من المقرر أن يقام سباق الجائزة الكبرى في البحرين “الفورمولا واحد” من دون جمهور باستثناء عوائل العاملين في الصفوف الأمامية في الفترة بين 27 و 29 نوفمبر، وبين 4 و6 ديسمبر، بعد أن كان من المقرر إقامته في 15 مارس قبل تأجيله بسبب وباء كورونا. في هذا الإطار، ترى منظمة ADHRB أنه من المؤسف إستمرار مملكة البحرين في استضافة سباق الفورمولا واحد على أراضيها كل عام، رغم الاحتجاجات المستمرة ضدها، والتي تجابه بقمع عنيف من قبل السلطات البحرينية.
يقام سباق الجائزة الكبرى “للفورمولا وان ” كل عام في البحرين منذ عام 2004 باستثناء عام 2011 بسبب حالة الطوارئ الوطنية في أعقاب القمع العنيف للاحتجاجات السياسية السلمية. و لكن، عاد سباق الجائزة الكبرى إلى البحرين في أبريل 2012 على الرغم من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان. وتعتبر استضافة البحرين لهذه السباقات كل عام وسيلة لتغطية انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في المملكة، ولتبييض صفحة حقوق الإنسان فيها على الصعيد الدولي. واللافت أن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين تتزايد بسبب الإجراءات الصارمة المفروضة على عمليات الاحتجاج ضد السباقات. لذا، رغم جميع محاولات التبييض، تظهر الحكومة البحرينية وجهها الآخر قبل وخلال إقامة السباقات كل عام، من خلال قمعها للتظاهرات المنددة بإقامة هذه السباقات، عبر قتل وجرح واعتقال المتظاهرين والناشطين المعارضين على مواقع التواصل الإجتماعي، بالإضافة إلى قتل وجرح واعتقال وتعذيب الصحافيين والمصورين الذين يغطون تلك الاحتجاجات وفرض القيود عليهم، في ظل تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب في المملكة.
الإعتقالات
في 27 مارس 2018، أكدت محكمة الاستئناف البحرينية الحكم بالسجن لمدة 10 سنوات وإسقاط الجنسية التعسفي للمصور الصحافي سيد أحمد الموسوي. وكانت قد اعتقلت السلطات البحرينية الموسوي وشقيقه سيد محمد في 10 فبراير حيث كان سيد أحمد يغطي الإحتجاجات التي سبقت السباق. وتم احتجازه في مديرية التحقيقات الجنائية التابعة لوزارة الداخلية لمدة ستة أيام ، حيث تعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي، واتهم بتشكيل خلية إرهابية والمشاركة فيها ويزعم أنه قدم بطاقات شرائح اتصال للمتظاهرين وقام بتصوير مظاهرات مناهضة للحكومة. وقد نفى الموسوي وشهود آخرون مزاعم الإرهاب.
عام 2017، اعتقلت الناشطة نجاح يوسف وتعرضت للتعذيب والاعتداء الجنسي بعد أسبوع من نشر مشاركة على فيسبوك، تنتقد فيها سباق البحرين لعام 2017 على حسابٍ شاركت في إدارته، قبل أن يطلق سراحها لاحقاً.
في أبريل 2013، اعتقلت الناشطات ريحانة الموسوي ونفيسة العصفور، بتهمة محاولة وضع متفجرات في حلبة سباق الـفورمولا واحد، وذلك بعد تخطيتهما لتنظيم احتجاج سلمي في الميدان. صرحت كل منهما عن التعرض للتهديد وسوء المعاملة. وأبلغت الموسوي عن قيام السلطات بضربها وتجريدها من ثيابها. حكم على كل منهما بالسجن، ورغم صدور إعفاء بحق السيدة نفيسة في 2015 وآخر بحق السيدة الموسوي في 2016، لم تجرِ الحكومة التحقيقاقات اللازمة في تقارير الاعتداءات.
وفي عام 2012 اعتقل العديد من الصحافيين الذين يعملون في القناة الرابعة وهم يصورون تظاهرة أثناء سباق سيارات الفورمولا واحد للسيارات في البحرين. بعد احتجازهم لما يقارب السّت ساعات، تم ترحيل الصحفيين الثلاثة إلى المملكة المتحدة.
وفي ديسمبر 2012، اعتقل المصور أحمد حميدان بتهمة الهجوم على مركز الشرطة في سترة عام 2012، ولا يزال معتقلا حتى الآن رغم تدهور حالته الصحية. والأرجح أن اتهام حميدان واعتقاله جاءا بسبب تصويره للاحتجاجات الشعبية ضد إقامة سباقات الفورمولا واحد في البحرين. وكان قد حكم على حميدان بالسجن عشرة أعوام، بعد أن منع محاميه من حضور جلسات الإستجواب.
عمليات القتل
في 4 أبريل 2016، قُتل الطفل علي عبد الغني (17 عاماً) بعد دهسه من قبل سيارة تابعة لشرطة مكافحة الشغب أثناء محاولة اعتقاله بسبب مشاركته في الاحتجاجات المناهضة لسباقات الفورمولا واحد. وحاول عناصر الشرطة العبث بمسرح الجريمة من خلال إخفاء دماء علي بالرمل.
في عام 2012، قُتل صلاح عباس وهو أب لخمسة أبناء أثناء مشاركته في مظاهرة سلمية ضد السباق. وفي العام ذاته، قتل المصور الصحافي أحمد إسماعيل حسن البالغ من العمر 22 عاماً على يد الشرطة أثناء تغطيته الاحتجاجات ضد السباق.
فرض القيود على الصحافيين
طُلب من الصحافيين الذين سافروا إلى البحرين لتغطية سباق الجائزة الكبرى لعام 2017 التوقيع على نموذج ينصّ على أنهم سيقومون بتغطية سباق الجائزة الكبرى، فقط لا غير، أو يخاطرون بفقدان تأشيراتهم – وهي استراتيجية قللت بشكل فعال من تغطية الاحتجاجات وحرية الصحافة، وبالتالي وفّرت للبلاد غطاء لمواصلة الانتهاكات دون انقطاع.
ففي مارس 2016، رفضت السلطات البحرينية تجديد أوراق الصحافية نزيهة سعيد التي تسمح لها بالعمل مع وسائل الإعلام الأجنبية، بسبب تغطيتها السابقة لوحشية الشرطة أثناء قمع الاحتجاجات المناهضة للفورمولا واحد. ثم نُقلت إلى المحكمة وغُرّمت بغرامة ماليّة تحت مبرّر “العمل دون ترخيص”. وأثناء تغطيتها للسباق، استهدفت السلطات البحرينية الصحافية نزيهة سعيد وعرضتها للتعذيب.
رسائل المنظمات الحقوقية
في 10 يوليو 2020 ، قدمت ADHRB مداخلة شفهية في جلسة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الدورة 44 تحت البند 3، استنكرت فيها تجاهل مجموعة الفورمولا 1 التزامها بحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة في البحرين، داعية المجموعة إلى العمل وفقًا للمعايير المنصوص عليها في المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمؤسسات متعددة الجنسيات، وبالتالي تدعو المنظمة مجموعة الفورمولا 1 إلى وقف التواصل مع البحرين طالما أنها تستمر في انتهاك حقوق الإنسان للعاملين فيها بشكل ممنهج.
في مارس 2019، أرسلت منظّمات ADHRB و BIRD، بالإضافة إلى 13 منظمة غير حكومية أخرى، رسالة إلى الاتحاد الدولي للسيارات (FIA)، تدعوهم وفورمولا واحد لزيارة نجاح يوسف وأحمد حميدان في السجن وللمطالبة بالإفراج الفوري عنهم، مع الإشارة إلى قمع الصحافيين الذين يقومون بتغطية الاحتجاجات. ولفتت الرسالة إلى تعبير الفورمولا واحد عن قلقها بشأن قضية السّيدة يوسف في نوفمبر 2018.
في الشهر ذاته، وجهت منظمات ADHRB و BCHR و GCHR، بالإضافة إلى 22 منظمة دولية أخرى لحقوق الإنسان، خطاباً مشتركاً إلى مجموعة الفورمولا واحد، أثارت فيه المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بسباق الجائزة الكبرى في البحرين، ودعت بذلك المنظمة إلى تنفيذ آلية للشكاوى المتعلّقة باضطهاد الحرية.
في 4 مارس 2019، ردّت الفورمولا واحد على رسالة أرسلتها منظمة ADHRB وست عشرة منظمة غير حكومية أخرى في 6 فبراير 2019 أثارت مخاوف جدية أحاطت بمزاعم الاعتقال التعسفي للناشطة البحرينية نجاح يوسف وتعذيبها إثر نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي التي انتقدت من خلاله سباق الجائزة الكبرى 2017 في البحرين. وقد حثّت الرسالة المرسلة إلى الـ F1 على المطالبة بالإفراج عن يوسف تماشياً مع التزامها بحقوق الإنسان. ومع ذلك، فقد كانت استجابة الفورمولا واحد لهذه الدعوة في النّهاية ما يوصف بالباهتة، مشيرةً إلى أنّ الحكومة البحرينية قد أكّدت أن اتّهامات يوسف ليست مرتبطة بالسباق الكبير أو بالتعبير الحر. وأعربت منظّمة ADHRB عن شعورها بقلق بالغ إزاء قرار الفورمولا واحد بمشاركتها المتواصلة في تبييض انتهاكات حقوق الإنسان من خلال الرياضة في البحرين، وأعربت المنظمة عن شعورها بخيبة أمل عميقة لفشلها في الانخراط بشكل حاسم في انتهاكات حقوق الإنسان في قضية نجاح يوسف. كل هذا رغم إدانة الفورمولا 1 لانتهاكات حقوق الإنسان والاعتراف بها عام 2018، متعهدة بحماية الصحافيين والمحتجين الآخرين الذين يرغبون في استخدام مناسبة سباق الجائزة الكبرى في البحرين للتعبير عن آرائهم سلمياً مع تجنب أي رد فعل من قبل الحكومة البحرينية.
عام بعد آخر، تستمر البحرين باستضافة سباقات الفورمولا 1 لتبييض سجلها الدولي في مجال حقوق الإنسان ومحاولة إظهار وتلميع صورة مختلفة تماماً، رغم الاحتجاجات التي ترافق هذه السباقات كل عام، والتي تظهر الوجه القبيح للمملكة في مجال حقوق الإنسان. والمؤسف هو عدم اكتراث مجموعة الفورمولا 1 لكل هذه الانتهاكات التي تطال المعارضين والمصورين والصحافيين الذين قاموا بتغطية السباق والمعارضين بشكل عام الذين يتعرضون لأسوأ الإنتهاكات.