كان محمد أحمد عبد الله سرحان مدرّساً في وازرة التربية والتعليم في البحرين، يبلغ من العمر 38 عاماً عندما قُبض عليه في مايو 2013. حُكم على محمد بالسجن لمدة 23 عاماً، وقد تعرض محمد للتعذيب، والاختفاء القسري قبل أن يخضع لمحاكمة جائرة على أساس قضايا سياسية. محمد هو واحد من الأشخاص الخمسة الذين نقلوا مؤخرا الى مبنى العزل، مبنى 15 في سجن جو، حيث يتعرضون باستمرار للتعذيب وسوء المعاملة ويُحظر عليهم ممارسة حريتهم الدينية.
قُبض على محمد في 11 مايو 2013 من قبل ضباط يرتدون ملابس مدنية، بالاضافة الى قيادة قوات الأمن الخاصة، بعدما حاصرت مروحياتهم مدينة سند بأكملها. تم تعصيب عيني محمد وأُخرج من مبنى كان به عدد من المطلوبين في قضايا سياسية، من دون أمر قضائي.
في 12 مايو 2013، بعد يوم من اعتقاله، سُمح لمحمد بالاتصال بأسرته وإبلاغهم بأنه موجود في مركز شرطة الوسطى. وبعد ذلك، حاولت عائلته باستمرار الذهاب الى مركز الشرطة لرؤيته، إلا أن الضباط نفوا أي معرفة بمحمد وبمكان وجوده. وبعد الاعتقال، اختفى محمد لمدة 3 أسابيع، تمكن بعدها من الاتصال بعائلته وابلاغهم بأنه موجود في مديرية التحقيقات الجنائية (CID)، حيث اُستجوب هناك. حُرم محمد من الاتصال بمحام، ولم يكن لديه الوقت والتسهيلات الكافية للتحضير لمحاكمته، بالاضافة الى أنه لم يكن قادراً على التقديم أو الطعن في الأدلة المقدمة ضده.
وفي خلال فترة التحقيق التي استمرت حوالي 10 أيام، تعرض محمد لأشكال قاسية من التعذيب الجسدي والنفسي، فضلاً عن التمييز والمعاملة السيئة. إذ تعرض محمد للضرب، وأجبر على الوقوف لفترات طويلة، وصُعق بالكهرباء في جميع أنحاء جسده، وخصوصاً على أذنه وظهره. كما تعرض محمد للتهديد والتمييز بناءً على طائفته الدينية. ناهيك عن أنه أجبر على تحمل انتهاكات أخرى لحقوق الانسان، الا أنه لم يستطع الكشف عنها بسبب غياب الخصوصية، وقد تعرض لكل هذه الانتهاكات في محاولة لانتزاع اعتراف منه. وعلى الرغم من تدهور صحته، إلا أنه تعرض للضرب والتعذيب باستمرار.
يعاني محمد من انزلاق غضروفي في العامود الفقري، مما يسبب له آلام في الذراعين والساقين، بالاضافة الى ضعف في الجسم. وقد أدى الضرب المستمر، وظروف السجن السيئة الى تدهور صحته الجسدية والنفسية. وبسبب الصعق الكهربائي الشديد، فإن حاسة السمع ضعفت لدى محمد، كما أنه يعاني باستمرار من الصداع وآلام الظهر. ونتيجة لذلك، تقدمت عائلته بشكوى الى الأمانة العامة للتظلمات ضد التمييز الديني الذي يتعرض له محمد في السجن، فضلاً عن التهديدات المستمرة من قبل ادارة السجن. وفي خلال ذكرى عاشوراء 2020، قُدمت شكوى أخرى ضد ادارة السجن، لمنع ادارة السجن محمد والسجناء الآخرين من إحياء ذكرى عاشوراء، ولكن دون جدوى.
