في 14 أكتوبر 2019، أرسل خمسة من مكاتب الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة رسالة ادعاء إلى البحرين تتعلق بمحاكمة ما يسمى “كتائب ذو الفقار”، وهي محاكمة جماعية لـ 138 مدعى عليهم، أدين 115 منهم. أرسلت مكاتب الإجراءات الخاصة بلاغاً سابقاً في 5 نوفمبر 2018، يتضمن تفاصيل مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب للإكراه على الاعترافات وممارسات المحاكمة غير العادلة، بما في ذلك جلسات الاستماع الغيابية ورفض الاتصال بمحام. اعتباراً من تاريخ نشر الرسالة، لم ترسل البحرين رداً على رسالة الادعاء بعد.
في 15 مايو 2018، أدانت المحكمة الجنائية العليا الرابعة في البحرين 115 من 138 متهماً بتهم تتعلق بالإرهاب. كما جردت المحكمة جميع المتهمين المدانين البالغ عددهم 115 من جنسيتهم البحرينية. وفي 28 يناير 2019، أيدت محكمة الاستئناف إدانة جميع المدعى عليهم ونزع الجنسية منهم. في 20 أبريل 2019، عقب بيان علني صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن قضية مماثلة، أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أمراً ملكيًا بإعادة جنسية 551 بحرينيًا سبق تجريدهم من جنسيتهم من خلال إجراءات قضائية، بما في ذلك المدانون في قضية كتائب ذو الفقار. في 1 يوليو 2019، أيدت محكمة التمييز الإدانات والأحكام الأصلية، علماً انها أعلى محكمة في البحرين. كما استنفذوا الآن جميع سبل الانتصاف القانونية. هذه القضية هي واحدة من خمس محاكمات جماعية كبرى أجرتها البحرين في عامي 2018 و 2019، وأدانت ما مجموعه 504 من أصل 564 مدعى عليهم.
رسالة الادعاء – التي وقعها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي؛ المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب؛ والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة – تبين تفاصيل حالات 21 من المتهمين، وتتناول ردود البحرين غير الكافية عن البلاغ السابق. كما تناول خطاب الادعاء انعدام النزاهة في وزارة الداخلية لاسيما الأمانة العامة للتظلمات وغيره من هيئات الرقابة الداخلية. عملت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين كمصدر للمعلومات عن هذه الحالات، من خلال برنامج الشكاوى التابع للأمم المتحدة.
على وجه الخصوص، لاحظت مكاتب الإجراءات الخاصة فشل الحكومة البحرينية في التحقيق بشكل صحيح فيما يخص التعذيب، معبرةً عن قلقها بسبب تركيز التحقيقات الوحيدة في مزاعم التعذيب على الأدلة المادية فقط، ولم تتضمن تقييماً نفسياً:
“نشعر بالقلق من أنه وفقًا للمعلومات الواردة، لم تحقق وحدة التحقيق الخاصة في مزاعم التعذيب النفسي. . . نذكّر كذلك حكومة سعادتكم بحقيقة أن نطاق التعذيب المعترف به قانوناً يشمل المعاناة النفسية. كما أن بعض إصابات الأفراد المدانين كانت من الممكن أن تلتئم أو لم تكن ظاهرة في وقت الفحص، وهذا لا يعني أن الضحية لم يتعرض للتعذيب.”
أبرزت مكاتب الإجراءات الخاصة أيضاً مسألة حقوق المحاكمة العادلة، مشيرة إلى أن الرد البحريني لم يعالج مزاعم انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك جلسات الاستماع الغيابية، والتأخير غير المبرر للإجراءات، بالإضافة الى الاعتقالات غير المبررة:
“نلاحظ أنه لم يتم تناول من قبل حكومة سعادتكم الادعاءات المتعلقة بعدم وجود محاكمة عادلة وضمانات الإجراءات القانونية فيما يتعلق بالرسائل المشتركة، علاوة على ذلك، لم يتم تناول في أي من إجابات سعادتكم للرسائل المشتركة عن حقيقة الأشخاص الـ 20 الذين تم اعتقالهم من دون اي أمر قضائي . . .”
