يعتبر دستور الولايات المتحدة الكونغرس فرعًا متكافئًا من الحكومة الفيدرالية ويوضح على وجه التحديد سلطته لتنظيم ومساءلة تصرفات الرئيس، حتى في مجال الشؤون الخارجية. تحدد القوانين الفيدرالية أيضًا الآليات التي يمكن من خلالها إجراء مبيعات الأسلحة الخاصة إلى الحكومات الأجنبية: يجب أن تتم جميع المبيعات بواسطة شركة مرخصة معتمدة من قبل وزارة الخارجية وتكون خاضعة لتشريع من قبل الكونغرس لتحل محل تفويض الإدارة. للأسف، فإن حشد الأصوات من أجل تجاوز حق النقض أمر صعب للغاية في عصر يتمتع فيه الرئيس ترامب بقبضة شديدة على حزبه، لدرجة أنه لم يتم تحقيق ذلك أبدًا. هذا لا يعني أن الكونغرس لم يحاول. منذ عام 2017، أصدر الكونغرس ثلاث مرات قرارات مشتركة لرفض مبيعات الأسلحة إلى دول الخليج، وجميع المرات الثلاث قد تم رفضها.
في حين أن الإقرار على مبيعات الأسلحة هي واحدة من أكثر الطرق فعالية للكونغرس لممارسة سلطته الدستورية وإبداء الرأي في الشؤون الخارجية، إلا أنها ليست الطريقة الوحيدة. في السنوات الخمس الماضية، تم تقديم 69 مشروع قانون رسميًا في مجلس واحد على الأقل للكونغرس في محاولة له بأن يعيق دول مجلس التعاون الخليجي المختلفة، أو العلاقات الأمريكية معها. تتراوح هذه القرارات من القرارات السنوية التي قدمها السناتور وايدن للاحتفال بالذكرى السنوية لبيرل هاربور في البحرين، إلى مشروع قانون يطلب من وزارة الداخلية الأميركية إصدار تقارير سنوية حول المواد التعليمية التي تطلقها وزارة التعليم السعودية.
بينما تلقت المملكة العربية السعودية أكبر قدر من التدقيق من خلال 53 مشروع قانون يناديها بالإسم، فإن الإمارات والبحرين، رغم أنهما أصغر من ناحية مساحة البلاد، ترتكبان فظائع لحقوق الإنسان بالقدر ذاته، وحظيتا أيضا” بإدانة شديدة. كان مشروع قانون عام 2015 الذي قدمه العضو في الكونغرس ماكغفرن والسناتور وايدن سيوقف جميع مبيعات الأسلحة إلى البحرين حتى تقرر وزارة الخارجية تنفيذ البحرين لجميع توصيات لجنة التحقيق المستقلة. هذا التشريع المنطقي لم يحصل حتى على تصويت في اللجنة.
الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في الخليج، والتي تستمر منذ عقود من الزمن، لم تحظ بالاهتمام الوطني واهتمام الكونغرس إلا بعد اغتيال جمال خاشقجي في عام 2018. كان الدليل واضحًا والخطأ الأخلاقي مطلقاً جدًا، لدرجة أن طوفانًا من الإنفاق من شركات علاقات عامة موظفة من السعودية ودفاع عام قوي من الرئيس ترامب لم يكن كافياً. تم تمرير مشروع قانون يتطلب الإفراج عن أشخاص ومعاقبة كل مواطن سعودي متورط في الاغتيال في الكونغرس وتم تقديمه إلى لجنة في مجلس الشيوخ، ولكن لم يتم إرساله أبدًا إلى مكتب الرئيس ومن المحتمل ألا يتم التوقيع عليه حتى لو كان كذلك. إنه دليل مأساوي على النفوذ الصناعي العسكري السعودي والأمريكي على الكونغرس عندما يتم تجنب مشاريع القوانين التي تطلب الحد الأدنى على الفور.
في حين أن المال هو الحاكم النهائي للسلطة في الكونغرس (الذي تتبرع له دول مجلس التعاون الخليجي بشكل غير مباشر بملايين الدولارات كل عام تقريبًا)، يمكن أن يتضخم الرأي العام والحركات الاجتماعية لإحداث تغيير حقيقي، على الرغم من الحواجز المؤسساتية. كانت جريمة مقتل خاشقجي القاسية وغير العادية بدم بارد واحدة من العديد من الفظائع المماثلة، لكن عمله مع صحيفة واشنطن بوست ووقوع الجريمة في تركيا جعلها الشرارة المثالية التي أشعلت أخيرًا غضبًا مستحقًا ضد المملكة العربية السعودية. نأمل أن يتم جلب هذا الغضب الصالح إلى الكونغرس ويستمر في اكتساب القوة: يجب محاسبة المملكة العربية السعودية والأنظمة الاستبدادية الأخرى في الخليج على جرائمهم من خلال إجراءات تشريعية محددة. تعتبر العقوبات المالية وحظر الوصول إلى الأراضي الأمريكية للمتورطين في أي انتهاك لحقوق الإنسان، بموجب قانون ماغنيتسكي، خطوة أولى قوية. ومع ذلك، يجب الاستفادة من جميع جوانب علاقتنا، بما في ذلك مبيعات الأسلحة السنوية بمليارات الدولارات والتعاون العسكري المكثف، لوقف هذه الفظائع. يتمتع الكونغرس بالقدرة والمسؤولية على حد سواء للقيام بالمزيد.