في مايو 2017، تقدمت الدول المراقبة والمنتسبة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بـ 175 توصية إلى الحكومة البحرينية بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل الثالث الخاص بالبحرين. وتم جمعها ضمن 20 مسألة، من حرية التعبير إلى معاملة السجناء. وأيدت الحكومة البحرينية 139 منها وأطاحت بـ 36. وقالت الحكومة إنّ سبب رفضها تنفيذ 36 توصية يعود إلى عدة أسباب مثل كون التوصيات لا تتلاءم مع الشريعة الإسلامية أو أنّها تتعارض مع التشريعات الوطنية أو أنّها تتطلب المزيد من الدراسة.
وبعد مرور عامين ونصف العام، يمكن القول إنّ البحرين فشلت في تطبيق التوصيات التي قد قبلت بها وتراجعت كذلك عن بعضها. وكان يمكن لبعض التوصيات، لو نُفذت، تحسين معاملة النساء في السجون والسجناء السياسيين، التخفيف من القيود على حرية التعبير، بالإضافة إلى تحسين عمل المدافعين عن حقوق الإنسان.
في ضوء رفض البحرين اتخاذ خطوات جدية لتنفيذ التوصيات، إننا نرحب بفرصة المساهمة في تقرير منتصف المدة للاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين ونكرر قلقنا تجاه انتهاكات حقوق الإنسان. ولهذه الغاية، يركز تقريرنا على مسائل عدة، من السياسات الوطنية وأحكام الإعدام إلى الحق في حرية التعبير.
لقد لاحظنا أنّ الحكومة لم تكتفِ بعدم تحسين المسائل المهمة بل إنها وسعت نطاق تطبيق قانون الجنايات وقانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال تمكين الضباط من قمع المعارضين في السجون. ولم تتخذ أي خطوات لمحاسبة ضباط قوات الأمن على الانتهاكات التي ارتكبوها. واستمرت السلطات بارتكاب انتهاكات صارخة تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الرأي. ولا تزال الظروف المهينة في مراكز الاحتجاز، كالتعذيب وسوء المعاملة، مستمرة، ولهذا ازداد قلقنا تجاه الأوضاع المتردية في السجون، والحرمان الممنهج الذي يؤثر سلباً خاصةً على السجناء الأكبر سناً وضحايا التعذيب.
للإطلاع على التقرير الأصلي باللغة الإنكليزية PDF إضغط هنا
للإطلاع على التقرير المترجم للغة العربية PDF إضغط هنا
وفي محاولة لمعالجة التوصيات الموجهة إلى البحرين، لقد قسمنا تحليلنا إلى 5 أقسام:
أ- فعالية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، مع التركيز على رفض تطبيق توصيات اللجنة ومعالجة مسألة إعادة تمكين جهاز الأمن الوطني والمحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.
ب- السياسات الوطنية، ونتناول فيها الانتخابات البرلمانية في البحرين المخاوف المستمرة تجاه الحرمان السياسي
ج- حرية التعبير والصحافة: ويتم فيها معالجة التدابير التي اتخذتها الحكومة لتجريم المعارضة ومنها فرض رقابة على الإنترنت، محاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان، المدونين ونشطاء الرأي.
د- المدافعون عن حقوق الإنسان، السجناء السياسيون والمجتمع المدني وفيه نعالج: الاتجاه الحالي لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. ونسلط الضوء على حالات فردية مهمة تشمل السجينات السياسيات.
هـ- حالات إسقاط الجنسية والإعدام التي نعالج فيها المحاكمات الجماعية وحالات الحرمان من الجنسية ونثير قلقنا تجاه عقوبات الإعدام.
إن الاستعراض الدوري الشامل أساسي لعمل مجلس حقوق الإنسان وجهود الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان حول العالم، وترتبط فعالية الاستعراض بجدية الدول تجاهه. لذلك ندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات لضمان عمل الحكومة على الالتزام بتنفيذ التوصيات.
القسم الأول أ- تراجع تطبيق توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق:
على الرغم من تأييد البحرين للتوصيات: 114.37، 114.58، 114.59 إلاّ أنّها فشلت في تطبيقها.
تشير هذه التوصيات إلى سلسلة خطوات وعدت البحرين اتخاذها بعد الآثار التي تركتها احتجاجات عام 2011، التي قامت الحكومة بقمعها عن طريق القوة. إذ تعهدت حكومة البحرين بالقيام بإصلاحات واتخاذ خطوات تجاه المساءلة. ولكن البحرين لم تفِ بعهودها. ولكن، في 9 مايو 2016، احتفلت البحرين بذروة أعمال اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق واعلنت انه تم تنفيذ 26 توصية كاملةً ولكن لاحظت كل من منظمة أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديموقراطية انها لم تطبق سوى 2 من أصل 26. بعد عام، أعادت السلطات صلاحيات لجهاز الأمني البحريني والمحكمة العسكرية وهذا دليل على عدم رغبتها بالقيام بإصلاحات والتصدي للانتهاكات.
وعلى الرغم من إعلان البحرين أنّها عملت على تنفيذ 26 توصية، جاءت تصريحات رئيس اللجنة السيد محمود بسيوني في 10 أيار 2016 لتنقض إعلان البحرين بالقول إنّ الحكومة لم تنفذ سوى 10 توصيات من أصل 26.
ولم تكتف الحكومة بعدم تطبيق التوصيات بل وافق البرلمان في شهر مارس من 2017، على تعديل دستوري يسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. ويمكن القول إنّ البحرين لم تف بوعودها وفشلت في الالتزام بالتوصيات.
