أطفال بحرينيون لم يتجاوزوا السنوات الأربع، حرموا حقهم في جنسية آبائهم البحرينية، ومنعوا من السفر والتنقل. وفي الوقت الذي تعد فيه البحرين من أكثر الدول تجنيسا للأجانب، تحرم أطفالا من جذور بحرينية من امتلاك جوازات سفر بلادهم. لا أسباب قانونية ولا إنسانية تسمح بذلك، بل على العكس يُنتهك حقهم على عدة صعد منها انتهاك الحق في الجنسية، الحق في الصحة، الحق في التعليم، الحق في التنقل وغير ذلك الكثير.
منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تستعرض من خلال هذا التقرير، معاناة أربعة أطفال من عائلات بحرينية استهدفتهم الحكومة البحرينية بحرمانهم تعسفياً من الجنسية من أجل معاقبة آبائهم بشكل غير مباشر على نشاطات سلمية قاموا بها معارضة للحكم. الحرمان التعسفي من الجنسية للأطفال الأربعة هو ليس سوى نموذج للنمط الممنهج الذي تعتمده الحكومة ضد عشرات الأطفال البحرينيين بحرمانهم تعسفياً من الجنسية لسبب هروب آبائهم من البحرين خوفا من الملاحقة القضائية بتهم الإرهاب. وبالتالي، يتم تجريمهم بشكل غير قانوني على أفعال لم يرتكبوها. فتنتهك السلطات بذلك عددا من القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان منها المحلية الخاصة المتعلقة بقانون الجنسية، والقوانين الدولية التي تكفل حق الأطفال في الجنسية والحماية من انعدام الجنسية وفقا للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فضلا عن انتهاكات متعددة أخرى لحقوق الإنسان أعقبت هذا الحرمان التعسفي من الجنسية مما أثر على الأطفال وكذلك على أفراد أسرهم، كل ذلك نستعرضه بشكل مفصل في هذا التقرير بعد عرض كل حالة من الحالات الأربع على حدة مع شرح وتحليل قانوني يبرز طبيعة وعدد الانتهاكات التي طالت الأطفال وأسرهم والتي على البحرين التراجع الفوري عنها والتعويض المادي والمعنوي عن كل ذلك لهؤلاء الأطفال والعائلات.
-
الحالة الأولى: ز. عبدالله آدم
ز. عبدالله آدم طفلة بحرينية لم تبلغ الرابعة من عمرها بعد، ولدت في البحرين من أبوين بحرينيين في أبريل عام 2017، بعد شهرين فقط من هجرة والدها لخارج البحرين هربا من تعرضه للاعتقال على يد السلطات البحرينية. تقدمت أسرتها بعدة طلبات الى وزارة الداخلية للحصول على أوراق ثبوتية من بطاقة شخصية وجواز سفر إلا أن السلطات حرمتها من كل ذلك . ز. لم تلتق بوالدها أبدا وهي بعيدة عن والدتها وأخوتها الذين التحقوا بمكان عيش الوالد الحالي في إيران،
والد ز. هو عبد الله عيسى محمد آدم، مواطن بحريني يبلغ من العمر 38 سنة ومتزوج منذ 28 فبراير 2010. هاجر من البحرين في 17 فبراير 2017 بعد تعرضه سابقًا للاعتقال والتعذيب وسوء المعاملة من قبل الحكومة البحرينية، بسبب مشاركته في التظاهرات والنشاطات السلمية المعارضة للحكومة منذ عام 2011. يقيم عبد الله في إيران مع زوجته وأولاده، باستثناء ابنته ز. التي تقيم حاليا في البحرين مع جدّيها.
في 24 أبريل 2017، ولدت ز. في البحرين (مستشفى جدحفص)، تقدمت العائلة الى وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات في مايو 2017 بطلب الحصول على جواز سفر لها مع تقديم جميع الوثائق التي تثبت أنها مؤهلة للحصول على الجنسية البحرينية من شهادة ميلاد تثبت أنها ولدت في البحرين، بالإضافة إلى شهادة زواج تثبت أن والديها متزوجان وتوكيل من الأب للجد للقيام بتقديم الطلب، إلا أن الطلب رُفض لعدم حضور الأب.
