في 18 يوليو 2013 اعتقلت السلطات البحرينية تعسفيًا الشيخ زهير جاسم عباس المعروف أيضًا باسم الشيخ زهير عاشور رجل الدين الشيعي المعارض والأستاذ في حوزة السيد الغريفي العلمية للدراسات الإسلامية. وفي أثناء اعتقاله والتحقيق معه تعرض للتعذيب الشديد ولمختلف انتهاكات لحقوق الإنسان. مؤخرا تعرض الشيخ زهير للاختفاء القسري الذي امتد من 7 يوليو 2020 إلى 17 يناير 2021، تعرض خلالها لمختلف أشكال التعذيب والتضييق كشكلٍ من أشكال الانتقام لمواقفه ونشاطاته المطالبة بالحقوق في السجن. وهو لا يزال محتجزاً في سجن جو يمضي حكمه بالمؤبد.
في حوالي الساعة 3:30 من عصر يوم 18 يوليو 2013، داهم ضباط شرطة المجتمع وضباط ملثمون وضباط من وزارة الداخلية منزل الشيخ زهير دون إبراز أي مذكرةِ اعتقال حتى اكتشفوا أنه لا يعيش هناك أصلًا. ثم وجهوا مسدسًا على رأس والده وهددوا بقتله إن لم يفصح عن مكان وجود الشيخ زهير. وعندما رفض إبلاغ الضباط اقتادوه إلى سيارة للشرطة. في أثناء وجودهم في السيارة، تلقى الضباط اتصالاً بأنهم وجدوا الشيخ زهير. عندها حاصرت سيارات وزارة الداخلية إضافة إلى سيارات ما كان يعرف بقوات شرطة المجتمع سيارة الشيخ زهير أمام مجمع البحرين التجاري في منطقة الديه بينما كان مع زوجته الحامل وطفليه وأوقفت سيارته، ونزل منها أفراد مقنعون واعتُقل من دون أمرٍ قضائي ومن ثم نقلوه إلى مديرية التحقيقات الجنائية من دون الإفصاح لعائلته عن الوجهة، حيث بدأ التحقيق.
في خلال فترة التحقيق التي دامت من 18 يوليو 2013 حتى 24 أغسطس 2013، تعرض الشيخ زهير للتعذيب الشديد اليومي من دون أن يتم استجوابه، ولم يُسمح له بتوكيل محام. كان يتعرض للضرب المبرح بخراطيم المياه والصعق بالكهرباء حتى الإغماء، والاجبار على الوقوف بشكل متواصل، والحرمان من النوم لعدة أيام، كما كانت تنهال على مسامعه أسوء الشتائم. لم يعرف الشيخ زهير أبدا القضية المتهم بها خلال تعرضه للتعذيب الوحشي سوى أنه أجبر على توقيع أوراق وهو معصوب العينين. أصيب الشيخ زهير بضعف حاد في البصر والرؤية ولم يعرض على أي طبيب ألا بعد مرور 9 أشهر من اعتقاله. ويعتقد أن الشيخ زهير اعتقل وتعرض للتعذيب بسبب نشاطه السلمي المعارض. كما تعرض للاختفاء القسري خلال الأيام الثلاثة الأولى من فترة الاستجواب في إدارة التحقيقات الجنائية. وبعد ثلاثة أيام من اعتقاله، سُمح للشيخ زهير بالاتصال بأسرته لأول مرةٍ. وبعد أربعة أيام من الاعتقال نشرت وزارة الداخلية صورته مع معتقلين آخرين في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي ونشرت أنهم متهمون في تفجير سيارة أمام مسجد في منطقة الرفاع. في 24 أغسطس 2013، مَثَل الشيخ زهير أمام النيابة العامة حيث تم تهديده بمزيد من التعذيب في حال رفض الاعتراف بالتهم الموجهة إليه، ثم نُقل بعد ذلك إلى مركز احتجاز الحوض الجاف.
وعند نقله إلى مركز احتجاز الحوض الجاف، علم الشيخ زهير أخيرًا بالتهم والاعترافات التي وقّع عليها. كما نُقل إلى إدارة التحقيقات الجنائية عدة مرات وهو معصوب العينين، حيث يتعرض للتعذيب مرةً أخرى قبل إعادته في اليوم نفسه إلى مركز احتجاز الحوض الجاف.
في 10 نوفمبر 2013 أدين الشيخ زهير بعدة تهم أبرزها تأسيس خلية إرهابية وتمويل وحيازة مفرقعات وتدرب على استعمال الأسلحة والمفرقعات والمشاركة في التفجير في الرفاع والمساهمة في حدوثه، وحكم بالسجن المؤبد وكان هذا المؤبد الأول له. نقل الشيخ زهير بعد صدور الحكم الى سجن جو. خلال تواجده في السجن تعرض للتعذيب عدة مرات واحضاره للتحقيق ثم توالت عليه قضيتين أدين بهما أيضا، وهي: كما أدين في محاكمتين أخريين غيابيًا وكانت التهمتان: 1) التجسس التخابر مع الخارج و 2) تمويل منظمةٍ إرهابيةٍ والمشاركة فيها أو قضية ما سميت بـ “قروب البسطة”. حيث حكم عليه غيابياً بالمؤبد مرة أخرى، في هاتين القضيتين في عام 2015 و30 أكتوبر 2017 على التوالي.