“بحسب المعلومات التي بحوزتنا، لم تتم معالجة ادعاءات عشرة اشخاص من المحكومين بصدور إعترافاتهم تحت وطأة التعذيب الواردة في الرسالة المشتركة AL BHR 5/2018. نذكِر أنه في حال إستخدام التعذيب أو غيره من أشكال من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لإكراه متهم على الإقرار أو الإعتراف، تشكل هذه الإعترافات انتهاكًا لحق المتهم بـ “ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الإعتراف بذنب” ولحقه بمحاكمة عادلة. نشير إلى أن الأدلة المنتزعة تحت التعذيب وأي شكل آخر من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لا يجوز أبداً استخدامها في المحكمة إلا كدليل على هذا السلوك. عندما يطعن المتهم بطواعية الإعتراف، يقع عبء الإثبات على الإدعاء ليثبت صدور الإعتراف عن المتهم بكامل حريته.”
بالإضافة إلى ذلك، تشير مكاتب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة إلى النقص في إستقلالية الهيئات الراقبية خاصةً وزارة الداخلية، الأمانة العامة للتظلمات، مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين (PDRC)، والمفتش العام لجهاز الأمن الوطني: (NSA)
“وفق المعلومات التي وصلتنا، نشعر بالقلق من أن مكتب الأمانة للتظلمات ليس مستقلاً بالكامل ولذلك لا يمكنه التحقيق بشكل ملائم في المخاوف المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان لأنه يعتمد على وزارة الداخلية (MOI) في التمويل والسلطة ويعتمد على وحدة التحقيق الخاصة SIUللإدعاء. يظهر مكتب الأمانة العامة للتظلمات سجلاً منخفضاً من الإحالات التي تم الادعاء ضدها بنسبة 5 بالمئة فقط من قضايا انتهاكات مرتكبة من قبل موظفي الدولة. تقلقنا أيضاً مؤشرات تدل على مساهمة مكتب الأمانة العامة للتظلمات في إهمال قضايا تجاوزات الشرطة، ما يساهم في تعزيز بيئة الإفلات من العقاب.
نلاحظ مع القلق أنه قد تم الإبلاغ عن أن عمليات الانتقام من قبل موظفي وزارة الداخلية تمنع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من تقديم شكاوى.. نشعر بالقلق أن لجنة حقوق السجناء والمحتجزين PDRC لا تتوافق مع الإرشادات لآلية وطنية للوقاية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب …(OP-CAT) نتيجةً لذلك، تراودنا المخاوف حول إمكانية PDRC في معالجة ادعاءات التعذيب بشكل كافٍ أو معاقبة المرتكبين. بالإضافة، يبدو أن PDRC ليست مكلفة بالتحقيق في انتهاكات سابقة وقد يؤدي ذلك إلى فشلها في تأمين الحماية الكافية لحقوق المحتجزين.
لقد تقدمت حكومة سعادتكم بتفسير بأنه يتم إحالة الضحايا وعائلاتهم إلى المفتش العام (IG) لجهاز الأمن الوطني (NSA) في حال رغبوا بتقديم الشكاوى… بحسب المعلومات التي وصلتنا، إن هذا المكتب يمتنع بشكل هيكلي عن التحقيق والإبلاغ عن انتهاكات للحقوق بشكل جدي وفعال… منذ مايو 2017، لم يقم NSA IG بنشر أي من نتائج تحقيقاته، ما يجعل من المستحيل تقييم فعالية عملها. نذكِر حكومة سعادتكم أنه في حال عدم إجراء التحقيقات من قبل هيئات مستقلة ومحايدة في شأن انتهاكات حقوق الإنسان، تكون الدولة في صدد إنتهاك لإلتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان“.