في 10 يونيو 2017، تم تقديم طلب ثانٍ، ليتم رفضه مرة أخرى. وسبب الرفض الثاني أن الأب كان مطلوبا لأسباب أمنية. بعد ذلك، قام وكيل المعاملات بعدة محاولات للحصول على جواز السفر، ولكن تم تهديد الوكيل من قبل السلطات البحرينية بسحب رخصة التخليص الخاصة به.
بتاريخ 16 أبريل 2019، أدين عبد الله والد ز. والتي كانت تبلغ حينها سنتين من عمرها، في محاكمة جماعية مع 137 آخرين في قضية الانتماء إلى تنظيم ما يعرف “حزب الله البحريني”، وحكم عليه بالسجن المؤبد واسقطت جنسيته مع باقي المتهمين مما أدى إلى تجريده من جنسيته.
أخيرًا، في 5 أبريل 2020، تقدمت الأسرة بطلب عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية للحصول على جواز سفر لز.، وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن استقبال الطلبات وتحويل جميع الخدمات إلكترونيا بسبب انتشار فيروس كورونا. تم رفض الطلب بعد 5 أيام من تقديمه.
نتيجة لذلك، لا تستطيع ز. السفر إلى أي مكان لأنها لا تملك جواز سفر، ولا يمكنها التسجيل في مدرستها لأنها لا تحمل الجنسية البحرينية ولا بطاقة شخصية. إضافة إلى كل ذلك، بُعدها وانسلاخها عن والديها يسبب لها ولوالديها حالة نفسية مضطربة، هذا وتواجه والدتها العديد من العراقيل والصعوبات من قبل السلطات عند السفر من والى البحرين للاطمئنان عن حالة طفلتها التي تعيش في منزل جديها. فتحرم الطفلة من رؤية الأب والأم، والجدير ذكره، مازال جهاز أمن الدولة في البحرين يداهم بانتظام منزل عبد الله، مع علمه بأنه يقطن في إيران، ويهدد والدي عبد الله وإخوته.
-
الحالة الثانية: أ. علي سلمان
أ. علي سلمان هو طفل بحريني لم يبلغ الخامسة من عمره بعد، ولد الطفل أ. في البحرين من أبوين بحرينيين في يونيو 2016 مباشرة بعد عودة والدته الى البحرين. وكان والد أ. قد التحق بدراسة العلوم الدينية في مدينة قم الايرانية منذ عام 2011 وعاش مع أسرته منذ ذلك الوقت. بعد ولادة أ. في عام 2016، تقدمت والدته وأسرته بعدة طلبات الى السلطات البحرينية المعنية للحصول على مستندات ووثائق رسمية لمولودها لاسيما البطاقة الشخصية وجواز السفر، الا أنه حرم من ذلك ولا يزال محروما من هذا الحق. بدوره والد أ. يحاول منذ عام 2013 تجديد جواز سفره في قنصلية بلاده الموجودة في إيران، ليستطيع القدوم للبحرين للقاء ابنه، لكنه أيضا حرم من ذلك بعد أخذ جوازه القديم من دون تسليمه أي جواز جديد. أ. حاليا لم يلتق بوالده أبدا سوى من خلال وسائل التواصل ويعيش مع جديه في البحرين من دون أي وثائق، محروم من أبسط حقوقه كإنسان، مثل الحق في الطبابة والتعليم، بعيدا عن والديه وأخوته الذين يعيشون خارج البحرين.
والد أ. علي سلمان هو طالب العلوم الدينية الشيخ علي أ. سلمان. وهو مواطن بحريني يبلغ من العمر 39 عاما، متزوج منذ 19 يوليو 2003، سافر إلى إيران مع زوجته في عام 2011 لمتابعة تعليمه. وهو يعيش حاليا في إيران مع زوجته وأولاده، باستثناء ابنه أ. الذي يقيم حاليا في البحرين حيث ولد.