ومن بين النقاط الأخرى التي تستدعي التوقف عندها هي إعادة تمكين جهاز الأمن الوطني الذي عمل كشرطة سرية خلال احتجاجات 2011 من خلال ممارسته لأساليب الإخفاء القسري، المداهمات المنزلية والمشاركة في التعذيب. ومن بين الذين تمّ تعذيبهم خلال فترة الاحتجاز من قبل الجهاز هو كريم فخراوي، المؤسس المشارك لجريدة الوسط، الذي عُذب حتى الموت. ومن بين الانتهاكات التي مارسها الجهاز هي الاعتداءات على التجمع السلمي في الدراز. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، توفي الناشط البيئي محمد كاظم محسن زين الدين، خلال هجوم لقوات الأمن على تجمع في الدراز. وتوفي زين الدين متأثراً بجروح ناجمة عن الإصابة بطلقات الشوزن. واستهدف الجهاز كذلك المدافعين عن حقوق الرأي مثل ابتسام الصائغ. أمّا النقطة الأخرى فهي إعادة تمكين المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين عام 2017. وفي ديسمبر 2017، حكمت المحكمة العسكرية الكبرى على 6 أشخاص بالإعدام لتهم متعلقة بأعمال إرهابية مزعومة.
ومن بين التوصيات المتوسطة الأجل التي يجب على الحكومة اتخاذها هي:
- إلغاء صلاحيات الجهاز الأمني البحريني المتعلقة بإلقاء القبض والتحقيق مع المدنيين
- إلغاء صلاحيات المحكمة العسكرية المتعلقة بمحاكمة المدنيين المتهمين بأعمال إرهابية
- إعطاء صلاحيات لهيئة مستقلة ومحايدة للتحقيق ومحاكمة كل مزاعم التعذيب وسوء المعاملة
القسم ب: السياسات الوطنية
- انتخابات مجلس النواب في البرلمان:
أجرت البحرين انتخابات مجلس النواب (البرلمان) في 24 نوفمبر 2018، وهي ثاني انتخابات بعد اعتصامات 2011، أولها كان عام 2014. وتمّ توجيه العديد من الانتقادات لهذه الانتخابات على خلفية القيود المفروضة على أفرقاء المعارضة السياسية، استهداف قادة المعارضة، القيود على حرية التعبير، عمليات التزوير الانتخابي وغيرها من الانتهاكات. وخلال التقييم للاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين، أيدت الحكومة عدة توصيات متعلقة بالسياسة الوطنية كالحق قي التجمع وتنظيم جمعيات سياسية والحق بالمشاركة في الحياة السياسية. لكن على الرغم من تأييد الحكومة لهذه التوصيات ومنها توصيات 114.97 المتعلقة بتفادي ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، و114.101 المتعلقة بحماية الحق في حرية تكوين الجمعيات والكف عن حل الأحزاب السياسية، إلا أنّ أنّها استمرت بقمع الحريات واستهداف أعضاء المعارضة السياسية. ويذكر أنّ الحكومة استهدفت قادة الوفاق، لا سيما الأمين العام الشيخ علي سلمان. وعملت الحكومة كذلك على استهداف جمعية “وعد”.
ووفقاً لـ “هيومن رايتس ووتش”، فإنّ الانتخابات البرلمانية المقررة في 24 نوفمبر “تجري في بيئة سياسية قمعية لن تفضي إلى انتخابات حرة”. جاء هذا على خلفية توقيع الملك على تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية يمنع من الترشيح لمجلس النواب كل من المحكوم عليه بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة أو رد إليه اعتباره، وكذلك المحكوم عليه بعقوبة الحبس في الجرائم العمدية لمدة تزيد على ستة أشهر حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة. وأدّت هذه الخطوة إلى استبعاد العديد من شخصيات المعارضة عن الترشح للانتخابات. قبل فترة وجيزة من الانتخابات، اعتقل الضباط النائب السابق علي راشد العشيري بسبب تغريدة تدلّ على انه سيقاطع الانتخابات. إضافة إلى ذلك، هنالك قلق مستمر حول محاولات التزوير الانتخابي من أجل إضعاف هيمنة الشيعة في البحرين.
القسم ج – حرية التعبير والصحافة:
وخلال الاستعراض الدوري الثالث، تلقت البحرين 33 توصية متعلقة بحرية التعبير، الجمعيات السياسية، حماية الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى توصية تتعلق باعتماد قانون إعلام جديد يتوافق مع المعايير الدولية. وعلى الرغم من تأييد الحكومة لـ 28 توصية، إلا أنّها لم تبذل جهودا كافية للحد من القيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات السلمية. وعلى مدار العام الماضيين، اتخذت الحكومة البحرينية تدابير إضافية لتجريم المعارضة المعبر عنها على مواقع التواصل الاجتماعي عبر فرض رقابة صارمة على الإنترنت. وعمدت السلطات إلى اعتقال أقارب النشطاء المعارضين المقيمين في الخارج، كما حصل في مايو 2017 عندما تمّ اعتقال والد وشقيقة الناشط السياسي المقيم في المانيا يوسف الحوري، وذلك بسبب تغريدة نشرها الأخير على حسابه في تويتر يدعو فيها إلى اعتصام سلمي للاحتجاج على الممارسات القمعية التي تنتهجها البحرين. وعشية رأس السنة لعام 2018، أيدت محكمة التمييز الحكم بسجن المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب لمدة 5 أعوام لمجرد نشر تغريدات تعبر عن آرائه حول الحرب في اليمن والتعذيب في سجن جو.
