لم تفِ السلطات السعودية بوعودها حول تقليص تنفيذ أحكام الإعدام الى أقل نسبة ممكنة، هذا الوعد الذي قطعه ولي العهد محمد بن سلمان منذ إبريل 2018 قائلاً أن الإجراءات اللازمة تستدعي عملاً يستغرق عاماً أو أكثر بقليل، ولكن المؤشرات جميعها تؤكد تفاقم عقوبة الإعدام مؤخراً مقارنةً بنسبة أحكام الإعدام في النصف الأول من العام 2018 .
في السادس عشر من يوليو طالبت النيابة العامة بتنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة ناشطين هم محمد عيسى اللباد، رمزي محمد آل جمال، وعلي حسن آل زايد، من ضمن قائمة 23 مطلوباً لتعبيرِهم عن رأيهِم ومشاركتهم في الحراك الديمقراطي في المنطقة الشرقية وذلك بعد تسليمِهم أنفسِهم إلى السلطات فعام 2017، وحصولِهم على تعهد بإطلاقِ سراحِهم، ولكن المعتقلين أَجبروا على الإدلاء باعترافات كاذبة تحت التعذيب لإصدارِ أحكام قاسية ضدَّهم تصل إلى عقوبة الإعدام.
122 حكماً منفذاً بالإعدام في السعودية سجله النصف الأول من العام 2019، وعُدّت نسبة مرتفعة جداً مقارنةً بالنصف الأول من العام 2018 الذي سجّل اعدام 55 معتقلاً بتهم معظمها تتعلق بالمشاركة بالمظاهرات والإحتجاجات وحرية الرأي والتعبير.
وسلطّت منظمة ADHRB الضوء على استمرار تنفيذ عقوبة الإعدام في السعودية مع عدم امتثال الأخيرة لتوصيات الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل، وذلك خلال مداخلة شفهية مع نهاية الأسبوع الثاني من الدورة 41 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ودعت المنظمة السعودية إلى تنفيذ جميع توصيات الاستعراض الدوري الشامل، بما في ذلك وقف جميع عمليات الإعدام.
وخضعت المملكة العربية السعودية لدورتها الثالثة من الإستعراض الدوري الشامل في نوفمبر 2018. خلال الإستعراض، تلقّت 258 توصية، أغلبيتها تحثها على وقف عمليات الإعدام.
خلال الدورة الأربعين للمجلس في مارس 2019، اعتمد المجلس رسمياً تقرير المملكة العربية السعودية عن الاستعراض الدوري الشامل. بعد شهر واحد فقط، في أبريل، أعدمت الحكومة 37 رجلاً بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية ومن بين الرجال السبعة والثلاثين الذين أُعدموا: منير الآدم وهو رجل من ذوي الإحتياجات الخاصة وعباس الحسن وهو أب لأربعة أطفال اتُهم “بالتجسس” و “نشر المذهب الشيعي” ومجتبى السويكت وسلمان قريش وعبد الكريم الحواج الذين كانوا قاصرين وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. وقد تعرض هؤلاء الرجال، إلى جانب الكثيرين غيرهم، للتعذيب والإكراه على الاعتراف وحُرموا من الاتصال بمحاميهم.
على صعيد متصل، أدانت المفوضة السامية ميشيل باشيليت في كلمتها الإفتتاحية للدورة الحادية والأربعين تنفيذ حكم الإعدام الجماعي في السعودية في أبريل الماضي على الرغم من “النداءات المتكررة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم وجود إجراءات قانونية سليمة وضمانات المحاكمة العادلة، وادعاءات بأن الاعترافات تم الحصول عليها عن طريق التعذيب وأن” ثلاثة على الأقل من القتلى كانوا قاصرين في وقت ارتكابهم للجريمة المزعومة.
وكانت أوساط دولية وحقوقية قد أدانت تنفيذ حكم الإعدام الجماعي في السعودية، إذ أكّدت وزارة الداخلية السعودية عمليات الإعدام تلك في تغريدة نشرتها على موقع تويتر ونشرت كذلك وكالة الصحافة السعودية بياناً من وزارة الداخلية، بالإضافة إلى قائمة بالإعدام. كان 16 من الرجال الذين أُعدموا في السابق موضع رسائل من هيئات الأمم المتحدة. رداً على ذلك، دانت ميشيل باشيليت المفوضة السامية لحقوق الإنسان لأمم المتحدة بشدة عمليات الإعدام. وبالمثل، أثارت دائرة العمل الأوروبي الخارجي في الاتحاد الأوروبي المخاوف المحيطة بعمليات الإعدام. كما وأدانت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB والمنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان (ESOHR) وريبريف، تنفيذ أحكام الإعدام هذه بأشد العبارات.
إن تزايد تنفيذ أحكام الإعدام في السعودية مؤخراً ينبئ بتزايد عدد المعرضين لخطر الإعدام الوشيك، ويشكل دليلاً واضحاً على انتهاك السعودية المستمر للسيادة الدولية والقانونية وعدم امتثالها لتوصيات مجلس حقوق الإنسان بما يتناقد مع عضويتها في المجلس، ومن هنا يجب اثارة الضغوط الدولية باستمرار لتعليق عضوية السعودية في المجلس وطردها ما لم تكف عن اصدار أحكام إعدام غير مبرّرة.