مع الدعم الكبير لقضية لاعب كرة القدم البحريني الأصل، حكيم العريبي، أثبتت أستراليا ومجتمع كرة القدم الواسع كيف أنّ التّأثير والضغط يساهمان في تعزيز حقوق الإنسان – بما في ذلك إطلاق سراح العريبي. ولكن لسوء الحظّ، يتمّ إضعاف تلك الجهود الآن بدعم إعادة انتخاب الشيخ سلمان آل خليفة رئيساً للاتحاد الآسيوي لكرة القدم من قبل دول مثل أستراليا – على الرغم من دوره المحتمل في استهداف الرياضيين البحرينيين لممارسة حقهم في حرية التعبير.
وقد أثيرت مخاوف حقيقية فيما يخصّ سلمان آل خليفة، أحد أقرباء ملك البحرين، وعلاقاته بالسياسات القمعية للحكومة البحرينية والحملة الشاملة على المجتمع المدني وحقوق الإنسان. وتمّ انتخابه في الأصل كرئيس للاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2013، ويسعى حالياً إلى الحفاظ على منصبه وتلقى دعماً ساحقاً من 40 دولة من أصل ال 47 داخل الاتحاد. ولكن ممّا يثير الدهشة أنّ من بين كل هذه الدول، فإن أكثر المؤيدين للشيخ سلمان آل خليفة هي أستراليا.
انخرطت حكومة أستراليا مؤخراً في صراع دام لمدّة أشهر مع الحكومتين البحرينية والتايلندية لإطلاق سراح حكيم العريبي من الاحتجاز في تايلاند ووقف تسليمه إلى البحرين. فقد كان من المحتمل أن يواجه العريبي، الذي كان مقيماً في أستراليا كلاجئ في ذلك الوقت ولاعب كرة قدم، السجن والتعذيب إذا أُعيد قسراً إلى البحرين. وأُطلق سراحه في نهاية المطاف وسُمح له بالعودة بأمان إلى أستراليا، بعد 76 يوماً من الاحتجاز، ومُنح الجنسية الأسترالية هذا الشهر. وقد اعتقد الكثيرون أنّ أستراليا ستتخذ موقفاً أكثر عدوانية ضد إعادة انتخاب الشيخ سلمان آل خليفة رئيساً للاتحاد الآسيوي، وخاصة بالنظر إلى معاملة العريبي من قبل الحكومة البحرينية ومخاوف العريبي الخاصّة بشأن سلمان. ومع ذلك، فقد اختارت أستراليا بدلاً من ذلك مواصلة دعمها لسلمان، من خلال إضفاء الشرعية على الحكومة البحرينية القمعية.
وقد كان حكيم العريبي ناقداً صريحاً للشيخ سلمان وانتقد علنياً رئيس الاتحاد الآسيوي لدوره المحتمل في حملة الحكومة البحرينية على الرياضيين إثر حركة الاحتجاج، عام 2011. وأشرف اتحاد كرة القدم البحريني – الذي كان يرأسه الشيخ سلمان في ذلك الوقت – على إيقاف العديد من لاعبي كرة القدم الذين شاركوا في الاحتجاجات السلميّة، بما في ذلك أعضاء المنتخب الوطني البحريني. وتمّ في وقت لاحق إلقاء القبض على العديد من هؤلاء اللاعبين واحتجازهم وإهانتهم علناً، وادّعى البعض أنهم تعرّضوا للاعتداء والتعذيب أثناء احتجازهم. كما وتحدّث العريبي خلال ترشيح الشيخ سلمان آل خليفة لرئاسة الفيفا عام 2016، وألقى اللّوم عليه جزئياً لفشله في عدم التّدخل نيابة عن الرياضيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم لمشاركتهم في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.
وقد أكّد اتحاد كرة القدم الأسترالي (FFA) أنه سيدعم الشيخ سلمان آل خليفة في الانتخابات، القرار الذي عبّر العريبي عن صدمته وخيبة أمله تجاهه. وقد دعا رئيس الـ FFA، كريس نيكو، إلى معالجة المخاوف المحيطة بسلمان مباشرة، وأعرب عن مخاوفه من أن دعمه للشيخ سلمان يمكّن الـ FFA من انتهاك سياسات حقوق الإنسان الخاصة بها. كما وأصدر محترفو كرة القدم الأسترالية (PFA) بياناً أشاروا فيه إلى “مخاوف عميقة” فيما يخصّ دعم سلمان آل خليفة. كما وأصدر جون ديدوليكا، الرئيس التنفيذي للـPFA، بياناً خاصاً مثيراً للمخاوف بشأن علاقات سلمان آل خليفة بالعائلة المالكة البحرينية، مشيراً إلى مخاوف من قدرة الشيخ سلمان على وضع واجباته الدستورية على اللاعبين داخل الاتحاد الآسيوي بسبب علاقاته مع البحرين.
على الرغم من ردود الفعل التي واجهها الاتحاد الفيدرالي لكرة القدم لدعمه للشيخ سلمان كرئيس للاتحاد الآسيوي، يبدو من المرجّح أنّ الشّيخ سلمان سيضمن منصبه كرئيس مرة أخرى. فمع انسحاب آخر منافس له من السّباق، أصبح سلمان الآن المرشّح الوحيد المتبقّي للمقعد. جاء هذا التّطور في الوقت الذي أعلن فيه كل من مرشّح دولة الإمارات العربية المتحدة، محمد خلفان الرميثي، ومرشّح قطر، سعود المهندي، انسحابهما من الانتخابات وتأييديهما للشيخ سلمان آل خليفة.
يتعيّن على أستراليا والـ FFA سحب دعمهما العلنيّ للشيخ سلمان آل خليفة وطرح الأسئلة فيما يخصّ دوره في قمع البحرين لحقوق الإنسان واستهداف الرياضيين.