وعلى ضوء على هذه الإجراءات القمعية، صنفت منظمة مراسلون بلا حدود، في مؤشرها العالمي لحرية الصحافة، البحرين في المرتبة 167 للعام 2019. ومن بين التوصيات التي وافقت عليها البحرين والمتعلقة بحرية التعبير، الجمعيات والتجمع: اتخاذ تدابير عاجلة لتيسير عمل المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان حماية جميع الأشخاص من الترهيب، أو الانتقام بسبب سعيهم إلى التعاون مع الأمم المتحدة، وإزالة العقبات التي تحول دون حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وكذلك الإفراج في أقرب وقت ممكن عن جميع الأفراد، الذين سجنوا بسبب ممارسة حقوقهم الأساسية في التعبير والتجمع، إزالة القيود غير الضرورية على النشر في وسائط الإعلام الإلكترونية، وقيود الترخيص المفروضة على منظمات وسائط الإعلام والأفراد الذين يسعون إلى ممارسة الصحافة، وتعديل القوانين والتشريعات لإلغاء المسؤولية الجنائية عن الأنشطة التي تندرج في إطار الممارسة المشروعة لحرية التعبير، ولا سيما على الإنترنت.
وبالرغم من إعلان البحرين استعدادها لدعم حرية الصحافة خلال الاستعراض الدوري الشامل للبحرين، استمرت الحكومة في فرض قيود على الإعلام وتجلى ذلك من خلال فرض رقابة مشددة على المواقع الإلكترونية وإقفال الصحف، ففي عام 2017 قررت وزارة شؤون الإعلام حل جريدة الوسط وهي الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد. وشكّل عام 2017 عام القضاء على الفضاء العام للصحافة والحريات الإعلامية في البحرين.
وفي عام 2017، صنفت منظمة فريدوم هاوس البحرين في قائمة الدول “غير الحرة” ومن بين أسوأ دول العالم في حرية الصحافة. ويذكر أنّ السلطات منعت العديد من المواقع ومنها البحرين أونلاين ومرآة البحرين.
وفي يوليو 2017، حكمت السلطات البحرينية على المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب لمدة سنتين سنة في السجن بتهمة نشر شائعات وأخبار كاذبة خلال مقابلات تلفزيونية عام 2015.
وفي فبراير 2018، أيدت محكمة التمييز الحكم على رجب لمدة خمس سنوات ما يعني بقاءه في السجن حتى عام 2023. وقد وجهت البحرين اتهامات إضافية ضده بسبب نشره لأخبار وأنباء كاذبة إلى جانب محاولته تشويه سمعة الدولة بعد نشر مجلدين باسمه في مجلة نيويورك تايمز و Le monde.
وأعلن المدوّن حسن الشرقي في مايو 2017 أنه سيتوقف عن نشره للتغريدات. وكان الشرقي قد استدعي من قبل جهاز الأمن الوطني وتعرض للضرب كما أمر بالتوقف عن عمله كناشط على الإنترنت. أما في يوليو 2017، أيدت محكمة الإستئناف الحكم ضد الصحافية نزيهة سعيد وحكمت عليها بالعمل دون ترخيص وفرضت عليها غرامة مالية بقيمة 1000 دينار بحريني.
وفي سبتمبر 2017، قامت الحكومة باعتقال واحتجاز روان صنقور لمدة شهر تقريباً بسبب نشرها لتغريدات تتعلق بما يعانيه شقيقها، علي صنقور من عدم توفر الرعاية الطبية في السجن ولتواصله مع الجمعية الدولية للصليب الأحمر. وفي فبراير 2018، اعتقلت السلطات المدوّن سيد علي آل الدرازي وقامت بضربه بتهمة التحريض على الحكومة والعائلة المالكة. وفي مايو 2018، كان قد أدين وحكم عليه بالسجن لمدة عامين. وفي مارس 2018، أكدت محكمة الاستئناف البحرينية الحكم على المصور الصحفي سيد أحمد الموسوي بالسجن لمدة 10 سنوات وسحبت منه الجنسية. في 2014، اعتقل الموسوي واحتجز تعسفياً وتعرض للاعتداء الجنسي وتمت إدانته بموجب قانون مكافحة الإرهاب
توصيات تقييم منتصف المدة للاستعراض الدوري الشامل
على الرغم من تأييدها لأغلبية التوصيات، أي 28 توصية من أصل 33، التي تلقتها بشأن حرية التعبير والمشاركة السياسية ووسائل الإعلام، لم تتخذ السلطات تدابير كافية لتنفيذ هذه التوصيات. ونتيجة لذلك، لم تحرز البحرين تقدماً فيما يتعلق بالعمل في هذه التوصيات بل قامت بفرض المزيد من القيود على الحق في حرية التعبير. لذلك ينبغي على الحكومة العمل بهذه الخطوات:
- إصلاح تشريعاتها ورفع جميع القيود المفروضة على وسائل الإعلام
- عدم استغلال قانون مكافحة الإرهاب لإسناد التهم بحق الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان
- الرجوع عن قرار حل الجمعيات المعارضة وتوسيع دائرة المشاركة السياسية
- الإفراج الفوري عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والصحافيين والمصورين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي
- إيقاف القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي وإعادة الصحف المستقلة ورفع الرقابة عن الإنترنت وإعادة تفعيل المواقع المغلقة
القسم د: المدافعون عن حقوق الإنسان، السجناء السياسيون والمجتمع المدني
