تحل اليوم الذكرى الرابعة لإعدام الشيخ نمر باقر النمر من قبل السلطات السعودية في الوقت الذي لا ترتدع فيه السعودية عن تنفيذ عقوبة الإعدام لا سيما بحق الذين كانوا أطفالاً وقت اعتقالهم. في العام 2019 تحديداً أعدمت السعودية 130 شخصاً بينما هناك ما لا يقل عن 24 شخصاً معرضون لخطر الإعدام الوشيك من بينهم علي النمر الذي أتم الـ 25 من عمره منذ أسبوعين.
- إعدام الشيخ النمر
أعدمت السعودية الناشط والمعارض الشيخ نمر النمر في 2 يناير 2016. وبعملها هذا أثبتت تجاهلها التام لأي صوت إصلاحي يسعى لإنهاء الظلم والتمييز والتهميش في المملكة.
وكان الشيخ النمر ناشط في العدالة السياسية والإجتماعية من قرية العوامية في منطقة القطيف السعودية. وكان الشيخ من أشد منتقدي الحكومة السعودية داعياً إلى الإصلاحات السياسية السلمية. بشكل خاص، دعا الشيخ نمر إلى العصيان المدني السلمي، رداً على سياسات الحكومة السعودية التمييزية التي أدت إلى تهميش الطائفة الشيعية في المملكة. تتعلق معظم التهم الموجهة للشيخ نمر مباشرةً بخطبه ونشاطاته الإحتجاجية السلمية. وذكر المدعي أن الخطب التي ألقاها الشيخ أساءت للوحدة الوطنية، وأهانت الملك، مما شجع الناس على التظاهر.
إنتهكت حكومة المملكة العربية السعودية مراراً وتكراراً حقوق الشيخ نمر بالمحاكمات العادلة عن طريق عدم السماح له بإعداد الدفاع. بعد أول جلسة له، لم تستطع النيابة تقديم نسخة عن التهم الموجهة إلى الشيخ نمر لفريقه القانوني. خلال محاكمته، كان الشيخ نمر يواجه صعوبات لمقابلة مستشار قانوني، إذ كانت السلطات في كثير من الأحيان تقوم بإعلام محاميه بمواعيد الجلسات إما قبل يوم من الجلسة أو عدم إبلاغه كلياً. كما رفضت المحكمة إنتهاز فريق الدفاع عن الشيخ نمر لفرصة التحقيق مع ضباط الشرطة الذين ألقوا القبض عليه. مع ذلك، وافق القاضي على شهادة مكتوبة من قبل هؤلاء الضباط. بالإضافة إلى ذلك، إستبدل المسؤولون السعوديون القاضي في منتصف المحاكمة.
في نهاية المطاف، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، وهي محكمة خاصة للنظر في القضايا المتعلقة بالإرهاب، على الشيخ نمر بالإعدام في 15 أكتوبر 2014. و على الرغم من عدم وجود علاقة للشيخ نمر بالإرهاب أو الأنشطة الإرهابية، إستندت المحكمة الجزائية المتخصصة على القانون لمكافحة الإرهاب الصادر في عام 2014 الذي يحتوي على تعريف واسع جداً لمفهوم الإرهاب بما في ذلك أي عمل يشكل “خطراً على الوحدة الوطنية “، بغية محاكمته على أسس تعتبرها إرهابية. إستخدمت السلطات السعودية المحكمة الجزائية المتخصصة عدة مرات لمحاكمة و إدانة الناشطين الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب أنشطتهم السلمية.
أعدمت حكومة المملكة العربية السعودية الشيخ نمر لأنه كان من أشد منتقدي ممارساتها التمييزية. أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة الشيخ بعد محاكمة جائرة شابها العديد من الإنتهاكات للإجراءات القانونية. حكمت عليه بتهم لا تتعلق بشيء سوى ممارسة حرية التعبير. لم يكن يدافع أو يدعو أو حتى يشارك في أي حركة عنيفة.
ومثل تزايد عدد عمليات الإعدام في عام 2016 تجاهل الحكومة السعودية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما أنها لا تزال تستخدم قوانين غير واضحة بهدف تجريم المعارضين. وقد شكل الإعدام الجماعي الذي شمل الشيخ نمر و46 آخرين سابقة خطيرة آنذاك.
