في 5 نوفمبر 2018، دشّنت الجامعة الإيطالية العامة، جامعة روما لا سابينزا “كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي تكريماً لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة” وقد تمّ تأسيس هذا الكرسي الأكاديمي والذي من المحتمل أن يبدأ في سبتمبر2019 وفقاً للمصادر، بهدف تعزيز التعددية الدينية والتعايش بين طلاب جامعة لا سابينزا، ومن المقرر أن تموّلها المؤسسة الخيرية الملكية البحرينية (RCO). وفي حين ينادي هذا الصرح الأكاديمي بالتسامح الديني باسم الملك حمد، تمارس البحرين بشكل منهجي التمييز ضد أغلبية السكان من الطائفة الشيعية في البحرين. وفي ظل هذه الظروف، تمثّل شراكة لا سابينزا مع المملكة واحدة من أكثر الجوانب المقلقة والمتعلقة بالعلاقة بين البحرين وإيطاليا، فيما يتعلق بالتسامح الديني.
في حفل افتتاح الصرح الأكاديمي الجديد، أكّد وزير التربية والتعليم البحريني ماجد بن علي النعيمي على الحملة الدولية المستمرة للمملكة لتعزيز التسامح الديني، قائلاً: “عاشت جميع الثقافات والأديان جنباً إلى جنب لعدة قرون في مملكة البحرين، ونحن سعداء اليوم للعيش في مجتمع متعدد الثقافات والأديان. نحن ندرك هذا التنوع كحقيقة طبيعية للحياة اليومية في بلدنا. “على الرغم من هذه الادعاءات، إلّا أنّه منذ انطلاق الحراك المؤيد للديمقراطية في البحرين عام 2011 – عندما واجهت المواقع والهياكل الدينية الشيعية عمليات هدم واسعة النطاق – قامت الحكومة البحرينية بالتمييز الممنهج ضد أفراد الطائفة الشيعية الغالبة في البحرين. ويستمر استهداف ومضايقة رجال الدين الشيعة من قبل الحكومة بينما تم تجريد الآخرين من جنسيتهم، بما في ذلك أكثر من 300 شخص في عام 2018 فقط. ويتمّ استبعاد الشيعة البحرينيين إلى حد كبير من الوظائف في قطاع الأمن، حيث تشير تقديرات عام 2015 إلى أن الشيعة البحرينيين يشكلون حوالي 2.5 في المائة. ذهبت قوة دفاع البحرين (BDF) إلى حد بعيد في توزيع المواد الشديدة الطائفية في صفوفها. أما في مجال التعليم، فيواجه المعلمون الشيعة البحرينيون المؤهلون تمييزاً في التوظيف لأن الحكومة تعتمد بشكل متزايد على المعلمين الأجانب من الدول ذات الأغلبية السنية. وفي الوقت نفسه، قامت الحكومة بدمج تعاليم المدارس الفكرية السنية مع الاستخفاف بالممارسات والمعتقدات الشيعية الدينية.
وعلى الرغم من أن الأدلة الواسعة تشير إلى أن الحكومة البحرينية تميّز بشكل منهجي الأغلبية الشيعية، إلا أنّ الحكومة سعت إلى إخفاء هذه الانتهاكات من خلال دفع حملة دولية عامة لتشجيع التسامح الديني في المملكة – الحملة التي قدمت لها لا سابينزا تشكل منصة أخرى لتبييض التمييز الديني. وزودت أكاديمية لا سابينزا الجديدة البحرين بمنصة لتشجيع حملتها العامة للتسامح الديني على الرغم من وجود أدلة تشير إلى وجود تمييز ديني منظم وفشلها في نهاية المطاف في إشراك الحكومة البحرينية في هذه القضايا. وقد شاركت لا سابينزا في هذه الحملة الدولية للتبييض، حيث كرمت الملك حمد مع لوريا هونوريس كوزا لالتزامه بـ “تعزيز التعايش بين الأديان” في البحرين عام 2016- وهذا سبب يدعو إلى قلق شديد حيث تمّ تجريد الشيخ عيسى قاسم من جنسيته في وقت مبكر من هذا العام، وهو رجل دين شيعي بحريني بارز.
كما وتعزّز إيطاليا العلاقات المؤسسية مع المملكة على حساب التصدي للتمييز الديني، فقد واصلت تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع البحرين. وفي الوقت الذي تشارك فيه السفارة الإيطالية في المنامة في اجتماعات ومبادرات متكررة مع مسؤولين حكوميين بحرينيين أو أفراد من عائلة آل خليفة الملكية، فإنها لا تمنح الانفتاح ذاته لقادة المعارضة البحرينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين. وهذا الافتقار إلى الارتباط من قبل السفارة الإيطالية أمر غير مفاجئ نظراً للعلاقات التجارية بين البلدين – فإيطاليا هي أول شريك تجاري أوروبي للبحرين. ومؤخراً، في يناير 2019، وقّعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز في البحرين وشركة ENI، وهي شركة نفط إيطالية كبرى، مذكرة تفاهم لبدء الحفر في البحرين مع أول بئر استكشافي. بالإضافة إلى ذلك، عزّزت إيطاليا علاقاتها الدفاعية مع البحرين، مع شركة الدفاع الإيطالية Leonardo Spa – والمساهم الرئيسي فيها هو وزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية – التي تقدم خدمات لتحديث الأنظمة التكنولوجية لست سفن تابعة للقوات البحرية البحرينية بالإضافة إلى أنشطة تدريبية عام 2018.
واصلت إيطاليا في تعزيز علاقاتها الوثيقة مع المملكة، لكنها فشلت في النهاية في استغلال هذه العلاقة للتدخل بشكل حاسم في مخاوف حقوق الإنسان مثل التمييز الديني. وبدلاً من ذلك، استمرت في تعميق الروابط المؤسسية وأشادت بحملة البحرين للحرية الدينية الدولية رغم وجود أدلة على وجود تمييز ديني. وبالنظر إلى الدليل على التمييز المنهجي للشيعة البحرينيين من قبل الحكومة، فإن شراكة لا سابينزا مع المملكة تمثل جانباً مثيراً للقلق في العلاقة بين البحرين وإيطاليا. وواصلت الجامعة توفير منبر للحكومة البحرينية لمواصلة دعم حملة دولية للحرية الدينية مع التبييض في الوقت ذاته على انتهاكات الحقوق الدينية والتمييز. وفي نهاية المطاف، فإنّ مشاركة إيطاليا في حقوق الإنسان في البحرين تترك مجالاً للتحسين، بما في ذلك مسألة التمييز الديني، ويجب على لا سابينزا إلغاء هذا الصرح الأكاديمي والتوقف عن توفير منبر للحكومة لتبييض هذا التمييز.
النص الأصلي باللغة الإيطالية هنا.