تلقت البحرين، خلال مراجعة الاستعراض الدوري الشامل، عدداً من التوصيات المتعلقة بالمدافعين عن حقوق الانسان والسجناء السياسيين. ودعت هذه التوصيات الحكومة إلى تخفيف القيود المفروضة على العاملين في مجال حقوق الإنسان، إلا أنّ الحكومة فشلت في تنفيذ ذلك لا وبل استمرت في اعتقال واحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، يُعد النظام القضائي في البلاد معيب بشكل كبير إذ لا يحصل السجناء السياسيين وغيرهم على محاكمات عادلة. ويقبع في السجون اليوم ما يقارب 4،000 سجين رأي. ومن بين التوصيات التي تلقتها البحرين: اتخاذ تدابير عاجلة لتيسير عمل المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان حماية جميع الأشخاص من الترهيب، أو الانتقام بسبب سعيهم إلى التعاون مع الأمم المتحدة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفياً في البحرين، بمن فيهم المواطن الدنماركي – البحريني السيد عبد الهادي الخواجة ضحية التعذيب الذي يحتاج إلى العلاج وإعادة التأهيل”
وفي هذا القسم نسلّط الضوء على عدة نقاط، وهي:
حالات اعتقال واحتجاز شخصيات بارزة:
عملت السلطات على استهداف قادة المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولعل من أهمهم المعارض البارز نبيل رجب والشيخ علي سلمان. اعتقل رجب وسجن عدة مرات منذ بداية الحراك عام 2011، وتمّ توجيه العديد من التهم إليه منها الإساءة إلى السلطات، نشر أخبار وتصريحات كاذبة، والإساءة إلى دولة أجنبية. وفي ديسمبر 2018، أصدرت محكمة التمييز حكماً نهائياً بحق رجب لمدة خمس سنوات على خلفية تغريدات انتقد فيه الحرب على اليمن. أمّا بالنسبة إلى الشيخ علي سلمان، فحاله ليس أفضل من حال نبيل رجب، إذ تم تضاعف الحكم بسجنه عام 2016 إلى 9 سنوات. وفي نوفمبر 2017، تمّ توجيه مزيدا من التهم ضده تشمل “التجسس لصالح قطر”، وحكم عليه بالسجن المؤبد في نوفمبر 2018.
معاملة السجينات السياسيات:
وإلى جانب استهداف ناشطي حقوق الإنسان، عملت حكومة البحرين على استهداف النساء. وقامت منظمة أمريكيون بتوثيق 9 حالات لنساء تمّ استهدافهن لنشاطهن السياسي. وخلال ندوة أشرفت على نظمتها منظمة أمريكيون، تمّ التطرق إلى الانتهاكات الممنهجة ضد هؤلاء النساء اللواتي تعرضن للاعتقال والتعذيب. ووافقت البحرين على عدد من التوصيات بشأن التعذيب وسوء المعاملة، ومنها: تجريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية، وحظره بشكل كلي إلى جانب تنفيذ التشريعات ذات الصلة.
وعلى الرغم من تلقي هذه التوصيات ووعودها المستمرة بتحسين الأوضاع في السجون، إلا أنّ السلطات لم تتخذ أي خطوات جدية لوضع حد للتعذيب والممارسات المهينة. ويدل احتجاز النساء التسع لأسباب سياسية على أنّ النظام القضائي في البحرين غير عادل ويفتقد إلى المحاكمات العادلة. وتدل قضاياهن على استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، إذ أنّه لم يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية بحق من قام بتعذيبهن.
وتمّ استهداف أميرة القشمعي وابتسام الصايغ وفاتن ناصر وهاجر منصور ومدينة علي ونجاح يوسف وزهرة الشيخ وزينب مرهون وزكية البربوري. ومارست السلطات بحقهن العديد من الانتهاكات ومنها الاعتقال التعسفي، الاحتجاز دون مذكرة قضائية، الحرمان من الاستعانة بمحام، الإساءة اللفظية والجسدية إلى جانب التحقير الديني والاعتداء الجنسي.
هيئات الرقابة
بعد احتجاجات عام 2011 وردّات الفعل الدولية التي أدانت انتهاكات الحكومة، أنشأت السلطات هيئات عدة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها الأمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. ومع ذلك، لم تقم هذه الهيئات بدورها ولم تعمل على محاسبة مرتكبي الجرائم. ومنذ الاستعراض الدوري الشامل الثالث، أصدرت الأمانة العامة للتظلمات ثلاث تقارير أثبتت أنّها فشلت في معالجة دليل موثوق واحد بشأن الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة المرتكبة على أيدي السلطات في وزارة الداخلية. في الفترة الممتدة من بداية يوليو 2013 إلى نهاية أبريل 2015، أحال أمين عام التظلمات فقط 83 من بين 561 شكوى استلمها من وحدة التحقيق الخاصة. وفي التقرير السنوي الخامس الصادر في 4 أكتوبر 2018، الذي يغطي الفترة ما بين 1 مايو 2017 و30 أبريل 2018، تلقى أمين المظالم حوالي 1،094 شكوى، أُحيلت منها 120 شكوى فقط إلى الهيئات العامة و90 شكوى إلى النيابة العامة. وفي التقرير الأخير الصادر في 3 أكتوبر 2019 والذي يغطي الفترة ما بين مايو 2018 وأبريل 2019، تبين تلقي 1،067 شكوى وتمت إحالة 70 منها إلى الجهات المعنية من أجل اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة و60 إلى النيابة الخاصة و9 منهم إلى وزارة العدل، بينما أحيلت واحدة إلى النيابة العامة. وما يمكن استنتاجه هنا هو أنّه على مدى السنوات الثلاث الماضية، بما فيها العامين والنصف منذ خضوع البحرين للاستعراض الدوري الشامل، فشلت هيئات الرقابة المحلية، وعلى وجه خاص، الأمانة العامة للتظلمات في إجراء تحقيقات في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين.