في 6 أكتوبر 2013، قدم الأب طلبًا إلى السفارة البحرينية في طهران لتجديد جواز سفره الذي انتهت صلاحيته في 30 يوليو 2011. وفي طلبه، أرفق وثيقة من السفارة البحرينية في طهران تثبت تقديم طلب تجديد جواز السفر، إيصال دفع رسوم تجديد جواز السفر، وتاريخ الوثيقة. وما زال الطلب قيد المعالجة حتى اليوم وجواز السفر لم يُعاد إلى الأب بعد.
في 5 يونيو 2016، ولد أ. في البحرين (مستشفى جدحفص) بعد أن سافرت والدته إلى البحرين للولادة. تقدمت الأم بطلب لمنح أ. جواز سفر، إلا أن السلطات البحرينية رفضت الطلب على الرغم من أن عائلته لديها جميع المستندات التي تثبت أنه مؤهل للحصول على الجنسية البحرينية، وطالبت السلطات بوجوب حضور الأب من أجل منح أ. جواز السفر.
-في 28 سبتمبر 2017، أصدرت المحكمة المدنية العليا الأولى في البحرين الحكم بمنح الطفل أ. جواز سفر بحريني، لكن وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات رفضت تنفيذ الحكم. وقامت الوزارة المعنية بترهيب وتهديد معقبي الطلب، وردعهم عن قضية أحمد، بل إنها ألغت ترخيص أحدهم عقابًا على استكمال الطلب. وقام عدد من العاملين في الوزارة بتهديد وتخويف معقبي المعاملة، وأشاروا إلى أن الأب علي سلمان هو السبب. لم تسترد الوزارة نسخة الحكم فحسب، بل استرجعت أيضًا الوثيقة الرسمية، ورفض محامي الأسرة منحهم الوثيقة. في 12 ديسمبر 2017، أصدرت وزارة العدل البحرينية شهادة تفيد بانتهاء الموعد النهائي للاستئناف، وبالتالي، لم يعد بإمكان وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات استئناف الحكم الصادر عن المحكمة المدنية العليا الأولى.
في عام 2017، اتُهم الشيخ علي والد أ. في قضية تشكيل خلية إرهابية ومحاولة اغتيال القائد العام لقوة دفاع البحرين، لكن المحكمة العسكرية العليا حكمت ببراءته في 25 ديسمبر 2017.
في 31 ديسمبر 2017، أصدرت وزارة العدل البحرينية – مديرية التنفيذ رسالة تشير إلى وجوب تنفيذ حكم المحكمة المدنية العليا الأولى، وعلى وزارة الداخلية لشؤون الهجرة والجوازات أن تمنح الطفل أ. جواز سفر بحرينيًا. تم استنفاد جميع الآليات القانونية من القضاء والمحامين والموافقات وحتى الوساطة. لكن حتى الآن لم يحصل أ. على جوازه.
في هذا الصدد، أبلغت مديرية الهجرة والجوازات الأب بأن السبب الرسمي لرفض طلب جواز السفر للطفل أ. هو أنه مطلوب، رغم حكم البراءة الصادر بحقه. ويعتقد الشيخ علي، بأنه يُعاقب نتيجة نشاطه الإعلامي السلمي على شاشات التلفزيون.
ولأن أ. البالغ من العمر 4 سنوات لم يُمنح جواز سفر بحريني، فقد حرم من حقوقه الأساسية مثل الحق في الصحة، حيث ترفض الممرضات في المستشفى تلقيحه، والحق في التعليم، لأنه غير قادر على التسجيل في مدرسة بحرينية. يعيش أ. بعيدًا عن أشقائه وأبيه، ولا يمكنه مقابلتهم، لذلك لا يتواصل معهم إلا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يعاني أ. من عدم استقرار، حيث ينتقل من منزل إلى آخر في البحرين بين بيوت عماته، مما يؤثر على صحته النفسية. والدته أيضًا غير قادرة على رؤيته منذ انتقالها إلى إيران مؤخرًا لتلد ابنتها الصغرى زينب ولم تستطع اصطحاب أ. معها.
