تغتنم منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الانسان في البحرين هذه الفرصة للرد على البيان الذي أدلى به اليوم السيد عادل بن أحمد الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية، أثناء الفترة المخصصة للمسؤولين رفيعي المستوى في الدورة الاربعين لمجلس حقوق الانسان. وخلال كلمته، أشاد الجبير بسجل المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك خطواتها في التصدي للإرهاب والتهديدات الإقليمية، وعملها لإصلاح الأوضاع المحلية للنساء، وضمان إجراء محاكمات عادلة. ومع ذلك، لكن تلك التصريحات تبيّض انتهاكات حقوق الإنسان المترسخة والمستمرة.
نعرب عن قلقنا العميق إزاء هذه الانتهاكات، لا سيما الاعتقالات والاحتجازات بحق ناشطي حقوق المرأة، والصحافيين، والمعارضين، والقيود المفروضة على الحرية الدينية وحرية التعبير والتجمع وانشاء الجمعيات واستخدام عقوبة الإعدام والحرب في اليمن.
الحرب في اليمن
وفي كلمته، ناقش الجبير الحرب على اليمن، زاعماً أن مشاركة السعودية معترف بها دولياً، وسلّط الضوء على تقديم الإغاثات النقدية والسياسية والإنسانية التي منحتها البلاد لدعم الشعب اليمني. إن هذا البيان أخفى دور السعودية كمحرض في الصراع وإنها السبب الرئيسي وراء طلب اليمن للدعم الإنساني الدولي. وبالفعل، بسبب تورط المملكة العربية السعودية في حرب اليمن، منذ مارس 2015 وحتى 23 أغسطس 2018، قُتل ما لا يقل عن 660 6 مدنياً وجُرح 10563 شخصاً. ووفقاً للمفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) فإن معظم الخسائر في صفوف المدنيين ناتجة عن الغارات الجوية التي تقودها السعودية.
إن الغارات الجوية السعودية لم تقتل الآلاف من المدنيين فحسب، بل دمرت اليمن، حيث سقطت القنابل على “المناطق السكنية، والأسواق، والجنازات، وحفلات الزفاف، ومرافق الاحتجاز، والزوارق المدنية، وحتى المرافق الطبيّة“. وقد أحدث هذه الهجمات على اليمن أضراراً في البنية التحتية لإمدادات المياه في البلاد بشدة، مما أدى بدوره إلى زيادة خطر تفشي مرض الكوليرا، وتفاقم هذا الخطر ثلاثة اضعاف منذ بدء التحالف الذي تقوده السعودية بمهاجمة ميناء الحديدة. والأطفال هم من بين الأكثر عرضة لخطر الكوليرا، وهم بالفعل من بين أولئك الذين شعروا بوطأة الصراع. فمنذ منذ تدخل السعودية وشركائها في التحالف في اليمن في مارس 2015، أكثر من 85000 طفل لقوا حتفهم من الجوع.
المدافعات عن حقوق النساء
بالإضافة إلى اليمن، سلط الجبير الضوء على ما وصفته المملكة العربية السعودية “بالإصلاحات” خاصة في مجال حقوق المرأة. ومع ذلك، فشل في الاشارة الى انه عندما تحدث ولي العهد محمد بن سلمان عن تحديث البلاد وتمكين المرأة، قامت قوات الأمن باعتقال واحتجاز أكثر من عشرة من ناشطات حقوق المرأة بصورة منهجية. في حين رفعت الحكومة حظر القيادة المفروض على النساء في منتصف عام 2018، قامت الحكومة بإسكات العديد من الناشطات اللواتي دعون إلى هذا التحرك وسجنتهم. في الآونة الأخيرة، ثمة ادعاءات جديرة بالثقة ان أولئك الناشطات تعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء الاستجواب.
الصحافيين
خلال مناقشة جهود الإصلاح في المملكة، أهمل الجبير ذكر القيود الشديدة التي تفرضها المملكة على حرية التعبير وسجن الصحافيين. فطبقاً للجنة حماية الصحافيين، قامت الحكومة السعودية بسجن ما لا يقل عن 16 صحفياً، من بينهم 13 صحفيًا في 2017 و2018. ومن بين الصحافيين الموجودين في السجون رائف بدوي، وصالح الشيحي، ونذير المجيد، ونوف عبد العزيز، ووجدي الغزاوي. في الوقت الذي فرضت فيه الحكومة السعودية قيوداً منذ فترة طويلة على حرية التعبير وتجريم أشكال المعارضة، فإن اغتيال الصحافي المغترب جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول، في تركيا في نوفمبر 2018 قد أثار الاهتمام والتدقيق العالميين.
الإعدام
في تصريحاته، زعم الجبير أن المملكة العربية السعودية تضمن محاكمات عادلة، لكن هذه الملاحظة تتنافى مع المخاوف بشأن عدم وجود ضمانات المحاكمة العادلة، وادعاءات التعذيب، ونظام قضائي تلاعب لصالح الحكومة، فضلاً عن تطبيق عقوبة الإعدام ضد المعارضين السلميين. وتعتبر الحكومة السعودية من بين الجلادين الأكثر شيوعاً في العالم، فوفقًا لـ هيومن رايتس ووتش، نفذت الحكومة ما يقرب عن 600 عملية إعدام منذ بداية عام 2014. في عام 2016، أعدمت الحكومة ما لا يقل عن 154 شخصًا، وسجلت 146 حالة إعدام في عام 2017، و139 في عام 2018. في حين أن غالبية عمليات الإعدام كانت بسبب إدانة جرائم عنف وجرائم مخدرات، تقوم المملكة أيضاً بإعدام المعارضين. ومن بين الأشخاص الذين يواجهون خطر الإعدام بسبب المعارضة، علي النمر، وداوود المرهون، وعبد الله الزاهر. وقد كان النمر والمرهون والزاهر قاصرين عندما زعمت الحكومة أنهم ارتكبوا جرائم إرهابية، وتعرضوا للتعذيب وحُكم عليهم بالإعدام وهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك. كما وتعرضت الناشطة في مجال حقوق المرأة إسراء الغمغام لخطر الإعدام إلى أن أكدت السلطات في 31 يناير 2019 أنها لن تسعى إلى إعدامها.
كانت ستصبح أول امرأة تُعدم من أجل النشاط السلمي فيما كان من شأنه أن يشكل سابقة خطيرة للناشطات الأخريات خلف القضبان.
الاستنتاجات
خلافاً لتصريح الجبير عن تقدم المملكة العربية السعودية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، لم تظهر الحكومة جدّيتها في الشروع في الإصلاحات الضرورية لإعطاء الأولوية لاحترام حقوق الإنسان. تدين ADHRB تصريحات الجبير وتدعو الحكومة السعودية إلى جعل قوانينها المحلية متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية وللإفراج عن جميع سجناء الرأي السياسي. كما ندعو المملكة العربية السعودية إلى تمكين آلية تحقيق مستقلة ونزيهة لدراسة المخاوف المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.