أوضاع السجن والمعاملة السيئة للأفراد المعتقلين
خلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث، تلقت البحرين عدة توصيات تهدف إلى تحسين سبل وصول المحتجزين إلى المنشآت الطبية. وعلى الرغم من تأييد الحكومة لهذه التوصيات، إلا أنّها استمرت في ممارسة التعذيب ولم تعمل على تحسين الظروف السيئة السائدة في السجون. ومن بين هذه التوصيات:
اتخاذ خطوات لإقامة آلية وطنية للحماية تكون مستقلة وفعالة ومزودة بموارد جيدة وفقاً للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، كفالة التحقيق المستقل والفوري والشامل في جميع ادعاءات الاختفاء القسري والتعذيب أو أي شكل آخر من أشكال سوء المعاملة وتقديم الجناة إلى العدالة وفقاً لمعايير سيادة القانون الدولية، ووضع البرامج الصحية في المراكز الصحية ومراكز الإصلاح والتأهيل لاستيعاب جميع الفئات العمرية والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولم تكتف البحرين بعدم الالتزام بهذه التوصيات، بل أنّها خالفت تشريعاتها وقوانينها المحلية، فالمادة 19 من الدستور البحريني ينص على أنّه “لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل لك”.
تنص المادة 208 من قانون العقوبات لعام 1976 على أنه “يعاقب بالسجن كل موظف عام استعمل التعذيب أو القوة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الإعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها وتكون العقوبة السجن المؤبد”، كما تنص المادة كذلك على عقوبة السجن مدى الحياة لأي موظف أو ضابط استخدم التعذيب أو القوة حتى الموت”.
وتفرض المادة 232 من قانون العقوبات، عقوبة السجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر إذا ترتب ذلك على التعذيب أو القوة مساس بسلامة البدن”.
وعلى الرغم من هذه التشريعات الواضحة، لا يتم في البحرين تعرض مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة للمساءلة، على الرغم من قيام رجال الأمن باستخدام العنف والتعذيب المؤدي إلى الموت.
وهناك حالات عديدة تمّ فيها منع المعتقلين من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة كما حصل مع المدافع البارز عن حقوق الإنسان د. عبد الجليل السنكيس الذي يعاني من فقر الدم المنجلي، إلا أنّه حُرم من الحصول على العلاج. وهناك الكثير من الحالات المشابهة، كما هو الحال مع الناشط السياسي حسن مشيمع الناجي من سرطان الغدد اللمفاوية.
الانتقام:
منذ خضوعها للإستعراض الدوري الشامل للمرة الثالثة، أي خلال العامين ونصف العام، فشلت البحرين في تنفيذ التوصيات التي تلقتها بشأن الأعمال الإنتقامية والترهيب ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. وبدلاً من ذلك، زادت وتيرة استخدام هذه الممارسات قبل الدورة الأربعين للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بشكل خاص. قامت السلطات باستهداف المدافعين عن حقوق الانسان وذويهم من خلال تهديدهم بالاعتداء والموت وتشويه السمعة إذا ما حاولوا السفر إلى جنيف من أجل التعاون مع هيئات الأمم المتحدة.
قبل الدورة الـ41 والدورة 42 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقاريره بشأن الانتقام والترهيب. وكانت البحرين قد أدرجت في كلا التقريرين باعتبارها واحدة من البلدان التي لا تزال تستخدم الأعمال الانتقامية ضد الأفراد. وأعرب 10 من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة عن قلقهم البالغ إزاء استمرار اعتماد المضايقات والترهيب ضد ممثلي المجتمع المدني البحريني الذين يسعون للتعاون مع الأمم المتحدة. وأبلغ عدد من الأفراد عن استمرار تعرضهم للتخويف بسبب مشاركتهم السابقة مع مجلس حقوق الإنسان من أجل ردعهم عن التحدث مرة أخرى. وتشمل الأساليب الترهيبية، تهديدات بممارسة العنف الجسدي وتشويه السمعة والاعتداء.
ومن بين الأفراد المذكور اسمهم في التقارير، سيد أحمد الوداعي، هاجر منصور حسن، مدينة علي، نجاح يوسف، ابتسام عبد الحسين علي الصايغ ونبيل رجب.
ومن أبرز الحالات حالة المعارض سيد أحمد الوداعي المتواجد في لندن والذي عملت الحكومة على تجريده من الجنسية. وفيما وصفته الأمم المتحدة بالعمل الانتقامي غير القانوني بسبب الروابط العائلية، صدرت بحق ثلاثة من أقارب الوداعي أحكام جرائم إرهابية. نعتت الأمانة العامة للتظلمات وبشكل علني سيد الوداعي بـ”الهارب الإرهابي” و “المجرم” كما أطلقت على ذويه لقب “الإرهابيين”. في أيلول 2018 ، ورد أن هاجر منصور حسن، حماة الوداعي، قد تعرضت للاعتداء والضرب ودخلت المستشفى، ثم السجن الانفرادي في سجن مدينة عيسى حيث احتجزت من تاريخ 16 حتى 23 سبتمبر 2018. ذُكر أن هاجر منصور حسن قد واجهت المزيد من الأعمال الانتقامية أثناء الاحتجاز في حين كان يجري تناول حالتها وحالة ذويها في مجلس حقوق الإنسان في 2 يوليو 2018. وكان رد حكومة البحرين أن جميع هذه الادعاءات كاذبة وليس لها أساس من الصحة.