-
الحالتان الثالثة والرابعة: ف. حسن هزيم وز. حسن هزيم
ف. وز. حسن هزيم طفلتان بحرينيتان. ف. تبلغ ثلاثة أعوام وشقيقتها عاما واحد محرومتان أيضا من الجنسية وحقهما في جواز سفر بحريني. جرّمتهما السلطات البحرينية لمعاقبة والدهما الذي حكم في عام 2014 بالسجن لعشر سنوات بتهم تتعلق بالتجمهر وحرية التعبير. والد ف. وز. مطلوب من قبل الإنتربول بناء على دعوى السلطات البحرينية بحقه، وبالتالي هو مقيم في إيران مع زوجته وبناته ولا يمكنه العودة إلى وطنه البحرين لإعطاء الجنسية لبناته.
والد ف. وز. هو حسن فيصل هزيم، مواطن بحريني من مواليد بلدة جدحفص البحرينية ويبلغ من العمر 35 عامأ. شارك حسن كغيره من شباب البحرين في المظاهرات السلمية المطالبة بالديموقراطية والتي اندلعت عام 2011، وبالتحديد في مظاهرات جمعية الوفاق أكبر الجمعيات السياسية البحرينية والتي كانت ممثلة بأكبر كتلة نيابية آنذاك وتم حلّها فيما بعد بأمر من أعلى محكمة في البلاد. تعرض حسن بسبب نشاطاته المعارضة للملاحقة من قبل السلطات. وفي سبتمبر 2013، اتهم بسبب اعترافات أخذت من بعض المعتقلين تحت التعذيب في قضية تفجير وقعت في البلدة، عرف حسن بذلك عند اقتحام عدد كبير من القوات المدنية والملثمة البحرينية اضافة الى قوات كومندوز منزل والديه لاعتقاله، لكنه لم يكن في منزله حينها. وهددوا أخته بالاغتصاب في حال لم يسلم نفسه، وقاموا بالاعتداء الجسدي على أخيه الصغير. وخوفا من إدانته في محاكمة غير عادلة، لم يكن لدى حسن أي خيار سوى الهرب فتوجه بتاريخ 15 نوفمبر 2013 الى إيران قبل أن تبدأ محاكمته في هذه التهمة التي يؤكد أنه بريئ منهأ. لاحقا اتهم حسن في قضية أخرى وهي الهجوم على مركز شرطة الخميس وقضية تصنيع واستخدام المتفجرات بسبب مشاركته في الماضي في مظاهرات سلمية.
في 6 يناير 2014، حُكم على حسن بالسجن لمدة 10 سنوات في قضية الهجوم على مركز خميس، وأيدت محكمة الاستئناف العليا الحكم بتاريخ 29 أبريل 2016. أما في قضية صنع واستخدام المتفجرات لم يعرف حسن سوى أن المدانان الآخران معه في القضية قد حكم عليهما بالمؤبد.
في 27 ديسمبر 2016، تزوج حسن من مواطنة لبنانية، وولدت أولى بناته ف. في 18 مايو 2018 في إيران حيث لجأ.
في بداية عام 2019، عيّن حسن محاميًا لمساعدته في تأمين جواز سفر لابنته ف. وتوجه المحامي إلى وزارة الداخلية لشؤون الجنسية وجوازات السفر في البحرين لتقديم طلب جواز سفر للطفلة. تم رفض الطلب، وطُلب من حسن الحضور شخصيا لأنه مطلوب ومدان من قبل القضاء البحريني. نتيجة لذلك، لا تستطيع ف. السفر إلى البحرين أو لبنان، وقد يكون مستقبل تعليمها على المحك. بالإضافة إلى ذلك، بعد محاولته زيارة العراق، أُبلغ حسن بوجود إشارة حمراء ضده من قبل الإنتربول، مما جعل من المستحيل عليه السفر إلى أي مكان. علاوة على ذلك، لا تستطيع زوجة حسن السفر مع زوجها إلى لبنان.
