دخلت هولندا في قائمة الدول العشر الأولى لتصدير الأسلحة العالمية في الفترة الممتدة بين 2013 و2017 وفقًا لتقريراتجاهات عمليات النقل الدولي للأسلحة الذي اعده معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). ويستخدم المعهد قيمة مؤشر الاتجاه التي تعزو إلى الأسلحة الفائضة قيمة 40 ٪ من تكلفتها الأصلية والأسلحة الصغيرة والذخيرة غير مدرجة في أرقامه. في العام 2018 ، ردت الحكومة الهولندية على هذا الترتيب قائلة إن النتائج كانت ستختلف إذا تم تضمين جميع أشكال صادرات المعدات العسكرية (مثل الذخيرة) وإذا كانت قيمة المبيعات أو الترخيص هي نقطة البداية للترتيب.
على الرغم من نية الحكومة الهولندية عدم بيع الأسلحة إلى الدول التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، فقد ظهرت أسلحة هولندية مصنعة في دول مثل البحرين التي تم استخدامها كوسيلة لقمع الحريات المدنية للسكان. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من حظر البرلمان الهولندي للأسلحة ضد الدول المتحاربة في حرب اليمن، واصلت البنوك الهولندية الاستثمار في الشركات التي لها أعمال تجارية مع أطراف فاعلة رئيسية متورطة في النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان.
خلال التحرك الداعي للديمقراطية في العام 2011، تمت الاشارة الى المركبات المدرعة الهولندية من قبل المجموعة المناهضة للحرب، Stop Wapenhandel على أنها تستخدم من قبل قوات الشرطة البحرينية ضد المتظاهرين السلميين في الحراك الديمقراطي. وكان ذلك نتيجة 35 مركبة مدرعة من طراز ام 113 واي بي أر 25 مجهزة بمدافع أم أم25، بالإضافة إلى 13 مدفع هاوتزر أم 110 تم تصديرها من هولندا بين 1994و 2017. بالإضافة إلى ذلك، استمر تصدير محركات الدبابات والشاحنات العسكرية في عام 2003 – خلال العشرين سنة الماضية، باعت هولندا معدات عسكرية للقوات المسلحة الهولندية بقيمة 30 مليون يورو للنظام البحريني. وعلى الرغم من الاستخدام الموثق للمركبات العسكرية المصدرة ضد المدنيين ، لم تتخذ هولندا أي إجراء لحظر المزيد من صادرات الأسلحة إلى النظام. في الواقع ، وفي أحدث سياسة تصدير للأسلحة الهولندية لعام 2018 ، بلغت صادرات الأسلحة من هولندا إلى البحرين حوالي 20000 يورو.
إن الأسلحة المصدرة إلى البحرين ليست فقط عرضة لخطر استخدامها ضد المدنيين للمساهمة في القمع الداخلي من قبل الدولة ، ولكن أيضًا من قبل القوات المسلحة البحرينية في الحرب الأهلية اليمنية. منذ عام 2015 ، قُتل أكثر من 100000 شخص في اليمن ، بما في ذلك أكثر من 12000 مدني.انّ إحدى النتائج المخيفة لهذا الصراع هي المجاعة الكبرى التي تضرب البلاد. وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من أن 13 مليون شخص في اليمن يواجهون المجاعة. وقامت شركة لوكهيد مارتن، التي تلقت استثمارًا بقيمة 10.6 مليون دولار معظمها من البنك الهولندي، بتزويد البحرين بصواريخ موجهة خلال هذه الفترة. بالإضافة إلى هذه الصادرات، وقعت الشركة عقدًا جديدًا في يونيو 2018 لتوفير 16 طائرة من طراز أف 16 إضافية للنظام البحريني. وتم استخدام طائرات الـ F16 من قبل القوات المسلحة البحرينية في الهجمات ضد الحوثيين في حرب اليمن.
في العام 2016 ، صوتت هولندا على حظر تصدير الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، بسبب ارتباطها الصارم بانتهاكات حقوق الإنسان ومشاركتها في الحرب في اليمن. وأقر البرلمان الهولندي بالإعدام الجماعي وحملة القصف التي نفذتها الحكومة السعودية في اليمن. في وقت لاحق، تحديداً في عام 2018 ، توسّعت الحكومة الهولندية بقرار تجميد تصدير الأسلحة ليشمل الإمارات العربية المتحدة ومصر حتّى تنأى بنفسها عن أي مشاركة مباشرة في رعاية الحرب في اليمن وأي دولة أخرى تكرس انتهاك حقوق الإنسان. وقال وزير التجارة الخارجية والتنمية الهولندي سيغريد كاغ “لن تكون هناك صادرات أسلحة من هولندا إلى السعودية ومصر والإمارات ما لم يثبت أنها لن تستخدم في حرب اليمن”.