وفي قضية أخرى تعبّر عن الأساليب الانتقامية للحكومة البحرينية، تمّ اعتقال حكيم العريبي لاعب كرة القدم البحريني غيابياً لمدة 10 سنوات في السجن، والعريبي هو لاجئ في أستراليا وتقول بعض المنظمات الحقوقية أنّه مستهدف بسبب النشاط السياسي لأخيه. وتقول البحرين إن العريبي أدين بتخريب مركز شرطة لكنه ينفي ارتكاب أي مخالفات ويقول إنه كان يشارك في مباراة مذاعة تلفزيونيا في نفس وقت الحدث.
توصيات تقييم منتصف المدة للاستعراض الدوري الشامل
فيما يتعلق باستقلال القضاء والمحاكمات الجائرة، يتوجب على حكومة البحرين ما يلي:
- الإفراج الفوري عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والسجناء السياسيين وسجناء الرأي مثل نبيل رجب والشيخ علي سلمان والذين حوكموا في محاكمات جائرة؛
- إصلاح النظام القضائي ليتوافق مع المعايير الدولية بشأن المحاكمات العادلة؛
- ايقاف المضايقات والمحاكمات الجائرة بشكل فوري ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وتمكينهم من ممارسة أنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان دون تعريضهم للترهيب أو الأعمال الانتقامية.
أما فيما يتعلق بالقيود المفروضة والترهيب والأعمال الانتقامية ضد الأفراد أو المنظمات المشاركة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، يتعين على حكومة البحرين بما يلي:
- وضع حد لجميع الأعمال الانتقامية ضد الناشطين الذين يتعاونون مع آليات الأمم المتحدة، والسماح لهم بالسفر دون عوائق للحضور والمشاركة في المؤتمرات الوطنية والدولية لحقوق الانسان
فيما يتعلق بإستخدام التعذيب وإساءة المعاملة لإجبار المحتجزين على الإعتراف، فضلاً عن عدم إتخاذ هيئات الرقابة إجراءات جدية لمعالجة الشكاوى المتعلقة بالتجاوزات، ينبغي لحكومة البحرين القيام بما يلي:
- الإفراج عن هاجر منصور، ومدينة علي، وزكية البربوري، في ضوء ما تعرضن له في محاكماتهن غير العادلة
- إجراء تحقيق يتسم بالشفافية والشمول في إدعاءات الإعتقال التعسفي وأساليب الاستجواب القسرية والإعتداء الجسدي والجنسي، مع ضمان مساءلة جميع الموظفين المسؤولين عن ذلك
- إجراء مراجعة نزيهة ومستقلة للأوضاع في سجن مدينة عيسى وسجن جو ومحاسبة مرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان
- التحقيق في الإدعاءات المتعلقة بالإهمال الطبي والإعتداء وإتخاذ تدابير عقابية وإنكار الحقوق الدينية
- إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على إصلاح مؤسسات الرقابة والمساءلة لضمان الحياد الحقيقي والإستقلال عن حكومة البحرين
- السماح بزيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وإلى الفريق العامل المعني بحالات الإحتجاز القسري، والمقرر الخاص المعني بالعنف ضد المرأة للبحرين والسماح لهم بتقييم الادعاءات المتعلقة بالتعذيب تقييماً مستقلاً.
- التصديق على البروتوكول الإختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب، الذي يدعو إلى إنشاء “نظام زيارات منتظمة تقوم بها هيئات دولية ووطنية مستقلة إلى الأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حريتهم، بغية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
فيما يتعلق بإهمال السجناء والمحتجزين والأوضاع المزرية في السجون، ينبغي لحكومة البحرين القيام بما يلي:
- الإفراج فوراً عن الدكتور عبد الجليل السنكيس وحسن مشيمع المعتقلين بسبب ممارسة حقهما في حرية التعبير وإتاحة الفرصة لهما للحصول على الرعاية الطبية والعلاج اللازم لتجنب تعريض حياتهما لمزيد من الخطر
- تمكين جميع السجناء من الحصول على العلاج الطبي المناسب وفي الوقت المناسب
- وضع حد لممارسة حرمان السجناء من الرعاية الطبية كوسيلة لتخويفهم ومعاقبتهم على ممارسة حقوقهم الإنسانية
- إلتزام البحرين التام بإلتزاماتها الدولية وبالدستور والقانون الجنائي اللذين يمنعان ويجرمان إستخدام التعذيب، ولا سيما ضد جميع المحتجزين والسجناء في جميع مرافق الاحتجاز.
القسم هـ: قوانين الجنسية، وإسقاط الجنسية، وعقوبة الإعدام
المحاكمات الجماعية وإسقاط الجنسية في البحرين:
خلال العامين الماضيين، أجرت البحرين خمس محاكمات جماعية وأدانت 505 شخصاً وقد استندت جميع هذه المحاكمات الجماعية إلى قوانين مكافحة الإرهاب، أما المحاكمة المتبقية فتتعلق بالمشاركة في مظاهرات سلمية. وقد شابت هذه المحاكمات كلها ادعاءات بالتعذيب لانتزاع الاعترافات. كما حرموا من الاستعانة بمحام، وعقدت جلسات استماع غيابية. كانت هناك زيادة في عدد المحاكمات الجماعية في البحرين.
