تزامناً مع ذكرى ميلاد المعتقلة هاجر منصور، نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية اليوم رسالة لإبنتها دعاء الوداعي، ترثي فيها حال والدتها التي ستقضي ذكرى ميلادها الثالث خلف قضبان سجن مدينة عيسى بعيداً عن أسرتها وأحبائها. الذكرى تلك لم تغفلها عن ذكر كل المعاناة والإنتهاكات التي تعرضت لها عائلتها من قبل سلطات البحرين انتقاماً لعمل زوجها المدافع عن حقوق الإنسان سيد أحمد الوداعي.
“اليوم هو عيد ميلاد أمي، ومثل كل أمّ، تحب أن تقضي تلك المناسبة محاطة بأسرتها وأصدقائها، لكن للعام الثالث على التوالي، سوف تقضي والدتي عيد ميلادها في زنزانة في سجن مدينة عيسى الشهير في البحرين، حيث تُحتجَز اليوم لمدة 23 ساعة ” بهذه الكلمات استهلت دعاء الوداعي رسالتها، ومن ثمّ بيّنت مظلومية والدتها قائلةً: “والدتي، هاجر منصور، ليست مجرمة، لم ترتكب أي جريمة، لقد سُجنت مع أخي وابن عمه انتقاماً لعمل زوجي المدافع عن حقوق الإنسان سيد أحمد الوادعي، وهو لاجئ في بريطانيا، إذ أدانت الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية اعتقالهم باعتباره عملاً انتقامياً”.
اختارت دعاء الوداعي سرد المحن التي مرّت بها وعائلتها واستمرت حتى يومنا هذا، فمنذ أكثر من ثلاث سنوات، وتزامناً مع زيارتها الى البحرين، احتجّ زوجها سيد أحمد الوداعي في 26 أكتوبر 2016، في لندن ضد زيارة ملك البحرين حمد إلى داونينج ستريت 10، وبعد ساعات، أثناء مرورها بأمن المطار لدى عودتها إلى لندن، أوقفها عدد من الضباط وتعرضت لتفتيش مهين، وخطفوا منها ابنها البالغ من العمر 18 شهراً وسحبوها إلى المصعد، حيث اصطحبوها الى جلسة استجواب دامت سبع ساعات.
تقول دعاء: “في غرفة الاستجواب، هددني ضابط أمن بتعقب زوجي ووصفه بأنه “حيوان”. وسخر مني، متسائلاً: “إلى أين أذهب أولاً، هل أذهب إلى عائلته أو عائلتك؟” وحذرني من الإفصاح عن ما حصل معي وإلّا تعرضت للاعتقال بتهم ملفقة”.
ظنّت دعاء الوداعي أنّ محنتها انتهت هنا، بعد أن نشرت صحيفة “صنداي تايمز” مقالاً بعنوان: “عائلة البحرين” ترهب “لاجئ”، سُمح لها عندئذٍ بمغادرة البلاد، وكانت تلك المرة الأخيرة التي قابلت فيها والدتها هاجر. ولكن بعد بضعة أشهر، اعتقلت الشرطة والدتها وأخيها وابن عمها، وأخضعتهم لتحقيق مهين وحُكم عليهم بتهم ملفقة، وبعد مدّة تدهورت صحة والدتها بشدة. وأمّا أخوها نزار، الذي كان في الثامنة عشرة من عمره حينذاك، حُرم من النوم لمدة يومين، وتم تجريده من ملابسه وهُدد بالاغتصاب. وتعليقاً على ذلك، وصفت هيومن رايتس ووتش محاكمتهم بأنه “تشوبها انتهاكات قانونية ومزاعم بإساءة المعاملة واعترافات انتزعت بالإكراه”.
“منذ اعتقالها في 5 مارس 2017، بقيت والدتي في سجن مدينة عيسى، لا أستطيع أن أشرح ألم معرفة أن أمي، الأم الحثيثة الملهمة التي أمطرت كل من قابلتهم بالحب والعطف، أصبحت الآن خلف القضبان، بعيدًا عن عائلتها وأصدقائها” بتلك الكلمات اختصرت دعاء ألم فقدان أمها، وتابعت: “لا أستطيع التعبير عن حزني عندما توسلت والدتي الصفح إذا لم تخرج من السجن حيّة، لا أستطيع أن أصف الليالي الطوال التي مررت بها منذ أن أبلغتني والدتي أن سلطات السجن ترفض نقلها إلى المستشفى بعد أن اكتشفت وجود ورم في صدرها يمكن أن يكون سرطانياً”.
سلطت دعاء الضوء على إثارة البرلمانيين البريطانيين لقضية والدتها بعد تعرضها لاعتداء عنيف من قبل حراس السجن، بقيادة رئيسة سجن مدينة عيسى مريم البردولي، فمنذ ذلك اليوم، تم فرض قيود على الزيارة العائلية، وهنا استوقف دعاء معاناة جدّتها البالغة من العمر 90 عاماً إذ لن تكون قادرة على معانقة ابنتها هاجر بل فقط الحديث معها عبر الهاتف ويفصل بينهما حاجز زجاجي، و”هذا من شأنه أن يحطم قلب أمي ، فهي لم تر أسرتها منذ أكثر من ستة أشهر لأول مرة ، سوف تقضي عيد ميلادها بمفردها”.
في ختام الرسالة ذكّرت دعاء بمعاناة زوجها سيد أحمد الوداعي اذ إنّ نشاطه لم يؤثر فقط على عائلته في البحرين، ففي عام 2015 ، جردته الحكومة البحرينية من جنسيته، وفي العام الماضي، حُكم عليها غيابياً بتهمة إهانة ضابط شرطة في المطار، وبالتالي لا يمكنهما العودة لزيارة عائلتهما في البحرين.
فيما كشفت دعاء الوداعي عن المأزق القانوني غير المستقر الذي تعيشه وزوجها، ففي يوليو 2017، تقدما بطلب للحصول على حق اللجوء لأجل غير مسمى. وبعد مرور عامين تقريباً، تستمر وزارة الداخلية في تأخير طلبهما، مما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على عائلتهما.
وفي نوفمبر عام 2017، أنجبت دعاء طفلة في مستشفى سانت ماري في لندن. وبما أن البحرين تمنع النساء من منح الجنسية لأطفالهن، بقيت طفلتها عديمة الجنسية وما زالت كذلك حتى اليوم.
تشعر دعاء بالإستياء بسبب وزير الداخلية ساجد جافيد والوزارة جمعاء، الذين لم يفعلوا شيئاً لتأمين إقامتهما وحرمان ابنتهما من الجنسية، على الرغم من التزامات بريطانيا القانونية الدولية. كما وتأسف لتخلي وزراء الخارجية عن القضية الذين زاروا البحرين مراراً وتكراراً لكنهم فشلوا في الدفاع عن حرية أسرتها.
في النهاية تقول دعاء: “أشتاق لقضاء عيد ميلاد والدتي معها، لكن إذا سافرتُ إلى البحرين، فأنا متأكدة من أننا سننتهي بمشاركة الزنزانة سويةً، لم تقابل والدتي حفيدتها، سمّيت ابنتي على اسم المرأة التي تلهمني دائماً، أسميتها هاجر”.