ولكن على الرغم من تعليق الحكومة الرسمي لبيع الأسلحة الهولندية للسعودية والإمارات ومصر، فقد تم الكشف في العام 2019 عن أن البنوك الهولندية لا تزال تستثمر في شركات الأسلحة التي تزود الجهات الفاعلة الحكومية بهذه الأسلحة. استثمرت البنوك مثل مجموعة بنوك ING, ABN AMRO Van Lanschot Kempen حوالي 640 مليون يورو في الأعمال التجارية التي كانت تدعم صناعة الأسلحة في البلدان المشاركة في حرب اليمن. وتشير أحدث البيانات إلى أن تسعة من بين أكبر عشرة صناديق تقاعد هولندية تستثمر في تصنيع الأسلحة الموردة إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان. وفي عام 2019 ، أفاد دليل المعاشات التقاعدية العادلة بأن صناديق المعاشات التقاعدية مثل أي بي بي وبي أف بي دبليو استثمرت معًا أكثر من 927 مليون يورو في البلدان التي تنتهك حقوق الإنسان.
سلّمت شركات مثل ايرباص سي, الممولة من قبل , ABN AMRO و ING بقيمة 137.5 مليون دولار، ما يقارب 25 صاروخ من طراز بي في أر أي أي أم إلى مصر بين 2015-2018 و 23 طائرة هليكوبتر خفيفة و طائرتي أم بي و 700 صاروخ أرض جو و 120 صاروخ جو-جو (طراز بي في أر أي أي أم) و نظامي أرض-جو إلى المملكة العربية السعودية من 2016-2018 ؛ و 25 صاروخًا مضادًا للسفن إلى الإمارات عام 2018. كما تلقت جنرال إلكتريك أكبر استثمار من ING ، ABN AMRO بمبلغ 137.5 مليون دولار تم تبيّن ان الشركة زودت المملكة العربية السعودية بحوالي 25 محركًا نفاثًا للتهوية الهوائية. وتمتعت بوينج ، أكبر شركة طيران في العالم ، باستثمار بقيمة 182.3 مليون دولار من البنوك الهولندية اي ان جي وبدرجة أقل ABN AMRO، الا انها وفي الفترة الممتدة بين العامين 2016 و 2018 ، أنتجت 430 صاروخًا مضادًا للسفن و 3045 قنبلة موجهة و 24 طائرة هليكوبتر مقاتلة إلى المملكة العربية السعودية ، و 9004 قنبلة موجهة مذهلة إلى الإمارات العربية المتحدة. أما طاليس ، التي تعد شركة أصغر مقارنة بإيرباص وجنرال إلكتريك وبوينج, تلقت 8.5 مليون دولار من ايه بي ان أمرو, الا انها بين 2017 و 2018, انتجت أنظمة رادار لتتبع الأسلحة و 5 أنظمة سونار أي أس دبليو للمملكة العربية السعودية. تستضيف هولندا شركة تابعة لشركة طاليس ، طاليس نيديرلاند بي في التي تصنع أنظمة القتال البحرية وأجهزة الاستشعار المتعلقة بمجموعة واسعة من حلول الحرب السطحية والمضادة للطائرات. وقد أجريت غالبية كبيرة من هذه المبيعات بعد الحظر الهولندي الرسمي على صادرات الأسلحة إلى هذه الدول المدرجة في الحرب اليمنية.
ابحث عن جدول تجارة الأسلحة المثيرة للجدل هنا
دافعت الحكومة عن افتقارها إلى الإجراءات المتعلقة بفضيحة صندوق التقاعد البنكي، بحجة أنها تفتقر إلى الكفاءة لمنع البنوك الهولندية من الاستثمار في مثل هذه الشركات حيث يمكنها فقط إصدار وتعليق تراخيص التصدير. وألقت اللوم على البنوك نفسها، مؤكدة أنه بما أن كل من مجموعة بنوك ING, ABN AMRO Van Lanschot Kempen الثلاثة أعضاء في ميثاقاي CSR للقطاع المصرفي، ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، فإنه من مسؤولية البنك مسؤولية التأكد من امتثالها للمبادئ التوجيهية. ومع ذلك، لا تزال الحكومة الهولندية تفتقر إلى سياسة ملزمة تنظم وتوقف استخدام صناديق التقاعد لتمويل الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان في الخارج. ولا تأخذ الصناديق في الاعتبار عدم الاستقرار الذي تجلبه بعض الشركات في مناطق غير مستقرة سياسياً من العالم.
يتم إصدار تراخيص تصدير السلع العسكرية على أساس قانون الجمارك العام (Algemene Douanewet) ولوائح مراقبة الصادرات ذات الصلة حيث يتم تقييم طلبات الترخيص لتصدير المعدات العسكرية على أساس كل حالة على حدة مقابل المعايير الثمانية لسياسة تصدير الأسلحة الهولندية. وتراعي المعايير احترام حقوق الإنسان في بلد المقصد وحالته الداخلية ، والحفاظ على الاستقرار وطبيعة المنتج. وفي العام 2018. بلغ إجمالي قيمة التراخيص الصادرة 750.93 مليون يورو.