تلقت البحرين التوصيات التالية فيما يتعلق بالمحاكمات العادلة واسقاط الجنسية وهي: وضع حد لممارسة إسقاط الجنسية، تعديل قانون عام 2006 المتعلق بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية لتجنب فرض حالات إسقاط الجنسية على الأفراد والتقليل إلى أدنى حد من الآثار السلبية على عائلات المتضررين والتركيز على تعزيز الإطار القانوني والمؤسسات والسلطة القضائية لضمان وجود نظام قضائي مستقل والحق في محاكمة عادلة الذي تكفله المادتان 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتعديل قانون الجنسية لتمكين النساء من نقل الجنسية إلى أطفالهن دون قيد ومساواةً مع الرجال
أصدرت محاكم مدنية أو عسكرية جميع حالات إسقاط الجنسية المعروفة منذ 1 يناير 2018، ووثقت إنتهاكات واسعة النطاق لمحاكمة عادلة في كلتا المحكمتين. في النظام القضائي، لا يجوز إلا للمحاكم أن تلغي رسمياً الجنسية ويكون قرارها قابلاً للإستئناف. ومع ذلك، فنادراً ما ألغت المحاكم إسقاط الجنسية الذي أمرت به وزارة الداخلية. في المادة 10 من قانون الجنسية لعام 1963، الذي عدل في يوليو 2014، تنص على إمكانية أن تجرد وزارة الداخلية، بموافقة مجلس الوزراء، شخص “يساعد أو يشارك في خدمة دولة معادية” أو “يلحق ضرر بمصالح المملكة أو يتصرف بطريقة تخالف واجب الولاء لها”. جرت بعض المحاكمات الجماعية غير العادلة في الفترة من 2018 الى 2019. وفي 31 يناير 2018، أدين 58 متهماً من بين 60 متهم في محاكمة جماعية، وأسقطت الجنسية عن 47 منهم، وحكمت المحكمة الجنائية العليا البحرينية على علي العرب وأحمد الملالي بالإعدام. في 1 فبراير 2018، أدانت المحكمة الجنائية العليا الرابعة 26 متهماً من أصل 32، وأسقطت عن 25 منهم جنسيتهم وحكمت على رجل بالإعدام. وبالمثل، في مايو 2018، حكم على 115 من أصل 132 متهماً في محاكمة جماعية. وحكم على 53 منهم بالسجن مدى الحياة وأسقطت جنسية جميع المدانين. وتعرف هذه القضية باسم “قضية كتائب ذو الفقار”. وعام 2019، أجريت محاكمتان جماعيتان غير عادلتين. وقد وقعت الحادثة الأولى في فبراير 2019 وأدت إلى إدانة 167 مدعى عليهم من أصل 171 وأسقطت عنهم الجنسية بتهم مثل الاحتجاج السلمي. أما المحاكمة الجماعية الثانية، المعروفة بإسم “قضية حزب الله البحريني”، فقد جرت في أبريل وحكمت بالسجن المؤبد 69 فردا من أصل 139.
ونحن هنا أمام انتهاك واضح يتطلب متابعة أممية سريعة، فحالة اسقاط الجنسية تحمل تبعات اجتماعية صعبة على المُسقطة جنسياتهم. ومن الضروري ذكر أنّ المادة 17 من دستور 2002 لمملكة البحرين تنص على أنّ الجنسية البحرينية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى والأحوال الأخرى التي يحددها القانون. وينص دستور 2002 بالمادة 20 فقرة ج أنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون. إلاّ أنّنا، في الحالات التي سبق ذكرها، أمام تهم غير مبنية على محاكمات عادلة.
أوضحت حكومة البحرين أن قانون الجنسية البحريني يمتثل للمعايير الدولية وقرارات إسقاط الجنسية وسحبها تستند إلى المرسوم التشريعي رقم 20 لسنة 2013 الذي يعدل أحكام القانون رقم 58 لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية. ووفقاً لهذا القانون، يحرم الشخص المدان بارتكاب جرائم معينة تتصل بأعمال إرهابية من جنسيته. وهذا يؤكد إساءة استخدام تهم الإرهاب وأن تعريف الإرهاب من جانب الحكومة يسمح بسهولة بإدانة الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وتقييدهم.
توصيات منتصف المدة
خلال العامين الماضيين، منذ بداية الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل، لم تنفذ السلطات البحرينية التوصيات الواردة بشأن المحاكمات الجماعية والتجريد من الجنسية. وخلال العامين الماضيين، أجرت البحرين خمس محاكمات جماعية لا تمتثل للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وأدانت أكثر من 500 شخص بتهم تتعلق بالإرهاب. وإضافة إلى ذلك، جردت السلطات مئات البحرينيين من جنسيتهم كوسيلة لإسكات المعارضة.
ينبغي لحكومة البحرين أن تقوم بما يلي:
- إطلاق سراح جميع الأفراد المدانين في محاكمات جماعية غير عادلة.
- التأكد من الحكم على المتهمين في محاكمات عادلة وفقا للمعايير الدولية.
- إعادة كل الجنسيات الملغاة.
- وضع حد لممارسة التجريد من الجنسية كوسيلة لقمع المعارضة.
الإعدام
ترى منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، بعد مرور سنتين على الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل، أن حكومة البحرين لم تنفذ التوصيات الواردة. أحاطت حكومة البحرين علماً بالتوصيات المتعلقة بإنهاء عقوبة الإعدام ولكنها لم تلغها بعد. ولم تقبل السلطات التوصيات المتعلقة بإمكانية تخفيف جميع أحكام الإعدام إلى أحكام بالسجن والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
خلال الدورة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، طلبت اللجنة أن ترد حكومة البحرين على الادعاءات بأن محاكمات الإعدام لم تجر وفقا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وحتى الآن لم تقدم الحكومة البحرينية توضيحات موثوقة بشأن هذه الحالات.
