يصادف اليوم 26 يونيو اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي حددته الأمم المتحدة، وذلك لتسليط الضوء ورفع مستوى الوعي حولَ آفةِ التعذيبِ المستمرّةِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ. وفي هذا اليومِ، تتضامنُ منظمةُ أمريكيون من أجلِ الديموقراطيّة وحقوقِ الانسانِ في البحرينِ ومعهدِ البحرينِ للحقوقِ والدموقراطيّةِ مع ضحايا التعذيبِ وتدعوان المجتمعَ الدوليَّ للعملِ على وضعِ حدٍّ للتعذيبِ في البحرينِ وثفافةِ الافلاتِ منَ العقاب السّائدةِ في البلادِ.
على الرّغمِ من التزامها المُفتَرَض بالاصلاحاتِ، الاّ أنَ سجل البحرينِ في مجالِ حقوقِ الانسانِ استمرَّ بالتدهورِ في السنواتِ الأخيرةِ. في عامِ 2017، انتقدت لجنة مناهضةِ التعذيبِ التّابعةِ للأممِ المُتحدةِ بشدّة الاساءة المنظمةُ للأشخاصِ المحتجزينَ لدى الشُرطةِ، ولكن حتّى بعدَ مرورِ ثلاثِ سنواتٍ، بقيَ التعذيبُ متجذّراً في نظامِ العدالةِ البحرينيّ، وتمَّ الابلاغُ عن انتهاكاتٍ متواصلةٍ وواسعةِ النطاقِ عبر مراكزِ الاحتجازِ.
لا يزال القضاء البحريني يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الاعترافاتِ القسريّة لمقاضاة المتهمين، أما مرتكبي الانتهاكاتِ فنادراً ما تتم محاسبتهم. وكما أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فانّ المحاكمات القليلة التي جرت ضد الضباط البحرينيين المتهمين بارتكاب انتهاكاتٍ لحقوق الانسان، تضمنت بشكلٍ حصريّ تقريباً ضباطً رفيعي المستوى وأسفرت دون استثناء عن تبرئة أو اصدارِ أحكام مخففة بشكلِ غير متناسب. علاوةً على ذلك، فشلت هيئات مراقبة حقوق الانسان المحلية والتي أشاد بها حلفاء البحرين الغربيون بشكل متكرر في تحقيق العدالة للضحايا وتتهم على نطاق واسع بالفشل في التحقيق في الانتهاكات أو التستر عليها.
استمرار استخدام التعذيب وعقوبة الاعدام ضد المعارضين
منذ قمع الحراك الديمقراطي في البحرين في عام 2011، تمّ قمع المعارضة السياسية في البحرين بلا رحمة، اذ كان التعذيب عنصراً مركزياً في جهاز الدولة القمعي. وما يزال غالبية قادة المعارضة. بما فيهم د. عبد الجليل السنكيس، وعبد الوهاب حسين وحسن مشيمع ومحمد حبيب المقداد وعبد الهادي الخواجة، معتقلين في سجن جو سيء السمعة حيثُ لا يزالون يعاملون بطريقة سيئة.
في عام 2017، تخلت البحرين عن الوقف الفعلي لعقوبة الاعدام لمدة 10 سنوات، ومنذ ذلك الحين تم تنفيذ ست أحكام بالإعدام، اذ لعب التعذيب دورا متكرراً في ضمان المحاكمات. وقد أُعدم في الصيف الماضي الشّابان علي العرب وأحمد الملالي عقب اتهاماتٍ واسعة النطاق انتزعت تحت وطأة التعذيب وانتهاك الاجراءات القانونية، وقد وصف المقرر الخاص للامم المتحدة عملياتِ الاعدامِ الخارجة عن نطاق القانون بأنها “عمليات قتل تعسفية”. في عام 2020، أعادت البحرين فرض احكام الاعدام على محمد رمضان وحسين موسى، على الرغم من وجود ادلّة موثوقة على ان الاعترافات المستخدمة لادانتهم انتزعت بالاكراهِ. في الأسبوع الماضي. أيّدت محكمة التمييز البحرينيّة احكام الاعدام الصادرة ضد حسين عبد الله خليل راشد وزهير إبراهيم جاسم عبد الله، مما رفع عدد الأشخاص المعرضين لخطر الاعدام الوشيك الى أكثر من 10.
