كانَ جعفر عيسى البالغُ منَ العمرِ 24 عامًا ناشطًا عندما تمَّ اعتقاله بوحشيّةٍ دونَ أمرٍ قضائيٍّ في كمينٍ خُطّطَ له سابقًا في قريتِه بني جمرة في ديسمبر 2013. تعرّضَ للتّعذيبِ وسوء المعاملةِ القاسيَيْنِ والمستمرّيْن بعد اعتقاله وخلال فترةِ سجنه. كما عانى من أزماتٍ صحيّة متعدّدة، وذلكَ بسببِ قصورِ معايير النّظافةِ في زنزانته. ولا يزالُ في سجنِ جوْ حتّى يومنا هذا.
تعرّض جعفر للاعتقالِ في 9 ديسمبر 2013، خلالَ كمينٍ خُطّط له سابقًا، بتطويقِ ستّة منازل في بني جمرة. وشدّدت الطّائرة المروحيّة، والمدرّعات، وسيّارات الشرطة، وشرطة مكافحة الشّغبِ، وقوّات الكوماندوز، وضبّاط الشرطة بزيٍّ مدنيٍّ الرّقابةَ على القريةِ بهدفِ اعتقالِه. في أثناء الاعتقال، ضربوه وركلوه إلى حدّ الغيابِ عن الوعي. ونُقلَ بعدَ ذلكَ إلى مبنى قيد الإنشاء في قرية البديع، حيث واصلوا تعذيبه، ثم إلى إدارة التحقيقات الجنائية حيث تعرّضَ للاختفاء القسريِّ لمدّة 11 يوماً؛ ولم يكنْ والداه على علم بمكانه.
وأثناء اختفائه القسريّ في إدارة التحقيقات الجنائية، تعرّض لأخطرِ أنواع التعذيب على أيدي ضبّاطِ إدارةِ التّحقيقاتِ الجنائيّةِ والضّبّاطِ الذين أشرفوا على اعتقاله. وبعد أن عولِجَ في المستشفى من جروحِ التّعذيبِ الّتي تعرّضَ لها، تمّت إعادته وتعذيبه مرة أخرى. وفي نهاية المطاف، أُجبر جعفر على الاعتراف بسبب التّعذيبِ الّذي تعرّضَ له. ثم نُقل إلى مركزِ توقيف الحوضِ الجافِ. وتجدرُ الإشارة إلى أنّ عناصر أمن الدّولة دائماً ما هددّت جعفر قبل اعتقاله بسبب نشاطه السّياسيّ ومشاركته في أنشطة الحركة الديمقراطيّة. وعندما سُمح لأسرته بزيارته لأول مرّة بعد شهر من اعتقاله، كانت علامات التّعذيب لا تزال واضحة عليه لأنّه لم يتمكّن من الجلوس، وقال لهم أنّه تعرض للتّعذيب في مناطقه الحساسة وأنه لا يزالُ يعاني من الألم والعواقب النّاجمة عن التّعذيب.
خلال التحقيق حُرم جعفر من الاتّصال بمحامٍ، ونادراً ما سُمح له بتقديم الأدّلة في المحكمة. وقد تعرّض للتّعذيب الشّديد على أيدي مسؤولي إدارة التحقيقات الجنائية انتقاماً من نشاطه، لحمله على الاعتراف بالتّهمِ الموجّهة إليه، وهو ما قامَ به في نهاية المطاف. وأُدينَ في عدّة قضايا منها قضيّة الخلية مع 61 متّهمًا، بالتّهمِ التّالية: 1) الانضمام إلى جماعةٍ إرهابيّةٍ وتلقّي الأموالِ اللّازمة لقوّتها وإنفاقها على الأنشطةِ الإرهابيّةِ بالإضافةِ إلى تلقّي الأسلحة الناريّة والمتفجّرات وتخزينِها، 2) حيازة الموّاد المتفجّرة والأسلحة النّاريّة والذّخائر والحصول عليها وتصنيعها لأغراض إرهابية، و 3) التدريب على استخدام المفرقعات النارية والأسلحة النارية.
