اعتقلت السلطات البحرينية أحمد جميل عبد الله البالغ من العمر 23 عامًا بوحشيةٍ في 3 نوفمبر 2019 وهو موظفٌ في متجرِ ألعاب “فان سيتي”. وتعرض في خلال فترة احتجازه إلى الكثير من الانتهاكات لحقوقه كإنسان. وما يزال أحمد اليوم محتجزاً في مركز توقيف الحوض الجاف وسيتم نقله إلى سجن جو قريبًا.
عند فجر الثالث من نوفمبر 2019 قام كلّ من رجال القوّات المسلحة وضباط بزي مدني مقنعون وضباط من وزارة الداخلية بمداهمة المزرعة الّتي كان فيها أحمد وقلبوها رأسًا على عقب من دون تقديم أي مذكرة اعتقالٍ. ومن ثم قاموا بمصادرة هويّات جميع الأشخاص الّذين كانوا في المزرعة وعند التعرف على أحمد والتأكد من هويته قاموا باعتقاله وأخذه إلى مكانٍ غير معروفٍ. وسألوه في السيارة عن أعمالٍ إرهابيةٍ، الأمر الّذي نفى أحمد علاقته فيه. وبالرغم من ذكرهم له أنهم على علمٍ بعدم تورطه بمثل هذه الأعمال الإرهابية إلا أنهم استمروا بسؤاله حول ما كان يقوم بفعله في خلال السنوات الّتي خَلَت وعن ماهية مخططاته للسنين المقبلة. كما قاموا بالصراخِ على أحمد وتهديده من أجل أن يعترف بالتُهم الّتي نسبوها إليه إلا أنه رفض الاعتراف بها.
وبعد رفضه الاعتراف، تم نقل أحمد إلى مكانٍ غير معروفٍ وتبيّن فيما بعد أنه مبنى التحقيقات في سجن جو، أي المبنى رقم 15، حيث تم استجوابه. وفي اليوم ذاته عند الساعة 8:30 صباحًا، سُمح له بإجراء مكالمةٍ هاتفيةٍ سريعةٍ إلى عائلته لإخبارهم بأنه موجودٌ في مبنى التحقيقات وطلب منهم إحضار بعض الملابس، كما أخبرهم أنه تعرض للضرب.
وفي خلال عملية استجوابه، قام مسؤولون من قسم التحقيقات في سجن جو بتعذيبه جسديًا ونفسيًا لمدة 4 أيام. فقاموا بضربه وتجريده من ملابسه والتحرش به جنسيًا وتهديده بالاغتصاب بينما كان عاريًا. وبات وجهه متورمًا بسبب الضرب الّذي انهال على وجهه مباشرةً. ولم يستطع أحمد نفي الاتهامات الّتي وُجهت إليه لأنه في كلّ مرةٍ حاول القيام بذلك، ضاعف الضباط تعذيبه من أجل إجباره على الاعتراف. وانهار أحمد وخارت قواه واضطر مجبرًا على تقديم اعترافٍ كاذبٍ وتوقيع المستندات الّتي أجبروه على توقيعها. كما هُدّد بأشد أنواع التعذيب في حال حاول نفي الاعترافات الّتي أدلى بها في خلال جلسة استجوابه. ولم تُعالج جروح وجهه بل زُج في الحبس الانفرادي في مديرية التحقيقات الجنائية في العدلية لمدة 10 أيام لكي تُمحى آثار تعذيبه قبل أن تتم معاينته طبيًا وذلك للتأكد من عدم ثبوت أي أدلةٍ أو تقارير طبيةٍ تُثبت استخدام التعذيب كوسيلةٍ في خلال استجوابه أو عند وجوده في السجن. كما لم يُسمح لمحامي أحمد حضور جلسة استجوابه، ولم يُسمح لأحمد باستقبال أي زيارات، وبالكاد سُمح له بمكالمة فردًا من والديه بصورةٍ متقطعةٍ ولثوانٍ من الوقت.
وبعد زجه في الحبس الانفرادي في مديرية التحقيقات الجنائية مثل أحمد أمام مكتب النيابة العامة حيث دحض الاعترافات الّتي أُجبر على الإدلاء بها ونفى صحة الاتهامات الّتي وُجهت إليه أمام المدعي العام. ومن ثم تم نقله إلى مركز توقيف الحوض الجاف بعد مرور 20 يومًا على اعتقاله. وبعد مرور يومين على نقله إلى مركز توقيف الحوض الجاف استطاع مقابلة والديه للمرة الأولى كما استطاع لاحقًا التواصل مع محاميه.
