في 8 أكتوبر، ارسلت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين رسالة الى جيروم كوشارد، السفير المعين من فرنسا في مملكة البحرين، قبيل وصوله الى المنامة وقبل توليه دوره بصفته سفير. في الرسالة، دعت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين السفير جيروم كوشارد إلى جعل مسألة حقوق الانسان من الأولويات خلال فترة ولايته.
لقراءة الرسالة باللغة العربية، اطلع على ما يلي، ويمكنكم الاطلاع على نسخة PDF من الرسالة باللغة الإنكليزية، واضغظ هنا لقراءة النسخة الفرنسية.
8 أكتوبر 2019
السيد جيروم كوشارد
السفير المعين لفرنسا في مملكة البحرين
وزارة أوروبا والشؤون الخارجية
37 الكي دورسيه، 75007
باريس، فرنسا
حضرة السيد جيروم كوشارد،
باسم منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين، اودّ ان أرحب بكم وأهنئكم بسبب تعيينكم السفير الفرنسي في مملكة البحرين. كما تعلمون، فإن هذا المنصب يتسم بأهمية كبيرة.
قبيل سفركم الى البحرين لتقديم أوراق اعتمادكم وتولي منصبكم، نرغب بتوجيه انتباهكم الى قلقنا العميق فبما يتعلق بقيود الحكومة البحرينية في المجال السياسي والقمع المنهجي وواسع النطاق للحريات الأساسية ولحقوق الانسان. لدى توليكم للمسؤوليات، نناشدكم بشدة استخدام منصبكم لاثارة القلق حول قمع حقوق الانسان، واستهداف الناشطين السياسيين المعارضين، واعتقال رجال الدين من الشيعة والزعماء الدينيين، والتهجم على المتظاهرين السلميين، والادعاءات الموثوقة المتعلقة بالتعذيب المنهجي من قبل موظفين بحرينيين رفيعي المستوى. كما نناشدكم بمقابلة الناشطين باستمرارية، والمدافعين عن حقوق الانسان، والأفراد السياسيين المعارضين، وإظهار القيادة في قضايا حقوق الانسان بالتنسيق بين السفارات والبعثات في المنامة لتقديم جبهة موحدة لحقوق الانسان.
منذ فترة طويلة ونحن قلقون حول تحركات الحكومة البحرينية لتقييد المعارضة السياسية. حتى قبل الاحتجاجات الجماعية المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت في فبراير 2011، أثار الناقدون القلق حول التزوير الانتخابي في الانتخابات البرلمانية وانكار مبدأ “شخص واحد، صوت واحد”.
في انتخابات البرلمانية النيابية في 2010 – الجهاز المنتخب الوحيد في البحرين – المعارضة السياسية، والتي تقودها جمعية الوفاق، وهي أكبر مجموعة للمعارضة السياسية، من المجتمع السياسي الشيعي، نجحت بنسبة 64 بالمئة من مجموع الناخبين، ولكن حصلت على 18 مقعد فقط من أصل 40 مقعد في البرلمان. اثارت الجماعات السياسية المعارضة القلق باستمرار حول التزوير الانتخابي والتدخلات الانتخابية. قبيل انتخابات 2014 لمجلس النواب في البرلمان، قاطعت جمعية الوفاق، وجمعية العمل الوطني الديمقراطي، العلماني وجمعية بوعد، وغيرها من الجماعات السياسية المعارضة الصغيرة، الانتخابات نظراً لطبيعتها غير العادلة.
منذ 2014، الحكومة البحرينية تحركت لقمع الجماعات المعارضة السياسية. في ديسمبر 2014، استدعت الحكومة الشيخ علي سلمان، الامين العام للوفاق، للاستجواب، لأسباب غامضة، تتعلق “بانتهاك بعض جوانب القانون” واتُهم “بالتحريض للكراهية ضد النظام”. في يوليو 2015، حكمت المحكمة بسجن الشيخ سلمان لمدة 4 سنوات بتهم، اعتبرتها منظمة العفو الدولية على أنها “فقط تشكل تعبير سلمي عن رأيه”. أثارت هذه الخطوة قلق وزارة الخارجية الفرنسية. بعد سنة، اتهمت الحكومة جمعية الوفاق بتهمة تشجيع الإرهاب، وذلك تمهيداً للطريق أمام المحكمة لتصدر أمر بحلّ الجمعية. أثار هذا الأمر إدانة دولية، بما في ذلك من وزارة الخارجية الفرنسية و الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون. ثم في مايو 2017، أمرت المحكمة بحلّ جمعية وعد، وهو قرار تم تأييده في أكتوبر 2018. في نوفمبر 2018، قبل أسبوعين فقط من انتخابات مجلس النواب في البرلمان، حكم على الشيخ سلمان بالسجن مدى الحياة بتهم زائفة متعلقة بالتجسس، مما أدى الى ادانة من وزارة الخارجية الفرنسية مرة أخرى.