وفي خلال وجوده في المبنى رقم 10 في سجن جو في عام 2015، اتُهم الشيخ زهير بالمشاركة في أعمال الشغب خلال أحداث سجن جو في عام 2015، وتعرض للتعذيب المنهجي الجسدي منه والنفسي، وعلى إثره لم يتمكن حتى من التعرف على ابنته بعد زيارتها الأولى لشدة هذا التعذيب.
وخلال احتُجاز الشيخ زهير في المبنى رقم 14 في سجن جو، كان يتعرض لسوء المعاملة وللضرب والحرمان من الطعام والرعاية الطبية والاستحمام مع مجموعة كبيرة من المعتقلين في السجن. وفي يوليو 2020، شارك الشيخ زهير في إضراب جماعي شارك فيه مئات السجناء في المبنيين 13 و 14. وشملت مطالبهم توفير الرعاية الطبية والصحية المناسبة للسجناء، وإنهاء اعتماد سياسة التكبيل الشديد عند النقل إلى العيادة، وتوقيف التحرش بالسجناء أثناء المكالمات والزيارات، وتقديم لوازم النظافة الشخصية في المقصف والسماح للسجناء بممارسة الشعائر الدينية بحرية.
وفي 9 أغسطس 2020، شارك الشيخ زهير في حملة إضرابٍ عن الطعام احتجاجًا على إهمال الإدارة وعلى حظر الشعائر الدينية قبل فترة عاشوراء. وفي اليوم التالي نُقل الشيخ زهير ومعه علي الوزير وناجي فتيل وصادق الغسرة ومحمد فخراوي ومحمد سرحان إلى المبنى 15 بتهمة “تحريض” النزلاء على الإضراب. تم وضع كل سجين في زنزانة مع 3 سجناء مهاجرين من ثقافاتٍ ولغاتٍ مختلفةٍ. كان هذا شكلاً من أشكال الانتقام من السجناء حيث تم عزلهم عن بعضهم البعض وأي سجناء بحرينيين آخرين من نفس بيئتهم، وبهذا أصبحوا غير قادرين على أداء الشعائر الدينية في خلال شهر محرم. وفي 18 أغسطس قابلت إدارة السجن هؤلاء السجناء وتم نقلهم إلى المبنى 14 حيث أوقفوا إضرابهم عن الطعام. وفي وقتٍ لاحق وفي نفس اليوم، نُقلوا فجأة إلى المبنى 15، باستثناء الناشط ناجي فتيل. ونتيجة لذلك، استكمل السجناء الإضراب.
ومنذ نقلهم، تعرض هؤلاء السجناء لسوء المعاملة والمضايقات حيث تم تقييد أرجلهم وأيديهم طوال الوقت ومنعوا من الذهاب إلى الفناء أو شراء المنتجات في المقصف وكانوا يتعرضون للإهانة باستمرار. كما صادر الضباط الكتب الدينية للشيخ زهير بما في ذلك الكتب التي كان يكتبها، وتم منعه من ممارسة الشعائر الدينية في شهر محرم.
وفي 29 أغسطس أي في اليوم التاسع من محرم، قام ضابط يمني بإهانة السجين الوزير والشيعة وضربه. وبدوره قام الوزير بالرد على الشرطي ودفعه مما أدى إلى إصابته. ونتيجةً لذلك، تم أخذ الوزير والشيخ زهير من زنازينهما واختفيا. شوهد الشيخ زهير في عيادة سجن جو يوم المشاجرة وقال فقط إنه ليس لديه فكرة إلى أين سيتم نقله. وكان الشيخ زهير قد نُقل مع الوزير إلى مبنى الأكاديمية الملكية ثم إدارة التحقيقات الجنائية في العدلية حيث تعرض الشيخ زهير للضرب المبرح ووجهت إليه تهمة التحريض على القتل في قضية المشاجرة بين الوزير والضابط. ثم نُقل إلى الحبس الانفرادي وانقطعت أخباره.