ولدت ز. في 5 فبراير 2020 في إيران، حيث تعيش حاليا مع أهلها وشقيقتها الكبرى ف. كذلك، لم تمنح الحكومة البحرينية ز. الجنسية البحرينية؛ وبالتالي، ليس لديها جواز سفر وتعتبر عديمة الجنسية بموجب القانون.
التحليل القانوني
استهدفت الحكومة البحرينية الأطفال بحرمانهم تعسفاً من الجنسية البحرينية من أجل معاقبة آبائهم بشكل غير مباشر. وجرم المسؤولون البحرينيون الآباء بسبب أفعال لم يرتكبوها حيث يعتقدون بشدة أن السبب هو انتمائهم الديني والسياسي، واستخدموا ذلك كسبب لعدم منح الأبناء الجنسية. لذلك، حدثت انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان في أعقاب الحرمان التعسفي من الجنسية، مما أثر على الأطفال وكذلك أفراد أسرهم الآخرين.
الحقوق المعنية المنتهكة هي: الحق في الجنسية، الحق في حرية التنقل، الحق في وحدة الأسرة، الحق في الصحة، الحق في التعليم، والحق في المساواة وعدم التمييز. يقع على عاتق البحرين التزامات قانونية صارمة لحماية هذه الحقوق بموجب أحكام المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الحكومة، وكذلك بموجب القوانين المحلية ودستور البحرين. في هذه الحالات بالذات، تنبع التزامات البحرين الدولية من تصديقها على الاتفاقيات التالية: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR)، اتفاقية حقوق الطفل (CRC)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (CERD).
سيوضح القسم التالي كيف تم انتهاك كل من الحقوق المعنية بموجب أحكام المراسلة الدولية وغير الدولية، ولماذا يتعين على حكومة البحرين معالجة هذه الانتهاكات وتقديم تعويضات للأسر الثلاث.
-
الحق في الجنسية:
يكفل القانون الدولي حق الأطفال في الجنسية والحماية من انعدام الجنسية وفقا للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[1] تحدد هذه المقالة العلاقة القانونية الأساسية بين الأفراد والدول، وهذه العلاقة ضرورية للتمتع بمجموعة كاملة من حقوق الإنسان وحمايتها.
بما أن الضحايا في هذه الحالات هم من الأطفال، فإن البحرين ملزمة بمنحهم الجنسية بحسب المادة 24 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[2]ووفقا للمادة 7 (1) من اتفاقية حقوق الطفل.[3] تفرض المادة 7 أيضًا التزامات على الدول الأطراف لتنفيذ هذا الحق “لا سيما عندما يكون الطفل عديم الجنسية”. من ناحية أخرى، تتناول الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري انعدام الجنسية في المقام الأول.[4] في الحالة المعنية، لم يتم منح الأطفال الجنسية البحرينية، ولم يتم منحهم الجنسية الإيرانية. ونتيجة لذلك، يُعتبرون عديمي الجنسية ويتعرض تمتعهم بحقوق الإنسان الأخرى لخطر شديد. لذلك، وفقًا لاتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها البحرين، هناك التزام على الحكومة البحرينية بإعطائهم الجنسية ومنحهم جواز السفر البحريني
على المستوى المحلي، ينعكس التزام البحرين بمنحهم الجنسية في قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 المعدل وفقا للمادة 4 (أ).[5] في الحالتين الثالثة والرابعة ، ولدت الطفلتان خارج البحرين وكان والدهما حسن هزيم بحريني الجنسية وقت ولادتهما، وبالتالي يجب منحهم الجنسية البحرينية وجوازات السفر وفقًا للمادة 4 (أ) من قانون الجنسية البحرينية المعدل.
في الحالتين الأولى والثانية، وُلدا ز. آدم وأ. سلمان في البحرين وكان آباؤهما بحرينيين وقت الولادة. نتيجة لذلك، يجب منح كلا الطفلين الجنسية البحرينية وجوازات السفر وفقًا للمادة 4 (أ) من قانون الجنسية البحرينية المعدل.