ويذكر أنّ قانون مكافحة الإرهاب في البحرين يفتقر إلى تعريف دقيق له، وهذا الافتقار إلى الشفافية والتعريف الدقيق يمكنان السلطات من إصدار أحكام على شخص حتى وإن لم يكن هناك دليل يثبت نية ارتكاب عمل إرهابي.
وتنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “أي شخص يلقى القبض عليه أو يحتجز بتهمة جنائية يجب أن يمثل على وجه السرعة أمام قاض أو موظف آخر مخول قانوناً بممارسة سلطة قضائية، وأن من حقه أن يحاكم في غضون فترة معقولة أو أن يفرج عنه”. إلاّ أنّ الإجراءات وحالات الاحتجاز المطول السابق للمحاكمة في البحرين تخالف بصراحة هذه المادة. وفي أبريل 2019، أقر مجلس النواب تعديلات جديدة على قانون العقوبات البحريني، ووسع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام في البلد. وتهدف هذه التعديلات إلى إدراج عقوبات، بما في ذلك عقوبة الإعدام، على صنع المتفجرات أو امتلاكها أو توزيعها أو استخدامها.
وخلال الاستعراض الدوري الشامل الثالث للبحرين، انتقد تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان انتشار المحاكمات غير العادلة في البحرين وذلك على خلفية انتزاع الاعترافات تحت وطأة التعذيب.
ومن أهم الأحداث التي تسلّط الضوء على تدهور وضع حقوق الإنسان في البحرين، إعدام ثلاثة أشخاص في يناير 2017، وهو عام الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل. ففي 15 يناير، أنهت البحرين تعليقا فعليا لتنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 2010 عندما نفّذت أحكام إعدام بحق سامي مشيمع وعلي السنكيس وعباس السميع. وقال الرجال الثلاثة إنهم تعرضوا للتعذيب وحرموا من الاستعانة بمحام، ما يؤكد أنّ المحاكمة لم تستوف المعايير الدولية. وحول استخدام أساليب الاعتراف حتى الإكراه، قالت أسرة سامي مشيمع إنّه كان أميًاً، لذا كان من غير المرجح أن يوقع على اعتراف دون إكراه.
نفذت البحرين، في 27 يوليو من هذا العام، حكم الإعدام بحق ثلاثة من المدانين في قضيتين منفصلتين، من بينهم علي محمد العرب وأحمد عيسى الملالي. على الرغم من النداءات العاجلة والضغوط الدولية التي مورست على حكومة البحرين من جانب أعضاء الكونغرس، وأعضاء البرلمان الأوروبي، والبرلمان الفرنسي، والمقررة الخاصة أغنيس كالامارد، لا تزال عمليات الإعدام تنفذ.
ويبدو أنّ شريط عمليات الإعدام في البحرين لم ينته بعد فهناك بعض الأشخاص الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام ويواجهون خطر التنفيذ الوشيك. ويوجد اليوم نحو 18 شخصاً ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، ومن بينهم محمد رمضان الذي اعتُقِل على خلفية اتهامه بقتل شرطي في 14 فبراير 2014
وإضافة إلى ذلك، حكم على زهير إبراهيم جاسم عبد الله ومحمد مهدي محمد حسن بالإعدام في 30 نوفمبر 2018، وهما ينتظران حالياً إجراءات الاستئناف. في يونيو 2017، ألقى ضباط من إدارة التحقيقات الجنائية وجهاز الأمن الوطني القبض على حسين عبد الله مرهون راشد. وقد اختفى قسرياً لمدة 20 يوم واستجوب وعذب للإدلاء باعترافات استخدمت أثناء محاكمته. وأدين بقتل شرطي في 12 نوفمبر 2018
سحبت السلطات جنسيته وحكمت عليه في قضايا متعددة. ووفقاً لبعض وكالات الأنباء المحلية، أكدت محكمة التمييز في 20 أمايو الحكم بإعدامه وهو الآن يواجه خطر التنفيذ الوشيك. ولا توجد معلومات رسمية عن هذه القضية ولكن الأسرة أكدت قرار المحكمة.
وألقى أفراد من جهاز الأمن الوطني القبض على سيد أحمد العبار في 24 أبريل 2016 دون أمر قضائي. وفي 6 يونيو 2017، حكم عليه بالإعدام بتهمة التجمهر غير القانوني بهدف تقويض دستور الدولة والإرهاب والقتل المتعمد، بعد تعرضه للتعذيب على يد السلطات التي انتزعت منه اعترافات. وأكدت محكمة التمييز في 21 مايو 2018 حكم الإعدام الصادر بحقه، وبعد أن استنفذت جميع السبل، بات معرضا حالياً لخطر التنفيذ وهو بانتظار تصديق الملك عليها.
وحتى الآن، لا يزال العديد من الأفراد في البحرين يتعرضون للاعتقال التعسفي والتعذيب لانتزاع اعترافات كاذبة ومحاكمات غير عادلة وغيرها من الانتهاكات. وتنتهك البحرين التزاماتها بوصفها طرفاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويستمر تفشي التعذيب والمحاكمات غير النزيهة للمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ولذلك ينبغي لحكومة البحرين أن تقوم بما يلي:
- فرض حظر رسمي على جميع عمليات الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام.
- التحقيق في جميع أعمال التعذيب وإساءة المعاملة والاختفاء القسري ومقاضاة مرتكبيها.
- إلغاء جميع الإدانات الصادرة على أساس اعترافات كاذبة انتزعت تحت التعذيب أو الإكراه.
- تعديل ومراجعة قوانين مكافحة الإرهاب الغامضة في إطار قانون العقوبات التي تتسم بالغموض.