أصدرت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF ) تقريرها السنوي لعام 2019، حيث صنفت البحرين مرة أخرى كدولة ضمن المستوى الثاني “لانخراطها في انتهاكات الحرية الدينية”. ويعد هذا العام السنة الثالثة على التوالي التي تصنف فيها USCIRF البحرين كدولة من الفئة الثانية.
ترحب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين(ADHRB) بالتزام USCIRF المستمر بإبراز التمييز الديني في البحرين، وتدعم توصيات USCIRF لحكومة الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تزال ADHRB تشعر بالقلق إزاء ثناء USCIRF على بعض المبادرات البحرينية التي تم استخدامها في تغطية التمييز المنهجي المستمر ضد الشيعة البحرينيين.
تضمّن تقرير USCIRF العديد من التوصيات، بما في ذلك توصيات للولايات المتحدة لحث البحرين على تنفيذ توصيات لجنة التحقيق المستقلة في البحرين (BICI) وحث الحكومة البحرينية على توضيح الشروط والتزام التعديلات على قانون المجتمع السياسي لعام 2005، والضّغط على الحكومة لتطبيق القوانين التي تحظر التمييز الديني في التوظيف، والضغط على الحكومة لتمرير مشروع قانون معلق يسعى إلى المساءلة عن الانتهاكات السابقة ضد المجتمع الشيعي في البحرين، والحث على إطلاق سراح سجناء الرأي ونشطاء الحريات الدينية.
خلال فترة التقرير، لاحظت USCIRF أن البحرين قد فشلت في سن مشروع قانون من شأنه كبح التحريض على العنف والكراهية والطائفية، لكنه أحيل إلى اللجنة البحرينية الوزارية للخدمات الاجتماعية والاتصالات والإعلام. واستمرت التشريعات، بما في ذلك قانون العقوبات، في استخدام لغة غامضة تتعلق بتقارير “مزيفة” أو “غير صحيحة”، مما يترك التفسير مفتوحاً لانتهاك الحق في حرية التعبير. على الرغم من أن المادتين 309 و310 من قانون العقوبات تجرمان إهانة مجتمع ديني معترف به وبممارساته، لم تحدث أي إدانات معروفة بموجب قانون العقوبات أثناء إعداد تقرير USCIRF. بالإضافة إلى التشريعات، أبلغت USCIRF كذلك عن استهداف الحكومة للمدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم نبيل رجب، الذي أيدته محكمة التمييز البحرينية بالسجن لمدة خمس سنوات في ديسمبر 2018. لاحظت USCIRF أن الحكومة البحرينية لم تسمح لأعضاء الوفد بزيارة نبيل رجب في سجن جو. أشار التقرير إلى أنه تم استدعاء إبراهيم شريف في ديسمبر عام 2018 لنشره تغريدات تنتقد الرئيس السوداني.
بينما لاحظت USCIRF بعض التّقدم خلال الفترة المشمولة بالتقرير فيما يتعلق بظروف الحرية الدينية ، “وجدت في الوقت نفسه خلال زيارة USCIRF إلى البحرين في مارس 2019 أن الحكومة واصلت التمييز والقمع للمجتمع الشيعي المسلم على أساس هويتهم الدينية في مناطق معينة”.
على سبيل المثال، قبل انتخابات البحرين البرلمانية في نوفمبر 2018 ، واجه المرشحون الشيعة حواجز أمام المشاركة والتمييز المستمر. إنّ حل جمعية الوفاق في العام 2016 منع مرشحي الوفاق الشيعة من المشاركة كمرشحين، والأمر الذي زاد التعقيد هو تعديل المادة 5 من القانون 14 لعام 2012 الذي يحظر على الأفراد الذين تلقوا حكماً بالسجن لمدة ستة أشهر على الأقل من متابعة منصبه. إنّ هذا التعديل منع لاحقاً العديد من النشطاء والشخصيات المعارضة الشيعية من الترشح لمنصب منتخب.
سلّط التقرير الضوء على التمييز ضد أعضاء الوفاق، بمن فيهم الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد قبل ثلاثة أسابيع فقط من الانتخابات. علاوة على ذلك، عندما دعا بعض النشطاء الشيعة، بمن فيهم العضو الوفاق السّابق علي راشد العشيري، إلى مقاطعة الانتخابات، تم اعتقالهم.
أكد التقرير استمرار مضايقة رجال الدين الشيعة والتضييق على إحياء ذكرى عاشوراء من قبل قوات الأمن. ولفت إلى أنه “في السنوات السابقة، في سبتمبر 2018، قام مسؤولو الأمن البحرينيين بقمع الطقوس الدينية الشيعية المسلمة أثناء إحياء عاشوراء”. وقد قامت قوات الأمن “بتدمير لافتات إحياء ذكرى عاشوراء مدعيةً أن عرض لافتات في الشوارع يشكل خطراً على السلامة”. بالإضافة إلى ذلك، استدعت واستجوبت الحكومة أكثر من 15 رجل دين وخطباء من الشيعة فيما يتعلق بالخطبة أثناء عاشوراء”، وقد وثقت ADHRB كذلك أن قوات الأمن اعتقلت المشاركين في المآتم واتهمتهم بتهمة “التجمع غير القانوني”، بما في ذلك الناشط البارز المدافع عن حقوق الإنسان عبد المجيد عبد الله محسن. بالإضافة إلى رجال الدين المستهدفين خلال عاشوراء، أشار USCIRF إلى أن الشيخ عيسى قاسم، رجل الدين الشيعي البارز في البحرين، واجه المزيد من ردود الفعل من الحكومة البحرينية. بعد نشر بيانات تنتقد البحرين أثناء وجوده في إيران، ادعى المسؤولون أن وجوده في إيران يدعم أنشطة إيران المزعومة في البحرين.