-
الحق في حرية التنقل:
حرية التنقل مكرسة في المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[6] يتم فرض هذه الحماية بشكل أكبر في المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[7]
في حالة ز. آدم، فوالدها لا يستطيع السفر إلى البحرين لرؤيتها لأنه مطلوب من القضاء البحريني، ولا تستطيع هي السفر لتنضم الى أسرتها لأنها لا تملك جواز سفر. علاوة على ذلك، تواجه الزوجة صعوبة في إجراءات التنقل بين إيران والبحرين لتفقد حالة ابنتها، وقد مضى عامان على سفرها لرؤية ابنتها في البحرين.
وفي حالة أ. ابن علي سلمان، هو أيضا لا يستطيع السفر الى البحرين لرؤية والده والانضمام الى أسرته وأخوته، هو لم يلتق أبدا بوالده سوى من خلال وسائل التواصل، رغم صدور حكم بحقه في الحصول على الجواز السفر من المحكمة. أما بالنسبة للحالتين ف. وز. طفلتا حسن هزيم، لن يتمكن جميع أفراد الأسرة من ممارسة حقهم في حرية التنقل. بناءً على طلب من الحكومة البحرينية، صدرت نشرة حمراء من الإنتربول بحق والدهما وتمنعه من السفر إلى أي مكان. من ناحية أخرى، لا تستطيع بنات حسن مغادرة إيران لأنهن لا يحملن جوازات سفر أو أي وثائق قانونية تسمح لهن بالسفر إلى دول أخرى. كما أن والدتهم غير قادرة على مغادرة إيران لأنها بحاجة إلى البقاء مع بناتها الصغيرات وزوجها، لذا فهي لم تزور والديها في لبنان منذ عامين. ونتيجة لذلك، تم انتهاك المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشكل مباشر في قضية حسن وبناته، وانتهاك بشكل غير مباشر في قضية زوجته. لهذه الأسباب، يجب على الحكومة البحرينية إزالة النشرة الحمراء ضد حسن لأن الإدانة تستند إلى رأيه السياسي، مما يجعلها بلا أساس قانوني. ونتيجة لذلك، يتعين على الحكومة منح جوازات سفر بحرينية لبناته، مما سيمكن حسن من ممارسة حقه في حرية التنقل من جهة، وسيسمح لبناته بالسفر بجوازات سفرهن من جهة أخرى. سيمكن هذا الأم من السفر بحرية بين البحرين ولبنان لأنها لن تكون ملزمة بالبقاء في إيران.
-
الحق في التعليم:
الحق في التعليم للجميع مكرس في المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي مختلف المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المواد 13-14)؛ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 18)؛ اتفاقية حقوق الطفل (المادة 28-29)؛ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المادة 10) واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (المواد 5-7).
يتعرض جميع الأطفال الأربعة للحرمان من الحق في التعليم لأنهم لا يملكون الوثائق المطلوبة للالتحاق بالمدارس لأنهم يعتبرون عديمي الجنسية ويفتقرون إلى الوثائق القانونية. وبالتالي، فإن حرمانهم من التعليم يمكن أن يزيد من استمرار انعدام الجنسية وانتهاكات حقوق الإنسان المصاحبة له.
على الصعيد المحلي، تنتهك الحكومة البحرينية الدستور البحريني، خاصة المواد 4، 5، و7.[8]
-
الحق في لم شمل الأسرة:
تخالف حكومة البحرين المادة 16 (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،[9] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[10]
في حالة الأطفال، تم التأكيد على حماية حقهم في التعليم في أحكام اتفاقية حقوق الطفل، ولا سيما في المواد 3-7-8-9 و 10. اتفاقية حقوق الطفل تنشئ الصلة بين الأسرة والمصلحة الفضلى للطفل. عندما ينفصل الأطفال عن والديهم أو أفراد الأسرة الآخرين، فإن ذلك يؤثر على مصلحتهم ورفاههم.