وفي “سياسة تصدير الأسلحة الهولندية لعام 2018” الصادرة في عام 2019 عن وزير التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندي ووزير الخارجية بشأن تصدير السلع العسكرية ، أفادت التقارير بأن مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حرموا من عمليات التسليم بسبب تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، تكشف التقارير نفسها الى ان الإمارات العربية المتحدة لا تزال في المرتبة الثامنة، والمملكة العربية السعودية في المرتبة العاشرة، فيما يتعلق بتراخيص تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج في 2018. ولا تزال كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في أعلى 10 دول المقصد النهائي خارج الاتحاد الأوروبي. وبشكل أكثر تحديدًا ، في عام 2018 ، صدّرت الحكومة الهولندية إلى المملكة العربية السعودية الإلكترونيات العسكرية ومنتجات طلاء الدروع والحماية وأجزاء ومكونات “السلع العسكرية الأخرى”. بينما تلقت دولة الإمارات العربية المتحدة أجزاء ومكونات لـ “أسلحة وذخائر”، ومركبات عسكرية أخرى، وأجزاء ومكونات للسلع العسكرية الأخرى..
تعدّ ايربص سي ، ومقرها في هولندا، جزءًا من أم بي دي اي بحصة 37.5٪ ، جنبًا إلى جنب مع ليوناردو (25%) وأنظمة بي اي اي (37.5%) و شاركت شركة إيرباص سي في سلسلة من الصادرات المثيرة للجدل إلى دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تنتهك حقوق الإنسان حيث شاركت الشركة بشكل رئيسي في تصدير الطائرات إلى مصر والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة. كما تلقت الإمارات العربية المتحدة أقمارًا صناعية للاستطلاع ربما تم استخدامها للسيطرة على الحشود. كما استخدمت الإمارات والسعودية ومصر المعدات والطائرات والأقمار الصناعية من قبل شركة إيرباص سي في الحرب في اليمن.
في العام 2015 ، نشرت منظمة ستوب ويبهاندل غير الحكومية تقريراً حول تورط تجارة الأسلحة الهولندية مع قوات التحالف في حرب اليمن اشارة الى انّ الجهات الفاعلة الرئيسية الثلاثة التي شاركت في النزاع وتم تزويدها بالأسلحة الهولندية هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن.
في عام 2012، منحت الحكومة الهولندية رخصة تصدير لأنظمة الاتصالات للسعوديين والتي كان يجب استخدامها في دبابات القتال. علاوة على ذلك ، باعت هولندا مكونات لطائرات مقاتلة من طراز تايفون وطائرات مقاتلة من طراز أف 16 التي يتم استخدامها في الضربات الجوية على اليمن. كما باعت هولندا 87 منظومة مدفعية ثقيلة ذاتية الدفع إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 1997. وبتعبير ادق، ….والتي يبلغ مداها 35 كيلومترًا وتستخدم بشكل أساسي لإطلاق النار على مسافات طويلة. وتفيد التقارير أيضا أن هولندا باعت العشرات من فائضها من طائرات أف 16 إلى الأردن ، بعد منحها أيضا تراخيص للصواريخ الجوية ومواد المهمات اشارة إلى أن القوات الجوية الأردنية تشارك في غارات جوية في اليمن.
إن التصدير والاستثمار في الأسلحة المستخدمة في المناطق غير المستقرة من العالم هي ممارسة تم بحثها وإظهارها وإدانتها من قبل العديد من المنظمات غير الحكومية والمعاهد الدولية. أشارت منظمة العفو الدولية عدة مرات إلى الزيادة الكبيرة في تجارة الأسلحة العالمية في السنوات القليلة الماضية ، حيث أبلغت عن التكلفة البشرية الهائلة التي عانت منها في السنوات الأخيرة من الصراع. وأفاد معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أنه بين عامي 2014 و 2018 ، أصبحت المملكة العربية السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم. وكما أشرنا سابقًا ، فإن السعودية مسؤولة عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان وتسببت مشاركتها في الحرب في اليمن في وقوع الآلاف من الضحايا. وأبلغ “ائتلاف أوقفوا الحرب”، وهو منظمة بريطانية غير حكومية أخرى تعمل على نشر الوعي ووقف الصراع على الأسلحة في جميع أنحاء العالم، مؤخرًا عن عواقب الوباء العالمي الحالي في اليمن، وكيف يقترب الفيروس من ارض خصبة بينما تستمر الحرب. لذا، تدعو المنظمة إلى إنهاء النزاع وتقديم المساعدة الطبية الفورية في البلاد.
في هذا السيناريو، كانت هولندا تستفيد من مبيعات الأسلحة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان ومقاتلي الحرب في اليمن. على الرغم من شفافية صادرات الأسلحة وتعليق التجارة مع المملكة العربية السعودية، استمر البنك الهولندي ونظام صناديق التقاعد في تمويل الصراعات.