استمر اختفاء الشيخ زهير حتى 17 يناير 2021، حيث لم ترد أي مكالمة هاتفية له من داخل السجن رغم تضارب المعلومات التي كانت تصل لعائلته عن مكان وجوده أو حالته الصحية. وتعرض الشيخ زهير في خلال مكالمته الأخيرة التي سبقت الاختفاء في 10 تموز 2020 لمضايقاتٍ وضغوط كما حدث تمامً عند إجرائه مكالماتٍ هاتفيةٍ أخرى سابقة. ففي أثناء كل مكالمة كان يتم اصطحابه إلى مكتب حيث يحيط به الضباط ويتم تسجيل مكالمته مما يمنعه من التحدث بحريةٍ أو بشكلٍ مريح. علاوةً على ذلك، انقطعت بشكل كلي أي خبر متعلق به أو بمكان تواجده لمدة 3 أشهر. وقد فشلت كل الجهود التي بذلتها عائلة الشيخ في الاتصال بإدارة سجن جو للاستعلام حول مكانه وصحته، كما اتصلت وتراسلت عبر القنوات الرسمية مثل مكتب الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وكانت النتيجة الفشل في الحصول على أي جواب سوى ادعاءهم أن الشيخ زهير هو في إضراب عن الاتصال، إلى أن حلَّ تاريخ 17 يناير 2021.
في 17 يناير 2021، وبعد قيام سلسلة من التحركات الحقوقية المنظمة، والحملات الإعلامية المكثفة، داخل وخارج البحرين والمطالبة بالكشف عن مكان وصحة الشيخ، تمكن الشيخ زهير من إجراء مكالمةٍ هاتفيةٍ مدتها خمس دقائق مع عائلته لأول مرة منذ يوليو 2020، وبالتالي أعلنت هذه المكالمة انتهاء مرحلة اختفائه القسري. في اليوم التالي، في 18 يناير اتصل بعائلته مرة أخرى وتحدث عن أشكال التعذيب التي تعرض لها خلال فترة اختفائه، وأصدرت العائلة بيانا في نفس اليوم، تنقل ما وصفه الشيخ عن فترة وجوده في الحبس الانفرادي: حُرم من النوم سبعة أيام، تقييد يديه وقدميه بسلاسل حديديةٍ طوال فترة الأيام السبعة، وتمرير الطعام إليه من خلال فتحة صغيرة أسفل باب الزنزانة، وتقدم له المياه مرتين فقط في اليوم . كما وتعرض بشكل متواصل للركل والضرب بخراطيم المياه، ومنع من تأدية الصلاة ومن قضاء حاجته في الحمام ومن الاستحمام وكان يتعرض للسب والتهديد بأنه سيعدم قريباً. وبعد هذه المعاملة السيئة، ظل الشيخ زهير غير قادر على التحرك بشكل طبيعي لفترةٍ طويلةٍ بسبب تدهور صحته نتيجة شدة التعذيب. وبعد ذلك، تم نقله إلى مبنى العزل أي المبنى 15 في سجن جو ومن ثم تم نقله إلى المبنى رقم 4 المخصص للسجناء المصابين بأمراض وبائية معدية وخيمة وتم وضعه في غرفةٍ مع بعض هؤلاء المرضى. وخلال الاتصال الجاري في 18 يناير وحديث الشيخ عما تعرض له، اعترضته أصوات بعض الضباط الذين كانوا بالقرب وبدأوا بالصراخ، وسرعان ما انقطع الاتصال.
اعتقال الشيخ زهير بدون تصريح وتعرضه للتعذيب والحرمان من توكيل محامٍ والتواصل معه والمحاكمة الجائرة بحقه والحرمان من العلاج الطبي والمعاملة اللاإنسانية والتمييز الديني على أساس انتمائه للطائفة الشيعية، فضلا عن والاختفاء القسري الذي تعرض له مؤخراً، تعتبر جميعها أفعال تنتهك الدستور البحريني وكذلك الالتزامات الدولية التي تعتبر البحرين طرفًا فيها، وهي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (CERD)، والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) والمعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR). وبما أنه لم يتم تقديم مذكرة توقيف ونظراً لأن إدانة الشيخ زهير اعتمدت على اعتراف كاذب بالإكراه يمكننا اعتبار أن الشيخ زهير محتجز تعسفياً من قبل السلطات البحرينية.
وبناءً على ذلك، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية وقف التضييق والتعذيب وسوء المعاملة الذي تمارسه سلطات السجن فورا ضد الشيخ زهير، كما تدعوها إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان والتحقيق في جميع مزاعم التعذيب لاسيما خلال فترة احتجازه الأخيرة التي تم عزله عن العالم الخارجي لستة أشهر ووضعه لفترة طويلة في السجن الانفرادي، وتطالب ADHRB بتحرك الجهات الرسمية التي تدّعي الدفاع عن حقوق السجناء وحقوق الانسان، وأن تقوم بدورها المنوط بها، لوقف ثقافة الإفلات من العقاب وتقديم المعذبين والمنتهكين لحقوق الانسان في السجن الى المحاكمة بدلا من اعتبارهم الضحية، وتكرر ADHRB مطالبتها السلطات البحرينية بإطلاق سراح الشيخ زهير عاشور فوراً، وجميع المعتقلين السياسيين الذين تمت محاكمتهم بناء على اعترافات أخذت تحت التعذيب .