حُكم على محمد بالسجن 23 عاماً بناءً على التهم التالية: (1) التستر على رجل دين، حيث كان الأخير في البداية يتستر على مجموعة من المطلوبين في قضايا سياسية، (2) التستر على مجموعة من الاشخاص المطلوبين أيضاً في قضايا سياسية. وفي 3 أكتوبر 2017، أدانت المحكمة الجنائية الكبرى الرابعة في البحرين محمد بتهمة (3) كونه عضو في “غروب البسطة”[1]. بالنسبة للتهم الأولى، حُكم على محمد بالسجن لمدة 8 سنوات، وللثانية، 10 سنوات مع سحب الجنسية. وفي 7 آذار 2018، أيدت محكمة الاستئناف العليا الحكم الأول. في 20 ابريل 2019، استعاد محمد جنسيته بقرار من الملك، اذ ورد اسمه مع مجموعة من الأشخاص في الأمر الملكي. وفي 6 مايو 2019، أيدت محكمة التمييز أيضاً الحكم الأول في القضية الثانية.
في 10 تموز 2020، بدأ محمد وبعض زملائه في مبنى سجن جو 13و14 في اضراب احتجاج عن الاتصال، احتجاجا على ظروف السجن المروعة[2]. وفي 9 أغسطس 2020، بدأ محمد، مع خمسة سجناء آخرين، إضرابهم عن الطعام، احتجاجاً على انتهاك الحرية الدينية، لا سيما فيما يتعلق بذكرى عاشوراء. في 10 أغسطس 2020، نُقل محمد والسجناء الخمسة الآخرين الى المبنى 15 كشكل من أشكال العقاب على ما يُزعم من تعبئة وتحريض السجناء على الاضراب. وقد تم فصلهم جميعاً ووضعهم في زنازين مع سجناء آخرين غير بحرينيين، في محاولة لمنعهم من إحياء شعائر محرم وذكرى عاشوراء معاً. تلقت منظمة (ADHRB) معلومات من داخل السجن تفيد بأن محمد، والسجناء الأربعة الآخرين الذين ما زالوا في العزل حتى يومنا هذا، يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي، فضلاً عن تهديدهم بالقتل والتهديد بوضع السّم في طعامهم.
الحرية الدينية حق يكفله القانون الدولي، وهو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). إن استخدام التعذيب في خلال استجواب محمد، ينتهك القانون البحريني والتزامات البحرين بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية (CAT) بموجب القانون الدولي. كما أن احتجاز محمد التعسفي ومحاكمته الجائرة، ينتهك المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت اليه البحرين في عام 2006.
تدعو منظمة (ADHRB) السلطات البحرينية الى الالتزام بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الانسان في حماية وتعزيز حقوق الانسان. تطالب منظمة (ADHRB) الحكومة البحرينية التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الانسان، لاسيما فيما يتعلق بقضية محمد و السجناء معه في مبنى العزل ، من أجل محاسبة الجناة ورفع ما يتعرضون له من تعذيب وسوء معاملة . كما نطالب السلطات بالكشف لعائلة محمد عن معلومات حول صحته و عزله، والمطالبة بإجراء محاكمة عادلة.
[1] تعتبر السلطات البحرينية ” غروب البسطة”، جماعة تابعة لـ”تيار الوفاء الاسلامي” المصنفة على أنها جماعة ارهابية في البحرين. كما تحمّلها الحكومة مسؤولية تحريض البحرينيين ضد النظام الحاكم في البحرين، ونشر دعاية خبيثة تُطالب باسقاط النظام الحاكم.
[2] تضمنت مطالبهم وقف استخدام الأصفاد الحادة عند اصطحاب المعتقلين الى السجن، ووقف مضايقة السجناء في أثناء المكالمات، وضمان حقهم بالتواصل مع محامي، والسماح للسجناء بممارسة الشعائر الدينية، بالاضافة الى توفير منتجات النظافة الشخصية في ظل تفشي فايروس كورونا كوفيد-19.