ينطلق في 8 و9 ديسمبر 2019، الاجتماع الاقليمي لمجموعة “المائدة المستديرة الدولية حول الحرية الدينية” (IRF) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، من العاصمة البحرينية المنامة، وتحديداً من المركز الذي يطلق عليه، “مركز ملك حمد العالمي للتعايش السلمي”. وقبيل انعقاد الاجتماع، فإن ADHRB تدين بشدة تنظيمه وإقامته في واحة باتت معروفة بتمييزها المستمر ضد غالبية البحرينيين الشيعة، فضلا عن اضطهاد وقمع الحريات الدينية لهذه الفئة، والمسؤولون فيها لا يكفّون عن استهداف وتهميش المجتمع الشيعي وتجاهل حقه في حرية التعبير والتجمع. تعتبر ADHRB أن انعقاده في البحرين يساهم في تبييض تلك الانتهاكات.
وفي حين أن انعقاد هذا النوع من الاجتماعات لمجموعة “المائدة المستديرة الدولية حول الحرية الدينية” (IRF)، يهدف عادةَ، لتعزيز الحرية الدينية والسلام في المنطقة، إلا أن مكان انعقاده يتناقض مع هذه الأهداف السامية بشكل واضح مما يستوجب الدعوة للمنظمين والمشاركين بمقاطعته وإعادة النظر حول موقع عقد الحدث.
لقد مارست حكومة البحرين منذ فترة طويلة التمييز ضد مجتمع الأغلبية الشيعية، والذي يشكل حوالي 70 في المئة من المواطنين. وُضِع النظام السياسي في البحرين بطريقة تجعل من المستحيل على الشيعة الوصول للسلطة السياسية أو الصعود إلى المناصب ذات الأهمية السياسية. تمثل أجهزة الأمن مثالاً متطرفاً بشكل خاص، حيث يُقدّر أن الموظفين الشيعة يشكلون أقل من خمسة بالمائة من كل الموظفين. وقد ثبت أيضاً على أن المؤسسات الأمنية مثل الشرطة والجيش قامت بتوزيع مواد دينية لاستثارة الطائفية ونشر خطاب الكراهية بين صفوفها. بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة بقمع المشاركة السياسية الشيعية، وحل جمعية الوفاق المعارضة بالقوة، والتي مثلت شريحة كبرى من سكان البحرين الشيعة، واعتقلت بشكل تعسفي الزعماء السياسيين الشيعة مثل الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان والناشط البارز حسن مشيمع.
كما استهدفت الحكومة البحرينية رجال الدين، بمن فيهم الشيخ محمد المقداد، والشيخ عبد الجليل المقداد، والشيخ سعيد النوري، الذين هم من بين السجناء البارزين المعروفين بـ “البحرين 13”. وقد تم اعتقالهم في عامي 2011 و 2012 بسبب نشاطهم السلمي وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة. حُكم على العديد من رجال الدين بالسجن بسبب نشاطهم وانتقادهم الصريح للحكومة، بما في ذلك الشيخ ميرزا المحروس، والشيخ عبد الهادي المخوضر، والسيد مجيد مشعل. أما البعض الآخر، بما في ذلك الشيخ حسن النجاتي فقد تم ترحيله، وقد تم تجريد أبرز زعماء الشيعة وعلمائهم الشيخ عيسى قاسم، من جنسيته بشكل تعسفي.
ازداد هذا القمع الذي طال أمده والذي استهدف السكان الشيعة في البحرين خلال العامين الماضيين، حيث قمعت قوات الأمن المراسم الخاصة بشهر محرم والتي يطلق عليها مراسم عاشوراء، حيث تعرض ما لا يقل عن 14 من رجال الدين والخطباء الشيعة للمضايقة على أيدي السلطات، واعتُقل عدد منهم بسبب محتوى خطبهم في الفترة التي سبقت ذكرى عاشوراء.
بالإضافة إلى رجال الدين، اعتقل المسؤولون العديد من الناشطين، من بينهم عبد المجيد عبد الله محسن، ناشط بارز مؤيد للديمقراطية، احتُجز لمدة 15 يوماً بتهمة “التجمع غير القانوني”. استمر هذا النمط حتى عام 2019 ، حيث أوقفت الأجهزة الأمنية المجالس العاشورائية، وأغلقت المآتم، وحظرت على الناس التجمع والتجمهر. واحتجاجاً على القيود المفروضة للمشاركة في مراسم عاشوراء، أعلن أكثر من 700 معتقل من معتقلي سجن جو والحوض الجاف إضراباً عن الطعام في 8 أغسطس 2019 ، وصرحوا من خلال تسجيلات صوتية نشرت على وسائل التواصل الإجتماعي عن تعرضهم للتمييز الديني، بما في ذلك منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية وتعرضهم للشتائم والإهانات اللفظية من قبل الضباط على الأساس المذهبي.
علاوة على التمييز الديني، تُقيّد الحكومة الخليفية القمعية النشطاء المسالمين بالقوة، سواء باللجوء للاعتقالهم ، و/ أو إلغاء جنسيتهم، والانتقام من أفراد أسرهم لمنعهم من تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة.
وكانت ADHRB قد أرسلت رسالة الى الرئيس المشارك لـ IRF Roundtable ورسالة إلى المشاركين، تعبر فيها عن قلقها البالغ بسبب انعقاد هذا الاجتماع المتعلق بالحرية الدينية في بلد كالبحرين، ودعت الى إعادة النظر في عقده في البحرين، ومقاطعته لأنه سينقل صورة مغايرة للواقع ويعيق المهمة الأوسع لجولة IRF Roundtable .
وذكّرت ADHRB بما صدر عن كل من وزارة الخارجية الأمريكية واللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF) من تصنيف للبحرين بأنها دولة من الفئة الثانية “لانخراطها في انتهاكات الحرية الدينية”، وأن هذا العام يعدّ السنة الثالثة على التوالي التي تصنف فيها USCIRF البحرين كدولة من الفئة الثانية. أما تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية، فقد صرّح عن تكرار حالات متعددة من التمييز الذي تمارسه السلطات ضد أفراد أغلبية الشيعة في البحرين، بما في ذلك استهداف الزعماء الدينيين .
ولفتت الرسائل المقدمة أن المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB حسين عبدالله، هو مشارك نشط في IRF Roundtable، وبالتالي هو مدعو لهذا الاجتماع كما جاء في بطاقة الدعوات، ولكن هل يضمن أي أحد منهم سلامته ؟! وأنه لن يتعرض للخطر؟! خاصة أن الحكومة البحرينية جرّدته من جنسيته، وأدخلت بعض أفراد عائلته للسجن بسبب أعماله المتعلقة بحقوق الإنسان. وتساءل كيف لـ IRF Roundtable أن تختار هذا البلد لاطلاق اجتماعها؟ معتبراً أن ذلك يساهم في تقديم المزيد من الدعم لحكومة آل خليفة، ويوفر لها المساحات والعلاقات لتبييض انتهاكاتها.