كما ينعكس مراعاة وحدة الأسرة في المادة الخامسة من دستور البحرين.[11]
في حالة ز. عبدالله آدم، الوالد غير قادر على رؤية ابنته لأنها تعيش في إيران وهي تقيم في البحرين. الأم أيضًا غير قادرة على رؤية ابنتها بانتظام بسبب الصعوبات التي واجهتها في السفر. الأمر نفسه ينطبق على حالة أ. علي سلمان، الوالد الذي يعيش في إيران غير قادر على السفر إلى البحرين ورؤية ابنه لأنه مطلوب من قبل الحكومة البحرينية، على الرغم من براءته المثبتة.
عندما يتعلق الأمر بحالة ف. وز. طفلتا حسن هزيم، تستطيع البنات البقاء مع والديهن، ومع ذلك، لا تستطيع الأم رؤية والديها في لبنان، ولا يستطيع حسن العودة إلى البحرين لرؤية أفراد أسرته.
إن قرار الحكومة بحرمان الأبناء من الجنسية البحرينية، وحقيقة أن جميع الآباء مطلوبون من قبل الدولة البحرينية، أثر بشكل كبير على وحدة الأسرة في جميع الحالات الأربع، وهو ما يتعارض مع أحكام القوانين الدولية والمحلية.
-
الحق في الصحة:
الحق في الصحة محمي بموجب القانون الدولي بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[12] هذا الحق تحميه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المواد 11-12-14)، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (المادة 5)، وفي حالة الأطفال بموجب اتفاقية حقوق الطفل (المواد 24-27).
على الصعيد المحلي، يحمي الدستور البحريني هذا الحق بموجب المادة 8 (أ).[13]
في حالة ز. عبدالله آدم، عانى الوالد والوالدة من حالة نفسية مضطربة بسبب عدم تمكنهما من رؤية ابنتهما. أما بالنسبة لحالة أ. علي سلمان، فالطفل محروم من حقه في الصحة، والممرضات في المستشفى يرفضون تلقيحه لأنه لا يحمل الجنسية البحرينية. الأمر نفسه ينطبق على الأطفال الآخرين لأنهم يفتقرون إلى الوثائق القانونية في البحرين.
نتيجة لذلك، لم تفِ الحكومة البحرينية بالتزاماتها بموجب قانونها المحلي وأحكام الاتفاقيات الدولية.
-
الحق في المساواة وعدم التمييز:
هذا الحق معترف به في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العديد من معاهدات حقوق الإنسان مثل المادتين 2 و 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 2 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل. بالإضافة إلى ذلك، تم وضع معاهدتين رئيسيتين للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشكل صريح لحظر التمييز، اتفاقية القضاء على التمييز العنصري على أساس العرق واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أساس الجنس. وقد صادقت البحرين على جميع هذه الاتفاقيات ، مما يشير إلى وجود مطلب قوي للحكومة البحرينية لوقف أي عمل تمييزي ضد مواطنيها.
ينعكس عدم التمييز أيضًا في المادة 18 من الدستور البحريني، وفي أجندة التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 والتي تعزز قيمة التسامح الديني والتعايش السلمي ومكافحة جميع أشكال التمييز داخل المجتمع البحريني وبين جميع شرائح المجتمع البحريني وبين جميع السكان.
في جميع الحالات الأربع، مارست الحكومة البحرينية شكلاً من أشكال التمييز غير المباشر ضد الأسرة، من خلال استهداف أطفال حسن وحرمانهم من حقهم في الجنسية وعدم مصادرة جوازات سفرهم. ويعود سبب التمييز إلى الانتماء السياسي للوالدين وانتمائهم إلى الطائفة الشيعية، وهذه ممارسة شائعة تمارسها الحكومة البحرينية لاستهداف الأفراد ومعاقبتهم. فمن ناحية، اتهمت الحكومة الآباء زوراً بارتكاب أعمال غير مشروعة، مما أدى بهم إلى أن يصبحوا مطلوبين ومدانين. من ناحية أخرى، استخدمت الحكومة حقيقة إدانتهم لتبرير حرمان الأطفال من الجنسية.
