يوم أمس، شاركت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين في فعالية على هامش أعمال الدورة الحادية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تناولت الخطوات التي يمكن للأمم المتحدة والدول اتخاذها لتعزيز تأثير الجهود المبذولة لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب. قامت منظمة Article 19 بتنظيم تلك الفعالية، وشاركت في رعايتها لجنة حماية الصحافيين ومنظمة القسط ومنظمة جائزة الحق في العيش ومجموعة حقوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومركز الخليج لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للحقوقيين. أدارت اللجنة باربورا بوكوفسكا، المسؤولة القانونية والسياسية في منظمة Article 19. وكان من بين المتحدثين الدكتورة أغنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة الخاص المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء؛ بيتر أومتزيغ، المقرر الخاص في مجلس أوروبا؛ ديفيد كاي، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية الرأي والتعبير؛ روب ماهوني نائب المدير التنفيذي للجنة حماية الصحافيين؛ ويحيى عسيري، مؤسس ومدير منظمة القسط.
الجزء الأول:
قدمت السيدة بوكوفسكا أعضاء اللجنة وبدأت النقاش بسؤالها “كيف ينبغي على الأمم المتحدة أن تستجيب لعمليات القتل خارج نطاق القانون ضد الصحافيين مثل جمال خاشقجي على أيدي قوات الدولة السعودية وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين وغيرهم من الشخصيات”.
ركزت الدكتورة كالامارد ملاحظاتها على ضرورة قيام المجتمع الدولي بإنشاء آلية دائمة للرد على عمليات القتل المستهدفة من أجل إثبات حقائق مقتل جمال خاشقجي ومقتل صحافيين آخرين. في حين أن العديد من الدول أعربت عن دعمها لتقريرها والنتائج التي توصلت إليها بشأن مقتل خاشقجي، إلا أن لم يتقدم أياً منها لمحاسبة المملكة العربية السعودية. هذا الفشل وعجز المجلس عن اتخاذ الإجراءات يشجع دولاً مثل المملكة العربية السعودية على ارتكاب جرائم دون عقاب. وأشارت إلى أنه من اللافت للنظر أن التقرير لم يواجه حتى الآن أي تدخل إعلامي أو أجندات حكومية تتجاوز رفض المملكة العربية السعودية قبول المسؤولية. من أجل معالجة هذه المخاوف، أوصت كالامارد الأمم المتحدة بإنشاء آلية دائمة من أجل التحقيق بشكل أفضل في مقتل الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ويجب على الأمم المتحدة أن تضغط من أجل المساءلة، لأن عجز الأمم المتحدة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان عن التصدي لجرائم مثل مقتل خاشقجي يمثلان نقطة ضعف في النظام الدولي.
عندما سُئل عن نشأة التحقيق والغرض منه، صرح كاي أنه قبل أسبوع بعد اختفاء خاشقجي، أصدر مكتبه ومكتب كالامارد ورئيس الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بياناً صحافيًا أكد فيه أهمية التحقيق الدولي المستقل للعثور على الصحافي. بعد ذلك، في 20 أكتوبر، حثت رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة على إنشاء آلية أو مجموعة محددة لإجراء تحقيق بموافقة تركيا. على الرغم من الإجراءات المبكرة التي اتخذتها عدة ولايات للإجراءات الخاصة، فقد اختارت الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التزام الصمت، مما أثار أسئلة مهمة حول الآليات المتاحة حالياً للمجتمع الدولي عند مواجهة مثل هذه القضايا. وأشار كاي إلى أنه في هذا السياق، كثيراً ما تتردد الدول في إدانة المملكة العربية السعودية لأسباب دبلوماسية أو متعلقة بالأجندة. إن ما يجعل مقتل خاشقجي مهماً ليس بقتل رجل واحد، ولكن حول قدرة العالم على التصرف وإنهاء الإفلات من العقاب والمطالبة بالمساءلة.
في تصريحاته، لفت العسيري الانتباه إلى مستوى القمع في المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن مقتل خاشقجي هو مثال للخطوات التي ستتخذها الحكومة لإسكات منتقديها. إن الحل الوحيد الممكن للتصدي لمستوى القمع هو قيام المجتمع الدولي والمجتمع المدني والأمم المتحدة بالضغط على المملكة العربية السعودية للإصلاح.
بالاعتماد على تجربته مع مجلس أوروبا، ركز أومتزيغت على أهمية قتل الصحافيين وقارن بمالطا وقتل الصحافية المناهضة للفساد دافني كاروانا جاليزيا. وشدد على أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يدع عمليات القتل هذه تتكاثر. من أجل الحفاظ على التركيز على مثل هذه الجرائم المرعبة، يجب إنشاء آلية فعالة تحقق من بين أمور أخرى في مقتل الصحفيين. الغرض من التحقيقات الجارية ليس فقط الكشف عن الحقيقة، بل إبقاء القضية في نظر الجمهور.
الجزء الثاني:
وردا على سؤال حول المناهج المستقبلية لمعالجة مثل هذه الحالات، صرحت كالامارد بأنه إذا لم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراء لمحاسبة الجناة على جرائم مثل قتل الصحافيين، فقد يكون المجتمع الدولي متورطًاً في هذه الجرائم. إن صمت الدول قد يجعلهم مشاركين في جريمة عن طريق عدم معالجة الإفلات من العقاب والدعوة إلى المساءلة. في هذه المرحلة، يجب على مجلس الأمن أو مجلس حقوق الإنسان الإدلاء ببيان من خلال إصدار قرار يدعو إلى إنشاء أداة دائمة للتصدي لعمليات القتل خارج نطاق القضاء. وفي الوقت نفسه، قالت كالامارد، يمكن للأمين العام تعيين عدد من الخبراء الجنائيين لإجراء مزيد من التحقيقات في مقتل خاشقجي وغيرهم من الصحافيين، لأن الأدلة الغالبة تدعم تدخل الأمم المتحدة المعزز في هذا التحقيق.
ووصف كاي درجة من مسؤولية الدولة الفاعلة من حيث القتل خارج نطاق القضاء. أولاً، هناك دول هي تمثل الفاعل أو مرتكب عملية القتل. ثانياً، هناك دول يمكن أسرها بواسطة عنصر إجرامي، نظراً لقدرتها على المساعدة في التدابير الوقائية أو تدابير المساءلة على الرغم من قرار عدم القيام بذلك. أخيراً، هناك أيضاً دول تفتقر إلى القدرة والإرادة السياسية لفعل أي شيء فيما يتعلق بالوقاية أو المساءلة. من المهم إنشاء آليات جديدة للأمم المتحدة للتمييز بين هذه الدرجات. كما أن الفحص الدقيق لولايات الأمم المتحدة مثل حرية التعبير وملخص التنفيذ يبرر المشاركة المعززة أو حتى إنشاء آلية تجسير لتطوير حلول طويلة الأجل لمثل هذه المشكلات.
واختتم أومتزيغت تصريحاته بتكرار التأكيد على الحاجة إلى إنشاء آليات لإجراء التحقيقات، وكذلك على ضرورة قيام الصحافيين بالمزيد من الضغط على الحكومات المسؤولة. لا يمكن التسامح مع الإفلات من العقاب، والأمم المتحدة لديها الفرصة لاتخاذ إجراءات لإنهاء هذا الوضع. كما طلب تعميم معلومات استخباراتية قد تكون مهمة لحل القضية والقدرة على الحصول على مزيد من المعلومات حول الانتهاكات من هذا النوع.