تحدث اليوم السيد عبد الله فيصل الدوسري، مساعد وزير الخارجية البحريني، خلال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC)، حيث قدّم خلال مداخلته ملاحظات مضلّلة حول تقدّم البحرين في قضايا حقوق الإنسان داخل المملكة.
وناقش الدوسري جهود البحرين لتعزيز “السلام والاستقرار” وجهود آليات المساءلة الاسمية للمملكة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NIHR) ولجنة حقوق السجناء والمحتجزين (PDRC) وانتخابات البرلمان كما وعبّر عن رغبة البحرين في نشر تجربتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن تصريحات الدوسري لا تصف بدقّة الوضع في البحرين. ففي الوقت الذي تدّعي فيه الحكومة امتلاك سجلّ قويّ فيما يخصّ حقوق الإنسان بالإضافة الى تعزيز وحماية حقوق الإنسان، تلجأ السلطات الى استخدام قوانين المملكة الواسعة والغامضة لمكافحة الإرهاب لإلقاء القبض على المنتقدين المسالمين والناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان واحتجازهم وتعذيبهم وسجنهم تحت ستار مكافحة الإرهاب وضمان الأمن القومي. كما وتستخدم الحكومة إلغاء الجنسية أداةً ضد المعارضين، وتهمّش المئات مستندةً الى انتقاداتهم للسلطات بينما تستهدف الناشطين بسبب تعاونهم مع منظمات دولية تابعة لحقوق الإنسان كأعمال انتقاميّة. تدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الانسان في البحرين مداخلة الحكومة البحرينية وتدعو البحرين إلى اتخاذ خطوات جادة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال تحميل منتهكي لحقوق الإنسان المسؤوليّة، وتكييف قوانينها الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وفي ملاحظاته، سلّط مساعد وزير الخارجية الضوء على دور البحرين في مكافحة الإرهاب والعمل على تعزيز حقوق الإنسان والأمن والاستقرار. ومع ذلك، أصدرت الحكومة قوانين واسعة وغامضة تسمح للمسؤولين باستهداف وسجن أي شخص يُنظر إليه على أنه ينتقد الحكومة أو العائلة الحاكمة، بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة جرائم الإنترنت. بموجب قانون مكافحة الإرهاب، قامت السلطات باعتقال المئات من الناشطين والمعارضين والزعماء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ومن بين الأشخاص المستهدفين بتهم الإرهاب المزيّفة، المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة، أحد قادة الحراك الديمقراطي عام 2011، والمدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، وضحايا التعذيب عباس السميع، وسامي مشيمع، وعلي السنكيس، الذين أُعدموا في يناير 2017، وحسين علي موسى ومحمد رمضان الذين يواجهون خطر الإعدام بالرغم من القلق الدوليّ، وكذلك عبد الجليل السنكيس، وعبد الوهاب حسين، وحسن مشيمع، قادة المعارضة السياسيّة الذين يقضون حالياً عقوبة بالسجن المؤبد. وبموجب قانون مكافحة جرائم الإنترنت، قام المسؤولون بسجن المدافعين عن حقوق الإنسان مثل نبيل رجب، واستهدفوا المدوّنين والصحافيّين.
حتى مع استخدام الحكومة البحرينية قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة السيبرانية لاستهداف المعارضين، فقد استخدمت وسائل إدارية لتهميش نقاد الحكومة، وبالتالي حرمانهم ومن يعيلونهم من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة. ففي عام 2018 وحده، ألغت الحكومة جنسية حوالي 304 أشخاص تقريباً، وتواصل المملكة تهميش الأفراد تحت ذريعة محاربة الإرهاب. منذ عام 2012، ألغت الحكومة جنسية أكثر من 800 شخص.
وأشار مساعد وزير الخارجية خلال مداخلته إلى انتخاب البحرين في مجلس حقوق الإنسان واهتمام بلاده بالعمل مع هذا المجلس لتعزيزها. انتُخبت البحرين في المجلس على “لائحة بيضاء” – وهي تتصرف بلا معارضة. ورغم انتخاب المملكة في المجلس واعرابها عن اهتمامها بالتعاون مع المجلس، الا انّ الحكومة البحرينية رفضت التعاون بشكل كبير مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. ولم تسمح الحكومة بزيارة فريق الإجراءات الخاصة منذ عام 2006 ولا بزيارة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على مدى السنوات العديدة الماضية. كما انها لم تنفذّ غالبية توصياتها الدورية حول المراجعة الدورية الشاملة.
