية له بشكل عاجل، محملة إياها مسؤولية أي تدهور إضافي في صحته. وأخيرًا، تحث منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية على إنهاء عزل محمد ونقله إلى مبنى مناسب لحالته الصحية.