شارف النصف الأول من العام 2019 على نهايته ولم تبدي الإمارات حتى الآن أي مبادرة على تعزيز التسامح ولم يظهر جلياً أي مؤشر واضح على تهدئة القمع السياسي المتزايد في البلاد منذ عام 2011. وإن أعلن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أن العام 2019 مخصّصٌ لـ”ترسيخ الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، فإنّ استمرار قمع المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين وانتهاك حقوقهم مثل أحمد منصور وعلياء عبد النور وغيرهم يعكس صورة مغايِرة للمحاولات التي تبذلها الإمارات لإظهار نفسها بأنها تعمل على تعزيز التسامح.
ففي التاسع والعشرين من مايو الجاري، تحلّ الذكرى السنوية الأولى للحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في الإمارات بحق المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور، بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها مليون درهم (272،000 دولار أمريكي)،إذ أدين منصور بتهمة “إهانة” مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة ورموزها، ونشر معلومات وشائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز الطائفية والكراهية بموجب قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012 في الإمارات العربية المتحدة، وهو كان يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به للدعوة إلى الإفراج عن زملائه المدافعين عن حقوق الإنسان وانهاء حالة انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، ويُذكر أنه في 31 ديسمبر 2018 ، رفضت المحكمة استئناف الحكم وأيدت الحكم الأصلي، مما يعني أن منصور استنفذ جميع سبل الانتصاف القانونية.
في منتصف مارس 2019 دفعته ظروف السجن السيئة ومحاكمته الجائرة إلى تنفيذ إضرابٍ عن الطعام استمر لأكثر من شهر. لا يزال منصور، كالعديد من سجناء الرأي، معرضاً لخطر التعذيب وسوء المعاملة في سجون الإمارات العربية المتحدة، وقد تعرض لمحاكمات جائرة على الرغم من دعوات الإمارات للالتزام بالمعايير الدولية من قبل خبراء الأمم المتحدة. مُنع منصور من الاتصال بمحامٍ أثناء المحاكمة، ويُقال إنه محتجز الآن في زنزانة بلا سرير ولا مياه ولا يسمح له بالاستحمام. تدهورت صحته بشكل كبير وهو في حالة سيئة، مما دفعه إلى الإضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروفه.
هذا الأمر يثير قلقاً بالغاً نظراً للظروف السيئة التي يتعرض لها السجناء، بما في ذلك علياء عبد النور التي توفيت بسبب اصابتها بمرض السرطان، حسبما ورد عن سجون الإمارات العربية المتحدة، حيث تدهورت صحتها أثناء وجودها في السجن، وأبلغ الأطباء أسرتها بأنه لم يتبقّ سوى بضعة أشهر من احتمال بقائها على قيد الحياة. وفي تقرير طبّي صدر في أبريل 2017 واستعرضته هيومن رايتس ووتش، قال أطباء مستشفى المفرق إن عبد النور تحتاج إلى العلاج الكيميائي والخضوع لعملية جراحية، وادعى أنها كانت ترفض العلاج، لكن عائلة عبد النور تقول إن إحدى حراس السجن أجبرت عبد النور على التوقيع على وثيقة تفيد برفضها للعلاج. تم رفض جميع طلبات عائلة عبد النور للإفراج الطبي دون تفسير، على الرغم من أن القانون الاتحادي رقم 43 لعام 1992 لدستور الإمارات العربية المتحدة بشأن تنظيم المؤسسات العقابية يسمح للمدعي العام بالإفراج عن أي معتقل يعاني من مرض يهدد حياته. وعقب آخر طلب قدمته يليه عملية نقل غير مبررة بتاريخ 10 يناير2019 ، من المفرق إلى مستشفى توام، ورد أنها حُرمت من الدواء المناسب لتخفيف ألمها، ولم يتم نقلها بعد إلى مؤسسة صحية متخصصة بعلاج السرطان بدلاً من الرعاية العامة.
لذا يجب على سلطات السجن اتخاذ إجراءات لتحسين الظروف السيئة ومعالجة المخاوف بشأن صحة أحمد منصور وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين الذين عانوا من سوء المعاملة والتعذيب في السجن. ويتوجب على دولة الإمارات العربية المتحدة السماح لخبراء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمستقلة بالوصول إلى المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، والتأكد من حصول المعتقلين على الرعاية الطبية المناسبة.