تزامناً مع اليوم العالمي للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، تدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) الإعتداءات على الصحافيين والمصورين والمدافعين عن حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي عامة والبحرين خاصة. فوفقاً لمؤشر حرية الصحافة العالمي الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود، تصنف البحرين بالمرتبة 169 بين 180 دولة، أي أقل بنقطتين مقارنة بتقرير العام الماضي. ويسجل هذا العام أيضا أسوأ تصنيف للبحرين منذ بدء المؤشر في عام 2013، في ظل تسجيل هذا المؤشر أرقاماً قياسية جديدة كل عام بالنسبة للبحرين. يعود هذا إلى نهج المملكة المستمر في قمع الأصوات الصحافية المعارضة.
نذكر في هذا الإطار محمود الجزيري، الصحافي في صحيفة الوسط سابقاً، والتي تم حلها لاحقاً كونها الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين. اعتقل الجزيري في 28 ديسمبر 2015 بعد مداهمة قوات الأمن منزله في حوالي الساعة 10 صباحاً وقيامها بمصادرة جهاز الحاسوب المحمول الخاص به وهاتفه النقال، ولم تبرز قوات الأمن أي مذكرة اعتقال. ولا يزال الجزيري معتقلاً في السجون البحرينية منذ ذلك التاريخ بسبب معارضته لتصرفات المملكة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما السجناء السياسيين. وكان قد جُرّد من جنسيته، قبل أن تعاد إليه بموجب الأمر الملكي الصادر في 21 أبريل 2019 الذي أعاد الجنسية لـ 551 شخصا، ضمنهم الجزيري. في شهر أبريل من العام 2020، وجه الجزيري رسالة صوتية إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، كشف من خلالها عن إهمال متعمد من قبل مسؤولي السجن بحقه وبحق السجناء الآخرين، لا سيما من ناحية فقدان الإجراءات الوقائية من وباء كورونا. وبحسب هذه الرسالة، يقبع السجناء في سجن جو المركزي في مبانٍ قديمة جداً، محكمة الإغلاق ومعدومة التهوئة، في ظل اكتظاظ كبير في مباني السجن. بالإضافة إلى ذلك، يطغى الإهمال المتعمد على كادر عيادة السجن بشهادة الشرطة.كما أشار الجزيري في رسالته إلى أن إدارة السجن منعت أهالي المعتقلين من زيارة أبنائهم بسبب انتشار وباء كورونا، من دون إيجاد أي بديل للزيارات. كما لم تسمح إدارة السجن باتصال السجناء بالأهالي عبر الفيديو، لا بل اعتمد نظام اتصال مقيد لا يسمح للسجين بالاتصال بأكثر من خمسة أرقام مجدولة مسبقاً في النظام الآلي وليس من الممكن الاتصال بغيرها طوال فترة الحبس. وتأتي هذه الرسالة عقب بث تلفزيون البحرين الرسمي تقرير يتحدث عن الإجراءات المتخذة المزعومة في سجن جو، من تباعد اجتماعي بين السجناء أنفسهم وبينهم وبين عناصر الشرطة وظروف احتجاز صحية وتجهيز لعيادة السجن من أجل معالجة مرضى كورونا المحتملين، وتواصل السجناء مع عائلاتهم عبر الفيديو. وكانت قد أشادت رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ماريا خوري بالإجراءات المتبعة من قبل إدارة السجن. إلا أن الجزيري نفى هذه المزاعم نفياً قاطعاً، مؤكداً أن التقرير قد تم تصويره بمبنى جديد مفتتح حديثاً، ويقبع فيه عدد قليل من السجناء، وبالتالي فإن هذا المبنى لا يمثل باقي المباني في سجن جو، واصفاً التقرير وتعليق ماريا خوري بالـ”مسرحية”.
ولا يزال المصور الفوتوغرافي أحمد حميدان معتقلاً منذ عام 2012 بتهمة الهجوم على مركز الشرطة في سترة عام 2012، رغم تدهور حالته الصحية. والأرجح أن اتهام حميدان واعتقاله جاءا بسبب تصويره للاحتجاجات الشعبية ضد إقامة سباقات الفورمولا واحد في البحرين. وكان قد حكم على حميدان بالسجن عشرة أعوام، بعد أن منع محاميه من حضور جلسات الإستجواب. وفي السياق ذاته، اعتقلت الناشطة نجاح يوسف وتعرضت للتعذيب والاعتداء الجنسي بعد أسبوع من نشر مشاركة على فيسبوك، تنتقد فيها سباق البحرين لعام 2017 على حسابٍ شاركت في إدارته، قبل أن يطلق سراحها لاحقاً.
أيضا في سياق الأحداث المتعلقة بسباقات الفورمولا واحد، اعتقل المصور سيد أحمد الموسوي عام 2014 واتهم بتشكيل خلية إرهابية والمشاركة فيها و بتقديم بطاقات شرائح اتصال للمتظاهرين والقيام بتصوير مظاهرات مناهضة للحكومة. وقد حكم على الموسوي بالسجن لمدة 10 سنوات وتم تجريده من الجنسية البحرينية، رغم نفيه التهم الموجهة إليه. وتجدر الإشارة إلى أن الموسوي تعرض لأقسى أنواع التعذيب، بالإضافة إلى الإعتداء الجنسي. ويرجح سبب كل ما حصل إلى قيام الموسوي بتصوير الاحتجاجات المناهضة لإقامة سباقات الفورمولا واحد في البحرين. وفي السياق ذاته، “تم إطلاق النار على أحمد إسماعيل حسن ، وهو مصور صحافي ، وقتله أثناء تغطيته احتجاجاً على سباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد في 31 مارس 2012. كان حسن حاضراً عندما بدأت قوات الأمن والرجال المسلحون بتفريق التظاهرة بعنف. أصيب بالرصاص في أعلى الفخذ بالذخيرة الحية، التي قطعت شريانًا رئيسيًا. لم يُحاسب أي شخص على الإطلاق على مقتل حسن بالرغم من أن الشهود ذكروا أن حسن استهدفته قوات الأمن بالتحديد لأنه كان يحتفظ بكاميرا فيديو ، وبالرغم من دعوات الأمم المتحدة للتحقيق.” كما تم قتل عدد من المتظاهرين ضد سباقات الفورمولا واحد.
عاما بعد عام، يتراجع تصنيف البحرين في مؤشر حرية الصحافة العالمي. السبب الرئيس في ذلك هو قمع الصحافيين والمصورين والمدافعين عن حقوق الإنسان من خلال اعتقالهم في ظروف غير إنسانية وغير صحية، ومن ثم فبركة التهم لهم. كل ذلك يحصل بسبب سياسة الإفلات من العقاب التي تعتمدها الحكومة البحرينية بحق مرتكبي هذه الجرائم بحق المعارضين. لذا، تدعو منظمة ADHRB السلطات البحرينية إلى التوقف عن هذه الممارسات ومحاسبة مرتكبيها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.