علاوة على ذلك، استهدفت الحكومة الناشطين الذين سعوا للمشاركة مع الأمم المتحدة أو الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى. فبعد أن حضرت مجلس حقوق الإنسان، اعتقلت الحكومة الناشطة ابتسام الصايغ واستجوبتها، وقام أفراد الأمن بتعذيبها وإساءة معاملتها جسدياً ونفسياً وجنسياً. كما استهدفت الحكومة عائلة الناشط في لندن سيد أحمد الوداعي بسبب عمله الحقوقي، بما يتخلله من نشاط في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. واعتقل المسؤولون حماته هاجر منصور، وصهره السيد نزار الودعى، وابن عمه محمود مرزوق منصور، الذين يعيشون في البحرين. وقامت قوات الأمن بتعذيب سيد نزار ومحمود منصور، مما أرغمهما على الاعتراف بتهم زائفة تتعلق بالإرهاب. كما أساءت السلطات إلى هاجر منصور قبل أن تتهمها بزرع قنبلة زائفة. اما في السجن، فواصلت قوات الأمن استهدافها، بما في ذلك الاعتداء عليها وضربها. بالإضافة إلى استهداف عائلة سيد الوداعى في البحرين، حكم المسؤولون على زوجته دعاء الوداعي غيابياً بالسجن لمدة شهرين.
كما أشاد الدكتور الدوسري بعمل هيئات التحقيق الاسمية لحقوق الإنسان في البحرين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NIHR)، ولجنة حقوق السجناء والمحتجزين (PDRC). وعلى الرغم من إشادته، فلا يحق لأي منها إجراء تحقيق مستقل ونزيه في الادعاءات أو الانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن أو للقيام بأكثر من مجرد تقديم دعم محدود للسجناء. بدلاً من ذلك، لعبت NIHR دوراً في تبييض انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد قوات الأمن. وقد أغفلت تقاريرها السنوية العديد من انتهاكات المملكة، بما في ذلك غارات الشرطة عام 2017 على الدراز، حيث أغفل التقرير أي ذكر للإصابات والوفيات الناجمة عن تلك الغارات. وعلاوة على ذلك، أخفقت NIHR في انتقاد إساءة المسؤولين لهاجر منصور ونجاح يوسف ومدينة علي، بدلاً من ذلك أصدرت بياناً اعتبرت فيه أنّ الضرب “ضمن الاستخدام المعقول للقوة”. وفي يناير 2017، أيّدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إعدام ثلاثة رجال تعرّضوا للتعذيب، واصفة إياها بـ “وفقاً للمعايير الدولية المعترف بها”، وذلك يشكل تناقضاً مباشراً مع التقييمات الصادرة عن خبراء الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
وأشار الدوسري خلال كلمته إلى الانتخابات البرلمانية في المملكة، مشيراً أنّ ذلك جانب إيجابي من نية البحرين في تمكين مواطنيها وتنفيذ الإصلاحات.
ولكن في حين كنا نأمل أن تكون الانتخابات فرصة لتخفيف التوترات مع المعارضة السياسية، فإن الحكومة، بدلاً من ذلك، ضاعفت من القمع، ونتيجة لذلك، لم تكن الانتخابات لا حرة ولا عادلة. جرت الانتخابات في بيئة من القيود المتزايدة على الجمعيات والأعضاء السياسية المعارضة وسط غياب وسائل الإعلام المستقلة. ومنعت الحكومة فعلياً المعارضة السياسية من المشاركة الكاملة في الانتخابات، بعد أن قامت بحلّ جميع الجمعيات السياسية المعارضة الرئيسية وحظرت أي شخص ينتمي إلى إحدى هذه المجموعات السياسية من الحصول على منصب. وعلاوة على ذلك، قبل أسبوعين فقط من الانتخابات، حكمت محكمة التمييز البحرينية على الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق – وهو أكبر حزب سياسي معارض – بالسجن المؤبّد.
حاول مساعد وزير الخارجية خلال مداخلته وصف إخلاص البحرين للمعايير والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان. غير أن خطابه لا يصف بدقة الوضع في البلاد، حيث تواصل الحكومة قمع حقوق الإنسان الأساسية.
إننا ندين بشدة تصريحات مساعد وزير الخارجية ونحث المجتمع الدولي على الضغط على البحرين لجعل مراسميها وقوانينها المحلية متوافقة مع المعاهدات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهذا مهم بشكل خاص الآن، لأن البحرين دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان، وبالتالي فهي مخوّلة للتصويت على القرارات المتعلقة بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم وتمريرها.