لم يَمثُل أحمد فورًا أمام قاضٍ ولم يملك الوقت الكافي والتسهيلات المناسبة للتحضير لمحاكمته. كما استُخدمت اعترافاته ضده في المحكمة مع العلم أنه قُدمت أدلة ثابتة عكس ذلك، وقام أحمد بإخبار القاضي أنّه أٌجبر على الاعتراف تحت التعذيب. وبالرغم من ذلك، لم تأخذ المحكمة إفادته بعين الاعتبار حيث أُصدر القرار تبعًا للاعترافات الّتي أُجبر على الإدلاء بها بالإكراه تحت التعذيب. ومن ضمن الأدلة الّتي عُرضت دفاعًا عن أحمد هي بيان حسابه المصرفي الّذي يبين أنه منذ إنشاء الحساب لم يستقبل أحمد عليه أي مبالغ مالية من أي مجموعة بينما تمّ اتهامه بتلقيه مبالغ ماليةٍ من مجموعاتٍ خارجيةٍ وإيداعها في حسابه الشخصي. وقد تبين من شهادةٍ أدلى به شاهدٌ في المحكمة أنه ليس على علمٍ بأي شيءٍ وبأنه لم يلاحظ أيًّا من التُهم الّتي وُجهت إلى أحمد. كما قام أحمد في 18 يوليو 2020 بارسالِ رسالةٍ إلى القاضي يشرحُ فيها بالتفصيل التعذيب الّذي تعرض له كوسيلةِ ضغطٍ لإجباره على الاعتراف ولكن من دون جدوى. وبناءً على ذلك، تمّت إدانة أحمد بما يلي: 1) الالتحاق بمجموعة ارهابية، 2) تلقيه مبالغ ماليّةٍ ومتفجراتٍ وتخزينها واستخدامها في أعمالٍ إرهابيةٍ. وفي الثالث من شهر نوفمبر 2020، وفي محاكمة جماعية ضمت أحمد مع 51 متهما بحرينيا، حُكم على أحمد حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنواتٍ، كما فُرضت عليه غرامةً ماليةً قدرُها 100،000 دينار بحريني. واستأنفت الأحكام الصادرة، وحُدد موعد الجلسة لاستعراض الطعون في 20 ديسمبر 2020.
وعندما كان محتجزًا في مركز توقيف الحوض الجاف، تمت معاملة أحمد بطريقةٍ عنصريةٍ بسبب انتمائه إلى الطائفة الشيعية ولأسبابٍ سياسيةٍ أخرى. ففي فصل الصيف مثلًا، يقومون بإطفاء أجهزة التكييف ومنعه من استخدامها هو والسجناء الآخرين. وفي حال قاموا بالسؤال عن سبب إطفاء أجهزة التكييف، يتعرضون للرش ببخاخ الفلفل الحار. وانتشرت حالات الجرب والحكاك بين صفوف السجناء في مركز توقيف الحوض الجاف. وتبعًا لذلك، أُصيب أحمد ولم يتلق العلاج الطبي المناسب.
تُعتبر أفعال اعتقال أحمد من دون مذكرة وإخفاؤه القسري وتعذيبه وحرمانه من تلقي العلاج الطبي ومحاكمته الجائرة والتمييز الديني واحتجازه في ظروفٍ غير مناسبة صحيًا جميعها أفعالًا تنتهك الدستور البحريني وكذلك الالتزامات الدولية الّتي تُعتبر البحرين طرفًا فيها وتحديدًا: اتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والمعاهدة الدولية الحقوق المدنية والسياسية، والمعاهدة الدولية الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولأنه لم يتم تقديم مذكرة اعتقال عند إدانة أحمد على أساس اعترافاته المُكرهة والمزيفة، يمككنا استنتاج أن أحمد محتجز تعسفيًا من قبل السلطات البحرينية.
ولذا تطالب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين دولة البحرين أن تتمسك بالتزاماتها المُتعلقة بحقوق الانسان، من خلال التحقيق في جميع ادعاءات التعذيب كتأكيدٍ على تطبيق مبدأ المحاسبة وأن تلتزم اتخاذ قرار طعنٍ عادلٍ بحق أحمد. كما تناشد المنظمة دولة البحرين أن توفر العلاج الطبي المناسب لمرض الجرب والحكاك الّذي يعاني منه أحمد وأن تداوي الجروح الّتي خلفها التعذيب الّذي تعرض له، وأن توقف وبشكلٍ نهائي أشكال التمييز الديني الّذي يتعرض لها بسبب طائفته. كما تطالب بأن يحصل أحمد على حقه في إجراء محاكمة عادلة ووقف المحاكمات الجماعية الجائرة.