من المتوقّع أن تُعقد غداً في 29 أكتوبر في السعودية جلسة محاكمة لـ 5 قاصرين من بين 8 آخرين مهددين بخطر الإعدام الوشيك، بعدما طالبت النيابة العامة السعودية بإعدامهم بتهم تتعلق بالإرهاب بسبب مشاركتهم في احتجاجات. وتم اتهام سبعة من القاصرين الثمانية بمهاجمة عناصر الشرطة أو الدوريات بزجاجات المولوتوف أو الأسلحة النارية، بالاستناد الكامل تقريبا إلى اعترافات القاصرين التي قد تكون انتزعت تحت التعذيب، ولم تقدَّم أي تفاصيل عن أي إصابات لعناصر الشرطة. كما اتهمت النيابة العامة القاصرين المحتجزين بعدة تهم لا تشبه جرائم معترف بها، منها “السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي بالمشاركة في المظاهرات ومواكب التشييع”، و”ترديد عبارات مناوئة للدولة”، و”السعي إلى إثارة الفتنة والانقسام”.
والجدير بالذكر أن جميع هؤلاء القاصرين من المنطقة الشرقية التي يعيش فيها أغلبية الشيعة السعوديين. يأتي هذا رغم إقرار السعودية “نظام الأحداث” عام 2018، والذي ينص على عقوبة قصوى بالسجن لمدة عشر سنوات لكل من ارتكب جريمة قبل أن يبلغ 18 عاماً وأدين بموجب مبدأ الشريعة الإسلامية “التعزير.” وفي السياق ذاته، صدر أمر ملكي في 24 مارس 2020 بوقف أحكام القتل تعزيراً، لمن هم دون سن الـ18، على أن تكون أقصى عقوبة للسجن لمدة لا تزيد على 10 أعوام، لكنه استثنى في أحد بنوده القاصرين الذين حوكموا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب.
تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء القاصرين تعرض للتعذيب أثناء الإحتجاز الأولي والإستجواب، ناهيك عن منعهم من الإتصال بمحام. وقد انخفض عدد هؤلاء القاصرين من 11 إلى 8 بعدما أصدرت النيابة العامة السعودية في 27 أغسطس 2020 أمراً بمراجعة عقوبة الإعدام الصادرة بحق ثلاثة قاصرين، وهم علي النمر، وداوود المرهون، وعبدالله الزاهر.
تدين منظمة ADHRB أحكام الإعدام ضد القاصرين وتدعو إلى إلغاء تلك الأحكام وإطلاق سراحهم فوراً، فالممارسات السعودية الحالية تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه السعودية. والذي يشتمل على الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام فقط من أجل “أخطر الجرائم” في ظروف استثنائية، وبعد صدور حكم من محكمة مختصة. السعودية هي واحدة من الدول التي لديها أعلى معدلات لتنفيذ الاعدام في العالم ويطبق عقوبة الإعدام على مجموعة من الجرائم التي لا تفي بهذا الشرط مثل الجرائم المتعلقة بالمخدرات. على الرغم من حَثّ من المجتمع الدولي، مثل دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2018 لفرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام، والحد من الجرائم التي قد تُفرض بقصد الإلغاء في نهاية المطاف، تواصل السعودية استخدام عقوبة الإعدام.
يُذكر أنه في 11 أكتوبر 2018 أرسلت الإجراءات الخاصة الأمم المتحدة نداءً عاجلاً إلى المملكة العربية السعودية سلطت خلاله الضوء على تناقضات الحكومة السعودية في الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال الإشارة إلى مختلف انتهاكات الحكومة للصكوك والمعايير الدولية، وعلى وجه التحديد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن حق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أشارت البلاغات بأن ممارسة الحق في حرية التعبير وتشكيل التجمعات لا يمكن اعتباره أشد الجرائم خطورة كما يقتضي القانون الدولي أحكام الإعدام. وبموجب القوانين المذكورة آنفاً، يُحظر أيضاً فرض عقوبة الإعدام على القاصرين.
بناءً على تقدم، لم تقم حكومة المملكة العربية السعودية باحترام التزاماتها المكرسة في المعاهدات الدولية التي صادقت عليها:
إن طلب النيابة العامة السعودية إعدام القاصرين الثمانية يشكل انتهاكا لحقهم في الحياة. إن الحق في الحياة هو من الحقوق الجوهرية التي لا يجب المساس بها، فينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثالثة على حق كل فرد في الحياة والأمان على شخصه. إن هذا الحق مكرس أيضا في المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما وإن البروتوكول الثاني للعهد الدولي يناشد بوضع حد لعقوبة الإعدام.
كون الأشخاص المعنيين في هذه الشكوى ينتمون لفئة القاصرين، ينبغي التشديد على حماية حقوقهم وعدم معاملتهم كالأشخاص البالغين.
إن تفاقية حقوق الطفل تنص في مادتها السادسة على التالي:
“1- تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة
2- تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه”.
أما فيما يتعلق بالتعذيب الذي تعرض له بعض الأطفال خلال الإحتجاز والإستجواب، إن الحق في عدم التعرض للتعذيب هو مطلق ولا يجوز المساس به. إن “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” تحرم فعل التعذيب، وتفرض على الدول اتخاذ جميع الإجراءات لمنع وقوع أفعال التعذيب في المادة 3. كما أن المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على عدم جواز إخضاع أحد للتعذيب في أي ظرف كان. إضافة إلى ذلك، إن اتفاقية حقوق الطفل تنص في المادة 7 على التالي: ” أ- تكفل الدول الأعضاء ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.” بالنتيجة، إن تعريض القاصرين للتعذيب وإنزال عقوبة الإعدام بهم هو غير قانوني ويجب الرجوع عنه.