بعد حلّ جمعية الوفاق والوعد، وقبيل الانتخابات البرلمانية لنوفمبر 2018، تحركت الحكومة البحرينية لتقييد مساحة مشاركة المعارضة السياسية، من خلال إصدار تشريع يحظر على أي شخص ينتمي إلى مجموعة معارضة منحلة من السعي أو شغل مناصب انتخابية. بالإضافة إلى ذلك، مُنع من ذلك أي شخص صدر بحقه عقوبة سجن لمدة تزيد عن ستة أشهر. بالتالي أثر الأمر على الآلاف من البحرينيين، ليس فقط على الأعضاء من الجماعات المعارضة السياسية المنحلة، ولكن أيضًا على السجناء السياسيين الذين تم اعتقالهم على أساس تهم تتعلق بحرية التعبير والتجمع الحرّ. ويقدر أن البحرين تحتجز ما يصل إلى 4000 سجين سياسي، مما يجعلها من أعلى دول ارتفاعاَ من حيث عدد السجناء في الشرق الأوسط. بينما مضت الانتخابات قدماً، ونتيجة هذه التدابير – أي حلّ الجماعات المعارضة السياسية، التزوير الانتخابي، والتشريعات الانتخابية – لم تكن الانتخابات حرة ولا نزيهة.
بالإضافة إلى استهداف نشطاء المعارضة السياسية، ارتبط الحكومة البحرينية بحملة مستمرة لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان واعتقالهم. من بين المعتقلين والسجناء، نبيل رجب، أحد أبرز نشطاء حقوق الإنسان في البحرين. رجب محتجز منذ اعتقاله في يونيو 2016، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين في عام 2017 بتهم متعلقة بحرية التعبير الناجمة عن المقابلات التلفزيونية أجراها في عامي 2015 و 2016. في عام 2018، حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب تغريده وإعادة -تغريد منتقداّ الحرب في اليمن والتعذيب في سجن جو البحريني. في 31 ديسمبر 2018، تم تأييد الحكم الصادر بحقه بالسجن لمدة خمس سنوات، وسيظل في السجن حتى عام 2023. وقد لفتت قضيته انتباه وزارة الخارجية الفرنسية وكذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى رجب، لا يزال العديد من الناشطين الآخرين في مجال حقوق الإنسان في السجن، بمن فيهم أعضاء من البحرين ثلاثة عشر – رجال دين ونشطاء ونشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان – مثل حسن مشيمع وعبد الهادي الخواجة والدكتور عبد الجليل السنكيس.
كما أننا نشعر بقلق عميق إزاء استخدام الحكومة البحرينية أعمال انتقامية ضد الناشطين في محاولة منعهم من التعامل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأمم المتحدة. أثار مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان أندرو غيلمور مراراً مخاوف بشأن البحرين، وضّمّن المملكة في خمسة من التقارير السبعة الاخيرة. في تقرير 2019، أعرب غيلمور عن قلقه إزاء المضايقات والترهيب المستمر ضد ممثلي المجتمع المدني البحريني والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون مع مجلس حقوق الإنسان. كما سلط الضوء على حالات سيد أحمد الوادعي المقيم في لندن، وهاجر منصور – حماته – وابتسام الصايغ، ومدينة علي، ونجاح يوسف، ورجب. كما اعرب في التقرير عن القلق إزاء منع السفر الانتقامي والاعتقال التعسفي كأفعال انتقامية ضد النشطاء.
تتبع البحرين أسلوب جديد في المحاكمة بحيث أنها لجأت الى المحاكمة الجماعية وذلك بغاية محاكمة مئات الأشخاص جماعياً. منذ يناير عام 2018 أجريت 5 محاكمات جماعية ومن خلالها حكم على 505 شخصاً. في يناير عام 2019 أيدت محكمة استئناف البحرين إدانة 115 شخصا في المحاكمة الجماعية لقضية كتائب “ذوالفقار”. جاء حكم المحكمة على هذا النحو رغم المزاعم التي تتدعي العكس ومن ضمنها مزاعم مقدمة من قبل الاجراءات الخاصة في الأمم المتحدة، مزاعم تتدعي بأن الضباط قاموا بتعذيب المتهمين من أجل استخلاص اعترافات. في 27 فبراير 2019 حكمت البحرين على 171 شخصاً ووضعت في السجن 167 شخصا بسبب مشاركتهم في اعتصام مسالم في قرية الدراز. عبرت أيضاً الاجراءات الخاصة للأمم المتحدة قلقها تجاه حالة الدراز خاصة بما يتعلق بالاستعمال المكثف لقوات الأمن البحرينية للقوة ضد المعتصمين المسالمين وبمسألة القاء القبض على المعتصمين واحتجازهم حيث يتم تعذيبهم وإساءة معاملتهم. في 27 من مايو عام 2019، أدانت محكمة استئناف البحرين هؤلاء الأشخاص ولكنها خففت أحكام بعضهم.