وفي 15 أكتوبر 2014، حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً وبغرامة قدرها 500 دينار بحريني في القضية المذكورة أعلاه، مع تأييد استئنافه. وفي قضية أخرى، حُكم عليه بالسجن لمدة 44 سنة و6 أشهر. حُكم عليه بالسجن إلى ما مجموعه 104 سنوات في جميع القضايا المرفوعة ضده، وتم سحب جنسيته، ولكن أعيدت إليه في العفو الملكي الصادر في 21 أبريل 2019.
أثناء وجوده في السجن في ديسمبر الأول 2019، عانى جعفر من حكة شديدة في جميع مناطق الجسم، ودائماً ما هُدّدَ عندَ طلبه لفحصه في مكتب الطبيب، ويوضعُ السجناء الّذين يصرّون على الفحص في عزلةٍ طبيّةٍ كشكلٍ من أشكالِ الانتقامِ. يُقدّم جعفر لغير المتخصّصين دون فحصه لتشخيص حالته بشكل صحيح. وقدْ نُقل إلى العزل الطّبيِّ ثلاث مرات بحجّةِ إصابته بالتهاب الكبد، وكانت المرة الأولى في يوليو والثّانية في سبتمبر، والثّالثة في أكتوبر. استمرّت آخر عزلة قسريّة له مدّة 56 يوماً قبل إعادته إلى المبنى 14 في سجن جو في 21 ديسمبر 2020. تؤخذ منه عيّنةٌ منَ الدّم كلّ خمسة أيام ودائماً ما كانت النتائج غير محددة، ونتيجة لذلك، عانى من إرهاقٍ شديدٍ لدرجةِ كاد يصيبه الجنون على حد تعبيره . كما عانى جعفر أيضاً بسبب فترات العزل الطّويلة، من التّقشير في الأطراف وتقشير الجلد نتيجة عدم الحركة وعدم كفاية أشعة الشّمس، وبناء على ذلك نُشرت منشورات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو هيئات حقوق الإنسان، سواء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أو مكتب الأمانة العامة للتظلمات، إلى الإسراع في إخراج جعفر من العزلة وتوفير العلاج له في ضوء نتائج الفحوصات. وعلاوةً على ذلك، كان المبنى المعزول الذي احتُجز فيه مليئًا بالحشرات والقوارض ولا يستوفي الشّروط والمعايير الصحية. تقدّمت عائلة جعفر بشكوى إلى وزارة الصّحّة ووزارة الداخليّة حول متابعة حالته الصحية أثناء عزله لأكثر من 50 يوماً، بمفرده بالكامل وخضع لفحوص طبيّة متعدّدة من دون إبلاغه بأيٍّ من النتائج. بيدَ أنّ هذه الجهود لم تتكلّل بالنّجاح.
تشكل المعاملة التي تعرّض لها جعفر على يد السّلطات البحرينيّة، من اعتقاله والتعذيب الذي تعرّض له أثناء اختفائه القسريّ حتّى إدانته في محاكمةٍ جماعيّةٍ غير عادلة، انتهاكات للقانون الدّولي، بما في ذلك اتفاقيّة مناهضة التّعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة، والّتي صدّقت البحرين على كليْهما. وتدعو منظّمة الأميركيين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السّلطات إلى إسقاطِ التّهم التي وُجّهت سابقًا إلى جعفر وضمان إجراء محاكمة عادلة لجميع التهم الموجهة إليه، حيث لا يُستخدم اعترافه القسري ضده. وعلاوة على ذلك، تحثُّ المنظّمةُ السّلطات على التحقيق في ادعاءات التّعذيب في إدارة التحقيقات الجنائية من أجل محاسبة هؤلاء المسؤولين وتوفير العلاج الطّبيّ العاجل والكافي فضلاً عن بيئة صحيّة في السّجون.