بالإضافة إلى ذلك، تعبر المكاتب عن مخاوفها حول قوانين واجراءت البحرين لمكافحة الإرهاب، خصوصاً أحكام القانون التي تسمح الحبس الإحتياطي المطول في قضايا الإرهاب المزعومة. كما اعربت المكاتب صراحةً عن قلقها حول الإختفاءات القسرية والتي لم تتم معالجتها من قبل الحكومة البحرينية في ردها:
“نشير إلى أنه من أسوأ أشكال الإنتهاك المرتكبة في عمليات مكافحة الإرهاب هو إستخدام الإحتجاز السري أو غير المعترف به المحظور بموجب القانون الدولي من قبل قانون حقوق الإنسان وقواعد القانون الإنساني الذي لا يجوز عدم التقيد بها ايا كانت الظروف“.
اختتمت مكاتب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ملاحظاتها بإعادة تأكيد مخاوفها وطلب الرد من السلطات البحرينية:
“نتيجةً للمخاوف المذكورة آنفا وبدون المساس بدقة المعلومات التي وصلتنا، نشعر بقلق أن حكومة سعادتكم تفشل في الردود المقدمة في الرسالة المشتركة AL BHR 5/2018 في معالجة المخاوف التي تم ذكرها. ما يزيد من قلقنا في هذا الصدد الأخير بشكل خاص هو إستخدام الإعترافات الصادرة تحت وطأة التعذيب كأدلة في المحكمة، ما شكل أساساً للإدانة. اتهامات بأكثر الجرائم خطورة لا تمنع الدولة عن واجباتها الدولية بمنع التعذيب والإختفاء وبضمان معاملة الأفراد الذين يخضعون للإجراءات القضائية وفقاً للأصول القانونية.”
منذ تاريخ نشر الرسالة في 16 ديسمبر 2019، لم تتقدم الحكومة البحرينية بأي رد.
قال المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB حسين عبد الله: “رسالة الإدعاء هذه الصادرة عن الإجراءات الخاصة تكشف حقيقة الحكومة البحرينية المنافقة. يتضح من أجوبة الحكومة البحرينية والرسالة الأولى أنه لم يكن للسلطات أية نية بأخذ هذه الإدعاءات بجدية والتحقيق فيها، بل كانت عوضاً عن ذلك تستخدم آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان من خلال الرد بإعطاء معلومات تبيض أعمال الهيئات الرقابية. هذه الرسالة الصادرة عن الإجراءات الخاصة تظهر أن المجتمع الدولي لن ينخدع ولن يصدق أكاذيبهم.”
ترحب منظمة ADHRB بتعليقات مكاتب الإجراءات الخاصة وتردد مخاوفها المتعلقة بإساءة إستخدام قانون مكافحة الإرهاب، التوقيف دون مذكرة، الإعترافات الصادرة تحت وطأة التعذيب، إجراءات المحاكمة غير العادلة، والشكاوى والهيئات الرقابية غير الفعالة. في ضوء هذه الممارسات غير المشروعة وغير العادلة، تدعو منظمة ADHRB السلطات البحرينية إلى إبطال ادانات هؤلاء الأشخاص وفي حال الحفاظ على إتهامات جنائية جدية منسوبة اليهم إلى الحرص على ان تتم اية محاكمة مستقبلية وفق المعايير والضمانات الدولية للمحاكمة العادلة، تماشياً مع إلتزامات البحرين بحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، ندعو السلطات البحرينية بفتح تحقيقات شفافة ومحايدة بموضوع إدعاءات التعذيب وسوء المعاملة بهدف محاسبة المرتكبين ومكافحة الإفلات من العقاب. كما ندعو البحرين إلى تعديل تشريعات مكافحة الإرهاب من أجل الإمتثال للقانون الدولي الإنساني ومعاييره. وأخيراً، ندعو الحكومة البحرينية إلى إصلاح هيئاتها الرقابية بالأخص وزارة الداخلية (MOI) ، الأمانة العامة للتظلمات، PDRC، ومفتش عام جهاز الأمن الوطني لضمان الإستقلالية والحيادية الحقيقية.