في 19 من ابريل 2019، اصدرت المحكمة الجنائية العليا الرابعة حكم نهائي, من خلال محاكمة جماعية منفصلة، في قضية “حزب الله البحريني” على الرغم من وجود مخاوف تجاه الحجز القسري، التعذيب وسوء المعاملة الذين اعتمدوا مع 169 مدعى عليه. حكمت المحكمة ببراءة 30 مدعى عليه وسحبت جنسية 138 شخصاً. حكمت على 39 شخصاً بالسجن لمدة 10 أعوام وعلى 23 منهم لمدة 7 أعوام وعلى 5 لمدة 5 أعوام أو أقل. رداً على ذلك، أصدرت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت تصريحاً عبرت فيه عن “انذار موجه الى محكمة البحرين التي سحبت جنسية 138 شخصاً بعد محاكمة جماعية ” وأثارت قلقها تجاه عدم مطابقة اجراءات المحكمة مع المقياس الدولية للمحاكمة العادلة.
كنتيجة لاعتراض المجتمع الدولي على سحب الجنسية الجماعي الذي اعتمد من قبل البحرين، أصدر الملك حمد في 20 ابريل 2019 أمراً أعاد فيه جنسية 551 شخصاً سبق أن سحبت جنسيتهم من خلال إدانات جنائية. منذ عام 2012 انتزعت البحرين جنسية 990 شخصاً وهذا يعني أن مصير 439 شخصاً، ولدوا ومعهم الجنسية البحرينية، لا يزال مجهول. إن الكثير من الذين استردوا جنسيتهم ما زال محكوماً عليهم إما بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
في السنوات الأخيرة، أصدرت البحرين وعلى نحو متزايد أحكام الإعدام حيث قامت بإعدام 15 شخصاً في 2017 و 12 شخصاً في 2018.
أكدت محكمة الإستئناف الكبرى في البحرين، حكم الإعدام بحق علي العرب وأحمد الملالي، بينما أكد كل منهما تعرضه للتعذيب من أجل الإدلاء باعترافات باطلة ضمن بمحاكمة غير عادلة. وفي 27 يوليو، نفذ حكم الإعدام، الذي لم نعرف عنه سوى القليل، بحق علي العرب وأخمد الملالي إلى جانب رجل من بنغلادش. كان هذا الإعدام في الأول منذ يناير 2017 حيث تم إعدام ثلاثة من ضحايا التعذيب نتيجة تهم ملفقة وكاذبة.
أما الآن، يوجد 8 رجال عرضة لخطر الإعدام.
بالإضافة إلى هذه المخاوف، لطالما راودنا القلق إزاء أساليب التعذيب المستمرة والمنتشرة إلى جانب ما يرتكبه وزير الداخلية البحريني من انتهاكات جسيمة. تبين أثناء تحليل مئات الشكاوى أنه من بين كل 635 شخصاً تعرض واحد إما للاعتقال بشكل تعسفي، للاختفاء القسري، التعذيب، الاغتصاب والقتل أو للاعتداء على أيدي السلطات.
تعتبر وزارة الداخلية بحد ذاتها متورطة منذ 2012، بـ 570 حالة تعذيب و517 حالة اعتقال تعسفي. على الرغم من ذلك، إن كل من هيئات الرقابة في البحرين وأمين المظالم في وزارة الداخلية والمعهد الوطني لحقوق الانسان، قد فشلت أو رفضت إجراء محاكمات أو تحقيقات جديّة في الشكاوى. ساهم هذا الفشل في تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب في قوات الأمن التابعة للمملكة وحيث زاد معدله لحد كبير ليصل إلى وزير الداخلية نفسه الذي يتوجب عليه أن يكون على علم بما يجري نتيجة طبيعة الانتهاكات والمستمرة على نطاق واسع.
السيد كوشارد، في حين أنك تؤدي دورك في المنامة فإننا نحثك بدورنا على استغلال منصبك للمطالبة بـ :إجراء التحقيقات في انتهاكات حقوق الانسان، زيارة السجناء، مقابلة نشطاء المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الانسان وإثارة المخاوف مع نظرائك في السفارات الألمانية والبريطانية والأمريكية والأيطالية في المنامة إلى جانب سلطات البحرين.
نود تذكيركم أيضاً بالتزامك بارشادات الاتحاد الأوروبي بشأن المدافعين عن حقوق الانسان، كما نطلب منكم أن تكونوا المسؤولين عن هذه القضية. مرة أخرى، يسعدنا تقديم تهانينا الحارة لتسلمكم هذا المنصب الجديد.
مع خالص التمنيات،
حسين عبد الله
المدير التنفيذي
أمريكيون من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB).