محدّث: اعتقلت السلطات البحرينية سعيد عبد الله العالي تعسفياً في عيد ميلاده الخامس والعشرين، في 21 سبتمبر 2016. كما أنه تعرض لانتهاكات متعددة لحقوق الإنسان وهو محتجز حالياً في سجن جو. في 7 أغسطس 2023، انضم سعيد إلى أكبر إضراب عن الطعام في سجون البحرين، والذي شارك فيه حوالي 800 معتقل سياسي احتجاجا على سوء المعاملة وللمطالبة بحقوقهم الأساسية.
عند الساعة الثانية من فجر يوم 21 سبتمبر 2016، أغارت قوات الشرطة من وزارة الداخلية، وضباط بملابس مدنية، بالإضافة إلى ضباط من جهاز الأمن الوطني، على منزل سعيد دون إبراز أي مذكرة توقيف. كانوا يبحثون عن حقيبة لكنهم لم يذكروا محتوياتها، وصادروا هواتف العائلة الشخصية والأجهزة المحمولة. تم القبض على سعيد وتعرض بعد ذلك للضرب في منزله وفي السيارة التي قادته إلى مديرية التحقيقات الجنائية.
بعد ساعات قليلة من اعتقاله، تمكن سعيد من الاتصال بوالديه أثناء وجوده في المديرية لإبلاغهم بخبر اعتقاله. احتُجز في الحبس الانفرادي لمدة 22 يومًا، بينما اختفى قسريًا في المبنى رقم 15 في سجن جو. في 14 أكتوبر 2016، تم نقله إلى مركز احتجاز الحوض الجاف؛ وتلقت العائلة هذا الخبر من خلال زميل سعيد في السجن. بعد شهر، في 21 أكتوبر 2016، التقى بوالديه للمرة الأولى منذ اعتقاله.
أثناء استجوابه في مديرية التحقيقات الجنائية وفي المبنى 15 من سجن جو، قام عناصر مديرية التحقيقات الجنائية وضباط وحدة مكافحة الإرهاب في المبنى 15 بسجن جو، بمن فيهم الضباط الذين يرتدون ملابس مدنية، بتعذيب سعيد جسديًا ونفسيًا. خلال هذه الفترة، لم يُسمح لسعيد بمقابلة أحد، ومُنع محاميه من حضور جلسات الاستجواب. على الرغم من كل التعذيب، فشل الضباط في إكراه سعيد على الإدلاء باعتراف كاذب.
لم يمثل سعيد أمام قاضِ؛ وأثناء محاكمته، تم أخذه إلى المحكمة عدة مرات ولكن كان يترك في الحافلة إلا مرة واحدة وذلك عند حضور الشهود. عندما مثل سعيد أمام مكتب الشرطة لأول مرة بعد اعتقاله، وعندما تم نقله إلى مركز احتجاز الحوض الجاف، أُبلغ بأنه متورط في نوع من التجمع غير القانوني والهجوم على مركز شرطة سترة. ولكن، بعد أن أمضى ثمانية أشهر في مركز احتجاز الحوض الجاف، تفاجأ بالتغيرات التي طرأت على التهم الموجهة إليه: 1) التدريب العسكري في إيران عام 2015، و 2) الانضمام إلى جماعة إرهابية مع آخرين والمشاركة في تدريب على استخدام الأسلحة والألعاب النارية في العراق وإيران لارتكاب جرائم إرهابية.
على الرغم من أن المحكمة أعلنت براءة المشتبه به الرئيسي ومنسق العملية، ورغم أن سعيد نفى التهم الموجهة إليه وأوضح للمحكمة أن زيارته لإيران كانت لمدة 12 يومًا لمساعدة صديقه في العلاج الطبي؛ ولكنه لم يتمكن من عرض الأدلة المقدمة ضده والطعن فيها، حيث لم يتم أخذ أقواله في عين الاعتبار في القضية الأولى. كما أنه لم يكن على علم بالقضية الثانية ولم يتم حتى استجوابه بشأنها حتى حضر إلى المحكمة، لكن المحكمة لم تأخذ في عين الاعتبار أيضاً جميع أقواله. كما أنه لم يكن لديه الوقت والتسهيلات الكافية للتحضير للمحاكمة، وحُرم من مقابلة محاميه.
في 21 فبراير 2018، حُكم على سعيد بسبع سنوات فيما يخص القضية الأولى، وفي 18 أبريل 2018، حكم عليه بالسجن عشر سنوات وتعرض لإجراءات إلغاء جنسيته في القضية الثانية؛ طلب حينئذ الاستئناف والنقض على الأحكام الصادرة بحقه، لكن المحاكم رفضتها وأيدت الأحكام. ومع ذلك، أعيدت جنسية سعيد في 21 أبريل 2019 كجزء من عفو ملكي عن 551 مدانًا. بعد صدور الحكم الأول، نُقل سعيد إلى سجن جو أثناء تعرضه للتعذيب الجسدي.