أبلغت USCIRF كذلك عن استمرار التمييز ضد الشيعة البحرينيين في القوات العسكرية والأمنية ، قائلة إن “أفراد المجتمع الشيعي البحريني ما زالوا غير قادرين على العمل في الجيش، فقط في المناصب الإدارية، وليس هناك مسلمون شيعة في المستويات العليا للجهاز الأمني للحكومة البحرينية، بما في ذلك الجيش والشرطة ” باستثناء شيعي بحريني يعمل كجنرال.
تم إعادة توظيف الشيعة البحرينيين العاملين في القطاع العام الذين تم فصلهم بعد مشاركتهم في احتجاجات 2011 بشكل ملحوظ في مناصب أدنى وفي حالات خارج تخصصهم أو في وظائف دون مسؤوليات جوهرية. في الآونة الأخيرة حتى مارس 2019، خلال زيارة USCIRF إلى البحرين، أثار نشطاء أن “الحكومة رفضت تتبع استبعاد المسلمين الشيعة من العمل في الجيش والحكومة” لأسباب تتعلق بالخصوصية المفترضة.
على الرغم من الإشارة إلى التمييز المنهجي المستمر للسكان الشيعة البحرينيين، تسلط USCIRF الضوء على العديد من المؤسسات وأدوارها في تبييض التمييز المنهجي، التي تدعي أنها تُشجع على الإندماج في الخارج.
تشير USCRIF على وجه الخصوص إلى إنشاء صرح أكاديمي سُمي بـ “كرسي الملك حمد” في جامعة لا سابينزا الإيطالية للحوار بين الأديان والتعايش وإلى أنّ عمل مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي يشكل تطوراً إيجابياً للحرية الدينية في المملكة. كما لفتت USCIRF الانتباه إلى إعلان البحرين عن تعيين سفير متجول للتعايش السلمي والحرية الدينية في الوزارة الافتتاحية الوزارية لوزارة الخارجية لتعزيز الحرية الدينية في عام 2018. بينما لاحظت USCIRF أن البحرين قد فشلت في شغل هذا المنصب قبل في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، كانت تعد تلك المبادرات أنها “تطورات إيجابية”.
ومع ذلك، فإن هذه المعاملة من هذه الهيئات لا تؤدي إلا إلى تغطية التمييز الديني الواسع والمنهجي في البحرين. بالإضافة إلى ذلك، أشارت اللجنة إلى المتابعة من المؤسسات بما في ذلك المعهد الوطني لحقوق الإنسان والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية باعتبارها تطورات إيجابية، على الرغم من الانتقادات الدولية لاستقلال وفعالية هذه المؤسسات.
فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية، يصف تقرير USCIRF تحديد أولويات الولايات المتحدة للمخاوف الجيوسياسية، مشيراً إلى أن “إدارة ترامب قد أعطت الأولوية لعلاقة دفاعية وثيقة مع البحرين من أجل مواجهة نفوذ إيران في المنطقة ومحاولات زعزعة استقرار البحرين، ووافق على استمرار مبيعات الأسلحة للمملكة، بما في ذلك 300 مليون دولار في قاذفات الصواريخ في نوفمبر 2018. على الرغم من ذلك، لفت تقرير وزارة الخارجية لعام 2016 عن لجنة تقصي الحقائق أن البحرين لم تنفذ بالكامل جميع التوصيات، على الرغم من عدم وجود تقارير حديثة من وزارة الخارجية. وخلال زيارة مبكرة إلى البحرين في عام 2019، ورد أن وزير الخارجية مايك بومبيو ناقش “التعايش الديني وحرية الأديان” مع الملك وولي العهد ووزير الخارجية، بينما شدد مسؤولو وزارة الخارجية على حرية التعبير الدينية لرجال الدين الشيعة والسجناء في محادثات مع المسؤولين البحرينيين ويواصلون الدعوة للإصلاح..
يقول المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB حسين عبد الله: “يبرز التقرير السنوي للجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية USCIRF مرة أخرى بعض الجوانب المتعلقة بالتمييز المنهجي في البحرين للسكان الشيعة الذين يمثلون أغلبية بحرينية، بدءاً من القيود المفروضة على المشاركة في الحياة السياسية وانتهاكات الحق في المعتقد. بينما يشير التقرير إلى بعض التطورات الحرجة في عام 2019، لا يزال هناك سبب للقلق بشأن موقفه من محاولات البحرين لتبييض التمييز الديني الكبير ضد الشيعة البحرينيين، مع الإشارة إلى أن العديد من هذه المبادرات هي “تطورات إيجابية” تستمر في النهاية في منح مصداقية زائفة لحملة البحرين للترويج لصورة للتسامح الديني في الخارج وفي الوقت نفسه تميز ضد غالبية سكانها في الداخل”.
بينما كان التقرير السنوي لعام 2019 الصادر عن USCIRF بخصوص البحرين يمثل بعض الاتجاهات الرئيسية في التمييز المنهجي ضد السكان الشيعة البحرينيين، فإن اقتراح USCIRF بإعلان السفير المتجول للتعايش السلمي والحرية الدينية وعمل مركز الملك حمد للحريات الدينية وكرسي الملك حمد للتعايش الديني في “لا سابينزا” باعتباره “تطورات إيجابية” يفسح المجال في النهاية لتبييض التمييز ضد الشيعة البحرينيين. يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تأخذ توصيات لجنة USCIRF في عين الإعتبار، ويجب على الحكومة البحرينية اتخاذ إجراءات لتوفير وتعزيز وحماية الحرية الدينية لجميع البحرينيين، بما في ذلك المجتمع الشيعي.