أصدرت النيابة العامة السعودية أمس في 27 أغسطس أمراً بمراجعة عقوبة الإعدام الصادرة بحق ثلاثة قاصرين، وهم علي النمر، وداوود المرهون، وعبدالله الزاهر الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم ترتبط بالإرهاب، وذلك بحسب ما أعلنته هيئة حقوق الإنسان في السعودية.
وفي حين رحبت هيئة حقوق الإنسان بهذه الخطوة واعتبرتها انطلاقة في طريق إصلاح النظام القضائي وتعزيز حقوق الإنسان في السعودية، يبقى مصير المعتقلين القاصرين الآخرين المحكومين بالإعدام مجهولاً، مع العلم أنه في 24 ماس 2020 صدر أمر ملكي بوقف أحكام القتل تعزيراً، لمن هم دون سن الـ18 ، على أن تكون أقصى عقوبة للسجن لمدة لا تزيد على 10 أعوام، لكنه استثنى في أحد بنوده القاصرين الذين حوكموا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب.
على الرغم من قرار مراجعة عقوبة الإعدام بحق هؤلاء الثلاث مما يبعدهم عن خطر الإعدام الوشيك، إلّا أنّ منظمة ADHRB تشعر بالقلق إزاء مصير القاصرين الآخرين الذين تم استثناؤهم ومن هذا القرار وحرمانهم من المحاكمة العادلة معتبرةً أن السعودية لم تتخذ هذا القرار إلّا لمحاولة تبييض صورتها المليئة بانتهاكات حقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي. وجاء هذا القرار بعد عدة عمليات إعدام قاصرين مدانين بأحكام غير عادلة كان من بينهم، مجتبى السويكت، الذي وثقت له منظمة ADHRB.
كان علي النمر يبلغ 17 عاماً عندما تم اعتقاله في 14 من فبراير 2012 في القطيف في السعودية، عمد ضباط من مديرية الاستخبارات العامة السعودية إلى تعذيبه خلال اجراء التحقيق معه، واجباره على التوقيع على اعترافات ملفقة، وحرمته السلطات السعودية خلال التحقيقات وقبل محاكمته من الاستعانة بمحام. في27 مايو2014 وبعد 6 جلسات، حكمت المحكمة الجزائية المختصة في جدة عليه بحد الحرابة (السرقة أو أعمال غير مشروعة). لقد تمت محاكمته سراً ولم تسمح السلطات لعائلته أو لمحاميه بالحضور ولم تخبرهم بإجراءات المحاكمة. لتم استئناف الحكم في سبتمبر2015 دون إرسال أي إشعار مسبق لعلي أو لمحاميه.
كان علي موضوع عدة بلاغات موجهة من مكتب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة والتي قدمت في: مايو2015 سبتمبر 2015 ، مارس 2016، أغسطس 2016، يوليو2017 وأكتوبر 2018 واعتبر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي للأمم المتحدة أن احتجازه قسري وغير قانوني وذلك بسبب استناد إدانته على قانون طبق بمفعول رجعي لعامين ومخالف لحرية الرأي والتعبير وناتج عن محاكمة غير عادلة.
أما داوود المرهون اعتقل المرهون من دون أمر قضائي في مايو 2012 في مستشفى الدمام بينما كان يستعد لإجراء عملية جراحية لمعالجة إصابة تلقاها خلال مظاهرة سلمية. لم يكن المرهون سوى مراهق عندما ألقي القبض عليه وتم وضعه في العزل في مرافق احتجاز الأحداث. وهناك، لم يسمح له بالتواصل مع محاميه وتم التحقيق معه لساعات طوال وإجباره على توقيع اعتراف قد يستخدم لإدانته بسبب رفضه تسريب معلومات عن زملائه المتظاهرين. في 23 سبتمبر 2016، حُكم عليه بالاعدام عبر قطع رأسه علنًا.
وفي 3 مارس 2012 تم ايضاً اعتقال عبد الله حسن الزاهر في عمر الـ 15 عاماً. ذكر كل من داوود وعبد الله أن المسؤولين السعوديين قد منعوهما من التواصل مع محامييهما أثناء الاستجواب واستخدموا التعذيب كوسيلة لانتزاع اعترافاتهما. أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة داوود وعبد الله بتهم مماثلة وحكمت عليهم بالإعدام في أكتوبر 2014.
في يوليو 2019، كان من المعروف أن السلطات السعودية نفذت 134 عملية إعدام على الأقل. ووفقا لمنظمة العفو الدولية، كان 37 من هؤلاء نشطاء سياسيين أُعدموا جماعياً في 23 أبريل 2019 بعد فترات طويلة من الاحتجاز في الحبس الانفرادي، الخضوع للتعذيب والمحاكمات غير العادلة. وكان 33 من أصل 37 عضواً في الأقلية الشيعية في السعودية، الذين تم اعتقالهم وتم إعدامهم في النهاية لمشاركتهم في الاحتجاجات في المقاطعة الشرقية للبلاد.
الممارسات السعودية الحالية تنتهك المعايير الدولية، بما في ذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه السعودية. والذي يشتمل على الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام فقط من أجل “أخطر الجرائم” في ظروف استثنائية، وبعد صدور حكم من محكمة مختصة. السعودية لديها واحدة من الدول التي لديها أعلى معدلات لتنفيذ الاعدام في العالم ويطبق عقوبة الإعدام على مجموعة من الجرائم التي لا تفي بهذا الشرط مثل الجرائم المتعلقة بالمخدرات. على الرغم من حَثّ من المجتمع الدولي، مثل دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2018 لفرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام، والحد من الجرائم التي قد تُفرض بقصد الإلغاء في نهاية المطاف، تواصل السعودية استخدام عقوبة الإعدام.
يُذكر أنه في 11 أكتوبر 2018 أرسلت الإجراءات الخاصة الأمم المتحدة نداءً عاجلاً إلى المملكة العربية السعودية سلطت خلاله الضوء على تناقضات الحكومة السعودية في الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال الإشارة إلى مختلف انتهاكات الحكومة للصكوك والمعايير الدولية، وعلى وجه التحديد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن حق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أشارت البلاغات بأن ممارسة الحق في حرية التعبير وتشكيل التجمعات لا يمكن اعتباره أشد الجرائم خطورة كما يقتضي القانون الدولي أحكام الإعدام. وبموجب القوانين المذكورة آنفاً، يُحظر أيضاً فرض عقوبة الإعدام على القاصرين.