في 23 ديسمبر أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية في السعودية، أحكاماً بالإعدام بحق 5 متهمين في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، كما حكمت بالسجن على 3 أشخاص بالسجن لمدة قد تصل إلى 24 عاماً، فيما تمّت تبرئة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من تلك الجريمة، إذ أعلنت النيابة العامة في مؤتمر صحافي عُقد في 26 ديسمبر أن سعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والقنصل السعودي في إسطنبول محمد العتيبي واللواء أحمد عسيري النائب السابق لمدير الاستخبارات لم توجه لهم أي اتهامات وتم الإفراج عنهم، ولم تسمِّ النيابة العامة أسماء المتهمين الذين صدرت أحكام بحقهم.
تدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تلك الأحكام الصادرة التي تمثل قطعاً محاولة للسلطات السعودية لطمس الحقائق وتبرئة الجناة الحقيقيين الذين من المفترض أن يكونوا هم في قفص الإتهام والمحاكمة، إذ إن السعودية غير مؤهلة بتاتاً ليكون فيها قضاء عادل، ومن جانب آخر هذه المحاكمات أٌنشئت لإنقاذ السعودية وتقليل الضغوط الدولية عليها.
ورداً على تلك الأحكام الصادرة، أعربت أغنيس كالامارد مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام التعسفية والمنفذة خارج نطاق القضاء عن صدمتها المزدوجة إزاء أحكام الإعدام الصادرة بحق خمسة أشخاص في المملكة العربية السعودية في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في أعقاب محاكمة سرية. وقالت في بيان لها، إن صدمتها الأولى تمثلت في أن “المنفذين أدينوا وحكم عليهم بالإعدام،” خلافاً لمعارضة حكم الإعدام.
وأما صدمتها الثانية فتمثلت في أن من “أمروهم بالتنفيذ ليسوا أحراراً فحسب، بل بالكاد يكونون قد تعرضوا للتحقيق والمحاكمة” ووصفت أغنيس كالامارد ذلك بأنه “نقيض العدالة” وأضافت: “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مقتل السيد خاشقجي بمثابة إعدام خارج نطاق القضاء يجب أن تتحمل المملكة العربية السعودية المسؤولية عنه. تتطلب هذه القضية إجراء تحقيق في سلسلة القيادة لتحديد هوية العقول المدبرة، وكذلك أولئك الذين حرّضوا أو سمحوا أو غضوا الطرف عن القتل”.
وكانت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) قد أرسلت وعشرة منظمات أخرى لحقوق الإنسان خطاباً إلى قيادة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي لاتخاذ إجراء إضافي بشأن مقتل جمال خاشقجي خارج نطاق القضاء. بعثت المنظمات غير الحكومية، بقيادة منظمات حقوق الإنسان أولاً، برسالة إلى رئيس اللجنة إليوت إنجل (نائب ديمقراطي عن نيويورك) والعضو البارز مايكل ماكول (نائب جمهوري عن تكساس)، تطلب فيها مطالبة إدارة ترامب بتزويد الكونغرس بتحديد المسؤولية عن مقتل خاشقجي، بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة حول حقوق الإنسان.
اختفى خاشقجي، الكاتب الدائم في صحيفة بواشنطن بوست، في 2 أكتوبر 2018، حيث شوهد آخر مرة لدى دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، في تركيا. وفي الأيام التالية، ساد التحقيق في اختفائه عبر الأخبار الدولية إلى جانب تصاعد الأزمة الدبلوماسية. ونفت المملكة العربية السعودية أي علم بالاختفاء، حتى أُعلن في النهاية أن خاشقجي قد قُتل لدى دخوله القنصلية. ومنذ الإعلان عن ذلك، أظهرت الأدلة على نحو متزايد أن ولي العهد كان من المحتمل أن يكون قد حصل على قدر من المعرفة بمقتل خاشقجي، بما في ذلك وجود أحد مساعديه في القنصلية قبل لحظات من وصول خاشقجي. كما أن تورط أحد مستشاري محمد بن سلمان، سعود القحطاني، وأخبار تقييم وكالة الاستخبارات المركزية من “نيويورك تايمز”، زاد من تعقيد الأمور. وبحسب ما ورد أثبت تقييم هيئة المخابرات الأمريكية أنه مدمر للأمير السعودي، مشيراً إلى أن المسؤولين في الوكالة يحملون “ثقة عالية” في تورط محمد بن سلمان.