في 8 فبراير 2016، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تشكيل وزارات جديدة أبرزها وزارة “السعادة” و “التسامح”. في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة ليست الدولة الأولى التي تستحدث هذه المناصب، علّق المحللين على هذا الأمر قائلين إن هذه الخطوة تعيد إلى الأذهان مؤشّر “السعادة القومية الإجمالية” حسب تسمية مملكة بوتان في 1972، فضلاً عن غيره من المؤشرات الأكثر حداثة – ولكن دور هذه الوزارات يبقى غير واضح في الحكم الفعلي.
إضافةً إلى ذلك، مزاعم استحداث وزارتين جديدتين بهدف نشر السعادة والتسامح بين الشعب الإماراتي يطرح السؤال التالي: هل ستعالج تدهور سجل دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حقوق الإنسان؟
قال رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تغريدة نشرها يوم إعلان الخبر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أن وزير السعادة الجديد “مهمته الأساسية مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع.”
ومع ذلك، ذكرت كارول غراهام من معهد بروكينغز أن “إنشاء وزارات للسعادة يمكن أن يكون” وسيلة إلهاء” أو ربما “وسيلة للحكومة لكي تخبر الناس كيف يجب أن يكونوا سعداء أو بأنه ينبغي عليهم أن يكونوا سعداء.” وبالفعل، بجانب القمع المنهجي الذي تمارسه دولة الإمارات العربية المتحدة على المعارضين والتعبير السياسي، فإن قرار الحكومة بإنشاء وزارتيّ “السعادة” و “التسامح” يبدو أورويلياً وضاراً، نظراً لكون الإمارات دولة رقابة”. قال نيكولاس مكجيهان من منظمة هيومن رايتس ووتش أنه “يمكنك أن تكون سعيداً [في دولة الإمارات العربية المتحدة] ما دام فمك مغلقاً. هذا نوع العقد الاجتماعي القائم في البلاد”.
في حين أن استحداث هذه الوزارات الجديدة قد يكون جزءاً من محاولة دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الراهن زراعة “التصرف الليبرالي” بزعم قبولها “مجموعة واسعة من أنماط الحياة،” ولكن هذا المبدأ بالترحيب والتقّبل يكون في الكثير من الأحيان خلاف الواقع. فمنذ عام 2011، قامت السلطات الإماراتية بتشديد القيود على المجتمع المدني وإعتقال العديد من الناشطين السياسيين. على سبيل المثال، بدأت قوات الأمن في الإمارات العربية المتحدة في مارس 2012، ببدء موجة من الاعتقالات أسفرت عن إعتقال 94 من المعارضين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان بعد أن طالبوا سلمياً بالإصلاح السياسي. بعد عامٍ تقريباً، في 4 مارس 2013، قامت غرفة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا بمحاكمة جماعية لمتّهمين، عرفوا باسم مجموعة “دولة الإمارات العربية المتحدة الـ94”. على الرغم من إحتجاز ما يصل إلى 70 من الـ94 متهماً كانوا محتجزين في معتقلات سرّية وأثار العديد منهم ادعاءات تتسم بالمصداقية للتعذيب أثناء الإحتجاز، وأدانت المحكمة في نهاية المطاف 69 فرداً بتهمة محاولة إسقاط الحكومة. وحُكم على الذين أدينوا بالسجن لمدة تصل إلى 15.
في بعض الأحيان، تتجنّب السلطات الإماراتية الإجراءات القانونية كليّاً، كما هو الحال في بقضية الأكاديمي والناشط البارز الدكتور ناصر بن غيث. في 18 أغسطس 2015، قام ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية بإعتقال الدكتور بن غيث وعرضوه للاختفاء القسري. صادف الأسبوع الماضي – 18 فبراير 2016- الذكرى السنوية لمرور ستة أشهر على اختفائه. ولا يزال مكان وجوده مجهولاً. كما ولم تؤكد السلطات بعد بأنه تم القبض عليه.
ويعتبر إختفاء الدكتور بن غيث أحدث واقعة حقيقية في تاريخ المضايقات الحكومية. ففي سبتمبر 2011، إعتقلته قوات الأمن الإماراتية بالإضافة إلى أربعة ناشطين آخرين بعد أن تمّ إلتماس قرار الرئيس بخصوص الانتخابات المباشرة ومنح البرلمان صلاحيات تشريعية أكثر.
عفا الرئيس خليفة بن زايد آل نهيان في نهاية المطاف عن الدكتور بن غيث والمتهمين الآخرين بعد أن تمّ الحكم عليهم بالسجن لمدة 2- 3 سنوات في نوفمبر عام 2011. ومع الاعتقال الأخير في 2015، ذكر نشطاء إماراتيون أنه انضم إلى “مئات الآخرين” الذين اختفوا بالمثل.
في ضوء هذه الإتجاهات، يبقى أن نرى ما إذا كان وزيرا السعادة والتسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة قادرين على تحمّل مسؤولية الإسم المعطى لهما أو سيتوجّب عليهما القيام بوظيفة أكثر أورويلية. فكما هو عليه، إذا فشلاً في إدراك العقبات الرئيسية تجاه “السعادة” و “التسامح” كالإختفاء القسري والإعتقال السياسي، فهناك أمل ضئيل بأن يصبحا أكثر ازدواجية.