- حصيلة أحكام الإعدام عام 2019 وسط إدانات أممية
122 حكماً منفذاً بالإعدام في السعودية سجله النصف الأول من العام 2019، وعُدّت نسبة مرتفعة جداً مقارنةً بالنصف الأول من العام 2018 الذي سجّل اعدام 55 معتقلاً بتهم معظمها تتعلق بالمشاركة بالمظاهرات والإحتجاجات وحرية الرأي والتعبير.
وسلطّت منظمة ADHRB الضوء على استمرار تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية مع عدم امتثال الأخيرة لتوصيات الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل، وذلك خلال مداخلة شفهية مع نهاية الأسبوع الثاني من الدورة 41 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ودعت المنظمة السعودية إلى تنفيذ جميع توصيات الاستعراض الدوري الشامل، بما في ذلك وقف جميع عمليات الإعدام.
خلال الدورة الأربعين للمجلس في مارس 2019، اعتمد المجلس رسمياً تقرير المملكة العربية السعودية عن الاستعراض الدوري الشامل. بعد شهر واحد فقط، في أبريل، أعدمت الحكومة 37 رجلاً بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية ومن بين الرجال السبعة والثلاثين الذين أُعدموا: منير الآدم وهو رجل من ذوي الإحتياجات الخاصة وعباس الحسن وهو أب لأربعة أطفال اتُهم “بالتجسس” و “نشر المذهب الشيعي” ومجتبى السويكت وسلمان قريش وعبد الكريم الحواج الذين كانوا قاصرين وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. وقد تعرض هؤلاء الرجال، إلى جانب الكثيرين غيرهم، للتعذيب والإكراه على الاعتراف وحُرموا من الاتصال بمحاميهم.
على صعيد متصل، أدانت المفوضة السامية ميشيل باشيليت في كلمتها الإفتتاحية للدورة الحادية والأربعين تنفيذ حكم الإعدام الجماعي في السعودية في أبريل الماضي على الرغم من “النداءات المتكررة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم وجود إجراءات قانونية سليمة وضمانات المحاكمة العادلة، وادعاءات بأن الاعترافات تم الحصول عليها عن طريق التعذيب وأن” ثلاثة على الأقل من القتلى كانوا قاصرين في وقت ارتكابهم للجريمة المزعومة.
في 27 مايو 2019، فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة؛ المقرر الخاص المعني بحالات الخارجة عن القضاء، بالإجراءات الموجزة أو الإعدام التعسفي ؛ المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد ؛ والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من طرق سوء المعاملة، أو المعاملة والعقوبة اللاإنسانية أو المهينة، نشر نداءً عاجلاً موجهاً إلى المملكة العربية السعودية بشأن خطر الاعدام الوشيك للدكتور عباس العباد نتيجة محاكمة غير عادلة والتمييز على أساس المعتقد الديني. وقد دعت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة حكومة المملكة العربية السعودية إلى الوقف الفوري لجميع عمليات الإعدام مع الاخذ بعين الاعتبار إلغاء عقوبة الإعدام، تقديم أي معلومات إضافية حول اعتقال الدكتور العباد وتهمه، والرد على ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة ومساءلة الجناة.
في السادس عشر من يوليو طالبت النيابة العامة بتنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة ناشطين هم محمد عيسى اللباد، رمزي محمد آل جمال، وعلي حسن آل زايد، من ضمن قائمة 23 مطلوباً لتعبيرِهم عن رأيهِم ومشاركتهم في الحراك الديمقراطي في المنطقة الشرقية وذلك بعد تسليمِهم أنفسِهم إلى السلطات فعام 2017، وحصولِهم على تعهد بإطلاقِ سراحِهم، ولكن المعتقلين أَجبروا على الإدلاء باعترافات كاذبة تحت التعذيب لإصدارِ أحكام قاسية ضدَّهم تصل إلى عقوبة الإعدام.
في ذكرى إعدام الشيخ النمر وفي ضوء أحكام الإعدام الوشيكة تدين منظمة ADHRB أحكام الإعدام في السعودية الناتجة عن المحاكمات غير العادلة وتدعو السعودية إلى ضمان الإستشارة القانونية والمحاكمات العادلة لجميع المتهمين. في الوقت ذاته، على الحكومة السعودية محاسبة ومساءلة جميع المتورطين في عمليات التعذيب، وليس بإمكان المجتمع الدولي التزام الصمت بعد الآن في ظل أحكام الإعدام المتزايدة وتدهور حالة حقوق الإنسان في السعودية، ويجب على المجتمع الدولي مواصلة الضغوطات على الحكومة السعودية حتى تتقيد بالتزاماتها الدولية وتلغي عقوبة الإعدام نهائياً.