الإهمال الطبي
لا يزال التعذيب وسوء المعاملة قائمين في السجون. ولا يزال السجناء السياسيون يعاقبون بالإهمال الطبي، وهي ممارسةٌ تم ادانتها دولياً من قبل أربعة مقررين خاصين للأمم المتحدة في سبتمبر 2019 وثمانية مقررين خاصين آخرين في نوفمبر 2019. منذ عام 2018 أعلن المدافع عن حقوق الانسان علي الحاجي إضراباً عن الطعام لمدة 150 يوماً عن الطعام احتجاجاً على عدم تأمين العلاج للإصابات التي لحقت به أثناء التعذيب على أيدي الاجهزة الامنية في 2013. وينتظر الحاجي حتى اليوم لإجراء عملية جراحية بعد نزع 13 سنّاً في العام الماضي، مما زاد معاناته لتناول الطعام الصلب.
وقد ساهمت هذه السياسة القاسية بوفاةٍ مبكرة ومأساوية للسّيد كاظم عباس البالغ من العمر 24 عاما في فبراير2020 الذي كان يعاني من مرض السرطان، مع العلم أنه استمر بالشكوى الى إدارة سجن جو بأنه يعاني من الصداعِ الشديد والقيء وفقدان الوعي، الا أنه ترك بدون علاج خاصٍ لشهورٍ منذ عام 2018.
وقد سلّطت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الضوء على الضعف الشديد الذي يعانيه السجناء عقب تفشي وباء كورونا. وفي ظلّ هذه الظروف فإن الاهمال الطبي المنتظم يعرّضُ حياة القادة السياسيين المسنين لخطرِ شديد. اذ أن الكثير منهم يعانون أساساً من ظروفٍ صحيّة. في أبريل عام 2020 دعت 21 منظمة غير حكومية من ضمنهم منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش-منظمة مراقبة حقوق الانسان الى إطلاقِ سراحهم على الفورِ.
التواطؤ الدوليّ
على الرغم من الاسخدام الواسع النطاق للتعذيب والاهمال الطبيّ وعودة عقوبة الإعدام، تستمرُّ البحرين في تلقي الدعم المستمر من حلفائها الغربيين، بالأخص الولايات المتحدة الاميركيةِ والمملكة المتحدةِ. ان العديد من الهيئات الرقابية المدافعة عن حقوق الانسان والمكلّفة بالتحقيق بشكل مستقل في انتهاكات حقوق الانسان، من ضمنها المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان، والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ووحدة التحقيقات الخاصة، هي من بين المؤسسات البحرينيّةِ الّتي تمتعت بتمويلٍ وتدريبٍ من المملكة المتحدة. على الرغم من الافتقار الموثق جيداً للاستقلالية والفعالية، فضلاً عن ادعاءات تواطؤهم في التستر على انتهاكاتِ حقوق الانسان، فإن حكومة المملكة المتحدة تشيد باستمرار نجاح هذه المؤسسات.
في الآونة الأخيرة، ارتبطت ادعاءات التعذيب المقلقة ارتباطاً مباشراً بالاكاديميّة الملكية للشرطةِ في البحرين، حيث تقوم جامعة هيدرسفيلد التي يقع مقرها في المملكة المتحدة بتدريسِ ماجستير حصري في العلوم الأمنية الّتي وصفتها صحيفة التايمز بأنها “مركز للتعذيبِ”. وقد اتضح مؤخراً ان السجناء المحكوم عليهم بالاعدامِ، من ضمنهم زهير ابراهيم هم من بين الاشخاصِ الّذين عذبوا في موقع الأكاديمية. ومع ذلك رفضت جامعة هيدرسفيلد الكشفَ عن معلوماتٍ حولَ هذهِ الادعاءات كما رُفضت الدعواتُ لتعليق دورة الماجستير، مستشهدةً بالعلاقات الودية لحكومة المملكة المتحدة مع البحرين.
إن الدّعم الّذي لا يتزعزع من قبل واشنطن ولندن منح البحرين أرضية ملائمة للإصلاحِ، تخفي بين طياتها ثقافة راسخة من التعذيب والفساد وعنف الدولة.
وفي اليومِ العالمي لمساندة ضحايا التعذيب تدعو كل من منظمة أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الانيان في البحرين ومنظمة BIRD المجتمع الدولي وخاصة المشرعين في المملكة والولايات المتحدة، الى اتخاذ موقفٍ من خلالِ دعوةِ البحرينِ للسماحِ باجراء تحقيقٍ مستقلٍّ في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في البلاد بغرض محاسبة الجناة، كما هو محددٌ في الدستور البحريني.