نتيجة لسوء جودة الطعام في السجن وزيادة الدهون فيه، أصيب سعيد بألم في معدته. حاولت عائلته الاتصال بالسلطات لطلب تغيير وجبات الطعام وتزويده بأحذية طبية لأنه يعاني من مشاكل في الركبة، لكن لم تتلق أي رد منها. كما ترفض تزويده بالأدوية اللازمة للاتهاب الجلد (الأكزيما) التي يعاني منها.
في 5 أكتوبر2020، أضرب سعيد ورفاقه عن الاتصال بسبب سوء ظروف السجن التي تشمل رداءة المكالمات، والسماح للسجناء بالاتصال بخمسة أرقام فقط، وتخفيض سلطات السجن عدد المكالمات المسموح بها وجعل المعتقلين يدفعون لهم بدلاً مالياً وتقييد حرياتهم ومنع الشعائر الدينية في شهر محرم. خلال هذا الوقت، انقطعت أخبار سعيد عن عائلته.
رغم انتشار فيروس كورونا، لم يتم تزويد سعيد ورفاقه بأقنعة ومعقمات من قبل إدارة السجن لضمان الوقاية من الفيروس، وبالتالي فإن صحتهم في خطر حاليًا. نتيجة كل هذه الظروف، بالإضافة إلى رداءة المكالمات، التي حلت محل الزيارات بسبب الوباء، تقدمت أسرة سعيد بشكويين طالبت خلالها بالرعاية الصحية اللازمة له منذ تعرضه للتعذيب، وبتحسين ظروف السجن. لكن السلطات سمحت للأسرة بالاتصال به لفترة قصيرة فقط، ولم ترد على الشكاوى الأخرى.
في 7 أغسطس 2023، دخل سعيد في إضراب عن الطعام إلى جانب حوالي 800 معتقل آخرين احتجاجًا على سوء أوضاعهم وللمطالبة بحقوقهم الأساسية. ومن بين هذه الحقوق: زيادة عدد الاتصالات ومدتها، زيادة أوقات الزيارة وشمولها للأقارب من غير الدرجة الأولى، الحصول على زيارات خاصة، زيادة أوقات التشمس، التقيد بمواعيد الأطباء وصرف الأدوية، تعديل الوجبات، حرية إقامة الشعائر الدينية وإدخال الكتب، وغيرها من المطالب الأساسية.
بعد شهر من تجاهل إدارة السجن لمطالب المعتقلين، أعلن سعيد عن بدء المرحلة الثانية من الإضراب، وتوقف عن شرب الماء، ما أدى إلى انتكاسة صحية نقل على إثرها إلى المشفى. وعندما زارته زوجته تفاجأت بتدهور وضعه الصحي، وخسارته 12 كيلوغرامًا، إذ بدا هزيلا وأطرافه زرقاء، كما كان فاقدًا للتركيز ويعاني من حالات إغماء متكررة.
بعد ستة وثلاثين يومًا من المعاناة والتجاهل لمطالب المعتقلين، تعهّدت إدارة سجن جو بتحقيق مطالب سجناء الرأي مقابل فكهم الإضراب عن الطعام، لكنها لم تلتزم بتعهداتها، ولم تحقق من مطالب السجناء غير تعديل الوجبات وزيادة وقت التشمس.
اعتقال سعيد واختفاؤه القسري وتعذيبه وتمييزه دينيّاً وحرمانه من العلاج الطبي ومحاكمته بشكل غير عادل واحتجازه في ظروف غير إنسانية وغير صحية ينتهك الدستور البحريني وكذلك الالتزامات الدولية التي تعتبر البحرين طرفًا فيها، وهي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها. المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال العنصرية. نظرًا لعدم تقديم مذكرة توقيف، وبالنظر إلى منع سعيد من الطعن في الأدلة ضده، يمكننا أن نستنتج أن سعيد محتجز بشكل تعسفي من قبل السلطات البحرينية.
وفقًا لذلك، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)، البحرين إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال التحقيق في جميع مزاعم التعذيب لضمان المساءلة، ومن خلال منح سعيد الفرصة للدفاع عن نفسه من خلال إعادة محاكمة عادلة. كما تحث البحرين على تزويد سعيد بالغذاء الصحي والرعاية الصحية اللازمة، كما تطالب بالوفاء بتعهداتها ووقف سياسة العقاب الجماعي بحق السجناء السياسيين وتحقيق مطالبهم العادلة وصولا الى الافراج العاجل وغير المشروط.