ما عرض في هذا التقرير ليس سوى نموذج بسيط عن انتهاك السلطات البحرينية لأبسط حقوق الإنسان بسبب الانتماء الديني والسياسي. واللافت في هذا التقرير استخدام السلطات للأطفال بغية الانتقام من آبائهم بسبب نشاطهم السلمي المعارض. والحالات المذكورة أعلاه ليست الحالات الوحيدة في هذا النطاق، بل تعكس عدد من الحالات لأطفال بحرينيين حرموا من الحق في الجنسية، وبالتالي من أبسط حقوق الإنسان المترافقة مع هذا الحق، بسبب هروب آبائهم من ملاحقة السلطات البحرينية لهم بعد تلفيق تهم بحقهم بسبب نشاطهم السلمي المعارض. وهذا التكتيك المتمثل بالتعرض لأطفال النشطاء للانتقام من آبائهم هو نمط ممنهج جديد تستخدمه الحكومة البحرينية بحق النشطاء السلميين المعارضين للحكومة.
من هنا، تستنكر منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) التعرض غير القانوني وغير الإنساني لهؤلاء الأطفال عبر حرمانهم من الجنسية، وبالتالي حرمانهم من أبسط حقوق الإنسان، كالحق في الجنسية، الحق في الطبابة، الحق في التعليم، والحق في التنقل، والتي هي حقوق مقدسة بموجب القوانين والمعاهدات البحرينية والدولية. وتطالب المنظمة الحكومة البحرينية بوقف التعرض للأطفال ولحقوقهم عبر إعطائهم الجنسية وجواز السفر البحرينيين، وبوقف التعرض لجميع النشطاء السلميين المعارضين عبر إعلان براءتهم من جميع التهم المفبركة الموجهة إليهم، وعبر التعويض عن جميع الانتهاكات التي تعرضوا وعائلاتهم لهأ.
[1] المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما. ( 2 ) لا يجوز، تعسُّفًا، حرمانُ أيِّ شخص من جنسيته ولا من حقِّه في تغيير جنسيته”.
[2] المادة 24 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “لكل طفل حق في اكتساب جنسية”.
[3] المادة 7 (1) من اتفاقية حقوق الطفل: “يجب تسجيل الطفل فور ولادته ويكون له الحق منذ الولادة إلى اسم، والحق في اكتساب جنسية، وبقدر الإمكان، الحق في معرفة والديه أو رعايتهما”.
[4] الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، المقام الأول: “يحظر التمييز أو الاستبعاد أو التقييد أو التفضيل على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني”.
[5] قانون الجنسية البحرينية المعدل، المادة 4 (أ): يعتبر الشخص بحرينيًا إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان والده بحريني الجنسية وقت الولادة.
[6] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 13: “( 1 ) لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة. ( 2 ) لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”.
[7] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 12: 1. لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. 2. لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. 3. لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. 4. لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.
[8] نصت المادة 4 من الدستور البحريني على أن التعليم من “دعائم المجتمع التي تكفلها الدولة”. تركز المادة 5 على “النمو الجسدي والعقلي والأخلاقي للشباب”، وتشير المادة 7 إلى أن البحرين ملزمة بتوفير التعليم لمواطنيها.
[9] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 16 (3): “الأسرةُ هي الخليةُ الطبيعيةُ والأساسيةُ في المجتمع، ولها حقُّ التمتُّع بحماية المجتمع والدولة”.
[10] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المادة 10 (1): “وجوب منح الأسرة، التي تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسؤولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم. ويجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه”.
[11] الدستور البحريني، المادة 5: “الأسرة أساس المجتمع، تستمد قوتها من الدين والأخلاق وحب الوطن … التطور الجسدي والأخلاقي والفكري للشباب”.
[12] الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقر بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية.
[13] الدستور البحريني، المادة 8 (أ): “لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية. وتعنى الدولة بالصحة العامة وتكفل وسائل الوقاية والعلاج من خلال إنشاء مجموعة متنوعة من المستشفيات والمؤسسات الصحية”.